الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 21 / مايو 19:02

عندما تغيب المسؤولية الاجتماعية/ بقلم: فرات ابراهيم

كل العرب
نُشر: 23/09/13 20:16,  حُتلن: 13:34

العاملة الاجتماعية فرات ابراهيم في مقالها:

لا يمكن أن نهمّش دور التربية المساعد على إذكاء الشخصية وتنمية ملكاتها

تبدأ عملية تعلّم المسؤولية الإجتماعية منذ أن يعي الناشئ تحمّل والديه المسؤولية في رعايته وتربيته وإشباع حاجاته المادية والمعنوية

ندرك أن التربية هي أهم وسيلة يمكن عن طريقها تعزيز نمو المسؤولية وترتيبها في تكامل مع باقي عناصر الشخصية ومكوّناتها

الإتجاهات السلوكية التي نتميّز بها كأفراد هي في الغالب مكتسبة من التربية الوالدية والمدرسية يجب أن يكون دور الأسرة قوة مساندة للدور الذي تلعبه المدرسة في هذا المجال

على الرغم من أن المسؤولية الاجتماعية هي تكوين ذاتي يقوم على نمو الضميركرقيب داخلي إلاّ أنها في نموّها نتاج اجتماعي يتم تعلّمه واكتسابه.

وتبدأ عملية تعلّم المسؤولية الإجتماعية منذ أن يعي الناشئ تحمّل والديه المسؤولية في رعايته وتربيته وإشباع حاجاته المادية والمعنوية، وتنمو المسؤولية تدريجاً عن طريق التربية والتنشئة، وفي كلا المستويين يظلّ الهدف واحداً، وهو إعداد الفرد ليكون مواطن المستقبل ويكون راعياً وواعياً لذاته ومسؤولياته. لذلك لا يمكن أن نهمّش دور التربية المساعد على إذكاء الشخصية وتنمية ملكاتها (المهارات والقدرات، والحسّ الأخلاقي والوجداني، والعملي، والإرادة الفاعلة، والثقة بالنفس وروح المبادرة والإبداع في العمل... الخ). عموماً... نحن ندرك أن التربية هي أهم وسيلة يمكن عن طريقها تعزيز نمو المسؤولية وترتيبها في تكامل مع باقي عناصر الشخصية ومكوّناتها.

الإتجاهات السلوكية
إن ما يتعلمه الناشئ في مجال الأسرة والمدرسة يتأصل في شخصيته ويثبت في تفكيره، ويمكن القول، إن كل أشكال الإمتثالية السلوكية وحسن الإلتزام بالمسؤولية، ليست من قبيل الصدفة، وإنما مردّها الى ما تشرّبه الفرد من تنشئة وجدانية وأخلاقية وسلوكية في الأسرة والمجتمع، فإذا كان البعض يشارك بمسؤولية تامّة، والبعض الآخر يعجز عن تحمّل حتى مسؤولية نفسه، فذلك يرجع الى ما يتسم به من قدرات وما يحمله في نفسه من مشاعر ومزايا نفسية ومعنوية تبرّر هذا السلوك أو ذاك... ولأن الإتجاهات السلوكية التي نتميّز بها كأفراد هي في الغالب مكتسبة من التربية الوالدية والمدرسية، يجب أن يكون دور الأسرة قوة مساندة للدور الذي تلعبه المدرسة في هذا المجال، أي في مجال خلق جيل أكثر وعياً وإدراكاً لدوره... فالكلّ في دائرة المسؤولية: الأب والأم، والمربي والمعلم، والمؤسسات، والقيادات... الخ. لذلك فان التربية الإجتماعية هي الحجر الأساس لبناء الشخصية القادرة المنفتحة المسؤولة عن نفسها وممارساتها.

الإهمال التعليمي 
وبما أن الإهمال التعليمي يقضي على مستقبل الأبناء في ظل التغيرات السريعة والكبيرة والمتعددة الاتجاهات التي يشهدها مجتمعنا اليوم، وهذه التغيرات تحتم على الوالدين مراجعة علاقاتهم مع اولادهم واساليب تربيتهم وطرق التعامل معهم، للتغلب على الآثار السلبية التي جلبتها هذه التغيرات، وقد واكب هذه التغيرات او صورة من صورها انشغال الوالدين عن الاولاد، وذلك لتشعب اعمالهما وشعورهما حقيقة او توهما، بأن متطلبات الحياة اصبحت كثيرة، ويعتبر تواصل الوالدين مع المدرسة من العوامل الاساسية في تقوية العلاقة بين افراد الاسرة، كما انه من المقومات الاساسية لرعاية الابناء والبنات، وهو في الوقت ذاته، يساعد المدرسة على القيام بدورها وتحقيق اهدافها. ان تربية الاولاد في هذا العصر مسؤولية مشتركة بين الاسرة والمدرسة ومؤسسات المجتمع، التي يجب ان تمثل كلها شبكة نظام تربوي لافراد المجتمع، وتخلي عنصر من عناصر هذا النظام عن دوره، بالاضافة الى ما يسببه من ضرر يضعف الادوار الاخرى، وقد يمنعها من العمل والاهمال التعليمي نوع من انواع الاهمال الذي قد يتعرض له الاولاد في حياتهم الاسرية ويمكن تعريفه بانه القصور في متابعة الاولاد في ما يتعلق بدراستهم ومستوى تحصيلهم العلمي والتربوي، او عدم الاهتمام بذلك، او التخلي التام عنه.

مخاطر مترتبة
وهذه اهم المخاطر المترتبة على غياب المسؤولية الاجتماعية من قبل العائلة والتي تعود بالضرر الاجتماعي على الأبناء:
ــ شعور الولد بعدم الاهتمام به من قبل الوالدين، وهذا له أثار ضارة نفسية واجتماعية، وربما يبحث عن مصادر أخرى غير موثوقة يجد منها الاهتمام.
ــ شعور الولد بعدم أهمية المدرسة، فهو عادة ما يفسر عدم اهتمام الوالدين بمتابعة دراسته بأنه عدم اهتمام منهما بالمدرسة أو بالدور الذي تؤديه في حياته. وهذا ينعكس سلباً على اتجاه الولد نحو المدرسة.
ــ تدني مستوى الأولاد الدراسي. إذ انه من الثابت من خلال كثير من البحوث أن قوة علاقة ولي الأمر بالمدرسة له أثر إيجابي في حفز الطالب على التحصيل الدراسي.
ــ فقدان المدرسة لعامل المساعدة مهم لها في تحقيق أهدافها، وهو ولي الأمر ومشاركته أو تواصله الفاعلين.
إن الاهمال التعليمي قد يكون سبباً لمشكلات أكبر قد يعاني منها المجتمع أو الطالب بقية حياته، فقد يكون من آثار الاهمال التعليمي تسرب الولد من المدرسة وتركه لها، أو الرسوب المتكرر، أو الانخراط في مجموعات منحرفة أو مشبوهة، وغير ذلك من الأمور التي يجتهد كل ولي أمر لأن يبعد ابنه أو ابنته عنها.
إن الاهمال التعليمي مشكلة تبدأ صغيرة، ويمكن بشيء من التعاون بين البيت والمدرسة والوعي حلها، لكنها إن تركت لتستفحل فقد تكون آثارها وخيمة، وضررها على الفرد والأسرة والمجتمع كبيرا. وهذا ما يجعل من الضروري الاهتمام بهذه المشكلة لنسهم في تطوير مستقبل أولادنا، ولبناء مجتمع قوي ومتماسك.

*فرات ابراهيم - عاملة اجتماعية من قرية دبورية

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة