الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 17:01

ب.أسعد غانم: لا يمكن أن تكون وطنيا وانت تدافع عمن يقتل اهل الوطن في سورية

كل العرب
نُشر: 04/09/13 10:57,  حُتلن: 15:53

البروفيسور أسعد غانم في مقاله:

نظام الاسد حصل على دعم مادي سخي من دول الخليح مقابل مشاركته في التحالف ضد العراق وطبعا ذهب الدعم الى بنوك اركان النظام

نتحدث عن نظام لم يحاصر او يقتل سوى السوريين والفلسطينيين واللبنانيين وتعاون في المقابل مع اسرائل للحفاظ على أمنها في الجولان

النظام تعمد تحويل الثورة السورية الى قوة مسلحة وتمكينه المجموعات الجهادية من دخول سوريا ليبرر قتل السوريين واسكات الثورة

لا يمكن أن تكون وطنيا وانت تدافع عمن يقتل اهل الوطن ولا يمكن أن تكون قوميا وانت تتظاهر الى جانب من يقتل القوم لا يمكن أن تكون انسانيا اذا رفضت الحق المبدئي للمواطنين في اختيار من يقودهم

كلنا ضد تدخل امريكي احادي الجانب في سوريا، لكنني لم اسمع صوتا واضحا من غالبية فعالياتنا السياسية ضد الموقف الروسي او الصيني احادي الجانب على مدى السنتين والنصف الاخيرتين

منذ كنت صغيرا وانا اتابع مجبرا التقارير التلفزيونية عن انجازات نظام البعث في سوريا، بلدي "شعب" تقع بين جبلين يحدانها من الجنوب والشمال ولذلك يبقى المدى مفتوحا امام الموجات التلفزيونية من الغرب ومن الشرق، وفي الشرق تقع سوريا وتستطيع موجات البث التلفزيوني ان تنفذ الى بيوتنا التي التقطت انتيناتها ما بثه التلفزيون السوري. كنا نغرق في تفاصيل يومية تعدد انجازات النظام وحكمة القائد الملهم وعظمة فهمه وصموده امام الضغوطات الدولية، وما الى آخره من عبارات التمجيد التي تبخرت مع ما سمعناه من شهادات العائدين من سوريا بعد ان رتب لهم الدكتور عزمي بشارة زيارة اهلهم، او مجرد زيارة سوريا، وهي الزيارات التي تضمنت اجمالا لقاءات مع جزء من قيادة نظام البعث. فسمعنا منهم عن بؤس الحياة في سوريا لاهلها العاديين غير المقربين من النظام والذين لا يعتاشون على نهب امكانات سوريا المادية بل يعملون يومهم لكسب لقمة العيش. وسبق ذلك بعدة سنوات مشاركة النظام السوري في التحالف الدولي ضد العراق والذي مهد لاحتلال العراق ونهب امكاناته، وحصل نظام الاسد على دعم مادي سخي من دول الخليح مقابل مشاركته في ذاك التحالف، وطبعا ذهب الدعم الى بنوك اركان النظام.

العنف اليومي
وقبل ذلك شاهدنا العنف اليومي الذي مارسه الاحتلال البعثي ضد اللبنانيين الى أن اخرج جيشه صاغرا بعد سلسلة من الاعتداءات على من رفضوا هذا الاحتلال ولم يقبلوا أن يشاركوا زبائن النظام السوري في مؤامرة السكوت، وقبل ذلك شاهد العالم الحرب الجبانة التي خاضها ضد الفصائل الفلسطينية في طرابلس لبنان، ومن قبل تخاذله امام الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وقبل ذلك قتله لعشرات الآلاف من اهالي حماة العزل، وحربه ضد الجبهة الوطنية اللبنانية واغتيال النخب الوطنية اللبنانية والفلسطينية وعلى رأسها كمال جنبلاط، ومحاصرة تل الزعتر وعشرات، بل مئات، الاعمال الجبانة التي نفذها نظام البعث الجبان خارجيا والعميل لروسيا وايران والمتجبر داخليا – بما في ذلك ضد اللبنانيين والفلسطينيين والسوريين قبل الكل. باختصار نحن نتحدث عن نظام لم يحاصر او يقتل سوى السوريين والفلسطينيين واللبنانيين وتعاون في المقابل مع اسرائل للحفاظ على أمنها في الجولان وتحالف مع الغرب ضد العراق مقابل المال وتوفير الغطاء لاستمرار تسلطه على اهلنا في سوريا.

خنق للحريات الاساسية
المهم في سياق مقالي هذا هو ليس ما فعله نظام الاحتلال البعثي لسوريا من تخريب وتخلف وخنق للحريات الاساسية، بل قتل الناس، وآخرها تعمده تحويل الثورة السورية الى قوة مسلحة وتمكينه المجموعات الجهادية من دخول سوريا ليبرر قتل السوريين واسكات الثورة – بما في ذلك استعمال السلاح الكيماوي ضد الناس العزل لمعاقبتهم على مجرد تفكيرهم في الحرية والانعتاق من احتلال البعث.

الصمود والتصدي والقومية
المهم ما حصل لنا – او لما يسمى قياداتنا - لتصمت على قتل السوريين ولتكون متعاونة مع رواية نظام القتل الى درجة خيانة انسانيتنا والترويج لاحاديث الصمود والتصدي والقومية، انا لا اتحدث هنا عن المتعاونين والمستفيدين من النظام وعملائه المباشرين وغير المباشرين وهم لا يعنوني ابدا بعد سقوطهم الاخلاقي والوطني والقومي والتاريخي ولا اقصد كذلك مواقف المنضوين تحت اموال الخليج وانظمته المتخلفة والذي اسقطوا بالمال ليدافعوا اوتوماتيكيا عن مواقف زعماء القبائل واولياء نعمتهم، بل اتحدث عن قيادات كان من المتوقع أن تتخذ حدا أدنى من الاخلاق والتوازن في موقفها، كان من المأمول أن تكون ملتزمة بمصالحنا نحن، اهلهم الذين اوصلوهم الى ما هم فيه.

تدافعون عن الأسد؟
النقاش لا يتعلق ابدا بأوباش هاجموا مراسلي محطات تلفزيونية في مظاهرة سخنين او غيرها لان محطتهم تقف مع الشعب السوري ضد الظلم والطغيان، ولا بشخصيات ثانوية رفعت صور بشار الاسد ونظمت مظاهرات لدعمه، هؤلاء لا علاقة لهم بالعمل الوطني – فلا يمكن أن تكون وطنيا وانت تدافع عمن يقتل اهل الوطن ولا يمكن أن تكون قوميا وانت تتظاهر الى جانب من يقتل القوم وبالطبع فإنك لا يمكن أن تكون انسانيا اذا رفضت الحق المبدئي للمواطنين في اختيار من يقودهم. وبالتأكيد فإن كل من يدافع عن نظام الاسد فانه بهذا يدافع عن احتلال واستعمار داخلي اسوأ بكثير من الاستعمار الخارجي الذي يقوم على تحقيق المصالح وهذا مرفوض طبعا وتجب مقاومته، لكنه لم يقتل ولا في اي بلد عربي 28 الف مواطن خلال اسبوع وبأسلحة فتاكة كما فعل نظام البعث والاسد في حماة، ولم اسمع حتى الآن عن استعمار عمل جاهدا لتجييش الثورة ضده لكي يبني تبريرا لقتل الناس والقضاء على ثورتهم كما فعل نظام البعث.

انهاء الاحتلال او التصدي لإسرائيل
اقصد هنا قوى سياسية وطنية دعمت تاريخيا جهود الحركات الوطنية وعلى رأسها الحركة الوطنية الفلسطينية، لبناء رأي عام دولي في العالم ليدعمها ويدعم مطالبها في التحرر وليشكل قوة ضاغطة لتدخل دولي ضد اسرائيل لأجل احقاق الحقوق الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك امكانية التدخل الدولي المباشر لأجل انهاء الاحتلال او التصدي لإسرائيل في حال قيامها بهجوم كاسح ضد اهلنا في الضفة الغربية وغزه ولبنان وبالتأكيد دفعها بهذا الاتجاه اذا قامت باستعمال اسلحة غير تقليدية ضدهم، وكل القوى السياسية الوطنية لدينا نادت بتدخل دولي ضد اسرائيل في حربها على لبنان عام 1982 وعام 2006 وما بينهما، وكلها دعمت تدخل دولي ضد اسرائيل في حربها ضد عرفات في المقاطعة عام 2001، وحربها ضد غزة عام 2009. كل القوى الوطنية كانت تتمنى تدخلا دوليا ضد اسرائيل في كل هذه الحالات، وكلها تمنت تدخلا روسيا او صينيا فاعلا او حتى تمنت في اعماق قلبها تغييرا في موقف الولايات المتحدة باتجاه اتخاذ خطوات ضد اسرائيل وخروجا من موقفها المساند اوتوماتيكيا لها، ونشاط القوى العربية في الولايات المتحدة نفسها هو باتجاه هذه الامكانية – على المدى البعيد، وكل القوى الوطنية تساند ذلك. هذا الموقف صحيح اخلاقيا وسياسيا، لاننا –والعالم العربي اجمع- في ضعفنا لن نستطيع حماية اهلنا تحت الاحتلال من تغول اسرائيلي واستفراد وفقط موقف دولي مساند وفعال يستطيع فعل ذلك.

ضد تدخل امريكي احادي الجانب في سوريا
كلنا ضد تدخل امريكي احادي الجانب في سوريا، لكنني لم اسمع صوتا واضحا من غالبية فعالياتنا السياسية ضد الموقف الروسي او الصيني احادي الجانب على مدى السنتين والنصف الاخيرتين وهو الموقف الذي اجهض اية امكانية لعمل دولي فعال ضد نظام القتل البعثي، بل أن بعض الاحزاب هللت وبشرت ودعمت هذا الموقف الروسي في صحفها وبياناتها، وهو الموقف الذي تقف من ورائه مصالح خاصة بروسيا والطغمة الفاشية الرأس مالية التي تحكم في موسكو، مصالح يتم تحقيقها من خلال بيع الاسلحة التي تقتل اهلنا في سوريا. طبعا لم تقل البيانات التي اصدرت الاسبوع الفائت ضد التدخل الدولي بانها اذ لا تصدق المخابرات الغربية بشأن استعمال السلاح الكيماوي ولا موقف تركيا – وكلها اصدق من بيانات ومواقف حزب البعث وعملائه الذين يروجون لكذبة أن المجموعات المسلحة هي من قام بذلك وكان كتائب النظام اكثر اخلاقية واكثر رحمة باهل الغوطة من مجموعات النصرة وغيرها- لكن فعالياتنا السياسية لم تقل بانها من الممكن أن تؤيد موقفا دوليا للتدخل او الضغط بقوة لإنهاء الاحتلال البعثي لسوريا، اذا اشار تقرير الامم المتحدة الى استعمال هذه الاسلحة من قبل الجيش السوري.

الدم السوري مباح
ان الموقف المنادي بتدخل دولي في حالة اسرائيل والفلسطينيين والمناهض لذلك في حالة سوريا يكشف زيف ادعاءاتنا ومواقف بعضنا، يكشف اننا نعتقد أن الدم الفلسطيني محرم – وهو كذلك – لكن الدم السوري مباح، اطفال غزة يستحقون الحياة – وهم كذلك – لكن اطفال الغوطة فلا. هذه المواقف الانتهازية والمبنية على التناقضات الصارخة هي التي افقدت غالبية شعبنا الثقة بقياداته وهي نفسها التي فتتت مجتمعنا بدل أن يكون متماسكا حول مواقف ومطالب اخلاقية وعادلة، وهي العوامل الاساسية التي أدت الى سقوط ثقافات وحضارات عظيمة في الماضي وهي التي تسقطنا تدريجيا لنتحول الى حالة خاسرة، قبل وبعد انقاذ اطفال سوريا.

رسالة من قيادات عربية الى الطفل ورد الدمشقي
نكتب لك هذه الرسالة ونحن على علم يقين بأنك دفنت قبل اسبوع مع المئات من ابناء جيلك بعدما رميت بالأسلحة الكيماوية التي ضربتك بها القوات البربرية، اعلم اننا اعلنا الاستنفار بعدما اعلن اوباما بأنه سوف يقصف الجيش الوطني عن بعد وعدنا الى ثكناتنا بعدما عدل عن ذلك بضغط اسرائيلي – وربما تحت وطأة ضغطنا، نحن واسرائيل نعلم بأن ضرب جيش البعث يعني انتصار القاعدة وفروعها التي سوف تقلق راحتنا من الشمال لأنها لن تتخذ موقفا ملتزما بالهدوء كما فعل جيش البعث.
اعرف باننا سوف نزور قبرك خلال زيارتنا القادمة لدمشق لتقديم التهنئة للقائد العظيم بشار بعدما انتصر عليك، وعلى امريكا وعلى المجموعات الجهادية التي ادخلها في فخه عندما ادخلها الى سوريا لتنهي الثورة السلمية وتقدم التبرير للنظام للقضاء عليك وعلى ابناء حارتك، واعلم باننا سوف نزور قبرك لنقرأ الفاتحة على روحك، لكننا –بعد سماحك- سوف ننتقي الوردات الحمراء من الباقة التي سوف نضعها على قبرك لنأخذها للرئيس بشار لانه يحب لون دمك، وربما سوف يعطينا محاضرة حول استبساله في الدفاع عنك.

الحريات ممنوعة
ولنا عتب عليك، نستغل الفرصة لنرفعه هنا. الم يقل لك النظام ان الحريات ممنوعة، وان التظاهر ممنوع، وان الديمقراطية حرام، الم تعلم بأن التظاهر جريمة، الم تتعلم من قطع حمامة حمزة الخطيب على ايدي المخابرات في درعا، الم تعلم أن حمامتك في خطر. كن شاكرا للنظام لانه اراحك بسرعة في سلاحه الكيماوي، ولم يقطعك كما فعل مع الكثيرين من قبلك، بل سمح بدفنك قطعة واحدة.
نم مضرجا، مشوها، متعبا، مقموعا ومغلوبا..... هذا ما تستحق، ولنا من بعدك طول البقاء لنكون جاهزين للاستنفار وللتلون وللتجند لبث الدعايات الكاذبة، نعدك ان نبقى اوفياء لدربنا – نقدم التهاني في لقاءات قيادات الامة، ونحارب عن حقنا في اختيار قياداتنا وان نعيش في ديمقراطية وبحبوحة اقتصاديه وهذا ما لا تستحق انت، فلك الله.

مقالات متعلقة