الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 13:02

قيادة جديدة/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 01/09/13 18:54,  حُتلن: 20:38

وديع عواودة في مقاله:

لم يكن رامز رمزا لأفضل إدارة بلدية في البلاد وإدارته والجبهة لا تخلو من أخطاء هامة،شخصيته مركبة من مناقب ومثالب لكنه ظل للناصرة وفيّا نظيف اليد واللسان

لا يليق بجسم سياسي عريق وفعاّل كالجبهة اتباع سياسات بقاء متقادمة كالتعويل على تحالفات موضعية غير أيديولوجية بالقدر الكافي والرهان على خلافات المعارضة من أجل كسب وقت أو ولاية أخرى

في إعلانها عن ترشيح نفسها قدمّت حنين زعبي تأكيدا إضافيا على تورط الجبهة بحالة شيخوخة سياسية وعجز عن فتح أبواب التجدد والانبعاث بوجوه وأدوات حديثة

تراهن المعارضة لا التجمع فحسب على منع حسم الانتخابات من الجولة الأولى لأن الجولة الثانية بالنسبة للجبهة هي سفرة للمجهول إن لم يكن للسقوط من الطابق الرابع

بعد نحو أربعة عقود من إدارة بلدية الناصرة تجد الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة نفسها أمام خطر خسارتها،ربما أكثر من أي وقت مضى. هذه الحالة الانتخابية الدقيقة اليوم هي وليدة تغيرات موضوعية في المدينة وأخرى ذاتية تتعلق بجبهة الناصرة بعدما " شاخت " ولم توفر حلولا لحالات تكلّس تلازم عادة من في السلطة لسنوات طويلة.


بخلاف البدايات تمكن مرشح الجبهة المهندس رامز جرايسي في انتخابات......من التغلب على منافس اعتيادي جدا،المهندس سلمان أبو أحمد بفارق ضئيل جدا. وكان من المفترض أن يشعل ذلك الضوء الأحمر لدى قيادة الجبهة القطرية أيضا. لم ير الضوء الأحمر مجددا حينما شدد جرايسي عام 2008 في عدة مناسبات على استنكافه القاطع والنهائي عن تقديم ترشيح نفسه لرئاسة البلدية. حينما يرشح جرايسي مرة أخرى وتخرج جبهة الناصرة لتقول إنه لا بديل لرامز في البلدية إنما هي تعترف بإصابتها بالعقم والعجز وقصر النظر. كان رامز صادقا بتأكيد رغبته بالراحة من عمل جماهيري مضني بدأ مشواره عام 1977 وهو أكثر قسوة وتعقيدا مما يرى من هنا من الخارج وبكثير ويصدق من يعتبرها قيادة سفينة في بحر مجنون.
وهو يستحق أن ينهي مشواره في البلدية بالدورة المنتهية هذه دون إكراه أو اضطرار على خوض منافسة إضافية تبدو رحلة جبلية صعبة.

مواقف جرايسي
لم يكن رامز رمزا لأفضل إدارة بلدية في البلاد وإدارته، والجبهة، لا تخلو من أخطاء هامة،شخصيته مركبة من مناقب ومثالب لكنه ظل للناصرة وفيّا نظيف اليد واللسان. قدّم لها ما ملكت يمينه، مثلّها بشكل رصين ولم يبحث عن عنوان في الصحف واتسع صدره لانتقاداتها. بخلاف ما يقوله التجمع وغيره تعليقا على مواقف جرايسي المعتدلة أو المتهادنة لا يستطيع رئيس البلدية في كل مكان إلا أن يتحلى معظم الوقت بالبراغماتية والمرونة والمواقف المعتدلة في إدارة شؤون المدينة والتعامل معها ومع الوزارات والدوائر الحكومية.

مسكّنات تؤجّل الأوجاع 
لا يليق بجسم سياسي عريق وفعاّل كالجبهة اتباع سياسات بقاء متقادمة كالتعويل على تحالفات موضعية غير أيديولوجية بالقدر الكافي ( كالتحالف مع علي سلام ) والرهان على خلافات المعارضة( القائمة الموحدة) من أجل كسب وقت أو ولاية أخرى. لا يتجاوز مفعول مثل هذه الأساليب فعالية مسكّنات تؤجّل الأوجاع ولا تتخلص منها. وجرايسي أيضا يتحمل قسطا هاما من مسؤولية حالة العقم المسماة " ما في بديل" حيث كان بمقدوره استغلال هيبته ونفوذه لدفع وجوه شابة وجديدة وواعدة لواجهة الجبهة والعمل البلدي في الناصرة ضمن مساعي الاحتضان وتوفير الدفيئات المطلوبة لرعاية القيادية. حتى جمهور الجبهة في الناصرة أبى عدم رضاه عن استمرار الوضع الراهن وشكا انعدام التجدد وبدا ذلك في انفصال " شباب التغيير " وفي الانتقادات التي شهدتها محافل الجبهة عشية تشكيل قائمتها البرلمانية في مرحلة بدأ الشباب في العالم العربي يلعبون دورا فعالا وحاسما في السياسة والمجتمع.

شيخوخة سياسية 
في إعلانها عن ترشيح نفسها قدمّت حنين زعبي تأكيدا إضافيا على تورط الجبهة بحالة شيخوخة سياسية وعجز عن فتح أبواب التجدد والانبعاث بوجوه وأدوات حديثة. في ترشيحها للكنيست عام 2009 سبق التجمع الجبهة وبقية الأحزاب العربية في تقديم مثال حقيقي على التجدد ومنح الفرص للمرأة والشباب على مستوى العمل البرلماني. وفي انتخابات بلدية الناصرة 2013 تجاوز التجمع الجبهة وبقية الأحزاب مرة أخرى من هذه الناحية. ليست هناك مطامع شخصية لحنين زعبي في خوضها المنافسة على رئاسة البلدية فهي عضو كنيست بارزة ومرشحة أن تقود حزبها ولذا فهي لا تبحث عن كرسي جديد بقدر ما تحرّكها رؤية سياسية وطنية وحزبية. كما جاء في اللافتة من فوق رأسها (قيادة جريئة) خلال المؤتمر الصحفي الأربعاء فإن قفزها لبحر الانتخابات البلدية رغم أمواجه المتلاطمة والباردة ينم عن شجاعة معهودة لديها وإرادة قوية.

مهمة ليست سهلة 
تراهن المعارضة لا التجمع فحسب على منع حسم الانتخابات من الجولة الأولى لأن الجولة الثانية بالنسبة للجبهة هي سفرة للمجهول إن لم يكن للسقوط من الطابق الرابع. والحسم من الجولة الأولى مهمة ليست سهلة في ظل عدد كبير من المتنافسين ودخول التجمع كلاعب جديد على الخط خاصة إذا ما قدم قائمة مرشحين أكفاء للعضوية. في إطلالتها الأولى أطلقت زعبي سلة من الرسائل الهامة لجماهير هدف متعددة، مشحونة بطاقات ومعان لا يستهان بها، مركزّة على البعد البلدي الخدماتي لجانب السياسي. بمجملها تستبطن سلة الرسائل هذه قدرة على مخاطبة عقول وعواطف النصراويين بكل مشاربهم وتقدم خيارا حقيقيا بديلا سيما إنها إمرأة شابة. لكن وفي كل الأحوال فإن حنين زعبي بترشيحها البلدي سيضع التجمع في خانة المنافسة في الناصرة وسترسي أسسا لفرع حقيقي في الناصرة. مهما كانت النتائج سيمثّل التجمع بشكل أفضل وبفعالية أكبر في البلدية مما هو عليه الآن ويجعل الجبهة وغيرها أمام تحديات أكبر لابد أن تعود بالفائدة على الناصرة وأكثر بكثير من فترة كانت إدارة البلدية دائما مضمونة في جيب الجبهة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة