الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 00:02

مشاهد مصرية بعد الانقلاب/ بقلم: ابراهيم خطيب

كل العرب
نُشر: 18/07/13 13:23,  حُتلن: 07:44

إبراهيم خطيب في مقاله:

الجيش يكون خادماً للشعب من خلال ممثلي الشعب وهم في هذه الحالة أعضاء البرلمان ورئيس الدولة وكل تدخل في الشأن السياسي من قبل الجيش يعتبر تجاوزاً لصلاحياته

مصر لم تخرج من هذه القوقعه فالعسكر لهم مكانتهم الخاصة وتصنيفهم الخاص وحضورهم القوي في المشهد السياسي المصري ولذلك كان هذا الانقلاب العسكري

يبدو أن المشهد المصري مركّب خصوصاً بعد الانقلاب العسكري الذي تم، ومما يجدر ملاحظته في هذا السياق عدة أمور من جملتها:

1- مكانة الجيش في النظام الديموقراطي: في الانظمة الديموقراطية يكون الجيش خاضعاً لسلطة الحكام المدنيين للدولة، ويخضعون لقرارات السياسيين المنتخبين من الشعب، فالجيش يكون خادماً للشعب من خلال ممثلي الشعب وهم في هذه الحالة أعضاء البرلمان ورئيس الدولة، وكل تدخل في الشأن السياسي من قبل الجيش يعتبر تجاوزاً لصلاحياته.
إن أي تدخل أو فرض أجندة من قبل العسكريين على السياسيين كما هو الحال في مصر، يعتبر حكماً للعسكر، ولهذا فإن مصر لم تخرج من هذه القوقعه فالعسكر لهم مكانتهم الخاصة وتصنيفهم الخاص وحضورهم القوي في المشهد السياسي المصري، ولذلك كان هذا الانقلاب العسكري. وعليه فالواجب على السياسيين والقادة في مصر وكل دول الربيع العربي لجم قوة الجيش وجعلها خاضعة لسلطة السياسيين المنتخبين وإلّا لأصبحت الدول محكومة عسكرياً إن كان مباشرة أو بقوة تأثير العسكر كما كان في تركيا وغيرها وهذا يضر بالجميع اسلاميين وعلمانيين وكل شخص يسعى لنظام ديموقراطي او نظام حر.


2- التدخل القضائي: كنت أشرت في مقال لي قبل أشهر عن التدخل القضائي في الشأن السياسي ويبدو أن الأمر يعيد نفسه، فالقضاء المصري ما زال يلعب دور الاداة المقررة في العمل السياسي ويقحم نفسه في صلاحيات تتجاوز عمله، وهو بذلك يكون القيّم على نفسه وعلى الاخرين ويضيع دور باقي السلطات. هذا ناهيك عن استغلال القضاء لتصفية الحسابات السياسية، كما هو متبّع الان بعد الانقلاب العسكري، وبالتالي يجب مراجعة دور القضاء وحدود صلاحياته.

3- الاسلاميون أكثر الاحزاب "ديموقراطية": يظهر مما حدث في مصر أن الاسلاميين هم أكثر الاحزاب والحركات ديموقراطية فتقبلهم لحسم الصندوق وقرار الشعب والإرادة الشعبية المتمثلة بنتائج صناديق الاقتراع وتجاوبهم معها يدل على أنهم كانوا أكثر الاحزاب رعاية واحتراما ً للحرية والديموقراطية خلافاً للأحزاب العلمانية الاخرى التي رفضت نتائج الصندوق وترفض الية الحسم الديموقراطي. ولكن ما حدث في مصر يمكن أن يجعل بعض الاسلاميين يبتعدوا عن الخيار الديموقراطي لعدم جدواه كما رأوا، وبالمناسبة فوارد أيضاً أن يؤثر هذا على الحراك السياسي في مصر وعلى أي انتخابات قادمة محتملة.

4- الصراع الهويّاتي: ما يحدث في مصر يتطور باتجاه صراع هوياتي بشكل كبير فكل علماني هو ضد الاخوان والإسلاميين وكل اسلامي يرى بالعلماني غريماً له بغض النظر عن صدقية ما يطرح، وفي مرحلة بناء الدولة المصرية اليوم يمكن أن يسبب هذا شرخاً كبيراً يؤدي لتناحر كبير إن لم تكن هناك أرضية مشتركة للعمل، والتي يمكن أن تكون بالرضى ومن خلال حسم الشارع في صناديق الاقتراع وقيم الشعب المصري.

5- تصنيف ما حدث كانقلاب عسكري: بغض النظر عن الرضى من أداء الرئيس مرسي من عدمه إلّا أنه لا يمكن بأي حال من الاحوال أن لا يتم تصنيف ما حدث في مصر بانقلاب عسكري، لأن التعريف البسيط للانقلاب العسكري هو أخذ العسكريين زمام السلطة بالقوة. وهنا يمكن أن يقول قائل إن سقوط مبارك ما كان ليتم لولا وقوف العسكر جانب الثوّار المصريين في 25 يناير ولكن هنا يجدر الانتباه الى أن نظام مبارك كان نظاماً دكتاتورياً وليس نظاماً شرعياً منتخباً من الشعب مقابل الرئيس محمد مرسي الذي انتخب ونجح بإرادة شعبية من خلال صناديق الاقتراع وبالتالي فإن تدخل العسكر هو انقلاب عسكري لا يحترم ارادة الشعب. كل هذا لا يمنع أن يؤيد البعض هذا الانقلاب فهذا شأنهم ولكن يجب أن يكونوا منصفين مع أنفسهم ويقروا أن ما حدث هو انقلاب عسكري.

6- المؤيدون لمرسي والحشد الجماهيري: يبدو أن مؤيدي الرئيس مرسي يحتشدون بشكل كبير لعلمهم أن الحشد الجماهيري هو الذي يصنع التغيير (بالإضافة لعوامل أخرى)، ولكن هذا الحشد يجب أن يرافقه أجندة وبرامج سياسية تحركه ويتم وضع برنامج عملي وزمني لمطالب هذه الحشود (كما فعلت المعارضة) لأن هذه الحشود مع الوقت يمكن لها أن تقل.

7- حق التظاهر: من الانصاف القول أن تطبيق حق التظاهر يجب أن ينسحب على الكل فلا يجب منع الاسلاميين من التظاهر ورفع سقف المطالب بإسقاط النظام الموجود كما سُمح للمعارضين لمرسي للتظاهر في ميدان التحرير والمطالبة بعزل رئيس منتخب ولم يستجيبوا للحوار، والحديث عن تعطيل الحركة وشل الاقتصاد فهو حديث فيه ازدواجية لكون هذا ينسحب على مظاهرات المعارضين ولم يتم منعهم من اجرائها، كل هذا مع الحفاظ على أمن المتظاهرين وسلمية المظاهرات.

8- الرئيس بين الدعم الشعبي وشرعية الصندوق: في الديموقراطيات العريقة تهبط نسبة شعبية دعم الرئيس لتصل إلى 20% او 30 % كما حدث مع بوش وغيره ويستمرون في الحكم، مع أن هناك غالبية ضدهم، وينبع ذلك من قبول الشعب بالصندوق كآلية للحسم. كما أن بوش نفسه فاز على كيري بقرار محكمة وعيّن رئيساً بقرار محكمة، مع هذا كان رئيساً لدورتين واختير مرتين وخلالهما كان هناك انخفاض وارتفاع في نسبة شعبيته في فترات حكمه، ولم يطلب أحد أن يعزل فآلية التغيير واضحة.

9- معادلة صفرية: يبدو أن ما يحدث الآن في مصر يسير في اتجاه معادلة صفرية، بحيث أن الربح لطرف هو خسارة للطرف الاخر بشكل مباشر، وكل تنازل من طرف هو مربح للطرف الاخر كل هذا يصعّب من حل المأزق الراهن.

10- الحل: يبدو أن الحل للأزمة المصرية الحالية سيكون صعباً ويجب أن يكون خلّاقاً يراعى فيه خروج حشود ضد مرسي وحشوداً اخرى خرجت مؤيدةً له ويراعى فيه أيضاً بالقطع احترام الية الصندوق والانتخابات الديموقراطية ونتائجها، لأن عدم احترامها معناه أن أي مجموعة تستطيع حشد الجماهير تستطيع اسقاط الرئيس المنتخب وخصوصاً اذا كان معها دعم اعلامي وعسكري ودعم أجنبي، وستسقط الرئيس دون الحاجة لصندوق الاقتراع وهذا سيقود للفوضى.

• الكاتب باحث في مركز الدراسات المعاصرة

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة