الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 00:02

الاعلام الفكري والاجتماعي في حضرة الخطاب الجماهيري/ بقلم: بلال شلاعطة

كل العرب
نُشر: 04/10/13 08:01,  حُتلن: 09:41

بلال شلاعطة في مقاله:

التطور الإعلامي للحيز العام في القرن الواحد والعشرين نجح في صياغة مفاهيم جديدة كانت خفية على الخطاب الجماهيري الواسع منذ الثورة التكنولجية مع بداية القرن العشرين والتي استمرت بشكل واضح مع بدايات القرن الواحد والعشرين وبالتحديد مع ظهور القنوات الفضائية والتي مع بداية انطلاقاتها كانت تعتمد على الربح الاقتصادي او التجاري

لا يمكن للاعلام الفكري والاجتماعي ان يكون منفصلاً عن الخطاب الجماهيري مع التحول الكبير في وسائل الاعلام هذا التطور ادى بالتالي الى ثورة اقتصادية عالمية لدى الشركات العالمية والتي تقوم ببث اعلاناتها في وسائل الاعلام ويمكن من هنا ان نصل الى نتيجة ان الاعلام الفكري والاجتماعي اصبح مؤثراً ومتأثرا من المنظومة الاقتصادية للشركات الكبرى


الاعلام ليس وليد المراحل الآنية التي نعيشها، فله ما له وعليه ما عليه وذلك وفق طبيعة الحيز العام والحيز الخاص للشعوب، فلا زال الاعلام يجند ويوظف موسوعاته ومصطلحاته اللغوية وحتى التفاعلية ليحوز على الخطاب الجماهيري في المجتمعات كافة. هذا ما نلمسه وبعمق في الاعلام الفكري والاجتماعي، وهذا نوع آخر للإعلام ولكنه يقع تحت مظلة الإعلام الإلكتروني المعروف للجميع. فالتطور الإعلامي للحيز العام في القرن الواحد والعشرين نجح في صياغة مفاهيم جديدة كانت خفية على الخطاب الجماهيري الواسع منذ الثورة التكنولجية مع بداية القرن العشرين والتي استمرت بشكل واضح مع بدايات القرن الواحد والعشرين، وبالتحديد مع ظهور القنوات الفضائية والتي مع بداية انطلاقاتها كانت تعتمد على الربح الاقتصادي او التجاري. وها نحن كشعوب نشهد صراعات ونزاعات دولية والتي في المحصلة صاغت خطاباً اعلامياً من نوع آخر يرتكز على العلاقة ما بين الاعلام الفكري والاعلام الاجتماعي من جهة، والخطاب الجماهيري من جهة أخرى. نرى ونلاحظ ظهور كتاب وباحثين ومفكرين من على شاشات القنوات الفضائية بشكل خاص او في الاعلام المرئي بشكل عام مما يظهر صورة اعلامية جديدة تؤكد على تحول التنافس الاقتصادي الى تنافس عقائدي على القيم والاخلاقيات والتي تندرج ضمن الخطاب الجماهيري، وهنا طبعاً يحدث تضارب جلي ما بين الحيز الخاص والعام في السياق الإعلامي.

ثورة اقتصادية عالمية
باعتقادي لا يمكن للاعلام الفكري والاجتماعي ان يكون منفصلاً عن الخطاب الجماهيري مع التحول الكبير في وسائل الاعلام، هذا التطور ادى بالتالي الى ثورة اقتصادية عالمية لدى الشركات العالمية والتي تقوم ببث اعلاناتها في وسائل الاعلام. ويمكن من هنا ان نصل الى نتيجة ان الاعلام الفكري والاجتماعي اصبح مؤثراً ومتأثرا من المنظومة الاقتصادية للشركات الكبرى. بمفهوم اخر يمكن القول ان الاعلام الفكري والاجتماعي تأثر كثيراً من الاقتصاد العالمي لا سيما ان دول عديدة في العالم تجتهد في الخروج بفضائيات جديدة والهدف بالتالي الوصول الى الخطاب الجماهيري مستعينة تلك الدول بخبراء ومفكرين، وكل في مجاله. اعتقد ان الاعلام الحديث اخذ رونقاً آخر مع الهبات الحاصلة في العالم العربي، لا سيما ان الصورة اصبحت مرتبطة بالكلمة فلا يكفي ان تقول كلمتك عبر الشاشة في سياق معين بل يجب الحاق كلمتك بالصورة. هذا التطور لم يكن تلقائياً بل كان مدروساً من قبل شركات الاعلانات الكبرى والتي تفننت في فهم عالم القيم والاخلاقيات من اجل زيادة ارباحها ومكاسبها التجارية. من هنا يمكن القول ان الإعلام الفكري والاجتماعي مع كل ما حدث من تطور اعلامي اثر بشكل كبير على الخطاب الجماهيري. بعودة الى مجتمعنا العربي يمكن ان اقول ان عدم الاستقلالية الاقتصادية للمجتمع العربي ادت بالتالي الى انعدام خطاب جماهيري موحد وهو المقرون بالاعلام الفكري والاجتماعي والذي يرتكز بدوره أيضاً على المنظومة الاقتصادية والتي حددت قواعدها الدول الكبرى، فالخطاب الجماهيري غير واضح لان الوضع الاقتصادي للمجتمع العربي سيء. للاسف، المنظومة الاقتصادية للمجتمع العربي لم تسهل بتاتاً ظهور هذا الخطاب وبالتالي بقي الخطاب الجماهيري مرهون لوسائل اعلام بديلة ولفضائيات الدول العربية طبعاً مع الاخذ بعين الاعتبار المرونة التي حدثت في كل ما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي والتي اصبحت وسيلة جماهيرية، ولكنها تبقى وسيلة فردية وهذا ما طرحته في مقال سابق. لا شك أن ما يحدد الخطاب الاجتماعي او الخطاب الجماهيري هي القيادة او الناشطون وعلى العديد من الاصعدة في السياق القطري العام، فهذا الخطاب يبقى متاثرا من اجندات سياسية اوحزبية، والتي بالتالي يمكن او تؤثر في ضياع خطاب جماهيري موحد لا سيما اننا نتحدث عن هذا الكم الهائل من استعمالات لشبكات التواصل الاجتماعي.

فراغ فكري في الاعلام الفكري
حرب المعلومات ونقل المعلومة اصبح واضحاً والاهم هو عدم وجود تناغم وفي الكثير من الاحيان بين ما يطرح عبر شبكات التواصل الاجتماعي على سبيل المثال وما يحدث في المجتمع العربي، اي ان هنالك انقساماً في الطرحين ما بين الخطاب المعلوماتي والخطاب القيمي في المجتمع العربي والذي ادى الى وجود فراغ فكري في الاعلام الفكري، وبالتالي اصبح غائباً في شبكات التواصل الاجتماعي ليتم نقله فكريا وجماهيريا للمجتمع وهذا تضارب آخر بين الحيز الخاص والحيز العام، فعملية النقل هذه عليها ان تعتمد على نقل القيم والاخلاقيات "من " و "الى" المجتمع وبالذات عبر رسائل اعلامية صحية. أنا اطرح هنا مفهوما جديدا للاعلام، وهو الاعلام الفكري لانه في تغير دائم مع طروحات جديدة حتى في الخطاب السياسي والذي يصل للجماهير في عصر ما بعد الحداثة بعدة وسائل ولكن مع ابعاد اجتماعية وسياسية واقتصادية مختلفة. للاسف الشديد هنالك انعدام لاستراتيجية اعلامية موحدة للمجتمع العربي ولن اخوض هنا في الاسباب، فسيطرة الاعلام الفكري الفردي اصبحت واضحة على الاعلام الفكري الجماعي وهو ما يصوغ الذاكرة الجماعية للشعوب والمجتمعات. هنا انا اصل لنتيجة ان الاعلام الفكري والاجتماعي للمجتمع العربي تأثر وبشكل كبير من الاعلام الفكري والاجتماعي للمجتمعات الاخرى ولكن بطريقة غير مباشرة في مفهوم تلقي الرسائل الاعلامية وتاثيرها على القيم والاخلاقيات ولكن دون اي تاثير يذكر للمجتمع العربي او الخطاب الجماهيري للمجتمع العربي. انا على قناعة تامة وفي وضعية المجتمع العربي وضمن مركباته الحالية هنالك حاجة ماسة لصياغة خطاب جماهيري موحد وهذا الخطاب عليه ان يكون واضحا ضمن قواعد اللعبة الجديدة للإعلام الفكري والاجتماعي، فطرح القضايا الاجتماعية للمجتمع العربي ووصولها الى جميع فئات هذا المجتمع بطريقة موحدة هو السبيل الوحيد لايصال الخطاب الجماهيري، وهنا كنت اقول ايضا ان الاعلام الفكري يفتح مساحة كبيرة للاحزاب والاطر السياسية في التنافس على اجندتها ولكن تبقيها بالتالي موحدة في الخطاب الجماهيري والذي يحمل في طياته كل عناصر الثقافة، والحضارة، والدين والسياسة. في النهاية يمكن القول ان الاعلام الفكري سيشهد تطورات اخرى تحددها تطورات اعلامية اتوقع بروزها قريباً مما يسلتزم متابعة الخطاب الجماهيري لكل هذه التطورات.

الكاتب بلال شلاعطة: هو إعلامي وعامل اجتماعي جماهيري ومختص في الإدارة العامة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة