الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 22:02

كثيرون على قيد الحياة، قليلون على قيد الإنسانية /بقلم:رزان بشارات

كل العرب
نُشر: 12/08/13 10:11,  حُتلن: 22:10

رزان بشارات في مقالها:

هل الشعور مع الآخر والاحساس بألمه هو وسيلة للشفقة على صاحب الاعاقة؟ ام دافع يحثك لتغيير نظرتك؟

داخل الانسان يبتغي ما لا يبتغيه هذا الواقع ولهذا نحن في صراع دائم فلكل إنسان جوهرة ثمينة الأصل تقطن جوفه وتختلف عن غيره

وقع نظر الفتيان على الشاب البريء الذي لديه اعاقة فقبضوا عليه قبضة الصياد للفريسة مع استغلال وضعه غير العادي وطلبو منه خلع ملابسه وبدأوا برجمه بالحجارة وتصوير مقطع ڤيديو

انتم خطر كبير على مجتمعي على بيئتي على بيتي وعلى كل شخص قريب من روحي انتم عار! عار على البطن الذي حملكم وعار على الهواء الذي اصبحتم من ملوثينه الاساسيين هؤلاء الاشخاص لديهم كل الوسائل والادوات التي تحثهم لتدمير مجتمع كامل

تنظرون الى كل من هو مختلف وكأنه عائق، وكأنه يقوم بوظيفة سلبية في المجتمع، ولو حاولنا النظر الى الامور من الزاوية الاخرى لرأينا الجانب الآخر، الذي  يشع منه الوضوح، المحبة والكمال.
هنالك العديد من الظواهر الإجتماعية التي تعيق تفكيري وتجعلني ابذل مجهودا اكبر لفهمها والتمعن بها بهدف تصحيحها، وهكذا احاول الاندماج مع الواقع الذي ينقله مجتمعي عبر وسائله القارسة، الواقع المختلف كليا عما تطلبه روحي. فداخل الانسان يبتغي ما لا يبتغيه هذا الواقع، ولهذا نحن في صراع دائم، فلكل إنسان جوهرة ثمينة الأصل، تقطن جوفه وتختلف عن غيره، وهذا الاختلاف بين الغرض الثمين داخلنا هو الاساس الذي يقودنا لكي نبني معا سلسلة الامتياز وخلق مجتمع بنّاء. فيا ليتنا ندرك جيدا وظيفة هذه الجوهرة لنعلو كما يعلو الموج متدفقا نحو السماء الصافي.

دوامة الهذيان
تواجدي في العمل، الجامعة، المصرف، البريد، المراكز الاجتماعية وكل مكان عمومي آخر يجمعني بأشخاص غرباء واقرباء، قد يساعدني على التدقيق في الظواهر الاجتماعية، ومن ضمنها قضية واقعية حدثت في ظروف قاهرة ومؤلمة لاقصى الحدود.
هذه القضية تدمج بين الاستغلال ،الالم، الضغينة والخداع.. تدمج بين الذل والقهر.. وتدور في دوامة الهذيان..
اصبحت اعرف ما بالكم، فتسميتكم بالبشر غير صحيحة إنما نسور جارحة، تدور حول بساتين البراءة والفرح وثم تهبط تلك النسور وتأكل كل ما قد تراه العين وحتى انها تدقق النظر بالضعيف لتنهش جلده الطري وتستلذ..

الإعتداء على صاحب إعاقة
مجموعة فتيان في السادسة عشر من العمر، يعتدون على فتى في سنهم ولكنه من ذوي الاعاقات الباطنية، لديه تأخر في التطور وشخصيته ضعيفة بعض الشيء، يجلسون بغرفة مظلمة، مخنوقة ببخار الرماد المتطاير وها هي الكراهية والسياج المتين يخنقان كل واحد من هؤلاء الظالمين، فيتبادلون القذارة بين بعضهم من مصطلحات عنيفة وحركات اليد القذرة، دون الاخد بعين الاعتبار ان الله فضلنا عن غيرنا من الكائنات الحية لاننا نتميز بالعقل والحكمة، ينسابون ويلهون مع سواد الليل الظالم، ويتركون انفسهم في مكائد الشيطان.
وعند انتهاء كل ما هو منبع للهو، وقع نظرهم على الشاب البريء المعاق كما ذكرت سابقا، ولبراءته وداخله النقي وجوفه العميق الغائب عن ملذاتهم، لم يستطع الانخراط بتجاعيد كلامهم، فقبضوا عليه قبضة الصياد للفريسة مع استغلال وضعه غير العادي، وطلبو منه خلع ملابسه وبدأوا برجمه بالحجارة وتصوير مقطع ڤيديو لعرضه على برنامج هزلي يسخر من الاشخاص اصحاب الاعاقات، يقهر ، يؤذي ، ويؤلم، دخلتُ في دوامة الاعصار ولم افهم توجههم في الحياة وما يريدون فعله، ولكن انتم خطر كبير على مجتمعي، على بيئتي على بيتي وعلى كل شخص قريب من روحي، انتم عار! عار على البطن الذي حملكم وعار على الهواء الذي اصبحتم من ملوثيه الاساسيين، هؤلاء الاشخاص لديهم كل الوسائل والادوات التي تحثهم على تدمير مجتمع كامل، فالسم قد انتشر بكل انحاء جسمهم ويجب معالجتهم.
وفعلا السؤال المثير للاهتمام والجدل، هل الشعور مع الآخر والاحساس بألمه، وسيلة للشفقة على صاحب الاعاقة؟ ام دافع يحثك لتغيير نظرتك، نظرتك.. التي كادت ان تهدم كل ما قام به هذا الشخص الضعيف مع الوقت لكي يتأقلم مع نظرات المجتمع له وموقف المجتمع المشوه معه!
فالحل الأنسب هو الشعور مع الاخرين والتحلي بالإنسانية لانهما الخطوة البنّاءة لتغيير كل تصرفاتنا، تعقيباتنا، مقالاتنا، احاسيسنا، وحديثنا مع صاحب الإعاقة، لنزرع داخله الاطمئنان والراحة، ونقود انفسنا اولا نحو الصواب ومن ثم ينقاد مجتمع كامل.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة