الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 00:02

خطة اوباما المتدحرجة:تغيير نظام الاسد فهل سينجح؟/ بقلم:عبد الباري عطوان

كل العرب
نُشر: 07/09/13 22:42,  حُتلن: 09:50

عبد الباري عطوان في مقاله: 

أوباما يعلم جيدا عن كل هذه الأنشطة للأجهزة الأمنية الأمريكية في داخل المحيط السوري وعلى أطرافه مثلما يعلم بمناورات الأسد المتأهب التي جرت في الاردن ايضا بمشاركة قوات تتبع لأكثر من 17 دولة قرب الحدود الجنوبية

أوباما كان يستطيع توجيه ضربات صاروخية سريعة ومحدودة الزمان والمكان، دون الذهاب الى الكونغرس ودون حتى إرسال خمس بوارج حربية مزودة بصواريخ كروز وكذلك غواصات نووية، وتحريك حاملات الطائرات بالقرب من الشواطئ السورية ولكنه يتطلع الى ما هو أوسع من ذلك

الجيش السوري ربما يختلف قليلا او كثيرا وهو في كل الحالات مدعوم من دولة اقليمية قوية هي ايران وعالمية كبرى هي روسيا

صحيح ان الرئيس فلاديمير بوتين اعلن بالامس عن تجميد بيع صواريخ “اس 300″ للنظام السوري، الا ان تقارير مؤكدة اكدت احتلال هذا الجيش لصواريخ ياخونت 800P المتطورة جدا المضادة للسفن، ولن يكون مستبعدا ان نفاجأ برؤية سفن بجرية امريكة تغرق

التدخل العسكري الأمريكي في سوريا بدأ فعلا قبل عامين على الأقل عبر خبراء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي اي اية" الذين كانوا يتواجدون في مراكز قرب الحدود السورية التركية، ويتولون الإشراف على توزيع الأسلحة على فصائل المعارضة السورية المسلحة للحيلولة دون وقوعها في أيدي الجماعات الجهادية.
في اليومين الماضيين جرى الإعلان عن إرسال الدفعة الأولى من أفراد القوات السورية الخاصة التي تلقت تدريبا مكثفا على أيدي المخابرات الأمريكية نفسها في قواعد خاصة داخل الأردن، للقيام بأعمال تخريب في العمق السوري لإرباك النظام وضرب منشآته العامة.

مناورات الأسد
الرئيس الأمريكي باراك أوباما يعلم جيدا عن كل هذه الأنشطة للأجهزة الأمنية الأمريكية في داخل المحيط السوري وعلى أطرافه، مثلما يعلم بمناورات الأسد المتأهب التي جرت في الاردن ايضا بمشاركة قوات تتبع لأكثر من 17 دولة قرب الحدود الجنوبية تحت عنوان التدخل عسكريا لتأمين مخازن الأسلحة الكيماوية السورية. ما نريد قوله أن التحضيرات لغزو سوريا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة تمت قبل مسألة إستخدام الأسلحة الكيماوية في غوطة دمشق الشرقية بعشرين شهرا على الأقل، عندما كان الرئيس أوباما وحلفاؤه العرب والإسرائيليين يؤكدون أن أيام الرئيس الأسد باتت معدودة، وأن عليه أن يرحل.
في خطابه المتلفز الذي ألقاه قبل يومين كشف الرئيس أوباما مواربه عن سيناريو التدخل الذي ينوي تطبيقه في سوريا، فعلى المدى القصير يريد توجيه ضربات جوية وصاروخية محدودة لإبطال فاعلية أسلحة النظام الكيماوية ومنع إستخدامها مرة أخرى، أما على المدى البعيد فتسليح المعارضة بأسلحة حديثة متطورة وتعزيز قدراتها العسكرية بالتالي. يمكن القول، وبإختصار شديد، وأن الهدف الأساس للرئيس أوباما هو تغيير النظام في سوريا على غرار ما حدث في العراق وأفغانستان وليبيا، ولهذا طلب تفويضا من الكونغرس للقيام بهذه المهمة في غضون ستين يوما يمكن أن تمتد لثلاثين يوما إضافية.

ضربات صاروخية سريعة

أوباما كان يستطيع توجيه ضربات صاروخية سريعة ومحدودة الزمان والمكان، دون الذهاب الى الكونغرس، ودون حتى إرسال خمس بوارج حربية مزودة بصواريخ كروز وكذلك غواصات نووية، وتحريك حاملات الطائرات بالقرب من الشواطئ السورية، ولكنه يتطلع الى ما هو أوسع من ذلك، ولا يريد أن يتحمل مسؤولية النتائج وحده في حال إشعال فتيل الحرب، او أن يعفيه الكونغرس منها كليا ويقدم له سلما للنزول من على شجرة خطوطه الحمر، والخيار الخير هو ما يتطلع إليه فعلا.
إحتمالات موافقة الكونغرس الأمريكي على خطط أوباما للتدخل العسكري أكبر من إحتمالات رفضها، وفي الحالة الثانية من غير المستبعد أن تقوم قوات عربية، من الاردن والمملكة العربية السعودية خاصة، بالدخول الى الأراضي السورية محمية بغطاء جوي أمريكي.
تغيير الأنظمة في العراق وأفغانستان وليبيا لم يتم إلا بعد غزو أرضي، وربما كانت ليبيا هي الشذوذ نسبيا على القاعدة، رغم أن القوات الخاصة الاردنية والقطرية هي التي دخلت طرابلس وثكنة العزيزية بعد القصف المكثف لقواعد النظام العسكرية، ولن يكون مفاجئا إذا ما جرى تكرار الشيء نفسه.
ليبيا لم تملك جيشا، قويا او ضعيفا، لان العقيد القذافي حله قبل عشرين عاما خوفا من انقلابه على نظام حكمه، والجيش العراقي انهك في قصف امريكي جوي وحصار خانق استمر 13 عاما، ومناطق حظر جوي وحصار في الشمال والجنوب، اما حركة طالبان فقد كانت بحكم خبراتها العسكرية المتقدمة جدا تستخدم الدبابات كحافلات لنقل المجاهدين، وما يتربع على سطحها وجوانبها كان يذكرنا بقطارات الصعيد والارياف في مصر.
الجيش السوري ربما يختلف قليلا او كثيرا، وهو في كل الحالات مدعوم من دولة اقليمية قوية هي ايران، وعالمية كبرى هي روسيا، صحيح ان الرئيس فلاديمير بوتين اعلن بالامس عن تجميد بيع صواريخ “اس 300″ للنظام السوري، الا ان تقارير مؤكدة اكدت احتلال هذا الجيش لصواريخ ياخونت 800P المتطورة جدا المضادة للسفن، ولن يكون مستبعدا ان نفاجأ برؤية سفن بجرية امريكة تغرق في البحر قبالة السواحل السورية، تماما مثلما اغرقت صواريخ حزب الله بارجة اسرائيلة امام السواحل اللبنانية اثناء حرب تموز (يوليو) عام 2006.
ولا نعرف القدرات الدفاعية السورية في مجال الصواريخ المضادة للطائرات، ولكن دراسات عديدة اشارت الى ان الغارات الاسرائيلية الاخيرة على اهداف سورية كان الهدف الاساسي منها اختبار هذه القدرات بالاضافة الى احراج النظام السوري واستفزازه للدخول في مواجهات مبكرة وغير محسوبة.

حرب المفاجآت

إنها حرب المفاجآت، حرب مرشحة للخروج عن دائرة أهدافها المحدودة المعلنة، والتحول الى حرب كبرى قد تشمل المنطقة بأسرها.
الرئيس العراقي صدام حسين أعتقد انه بالتعاون مع المفتشين، وإمتصاص الضربات الأمريكية يمكن أن يجنب نظامه الإنهيار، وبالتالي البقاء في الحكم، وهو إعتقاد ثبت عدم صحته، ولا بد أن الرئيس السوري وحلفاءه الروس والإيرانيين واذرعتهم في لبنان يدركون هذه الحقيقة تغيير النظام بالجملة او بالتقسيط، وقد يكون ردهم “انتحاريا” على اي عدوان امريكي.
اوباما يرتعد خوفا، وحاول ويحاول تجنيد الخيار العسكري ولكنه يلاحقه، ومن الافت ان الدول العربية الحليفة له اكثر ارتعادا ورعبا منه ولكنها تريد الحرب وتقرع طبولها، وتستعد لفتح جبهة الاردن لانطلاق وحدات الغزو العسكري لسورية.
الرد على العدوان الامريكي سيكون حتميا وان لم يكن في السماء فعلى الارض، وعدد الاهداف لا يحصى سواء في فلسطين المحتلة او الدول التي ستشارك في هذا العدوان. ويظل السؤال هو عما اذا كان اوباما سينجح في تغيير النظام؟
احتمالات النجاح ليست كبيرة، وان حدثت عملية التغيير فستكون باهظة الثمن جدا لامريكا واسرائيل وحلفائهما العرب، حرب لا حرب بعدها، ومنطقة ستكون مختلفة جدا عما قبلها، وربما تكون نهاية الآلام، آلام العرب والمسلمين على وجه التحديد.

* مصدر المقال: وكالة فلسطين اليوم 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة