الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 16:02

يطرحون أنفسهم كبديل وسجلهم حافل بالضعف والخيبة/ بقلم: جودت عيد

كل العرب
نُشر: 24/09/13 12:10,  حُتلن: 16:39

جودت عيد في مقاله:

أين كانت تلك "الهمم" على مدار السنين السابقة لفرض حراك اجتماعي وجماهيري لتغيير وجه المدينة وبطنها؟

ليس موضوعيا بعد هذا الغياب أن يطرح شخص ذاته كبديل وليس في رصيده غير سجلّ يحفل بالضعف والخيبة والرؤية الضيقة

الآن فقط يوجد احترام واعتبار للمنتخِب العادي وغير العادي والمثقف والجاهل والغني والكادح والفقير كلهم الآن مستهدفون من أجل "الصوت"

فجأة ترى الأحزاب و"الشخصيات" الفجائية تتذكر أن لها أهل ولها مدينة وحارات وقضايا وتبدأ الشوارع باكتظاظ "التجمهر المؤقت" والأعلام الملونة والملصقات الكبيرة 

المعارضة أمر مبارك ولكنها تبتعد عن المنحى الصحيح إن كانت بدون طرح جديد وإن اعتمدت الوقاحة وطرحت الموضوع بطريقة أنا الخلاص وأنا التغيير وليس مَن هو أفضل مني

الآن فقط في الحملة الانتخابية يرتفع صوت "التغيير" ليعتصر المجتمع في هذه الآنيّة المطلقة من أجل صوته! الآن فقط هناك دعوة للجمهور والناس للتأثير والتغيير حتى ولو كانت وهما!

هناك ضرورة للتحسين وللتطوير ولتغيير النهج ولكن لا يحدث الأمر بشكل فوري أو من خلال إعلام انتخابي مندفع مؤقت إنما هو استمرارية لعمل وحراك جماهيري شامل لا يبدأ قُبيل الانتخابات... إنما أبعد بكثير فالعمل الحقيقي هو في الميدان وفي المعركة الحقيقية

تطرق ريح الخريف بابَ تشرين، تحمل معها "زوبعات" من ورق وغبار ومهرجانات انتخابية، فتدخل السماء والأرض دائرة الارتباك والاغتراب في ظل غياب "القيادات" عن الشارع وعن همّ الوطن ووجع الناس، ذلك الغياب الذي يروح في مدارات سباتٍ يدوم ويدوم بين استراحات "اليقظة" الانتخابية.

فجأة... ترى الأحزاب و"الشخصيات" الفجائية تتذكر أن لها أهل ولها مدينة وحارات وقضايا، وتبدأ الشوارع باكتظاظ "التجمهر المؤقت" والأعلام الملونة والملصقات الكبيرة والدعاية الانتخابية المكثفة التي تأتي في ظل فراغ جعبة العمل الميداني لديهم الذي راح في سباته منذ الانتخابات السابقة وسيعود إلى سباته بُعيد الانتخابات الحالية. الآن فقط، في الحملة الانتخابية، يرتفع صوت "التغيير" ليعتصر المجتمع في هذه الآنيّة المطلقة من أجل صوته! الآن فقط، هناك دعوة للجمهور والناس للتأثير والتغيير حتى ولو كانت وهما! الآن فقط، يوجد احترام واعتبار للمنتخِب العادي وغير العادي، والمثقف والجاهل والغني والكادح والفقير، كلهم الآن مستهدفون من أجل "الصوت" ليتوقف الأمر عند ذلك الحد... الآن فقط يصدح صوت "التغيير" ويندّد بفشل الإدارة القائمة! ما هو تقييم الفشل؟ ماذا عن غياب المعارضة المدوّي! وفشل "الشخصيات" بمواقفها التي شوَّهت وجه الأقلية العربية وأفقدتها الثقة "بقيادة" غير مهنية وغير حاضرة. أين كان صوت "التغيير" هذا من قضايا البلد الشائكة على المحور الميداني؟!


صحوة الصوت
الآن فقط، نرى "صحوة" "الصوت" لوجع بلد عايشَه كل الفترة السابقة بكلّيّته ولم ينبس ببنت شفة حول أي نواقص! أين كانت تلك "الهمم" على مدار السنين السابقة لفرض حراك اجتماعي وجماهيري لتغيير وجه المدينة وبطنها؟ ربما غابت في أجندة سُبات طال جميع شرائح المجتمع، كما يبدو، وقد يكون العامل الذي أدّى إلى عدم اكتراث الناس، هو الفكر "الفرداني" والسعي إلى تحقيق السعادة الفردية دون الاكتراث "للكوليكتيف"، حيث يطرح الناس همومهم في دائرة العمل المتواصل والاهتمام بلقمة العيش والحياة الكريمة، فلا يجدون متسعا من الوقت إلا لتقضية وقت الفراغ بعيدا عن أي عمل ثقافي أو جماهيري يتطلب جهدا إضافيا وبعيدا عن أي عمل جماعي مع الناس لانعدام الثقة، وعدم الرغبة في تضييع الوقت بالعمل الجماهيري وخاصة إن كان تطوعيا. وقد يكون ذلك المواطن قد أوكل الأمور السياسية إلى ممثّليه، وراح في زحام الأيام ليصطدم بخيبة أمل، إذ لم يأت "توكيلهم" أو عدمه بأيّ فائدة تذكر، علما أنه من الممكن طرح منهجية عمل تبلور عملا ميدانيا اجتماعيا طلائعيا ودوائر عمل لفرض الحضور الحزبي والناشط المنبلج من وسط الناس، دون الحاجة إلى اللهاث الآني وراء التسويق لصرعة "التغيير" الجديدة والدعاية التي تحاول إقناع الجمهور، ببرنامج عمل لا يتعدى إظهار نواقص الآخر ومَواطن ضعف الآخر بشكل متعالٍ غير مبرَّر، ما يعكس مراهقة قيادية واندفاعا "صبيانيا" يبتعد عن العقلانية والمهنيّة، تماشيا مع عواطف ومواقف مؤقتة، تدور حول الاستفادة المباشرة للفرد من السلطة المحلية ومن مدى رضاه أو عدمه.

المعارضة
إن المعارضة أمر مبارك، ولكنها تبتعد عن المنحى الصحيح إن كانت بدون طرح جديد وإن اعتمدت الوقاحة وطرحت الموضوع بطريقة "أنا الخلاص وأنا التغيير وليس مَن هو أفضل مني" بفوقية شخصيّة وحزبيّة "متجذّرة" في التعامل مع الناس ومع همومهم، بعدما أسندت فشلها وارتباكها السياسي الجماهيري إلى آخرين، كحالة نفسية تعود لغطرسة "الأواني الخزفية" في ظل ضعف الرأي العام النابع من ضحالة فكرية مجتمعية وإفلاس تنظيمي وشعبي.

تغيير النهج
هناك ضرورة للتحسين وللتطوير ولتغيير النهج ولكن لا يحدث الأمر بشكل فوري أو من خلال إعلام انتخابي مندفع مؤقت، إنما هو استمرارية لعمل وحراك جماهيري شامل لا يبدأ قُبيل الانتخابات... إنما أبعد بكثير، فالعمل الحقيقي هو في الميدان وفي المعركة الحقيقية أمام السّلطات بمحاورها الثقافية والتربوية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

شتم القيادة القائمة
لقد غابوا... ليعودوا فجأة، حسب التقويم الإسرائيلي، إلى عراك بين شخصي وانحدار مستوى الطرح ليقتصر على شتم القيادة القائمة ومواجهتها على صعيد شخصي دون السعي إلى خلق مناخ معارضة منطقية عميقة الرؤية والنهج، فليس موضوعيا، بعد هذا الغياب أن يطرح شخص ذاته كبديل وليس في رصيده غير سجلّ يحفل بالضعف والخيبة والرؤية الضيقة.

ماذا عن الغد؟
بدأَت اليوم دوائر الاجتماعات مع الناس ودعوات الناس إلى محافلَ "لا شبق لها ولا عبق"! بدأت اليوم دوائر الاهتمام برصيدك العدديّ عائلةً كنت أم طائفةً أم قبيلةً! بدأت اليوم دوائر الاهتمام برصيدك البنكي وبحاشيتك! بدأت اليوم دوائر "الصرعات" "الجندرية" و"الشبابية" وكأن الحكمة والقدرة الخلاقة حتما وفقط من نصيبهم دون اعتبار الكفاءة التي يجب أن تتوفر بالمرشح ما بعد هذا "الهَوس"! بدأت اليوم احتفالات الحضور في الأحياء ومهرجانات "الصياح" واحتراق الأنفاس! بدأت اليوم معاناة المنتخِب الذي فُرض عليه أن يتحمل ضجيج وعدائيّة ودونيّة الشارع وما إلى ذلك، بدأت اليوم دوائر الاهتمام المؤقت بالناس... أما في الغد، ومع انتهاء الحفلة "الديمقراطية" التي وفرتها لنا إسرائيل وعبثنا بها على مدار أشهر في "الحالة الانتخابية" بالملصقات والقوائم الانتخابية الهشّةِ الحضور والوعود المكدَّسة، تبقى رؤيا نحو صباح آخر يقوم من سباته وينفض الغبار عن شمسه وينطلق نحو غدٍ جديد.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة