الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 16:01

صورة الأحزاب/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 01/11/13 07:37,  حُتلن: 11:56

وديع عواودة في مقاله:

لم يتوقع أحد من المراقبين أن يتغلب النائب على الرئيس الفرد على الأحزاب العربية الكبرى بـ " النوك أوت" من الجولة الأولى 

لأي مدى ستكون الناصرة هي الرابحة بهذا التغيير؟ السؤال يلحّ اليوم لكن الجواب سيتريث حتى ينضج في 2018

بمباركته لعلي سلام رئيس البلدية المنتخب ساهم الرئيس الحالي رامز جرايسي بإشاعة الانفراج وبتعميق ثقافة المنافسة على إرادة الجمهور واحترام نتائجها

العقل السياسي والأخلاقي يستدعي الجبهة أن تقبل بالأمر الواقع وتبارك للرئيس الجديد وأن تذهب للمعارضة وألا تعود للمحاكم مجددا إلا إذا كان بحوزتها ما يبرر فعلا الاحتكام لدى حاكم جديد وبعيدا عن سقطة " أصوات الجنود " فهذه عذر أقبح من ذنب

في المرحلة الأولى تحتاج جبهة الناصرة للحظات تأمل ومراجعة حسابات حقيقية والبحث عن أسباب الهزيمة فكثير منها موجود في أراضيها ولا تحتاج لجهاز استكشاف متطور للإمساك بها

 العودة لإلقاء التهم على الآخرين من عزمي بشارة حتى حنين زعبي ورياح أبو العسل والتمترس خلف نظرية المؤامرة فيعني بقاء الجبهة " مكانك عد" وربما "خلفا در"

تستحق مسيرة علي سلام الممتدة من مدرسة أورط حتى البلدية دراسة وهي قصة نجاح مدهشة وتظهر أن قوة الرجل في ضعفه أيضا وفي حظه لا في ضعف الآخرين فحسب

من بين الامتحانات التي يرجح جدا أن ينجح بها علي سلام في الناصرة بسط أبوته للناصرة كرئيس لكل النصراويين فسيرته تخلو مما يشي بعكس ذلك وأريحيته تعزز هذا الاحتمال

لم يهبط غبار المعارك الانتخابية بعد حتى تتوفر فرصة تأمل وقراءة نتائجها لدى العرب بدقة رغم وضوح معالمها العامة وأبرزها تراجع الأحزاب خاصة الجبهة وزيادة عدد الشباب في المجالس البلدية. بيد أن الناصرة كانت وستبقى عنوان هذه الجولة لكونها المدينة الأم وجاءت نتيجة انتخاباتها هزة سياسية ثقيلة وعلامة فارقة وتاريخية . من رغب أن يصغي بلغت مسامعه صدى صوت علي سلام واستشعر بالحركة الباطنية وبالجمرات تتقلب بباطن الأرض النصراوية تحت أقدام الجبهة التي تعامت و" طنشت" عما رغبت ألا تراه وتسمعه.

ومع ذلك لم يتوقع أحد من المراقبين أن يتغلب النائب على الرئيس،الفرد على الأحزاب العربية الكبرى بـ " النوك أوت"،من الجولة الأولى.لابد أن علي سلام بنفسه فوجئ بالنتيجة المدهشة. لأي مدى ستكون الناصرة هي الرابحة بهذا التغيير؟ السؤال يلحّ اليوم لكن الجواب سيتريث حتى ينضج في 2018. وهناك من يراهن أن العملية قد نجحت لكن المريض مات أو قد يموت.

مأزق التعادل
المؤكد أن الناصرة وشقيقاتها وبعد حسم الموضوع في المحكمة العليا قد نجت من استمرار لوثة المحكمة المركزية ومن عودة للوراء ومن تصدعات سياسية واجتماعية خطيرة كانت سترافق استمرار " مأزق التعادل "، فما يبنى بسنوات يمكن هدمه بدقائق. بمباركته لعلي سلام رئيس البلدية المنتخب ساهم الرئيس الحالي رامز جرايسي بإشاعة الانفراج وبتعميق ثقافة المنافسة على إرادة الجمهور واحترام نتائجها. وبذلك نجت الجبهة ورموزها من خسارات إضافية لو استمروا بالبحث عن فوز مفقود لدى جنود في جيش الاحتلال. العقل السياسي والأخلاقي يستدعي الجبهة أن تقبل بالأمر الواقع وتبارك للرئيس الجديد وأن تذهب للمعارضة وألا تعود للمحاكم مجددا إلا إذا كان بحوزتها ما يبرر فعلا الاحتكام لدى حاكم جديد وبعيدا عن سقطة " أصوات الجنود " فهذه عذر أقبح من ذنب.

تأمل ومراجعة حسابات 
في المرحلة الأولى تحتاج جبهة الناصرة للحظات تأمل ومراجعة حسابات حقيقية والبحث عن أسباب الهزيمة فكثير منها موجود في أراضيها ولا تحتاج لجهاز استكشاف متطور للإمساك بها. المؤسسة العريقة التي قادت البلد والبلدية منذ الانقلاب التاريخي عام 1975 تستطيع النهوض إن وضعت نفسها أمام المرآة وبدون رتوش.
عندئذ بوسع الجبهة أن تستخلص الدروس بيديها سيما أن بعضها ظاهر وأهمها الابتعاد عن الفئات الشعبية- سر الانقلاب الأول، انقلاب الراحل توفيق زياد، والتركز بالطبقات الوسطى والعليا. هذه الفئات الشعبية،الجمهور الأصلي للحزب والجبهة، لا تكتفي بالقومي والسياسي والأيديولوجي ولا تكيل بمكاييل الإدارة فحسب وذاكرتها أقصر من تذكر كل ما فعله رامز جرايسي للمدينة. هذا ناهيك عن التورط بمقولة " ما في بديل" وإرغام رئيس بلدية على الترشح مجددا رغم اعترافه الطبيعي بالإرهاق.

ماذا تحتاج الجبهة؟
في الناصرة أيضا تحتاج عامة الناس لمن يخدم شؤونها ويخفف عنها معاناتها اليومية وعلى الأقل الإصغاء لهمومها وهذا ما يفسر غلبة شخص على كافة الأحزاب العربية بالحلبة الانتخابية. الناصرة رغم كونها مدينة سلوكها الانتخابي المدني والفرداني لم ينضج بعد.
هكذا فقط تتمكن ،من دفن خسارتها وتنهض من جديد عبر طريق هي ليست بالضرورة جبلية وصعبة إنما تحتاج بعض الصبر والصدق لتعود وتطرح نفسها خيارا حقيقيا لإدارة البلدية. ولها في
أما العودة لإلقاء التهم على الآخرين من عزمي بشارة حتى حنين زعبي ورياح أبو العسل والتمترس خلف نظرية المؤامرة فيعني بقاء الجبهة "مكانك عد" وربما "خلفا در". وهذه هي قصة التجمع وحنين زعبي التي اعترفت أنها توقعت أكثر بكثير مما حققته. " القائمة الأهلية " بقيادة حنين زعبي وضعت إستراتيجية حقيقية لإدارة المدينة تنم عن رؤية واضحة ولم تكن فقط عنوانا للباحثين عن الاحتجاج، لكنها تعثرت بخطابها النخبوي العالي،ببعدها عن الطبقات الشعبية وبقفزها للمياه الانتخابية متأخرا.

 قصة نجاح 
تستحق مسيرة علي سلام الممتدة من مدرسة أورط حتى البلدية دراسة وهي قصة نجاح مدهشة وتظهر أن قوة الرجل في ضعفه أيضا وفي حظه لا في ضعف الآخرين فحسب. وينبغي الالتفات خاصة من قبل الأحزاب العربية إلى أن علي سلام موجود في كثير من المدن والقرى العربية مثلما عليها أن ترى صورتها الحقيقية بعيون نفسها وعيون العامة. ومن بين الأسئلة المفتوحة ما يتعلق بالهوية السياسية للمدينة وكعاصمة للمجتمع العربي ومهمة الأحزاب اليوم أن تملأ الفراغ وتمنع التراجع المحتمل.


رئيس لكل النصراويين
من بين الامتحانات التي يرجح جدا أن ينجح بها علي سلام في الناصرة بسط أبوته للناصرة كرئيس لكل النصراويين فسيرته تخلو مما يشي بعكس ذلك وأريحيته تعزز هذا الاحتمال. كما في الدعاية الانتخابية شدد سلام بعد فوزه على كون بلديته لكل الناس وعلى التزامه سياسة الباب المفتوح والإصغاء لكل المواطنين. أن يحافظ سلام على تواضعه وانفتاحه على كل الناس سيغدو أصعب من على مقعد الرئاسة فما يرى من هنا لا يرى من هناك وبالعكس. مثلما أن التكنوقراط يحتاج للكريزما والتواضع والانفتاح على الجمهور الواسع كي ينتخب مجددا فإن تصريف شؤون البلدة بسلام وجعلها سالكة يحتاج لحبتين من تقنيات الإدارة والأدوات والاستعانة بالمستشارين الحقيقيين والتأني في اتخاذ القرارات الهامة. عندما تتحول البلدية لـ " ديوان عرب" بفعل " الباب المفتوح " فهذا يعني فتح باب للعد التنازلي!

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة