الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 10:02

اضراب النقب بين "غمزات" غطاس والواقع /بقلم:برهوم جرايسي

كل العرب
نُشر: 20/07/13 09:47,  حُتلن: 14:18

الكاتب والصحفي برهوم جرايسي في مقاله:

غطاس ما يزال عنصرا فاعلا في الجوقة التي نعتقد ايجابا أنها تتناقص في التجمع ولا شيء عندها سوى مهاجمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي

راح غطاس يُفسر عدم نجاح الاضراب بالضرب مباشرة على الجبهة زاعما أن قيادات في الجبهة الديمقراطية "وبعض رؤساء سلطات محلية" قالوا إن توقيت الاضراب كان خاطئا

وتعلم يا باسل أن صفوف الجبهة والحزب الشيوعي تعتز بأكبر عدد من "خريجي الحبوس والاعتقالات والنفي" على خلفيات الصدام المباشر في وجه السلطة وأذرعها ميدانيا وليس على خلفيات "ألطف يا لطيف"!!

يُنكر باسل غطاس عن سابق اصرار وترصد أن أول اطار سياسي توجه الى لجنة المتابعة العليا بطلب إعلان الاضراب العام لجماهيرنا في اطار معركة التصدي للمخطط الذي يستهدف أهلنا في النقب، كانت الجبهة 

أحجمت منذ 13 عاما تقريبا عن الدخول في مثل هذه النقاشات على الرغم مما مرّ علينا كحزب وجبهة من هجوم أرعن ورخيص وكانت لي الكثير من المحادثات مع من اعتبرهم باعتزاز اصدقاء من قوى أخرى بما فيها التجمع

طلع علينا عضو الكنيست عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي، باسل غطاس، بمقال "يقيّم" فيه الاضراب العام الذي نفذته جماهيرنا يوم الاثنين 15 تموز، من وجهة نظره، ووفق منظوره الحزبي، ولم يكن فيه أية مفاجأة، فغطاس ما يزال عنصرا فاعلا في الجوقة، التي نعتقد ايجابا أنها تتناقص في التجمع، ولا شيء عندها سوى مهاجمة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي.
كان أمل بأن ينجح العاقلون والساعون في التجمع لخلق أجواء وحدوية كفاحية حقيقية بين جماهيرنا، في اسكات هذه "الجوقة"، التي لا تكف عن اثارة النعرات والخلافات والتحريض واشغال الحلبة السياسية في التناحرات الداخلية، وهذا ما ينعكس أحيانا ميدانيا في مشاهد لا تزيد من هيبة نضال شعبنا، خاصة بين مجموعات الشباب المتحمسين.
وعلى مدى سنوات، نقرأ ونتابع وننصح بعضنا في الحزب والجبهة بأن لا ننجر، ولكن كما يبدو فإنه على أثر المشهد غير المريح والمقلق الذي كان في يوم الاضراب من حيث مستوى الالتزام، فقد باتت المهمة اعادة الجماهير الى المسار الكفاحي الطبيعي ورفع جاهزية النضال، وفتح ملف كل المسببات التي تبث حالة الاحباط بين الجماهير الواسعة.

"المرتع الدوحوي"
راح غطاس يُفسر عدم نجاح الاضراب، بالضرب مباشرة على الجبهة، زاعما أن قيادات في الجبهة الديمقراطية، "وبعض رؤساء سلطات محلية" قالوا إن توقيت الاضراب كان خاطئا، ولم يلج غطاس الى أي نقطة أخرى، خاصة غياب قوى سياسية عن يوم الاضراب، ومنها من حاول قبل 36 ساعة من بدء الاضراب العام، الزج بأجندة خارجية أخرى غير مواجهة مخطط الاقتلاع، والقصد مظاهرة كفركنا دعما لمحمد مرسي، فبطبيعة الحال يتجنب غطاس الحديث عن هذا طالما انه يتعلق بالحركة الاسلامية الشمالية، زملاؤه في "المرتع الدوحوي".
ويُثبت غطاس مجددا أنه ليس لديه من يقارع سوى الحزب الشيوعي والجبهة، ويذكرني حرصه هذا على سلامة "المرتع الدوحوي"، بما قال "أحدهم" لناشطين رفعوا العلم السوري الوطني في مسيرة العودة قبل ثلاثة اشهر: "انزلوا العلم فأنتم تُحرجون، وهكذا تمنعون دعم قطر المالي للجنة المهجرين"، حسب تعبير "الأحدهم"، ولا حاجة "لذكره"، وطبعا لجنة المهجرين بريئة من هذا.

المبادرة للاضراب
يُنكر باسل غطاس عن سابق اصرار وترصد، أن أول اطار سياسي توجه الى لجنة المتابعة العليا، بطلب إعلان الاضراب العام لجماهيرنا، في اطار معركة التصدي للمخطط الذي يستهدف أهلنا في النقب، كانت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وهذا أيضا ظهر في خطاب ممثلي الجبهة في كافة جلسات لجنة المتابعة العليا، وكان أكثر من نقاش في اللجنة حول توقيت الاضراب، وحينما أعلن نهائيا بأن يكون في الثامن من تموز، تأجل مرتين حتى استقر على التاريخ.
ولست هنا بصدد نشر لائحة دفاع عن الجبهة الديمقراطية، فلدى الجبهة والحزب أوراق تجعلهما يتهمان ويدينان، في كل ما يتعلق بحالة جماهيرنا العربية في البلاد، فعُد يا غطاس الى مواقع الانترنت والوسائل الاخبارية الأخرى، لترى أي اطار سياسي كان الأكثر فاعلية في الأيام التي سبقت الاضراب، ناهيك عن أن الجبهة كانت في السنوات الأربع الأخيرة، رأس الحربة في الدفاع عن النقب، وفي طرح قضيته على ساحة جماهيرنا، وكانت مدخل السنوات الأخيرة، قرية العراقيب، التي لربما تعرفت على اسمها من خلال حراك الجبهة فيها.
فالنقب لم نكتشفه في غفلة من الزمن، فكنا وما زلنا فيه وكانت معارك ومواجهات، وكان معتقلون، وتجري محاكمات لناشطين ومسؤولين في الجبهة من العرب واليهود، على خلفية وقوفهم في الصف الأول في مواجهة الشرطة وأذرع الأمن، ولكن ليس من اخلاقياتنا أن نجعل من هذه الاعتقالات والمحاكمات بكائيات، ولم ولن نبادر الى حفلات مزاودة على خلفية استعراضات كاراكوزية، فعندنا الناشطين والمسؤولين، وعضو الكنيست الوحيد الذي يحاكم منذ سنوات، لا يرون بأنفسهم أنهم فوق عشرات آلاف الاسرى والناشطين السياسيين الذين مثلوا ويمثلون أمام المحاكم، ويقبعون في السجون.
وتعلم يا باسل، أن صفوف الجبهة والحزب الشيوعي تعتز بأكبر عدد من "خريجي الحبوس والاعتقالات والنفي"، على خلفيات الصدام المباشر في وجه السلطة وأذرعها ميدانيا، وليس على خلفيات "ألطف يا لطيف"!!.
صحيح أن الحصاد الانتخابي للجبهة في النقب قبل سبعة أشهر لم يكن "وفيرا"، وحلت الجبهة في المرتبة الخامسة أو السادسة هناك، حتى بعد "الليكود" و"شاس" ولربما "كديما"، "فأدوات" الجبهة فقيرة، وتعتز بها، ولكن أين ذهبت معالم "الثورة البرتقالية" التي أعلنتموها في النقب، واختفت عن ميادين النقب في يوم الاضراب العام.

يوم الاضراب
لا يمكن لأحد أن يشعر بالرضى عن مستوى الالتزام بالاضراب العام، ولكن الويل ثم الويل لمن يخوّن الجماهير الواسعة، وينظر اليها باستعلاء، فما كان يوم الاثنين لم يكن مفاجئا، بل هو حصيلة تراكمية لأفعال وعوامل دخلت على ساحة جماهيرنا في السنوات الأخيرة، منها تغليب الأجندات الخارجية على أولوية القضية الفلسطينية وقضيتنا الأساس، وبث أجواء التشكيك والتناحرات السياسية بين جماهيرنا كي تنشغل بها، والتعامل مع أداة الاضراب النضالية بشكل غير مسؤول، حتى باتت السلطة تتجاهل أي اضراب نعلنه، فمنذ متى بات الاضراب يقاس فقط باغلاق واجهات حوانيت الشوارع الرئيسية في بلداتنا واغلاق المدارس، في حين أن مئات آلاف العاملين لا يشاركون اطلاقا في هذه الاضرابات.
والى جانب كل هذا، يجب ذكر ظاهرة سمسرة العمل السياسي، ودب أموال الدنس التي خلقت شريحة انتفاعية لا تتحرك إلا بأجر مالي، يُدفع بأشكال وتسميات متعددة، فمثلا، لماذا لم يبادر أحد الى البحث في قضية ارتفاع نسبة التصويت بين جماهيرنا للأحزاب الصهيونية وخاصة الأكثر يمينية وتطرفا منها، في الانتخابات الأخيرة، أليس هذا نتاج حتمي لظاهرة مال الدنس، فحينما يصبح للصوت الانتخابي سعر، فإنه يكون من نصيب من يدفع أكثر، وهذا ما فتح الباب على وسعه أمام أحزاب صهيون.
لا يمكن لأي حزب أو اطار سياسي له حضور في الساحة، ولا التفت هنا الى أحزاب اليافطة الوهمية، أن يبعد عن نفسه مسؤولية الأوضاع في ساحة جماهيرنا، بما في ذلك بيتي السياسي، ولكن المسؤولية التي يتحدث عنها باسل غطاس، تستوجب الرؤية الموضوعية الحقيقية، التي تضع المصلحة العليا لجماهيرنا، ومصلحة القضية الفلسطينية، فوق أي اعتبار وأجندات خارجية، وطبعا أنا أتفهم عدم قدرة باسل غطاس الولوج لقسم كبير من هذه الأسباب..!.
للأسف الشديد، فإن حالة الترهل وأجواء الاحباط، التي لعبت الأسباب السابق ذكرها دورا كبيرا في بثها، قادت الى ما كان الحال عليه في يوم الاضراب، وأوصلت أصحاب الحوانيت الى استنتاج غير مرضي، بأنهم الوحيدون المطالبون بالالتزام بالاضراب، وأنا لا أبرر ولا ادافع، ولكن المطلوب قلب كل الواقع، ليستنتج صاحب المتجر والمصلحة الاقتصادية تلقائيا، بأن عليه الانخراط في قرار الاجماع.
قلقنا يزداد، ونحن نرى أن الاسباب ذاتها وبقوالب اخرى، تقف من خلف جاهزية النضال الشعبي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يثبت وجود دور خارجي "مشترك" يقف من وراء عدد من هذه الاسباب والعوامل.

دور العقلاء
أحجمت منذ 13 عاما تقريبا، عن الدخول في مثل هذه النقاشات، على الرغم مما مرّ علينا كحزب وجبهة، من هجوم أرعن ورخيص، وكانت لي الكثير من المحادثات مع من اعتبرهم باعتزاز اصدقاء من قوى أخرى، بما فيها التجمع، حول ضرورة خلق أجواء جديدة، وإن حصل ما يشوش من جهتنا، هم أنفسهم يعرفون ماذا كان الرد، وآمل من العقلاء وذوي الحس الوطني الصادق من بين اعضاء التجمع، أن يلجموا أي موجة جديدة من الانفلات، كما يبدو يسعى لها باسل غطاس والجوقة التي هو عنصر فيها.
من الممكن أن غالبية جماهيرنا لا تعي بعد حقيقة مستوى الخطر الداهم علينا كعرب، على وجودنا في الوطن، ومن لا يدخل في التفاصيل الدقيقة للحلبة السياسية الاسرائيلية، قد يستبعد أو حتى يستخف، ولكن في واقع الأمر، فإن تسارع وتيرة الانحدار الى حضيض اعمق في السياسة الرسمية، بفعل الوجوه والعقليات التي تسيطر على مقاليد الحكم، فإن شيئا ليس مستبعدا عنهم، وهذا يتطلب منا أعلى مستويات المسؤولية، وأبعد رؤية ممكنة نحو المستقبل، إذا كنا حريصين على مستقبل الأجيال الناشئة.
إن مطلب الساعة هو الوحدة في المعركة العامة ضد كل السياسة الاسرائيلية، لأن التشرذم والتناحرات الداخلية الفارغة، ستكون أساسا لأي نجاح قد تحققه السلطة على حسابنا، وواجبنا الاساس أن نصد ونمنع. 
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة