الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 08:02

رثاء المرحومة صباح توفيق عابد دراوشة- اكسال/ بقلم: سهير بكارنة سلايمة

كل العرب
نُشر: 30/10/13 19:21,  حُتلن: 19:30

يا دمعَةَ فيضي مِ المُقَلِ افلتْ زهراتُ الامَلِ
فلا اصباحٌ تُؤنسُنا ما اصعَبَ لحظات الاجلِ
رثيتُ حبيبةً فأبكاني غيابٌ الى حين الأزلِ
جودُ المكارِمِ شيمتُها فطوبى لِمحاسِنِ الخُصَلِ
سُؤدُدٌ بانَ وعفّةٌ شريفَةُ النّسبِ وَالنَّسلِ
وَاِذا العَوائِلُ تخاصمت بادَرتْ بِصَلاحِ العَمَلِ
كَظَمتِ خُبثَ السُّقَمِ كالصّخرِ انتِ والجَبَلِ
وَحشَةُ لَيالٍ تُؤرقُني فَيا لَذُعري ويالَوَجَلي
فالحَياةُ بعدَكِ شاكيةٌ من سوءِ العَيشِ والمَلَلِ
أهديكِ فُؤادي اِذا أجدى وأهدي مِن أعماقِ قُبَلي
قَريرَةُ عَيْنٍ فاهنَئي بِفِردَوسٍ وبحرِ العَسَلِ
فَحَسْبُنا أنَّ الخاتمةَ كانَتْ بِأَذكارِ القولِ


خالتي الغالية: يصادف اليوم ذكرى مرور أسبوع على رحيلك الصاعق وفراقك المر، وها أنا أستذكر كيف شرع المرض بقرع أبوابك رويدا رويدا، وكيف بدأت قلوبنا في الضروع الى الله طالبة أن تبقيك بيننا لان الحياة دونك لا معنىً ولا قيمة لها. كما أنني أستذكر كيف كنت تواسيننا كأننا نحن المرضى، وان دل هذا على شيء فإنه يدل على صمودك وايمانك وقوتك. طيلة تلك الأيام الغابرة، كنت أواسي نفسي مستبعدة ان تمضي في طريقك السرمدي، شاعرة أنك ستبقين بيننا نحن أبناء العائلة عامة، وأنا وأبنائي خاصة. مرشدة حين يعز الدّليل ورفيقة تخفّف آلام الطريق. منَّ الله على عباده بأم ترعاه وتنير دربه، أما أنا فكانت لي أمّان، حُسِدتُ على هذه النعمة، وعوتبتِ عتاب المحبة لاهتمامك المفرط بي وبأبنائي الذين صُعقوا بخبر وفاتك كصعق الاعصار، وذرفوا مِنَ الدمعِ المدرار حتى استكانوا باللجوء للواحد القهار.
أيا مكمن أسراري، ورفيقة ليلي ونهاري، معك خصبةٌ قفاري وفراقك أشعل ناري...
أيا ملجأ في اضطرابي، قد أُغلِقت أبوابي، بُعدك أثار عذابي، وهِنة في أوج شبابي.

خالتي العزيزة: كل من عرفك وأمعن النظر في مقلتيك المليئتين بالحنان، أَحَبَكِ واحترمكِ، وكيف لا وقد بجّلتِ الصغير وعطفت على الكبير، وصادقت الصغيرة ودلَّلتِ العجوز. أعلم أن القدر قد سطّر ضربته القاسية ولكنها قاسية على من خلفتهم وراءكِ، وكلّنا يعلم أنك آثرتِ أن تودعي الدنيا لأنها دنيًا لا تليق بأمثالك فمكانك مع الأنبياء والصالحين هناك، حيث الفردوس والكوثر والمسك والعنبر والمكان الأطهر. غاليتي أؤكد لكِ وأنتِ في عالمك الآخر، أنّك باقية في قلوبنا ما حيينا وأن روحك ترفرِفُ في كلِّ زاويةٍ لنا فيها ذكرى وإياكِ، باقية معنا بكل ما فيكِ من نبض وحياة، باقية بكلماتك التي لا تنسى وبمواقفك الانسانية الحافلة بالمحبة، باقية بإطلالاتكِ الطيبة.
أعدك أن الديجور لن يحل مكان الصّباح، لأن الصّباح نابض بروحك الطيبة، وإن كنتِ ستسألين عن بنيّاتك الحبيبات، فاعلمي انهن قريرات عين أن جنان الخلد من نصيب غاليتهنَّ.

كلنا نراكِ فيهنّ، فابتسامتكِ تشعّ من وجنتهنِّ، وطيب قلبك مسترسخ في أفئدتهنِّ، الأمر الذي يشعرنا أنكِ باقية بيننا ولم تذهبي.
لن ننساكِ ولن ننساهنِّ، فهنِّ أملنا الباقي بعدك يا غالية الغاليات. وختامي أقول من يريد أن يتعلَم العطاء فليمشي على نهجكِ، ومن يريد أن يستمدّ الصّفاء فليحذو حذوَكِ وحسبُنا أنّ آخر بنتُ شَفةٍ نطق بها لسانكِ كانت الشهادتان. فهنيئًا لكِ على هكذا ميتة يا ابنة الخمسين بروح العشرين. أنار الله لحدك، ولترفرف الملائكة فوقه، ولتمطر ديمة لطيفة ماءً نميرّا لترطّبه.
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.

ابنة اختك وغاليتك التي احببتك دائما وابدا وستبقى: سهير بكارنة سلايمة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة