الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 13:02

هل تفرط تركيا في مصالحها من أجل الإخوان؟ / بقلم: وفيق السامرائي

كل العرب
نُشر: 26/07/13 22:42,  حُتلن: 23:16

 أبرز ما جاء في المقال:

 تبدو المصلحة التركية مع المعسكر العربي العام في دعم التماسك العسكري المصري ومباركته

كانت تركيا المستفيد الأول من بناء الثقة، إقتصاديًا ومعنويًا كبديل عملي لرفض قبولها في الإتّحاد الأوروبي

تركيا دولة قوية ويمثل استقرارها أهمية قصوى للأمن الإقليمي والتوازنات الدولية، إلا أنها تعاني معضلات لا يستهان بها

أيًا كانت قوة الصّدمة الناتجة عن قيام القوات المسلحة المصرية بعزل الرئيس محمد مرسي، ليس معقولًا، ولا أصدّق أن تجازف القيادة التركية بقبول عقد إجتماع للقيادة الأممية للإخوان المسلمين على الأراضي التركيّة، حتى لو كان الإجتماع خارج نطاق رعايتها. فإجتماع كهذا يضع اللبنات الأولى لسياج عدم الثقة مع الدول العربية عمومًا والخليج تحديدًا، بعد سنوات طويلة من إجراءات تعزيز الثّقة المبنية على مصالح مشتركة وأهداف حكمت الظروف التطابق في الكثير منها. وكانت تركيا المستفيد الأول من بناء الثقة، إقتصاديًا ومعنويًا، كبديل عملي لرفض قبولها في الإتّحاد الأوروبي. كما أنّ القيادة التركية كانت متفهمة لمواقف الدول العربية ومتفاعلة معها إيجابيًا.

تطوّر المعادلات على الأرض
الصّراع في مصر أصبح مصيريًا بين القوات المسلحة والإخوان المسلمين، الذين يرتكبون خطأ إستراتيجيًا آخرًا بالمطالبة بإعادة مرسي إلى الحكم، لأنّ عودته تعني إنتهاء دور القوات المسلّحة المصريّة نهائيًا، ومحاسبة قياداتها وتفكيك عناصر قوّتها وتماسكها، وما يترتّب على خطوات كهذه من تفتيت شامل لكيان الدولة المصرية الموحدة. وإنّ مجرّد إطلاق سراح مرسي قد يكون قرارًا معقدًا للغاية يصعب تبنيه في ضوء المعطيات الحالية، إلا إذا اتّفق على ترحيله إلى دولة تفرض عليه شروط ضيافة هادئة، ومثل هذه الخطوة تعتبر إقرارًا بهزيمة فريق الحكم السابق يستبعد إتّخاذها قبل تطوّر المعادلات على الأرض.

عواطف حزبيّة
ولما كان الوضع هكذا، والنّظام المصري القائم حاليًا يحظى بدعم عربي قوي، وبإقرار أميركي بأنّ القرار العسكري جنب مصر حربًا أهلية مدمرة، فإنّ التّعاطف الحزبي التركي فقد رؤية النجاح بإعادة المعادلات إلى ما كانت عليه، حتى لو تحت مسميات أخرى. فالمسألة أخذت بعدًا لا رجعة عنه، ولم تستخدم القيادة العسكرية حتى الآن عناصر التأثير بالتعاون مع رئاسة مؤقتة مسندة بمقومات قانونية، وحكومة تمثل كتلة بشرية ضخمة. وهذه التصوّرات غير الغائبة عن سياق التحليل التركي تتيح فرصًا لقرار تعاطٍ تركي في ضوء الموقف الإستراتيجي، وليس العواطف الحزبيّة التي بنيت على حالة ظرفية لم تحسب تداعياتها بصورة صحيحة.

تداعيات مكلفة العلاج
لا جدال في أن تركيا دولة قوية ويمثل استقرارها أهمية قصوى للأمن الإقليمي والتوازنات الدولية، إلا أنها تعاني معضلات لا يستهان بها. فالشريحة العلوية منقسمة بين توجّه علماني رافض لنهج الحكم التركي القائم، وبين رافض للدور التركي في سوريا. والتعويل على الإتّفاق مع حزب العمال الكردستاني وإنتقال مسلحيه إلى إقليم كردستان العراق، لا يمكن الإستمرار فيه إذا ما تغيّرت الظروف الإقليمية. فالحلم الكردي أبعد من إتفاق مرحلي لن يكون أكثر تماسكًا من إتفاقات سابقة مع الحركات الكردية المسلحة، والتسليم بقوة الإتّفاق يقود إلى مفاجآت آنية تسبّب تداعيات مكلفة العلاج.

معادلة دقيقة
ولا شك في أنّ العلاقات التركية مع إيران والعراق تمرّ بمراحل أقل ما يمكن وصفها به هو عدم الثقة، فضلًا عن الرؤى المختلفة مع روسيا. لذلك، فإن العلاقات مع الدول العربية تشكل معادلة دقيقة للغاية في حسابات المصالح العليا والأمن الاستراتيجي، والخطأ في الحساب لا يمكن التكهن بتداعياته، مما يجعل الحزن على سقوط حكم الإخوان حالة عابرة، يفترض تجاوزها بحكم المعطيات الموضوعية. ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

إفشال القرار المصري
النظرية التي تثير المخاوف من إنتقال تجربة القرار العسكري المصري إلى القوّات التركية تنقصها المقارنات الدقيقة. فالدور العسكري التركي في تغيير الحكم سبق القرار المصري الأخير كثيرًا، إلا أن الظروف تغيّرت في تركيا، وما يؤدي إلى نقل التجربة هو فقط إستمرار دور تركي في محاولات إفشال القرار المصري، لأنّ دورًا كهذا سيحرّم تركيا من دعم عربي لا يمكن الاستغناء عنه، مع عدم إنكار الثقل التركي في التنسيق مع دول عربية مؤثرة. وأي خلل مهم في العلاقات التركية - العربية قد يشجّع الجيش على الحركة، إذا ما عادت الإحتجاجات الأخيرة إلى المدن التركية.

 المصلحة التركية مع المعسكر العربي
الحقيقة التي لا أريد وصفها بالمرة إخوانيا هي أن حكمهم أصبح مرفوضًا على مستوى البلاد العربية، بعد فشل تجربتهم في مصر، وإصرارهم على البقاء في الحكم تحت خيمة مشروعية إنتخابات حدثت في وقت مضطرب، بينما يتمسّك الطرف الأقوى حاليًا بالشرعية الجماهيرية. ووفق هذه الخطوط تبدو المصلحة التركية مع المعسكر العربي العام في دعم التماسك العسكري المصري ومباركته. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة