الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 20:02

عيش كل يوم بيومه! / بقلم: د.محمود الخطيب

كل العرب
نُشر: 28/07/13 16:01,  حُتلن: 07:21

د. محمود الخطيب – مدير معهد ستيبس للتفكير الاستراتيجي والنجاح الريادي:

الثمن الذي نتكبده نتيجة لعدم إدارة ميزانية الأسرة لهو ثمن باهظ جدا جدا!

72% من المطلقين كان سبب طلاقهم خلافات على خلفية اقتصادية!

إهمال الوالدين في إدارة ميزانية الأسرة يشكّل مثالا سيئا للأولاد!

واقع:
ظاهرة عدم إدارة ميزانية المنزل لا تقتصر فقط على العائلات الفقيرة! في أيامنا هذه في دولة إسرائيل تقول الإحصائيات الرسمية أن 56% من المجتمع يعيشون في السحب الزائد!، 50،000 عائلة تتأخر كل سنة في دفع أقساط قرض الإسكان، 12,000 عائلة تفتح لها ملفات مصادرة ممتلكات، وأكثر من نصف المجتمع لا يوجد عنده توفيرات للتقاعد.

الأسباب
ما دام الواقع كذلك لماذا لا تدير كثير من الأسر ميزانيتها المنزلية؟ الحقيقة أن هنالك أسبابا كثيرة، السبب الأول هو سبب تاريخي، بمعنى أن ادارة ميزانية المنزل لم تحتج في الماضي إلى مهارات؛ حيث كانت المصاريف معروفة، ولم يكن الموضوع ملحّا، لكنّ الحياة تغيرت ولم تتغير معها النظرة إلى أن إدارة ميزانية المنزل تحتاج إلى اكتساب مهارات وعلم، ولا تنتقل بالوراثة، ولا يمكن اكتسابها بشكل تلقائي من البيئة. أما السبب الثاني فهو التحوّل من استعمال النقود النقدية إلى الدفع بطريقة "الديجيتالي"، والسبب الثالث هو ضعضعة المبنى التقليدي للعائلة، فخروج المرأة إلى سوق العمل وكونها شريكة في دخل الأسرة أدّى إلى أن تتوزع مسؤولية إدارة ميزانية الأسرة على أكثر من شخص، والسبب الرابع هو ثقافة الاستهلاك، والتي تتمثّل بالمغريات وفي تطوّر الدعاية وكثرة المنتجات وازدياد المنافسة على جيب المستهلك، وأصبح الناس يتأثر بعضهم ببعض ويتنافسون في الاستهلاك. والسبب الخامس هو سهولة الحصول على قروض. السبب السادس هو التربية والتعليم، فموضوع إدارة ميزانية المنزل لا يدرس لا في المدارس ولا في الجامعات والكليات ولا في أي مكان، ويوجد إهمال شديد من قبل الدولة والبيت والمدرسة فيما يتعلق بهذا الموضوع.

مستويات
إنّ الثمن الذي نتكبده نتيجة لعدم إدارة ميزانية الأسرة لهو ثمن باهظ جدا جدا. ويمكن تقسيمه إلى عدة مستويات.
أولا، مستوى معيشة الأسرة: مستوى معيشة الأسرة التي لا تدير ميزانيتها بشكل فعال وناجع سيتراجع، وذلك لأنها ستضطر إلى أخذ القروض، ونتيجة لذلك سيترتب عليها أن تقتطف جزءا من دخلها الشهري لدفع الفوائد، وأيضا لدفع الأقساط. يمكن أيضا أن نذكر هنا أنّ الأسرة لن يكون بوسعها أن تتعامل بنجاعة مع التغيرات الاقتصادية التي تحدث معها، مثل أن يتوقف أحد الزوجين عن العمل لسبب ما.

ثانيا، جودة حياة الأسرة تتضعضع: الأسرة ستعيش - كما يُقال في العامية - "كل يوم بيومه"، ولن يكون عندها تخطيط للمستقبل، ولن يكون في قدرتها التعامل مع المفاجآت، وأكثر من ذلك فقدان السيطرة وعدم تحقيق أهداف الأسرة الكبيرة مثل تعليم الأولاد أو بناء بيت.

ثالثا، ثمن اجتماعي باهظ: تردي مستوى وجودة معيشة الأسرة سيؤدي بها إلى أن تتراجع في السلم الاجتماعي- الاقتصادي، وهذا يعتبر ثمنا باهظا.

رابعا، الثمن النفسي: العيش في ضغط وتوتر وهذا سيؤثر على الوضع الصحي، وعلى العلاقة الزوجية بين الزوجين، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 72% من المطلقين كان سبب طلاقهم خلافات على خلفية اقتصادية! طبعا ليس بالضرورة أن يحدث الطلاق، فالحياة في جوّ مشحون يتصدّر معظم أوقاته الجدلُ حول الموضوع الاقتصادي ستؤثر كثيرا على جودة معيشة الأسرة، وستغيّر من الأجندة الاقتصادية لها.

خامسا، تربية الأولاد: إنّ عدم إدارة ميزانية الأسرة بشكل فعال وناجع سيؤدي إلى عدم حصول الأولاد على معرفة في هذا الموضوع المهمّ، وإلى توريثهم نقصا في ثقافة الإدارة بشكل عام، وإلى عدم قدرتهم على وضع حدود لأنفسهم حيث يكون إهمال الوالدين في إدارة ميزانية الأسرة مثالا سيئا للأولاد.

كما قلنا فإنّ الواقع مرير، ومهما كانت الأسباب التي أدت إلى هذا الواقع فإنّ الثمن الذي يُدفع نتيجة لإهمال موضوع مهمّ كهذا هو ثمن باهظ جدا، يحتّم على كلّ منا أن يفكر مليا إن كان مستعدا للاستمرار في دفع الثمن النفسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والأسري مقابل إهماله في إدارة ميزانية الأسرة.

*محمود خطيب - مدير معهد ستيبس للتفكير الاستراتيجي والنجاح الريادي

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net


مقالات متعلقة