الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 22:02

إمتزاج الدم بالياسمين/ بقلم: سلوان حصادية

كل العرب
نُشر: 27/09/13 15:56,  حُتلن: 07:43

سلوان حصادية في مقالها: 

ارض الياسمين تركت أثرا بكل من سكنها وكل من زارها ليس كمثله اثر لذا نرى آثارها مطبقة في كل مكان وزمان فنيا كان أم إعلاميا أم إجتماعيا زينت دمشق المسارح والأغاني والقصائد والكتب وغزت عالمنا في جميع المجالات 

 فعندما نسمع اليوم عن إستشهاد عشرة أشخاص نرى الأمر عاديا وعندما نسمع عن مقتل الأطفال نراه عاديا التكبير عند إستخراج كبد شخص أصبح عاديا!! يا لنا من أمة عجبت لضعفها الأمم

من هو بشار الأسد؟ انه وبإختصار دكتور دكتاتور وحاكم ظالم مستبد فشل فشلا ذريعا بإدارة بلاده على جميع الأصعدة.فبشار أرهق بلاده ولم يطورها إقتصاديا وسياسيا

 إهتم بشار كذلك بسياسته الخارجية وبالمحافظة على المصالح الروسية في الشرق الأوسط وبشراء السلاح الروسي وتكديسه بالمخازن وهذا لا يفصله ولا يميزه عن دول الخليج فالجهتان وقعتا تحت وطأة سياسة الإحتواء المزدوج للغرب على الشرق

لا نستطيع أن ننكر دوره في دعم المقاومة الفلسطينية وقادتها ولا أحد يستطيع إنكار دور حزب الله ومواقفه المشرفة للحفاظ على العرض والأرض من العدوان الاسرائيلي لكن ما يفعله الاثنان الآن هو خطا بحق كل سوري وخطأ بحق كل إنسان وخطأ بحق كل مسلم

أهل سوريا أشراف فعلا إلا أن جيرانها بعيدون كل البعد عن الشرف مشغولون بحياكه المؤامرت منذ عام 2007 للإيقاع بإيران وحلفائها وذلك للإطاحة بدولة إسلامية عظمى تنمو وتتطور في الشرق الأوسط بالإضافة الى تركيا

أود أن أستغل هذا المنبر لأتقدم بالشكر إلى دولة إسرائيل وجمعياتاها الحنونة الطيبة التي لم تترك الحدود السورية التركية ولو للحظة – طبعا ليس لجني المعلومات الإستخبارية من مشردين سوريين فقدوا كل ما يملكون - بل لمساعدتهم وللوقوف الى جانبهم

اسماء كثيرة أطلقت عليك يا دمشق ومهما اختلفت الاسماء فان المعاني طيبة .. فيحاء .. ارض الياسمين .. كنانة الله ذات العماد..دارميساك ( الارض الوافرة بالماء). دمشق هي اقدم عاصمة مأهولة بالسكان منذ الألفية الثانية قبل الميلاد... هي قلب العروبة النابض وما زالت .. هي التي مرت بالإنتداب الفرنسي وبالحروب الصليبية ومع ذلك نجت وأزهر ياسمينها وطوقت به جميع من أتاها وإحتضنته..
ارض الياسمين تركت أثرا بكل من سكنها وكل من زارها ليس كمثله اثر.. لذا نرى آثارها مطبقة في كل مكان وزمان.. فنيا كان أم إعلاميا أم إجتماعيا..زينت دمشق المسارح والأغاني والقصائد والكتب وغزت عالمنا في جميع المجالات ..ويلخص نزار قباني في قصيدته "انا يا قصيدة متعب بعروبتي" ذلك الغزو:
" والماء يبدأ من دمشق .. فحيثما
أسندت رأسك جدول ينساب
والشعر عصفور يمد جناحه
فوق الشام .. وشاعر جواب
والخيل تبدأ من دمشق مسارها
وتشد للفتح الكبير ركاب
والدهر يبدأ من دمشق .. وعندها
تبقى اللغات وتحفظ الأنساب
ودمشق تعطي للعروبة شكلها
وبأرضها تتشكل الأحقاب "

حب دمشق 
لطالما كان حب دمشق فخرا إلا انه تحول في السنتين الماضيتين الى لعنة.. لعنة أزلية لا يمكن الفرار منها ولا تجاهلها.. بل تسيطر على الإنسان حتى يتعلم أن يعيش مع ألم ذلك الحب ولوعته وكانه أمراً عاديا. فعندما نسمع اليوم عن إستشهاد عشرة أشخاص نرى الأمر عاديا..وعندما نسمع عن مقتل الأطفال نراه عاديا..التكبير عند إستخراج كبد شخص أصبح عاديا!! يا لنا من أمة عجبت لضعفها الأمم. يا لنا من أمة اصبحت اسودها فئران، علامات الخوف والإجرام عليها تتسمُ. إجتمعت كل الأطراف لهدمك يا شام العروبة. الأسد وبعض فئات الثوار، روسيا وأمريكا وطبعا أخيرا وليس اخرا عدو الياسمين الأول : اسرائيل !

بشار الأسد مين؟
من هو بشار الأسد؟ انه وبإختصار دكتور دكتاتور وحاكم ظالم مستبد فشل فشلا ذريعا بإدارة بلاده على جميع الأصعدة.فبشار أرهق بلاده ولم يطورها إقتصاديا وسياسيا.. إذ أكد لي أحد زملائي المصريين انه تعجب وذهل عند زيارته لسوريا قبل 4-5 سنوات وذلك لانها ذكرته بمصر قبل 30 عام من الناحية التجارية والعمرانية والخدمات العامة ! نعم إهتم بشار الأسد بالحفاظ على حق الرد أمام إسرائيل هو ووالده طوال هذه السنين وحماية حدود إسرائيل لأكثر من 40 عام منذ 1973 وأهمل بلاده. إهتم بشار كذلك بسياسته الخارجية وبالمحافظة على المصالح الروسية في الشرق الأوسط وبشراء السلاح الروسي وتكديسه بالمخازن وهذا لا يفصله ولا يميزه عن دول الخليج فالجهتان وقعتا تحت وطأة سياسة الإحتواء المزدوج للغرب على الشرق.. روسيا تسلح حليفتها سوريا وأمريكا تسلح حلفاءها في دول الخليج وتبثان العداء الطائفي بينهما (سنة وشيعة) لكي يستمر العداء وننشغل نحن بخلافاتنا الداخلية ونقاتل بعضنا بعضا بدل من أن نتطور ونتقدم فبذلك يبقا لنا متسع من الوقت والجهد لنستفيق من سبات طال كما أكد إبراهيم طوقان قبل الثمانون عام "ما لكم بعضُـكم يُمزّق بعضاً أفرغتم من العدو اللدودِ ؟ " وبذلك نكون قد ساهمنا بتحقيق أهداف الغرب الإستشراقية والتي تأكد أن الشرق رجعي يحتاج  أن يمد له الغرب يد العون ليستطيع الوقوف مجددا على قدميه التي كسرت على يد الغرب نفسه! وبذلك يرتاح الغرب من عنائنا ولا نقف عائقا أمام مصالحه لخدمة اسرائيل والمشروع الصهيوني.

إخفاق بشار الأسد 
مع كل الذي ذكر أعلاه من إخفاق بشار الأسد، إلا أننا لا نستطيع أن ننكر دوره في دعم المقاومة الفلسطينية وقادتها ولا أحد يستطيع إنكار دور حزب الله ومواقفه المشرفة للحفاظ على العرض والأرض من العدوان الاسرائيلي .. لكن ما يفعله الاثنان الآن هو خطا بحق كل سوري وخطأ بحق كل إنسان وخطأ بحق كل مسلم. وهنا يجدر أن أشير أن الثورة ايضا ليست نظيفة مئة بالمئة وأرى انها كانت ستنجح بشكل أكبر وتحصد ثمار الديمقراطية لو انها حافظت على طابعها السلمي!! فها هم الإخوان المسلمين في مصر يتعرضون للحرق والقتل والسجن غير القانوني لكنهم لم يتخلوا ابدا عن السلمية التي أتى بها الإسلام ووردت في القرآن.. فهذا الكتاب الكريم هو السبّاق الذي أتى باسمى معاني الإنسانية فهو الذي أمر بتحرير العبيد وهو الذي أمر بإحترام الآخر والحفاظ عليه وعلى كرامته.

الثوار والشعب السوري
دليل على ما ذكرته أعلاه فإن الثوار إنقسموا الى عدة مجموعات وفئات مختلفة ومنها من ظلم الشعب السوري باساليب لا تقل وحشيه عن جيش النظام الظالم . قامت بعض فئات الثوار بتقطيع الرؤوس واكل الأكباد وقتل الأبرياء والتكبير أثناء قيامهم بذلك !! أعدنا للعصر الجاهلي؟؟!! أتى القرآن ليمحو كل جذور الجاهلية قبل أكثر من 1500 سنة وتاتون أنتم اليوم لتعيدونها وتحيون طقوسها .. فيا للعار والخجل. الوم كل ثائر فعل ذلك فانتم أبناء شعب واحد.. فلا يحق للسوري أن يرفع سلاحه على أخيه السوري ولا يحق أن يرفع السوري على المصري سلاحا (والعكس صحيح) كان يجدر بهذا السلاح فقط أن يدافع عن الأرض العربية التي ما زالت قيد الأسر إن كنتم قد نسيتم ! مع كل ذلك فإن لومي وإنتقادي الكبيرين يقعان على بشار الظالم فهو الذي إختار هذه الطريق وهو الذي إختار حلا قمعيا بمحاربة الثورة السلمية في بداياتها بالعنف والقتل وبذلك القرار جر سوريا الى ما هي عليه اليوم! والذي كادت صواريخه الكيميائية ستقود سوريا والعالم أجمع الى حرب إقليمية كفيلة بتدمير سوريا وقسم كبير من الوطن العربي. وبذلك تتحقق أحلام اسرائيل وأمها الولايات المتحدة، فالأخيرتان على الرغم من تصريحات أوباما ملك الخطابات أمام الأمم المتحدة بالإستعداد للسلمية والحوار واللجوء الى الحرب كحل أخير هما اللتان قامتا بالأساس بتسليح الثوار في سوريا ليس بهدف إنتصارهم وحصولهم على حكم ديمقراطي - فهذا السلاح وعنجهية بشار لم يزيدا الأمر إلا تعقيدا - بل بهدف الحفاظ على مصالح اسرائيل السياسية في المنطقة وحمايتها من تهديد أي جيش عربي قوي وللتقليل من نفوذ روسيا إقليميا بمساعدة مستخدمين لذلك دول الخليج.

إسقاط النظام السياسي العسكري
قد يتسائل البعض ايضا لماذا دعمت دول الخليج الثوار السوريين ..... والجواب المنطقي الوحيد أن دول الخليج وحلفائهم من الغرب يسعون لإسقاط النظام السياسي والعسكري السوري وذلك بهدف تمرير مشاريع بترولية إقليمية بالإضافة إلى تقليل من نفوذ روسيا في المنطقة لخدمة أهداف أمريكية. فروسيا هي من تزود أوروبا بـ40 بالمئة من الغاز الطبيعي والذي يصل إلى أوروبا عن طريق أنابيب مباشرة من روسيا الى دول أوروبا وبتم إستعماله بشكل أساسي للتدفئة والطاقة ولا يمكن الإستغناء عنه وعن إمداد روسيا لهم إلا إذا توفر بديل. والبديل طبعا تمرير الغاز من قطر عن طريق سوريا وتركيا الى أوروبا.. ولكن هذا المشروع لا يمكن تحقيقة إلا إذا تخلص الغرب من بشار الأسد الذي لن يسمح بمرور مشاريع قد تضر بحليفه الأكبر روسيا . اذا عدنا مرة أخرى للمسرحية الروسية – الأمريكية (الإسرائيلية) حول النفوذ والسيطرة والتي تجني ضحايا جدد كل مرة وهذه المرة وقع الإختيار على أهل سوريا الأشراف.
أهل سوريا أشراف فعلا إلا أن جيرانها بعيدون كل البعد عن الشرف.. مشغولون بحياكه المؤامرت منذ عام 2007 للإيقاع بإيران وحلفائها وذلك للإطاحة بدولة إسلامية عظمى تنمو وتتطور في الشرق الأوسط بالإضافة الى تركيا.. إيرا ن لم تسع يوما لتطوير قنبلة ذرية كما علل حسن روحاني في خطابه الأخير في الأمم المتحدة بل يسعون لإستغلال الطاقة النووية لإنتاج مصدر طاقة بديل ولإستخدامات تجارية أخرى من شأنها أن تقوي من الإقتصاد الإيراني والذي دُمر على يد القيود والعقوبات الأوروبية الأمريكية التي فرضوها منذ 3 سنين للتضييق على ايران وإفشال مشروعاتها النووية.

شكر لإسرائيل 
نهاية، أود أن أستغل هذا المنبر لأتقدم بالشكر إلى دولة إسرائيل وجمعياتاها الحنونة الطيبة التي لم تترك الحدود السورية التركية ولو للحظة – طبعا ليس لجني المعلومات الإستخبارية من مشردين سوريين فقدوا كل ما يملكون - بل لمساعدتهم وللوقوف الى جانبهم. شكرًا لهم فعلا.. هذه الحنية الزائدة والمفاجئة تكاد تنسينا محاولاتهم شبه الدائمة لإقتحام الأقصى وتقسيمه كما فعلوا بالحرم الإبراهيمي ومحاولات بنائهم للهيكل المزعوم .. تكاد تنسينا هذا المحاولات الإنسانية حصارهم الغاشم على غزة.. تنسينا شهداء نا.. تنسينا وتمحو ذاكرتنا الفلسطينية الجماعية.. تنسينا نكبتنا.. تنسينا تخاذل الدول العربية المجاورة.. تنسينا انفسنا وتبا لذاكره العرب القصيره .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة