الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 06:02

للأفراح والأتراح هُم مُتَفَرِّغون/ بقلم: نانسي مزاوي شحوك

كل العرب
نُشر: 03/08/13 12:49,  حُتلن: 14:02

نانسي مزاوي شحوك في مقال: 

المحبة والإحتكاك مع كلا الطّرفين أمر ضروري مُحتّم لا نقاش ولا خلاف في مضمونه

الحُزنُ دوماً يتهَجّم بشراسةٍ على البَشر وهو دوماً ما منه مفر لأنه سُنة الحياة كما الفرح

تَناقض شاسع ما بين التّفرّغ للأفراح التي هي بمثابة واجب مادّي لمكان وَجَب عليك أن تسدّه شِئت أم أبَيْت في قاعة الأفراح وبين التّفرّغ للمشاركة بالتّرح الذي هو واجبٌ أخلاقي وتَعاطف لا بد منه

كَشَجَرةٍ تَتَرَنّحُ مع النّسيمِ المُبتهج الوضّاء، تلوحُ يميناً ويساراً، يُصَفّقُ المرءُ وَيَرتَعِشُ غيطَةً عند حُضورِه فرح أو زَفّة... وكأحمَقٍ شارِدٍ، يَلوحُ مُشَتَّتاً حزيناً، يعلو وَيهبِطُ بِكَفّةِ يَدهِ مُصافِحاً أهل التّرحِ، مُتضامناً معهم في جِراحِهم، مغموراً بالحُزن شاعِراً بألمِهم أو ربما لم يكن كذلك! المحبة والإحتكاك مع كلا الطّرفين أمر ضروري مُحتّم لا نقاش ولا خلاف في مضمونه...فهذا أحياناً يُوَطّد العلاقات من جديد ويُحيي صفة التسامُح مرّات عديدة... يَفرح النّاس، يبتهجون، يدعونك للمشاركة في فرحتِهِم، يجتهدون وتّتصَلّب قاماتُهم أثناء هدرِهم ساعات وأيام بِيعثَرةِ حبر قلمِهم على ورقة بيضاء.. في تحضير قائمة المّدعوين...

وقت فراغ
وَرقة بيضاء؟ هذا اسم فلان، وتلك فُلانة...أين كان مكانهم من ذلك السطر من تلك الورقة طوال السنوات الماضية؟ أننتظر الفَرح كي نُنعش ذاكرتنا باسم ذلك ولقبِ ذاك؟ هل بات لهؤلاء الناس وقت فراغ كي يُصبحوا جُزءاً من تلك القائمة ومفروض وواجب عليهم أن يلبّوا النّداء، كي تكتمل دائرةُ الفرحةِ وهي إتمام وتسديد دُيون الفَرح، بالإضافة لاكتمال العدد في ساحةِ الرّقص، ولنُهلّل في اليوم التالي أنّ فرحَنا كان في قمة الرّوعة والتّألّق بِرُؤية وُجوهٍ وأقنعة لم تلمَح طِرف عينها مُنذ سنواتٍ عدّة؟؟؟
هل هذا بات حالنا ؟ هل أصبحنا نَتَفَرّغ فقط من أجل الواجب لنضعه في مُغَلف أبيض، وإذا أحصينا ما تحويه المغلفات نجد أن النتيجة هي التقصير الواضح في حاجيات المرء اليومية من أجل الخجل وملء فراغ هذا الكرسي على تلك الطاولة أسبوع يلي الآخر؟؟

الحُزنُ
الحُزنُ دوماً يتهَجّم بشراسةٍ على البَشر، وهو دوماً ما منه مفر لأنه سُنة الحياة كما الفرح...المآسي، الموت، المصائب، وبالحُزن نلتَحِم أيضاً، خاصةً إن كان مصابنا وألمنا لعزيزٍ، عندها يدفق الحزنُ من أعماقنا حقيقياً بعد أن كانت المحبة والمعرفة قامعة في داخِلنا...تلك هي مشاعر العائلة المُتضامنة المُحِبة التي توفي وتُخلص لأفرادها...وباقي الناس ما هي إلاّ أطياف أشباحٍ سوداء، يسيرون بِبُطءٍ، مُطأطئي الرأس، قلوبهم خافقة وجعاً على المُصاب الأليم...ولكن نحن في أعماق ذاتنا، وحسب الظّرف، نتألم لشيء مُختلف، نتساءل في سرّنا: من كان هذا الإنسان؟ لِم لَم نُقابله من قبل (خاصة وإن كانت انشغالات الحياة هي المانع)؟ هل كان علينا أن نُواجهُه ونتفَرّغ فقط في تلك اللحظة؟ أنا الآن لدي الوقت لأحزن عليه وفيما مضى منعتني ظروف الحياة من إلقاء التحية عليه على الأقل؟

التّفرّغ للأفراح
تَناقض شاسع ما بين التّفرّغ للأفراح، التي هي بمثابة واجب مادّي لمكان وَجَب عليك أن تسدّه شِئت أم أبَيْت في قاعة الأفراح، وبين التّفرّغ للمشاركة بالتّرح الذي هو واجبٌ أخلاقي وتَعاطف لا بد منه مع الطّرف المُتألّم، كي يستمر في حياتِه قدماً بتشجيعه ودعمِه معنويّاً. ولكن بالنسبة للفرح، ماذا سينقص على أهلِه إن اقتصر على المُحِبين المُقرّبين، الذين سيفرحون له بقلبِ مُنشرح بإرادة كاملة، واثقين من تشابك الأيدي والمُساندة القلبية المُوحّدة...ماذا سيطولهم من طيفٍ قادم من البعيد، لمُجرّد أنّهم فقط خطّطوا اسمَه على تلك الورقة البيضاء، كي يَرُد لهم دَيْناً كانوا قد وفوه إياه في فرحٍ مضى؟ ليأتي ويُشاركهم بابتسامةٍ بلهاء مُصطنعة أحياناً لأطيافٍ قلّما رآهم سابقاً، وكل هذا فقط لأنه مُجبر ومرغوم على الحُضور لإتقان تنفيذ مبادئ صارمة ومُكلِفة، قيّد بها نفسه كفَرد مُصَنَّف في خانة المُجتمع العربي بالتحديد، والمُخالِف للمَبدأ يُعتَبر منبوذاً شاذّاً لا يمت للإجتماعيات بِصلة!!

التّكلفة والغُربة
لتَعم الأفراح ديار وقلوب الجميع ، ولتكن البسمة حقيقية والتّصفيق قلبي والدّعوة عائلية، كي يَفرح الكل بحَق وصدق دون شعور بالتّكلفة والغُربة، ولتتنائى الأتراح وتغيب عنّا كغياب الشّمس في الشَّفق، ليَسَطع وسط السّماء نورُ قمرٍ وخُيوطُ أملٍ لِحياةٍ أكثر واقع، أقل قوانين صارِمة، غير مانعة للمَحبّة الحقة أن تندثر بين القُلوبِ دوماً سيّان في الأفراح أوالأتراح...

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة