الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 15:02

بين هرتسل ومخطط برافر/ بقلم: محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 12/07/13 11:40,  حُتلن: 13:52

محمد كناعنة أبو أسعد في مقالته:
 

عقليّة الاقتلاع وسياسة التطهير العرقي ضد العرب الفلسطينيين لم تتوقف من قبل زُمرة هرتسل على مدار 130 عاماً الماضية في القدس والجليل في يافا والخليل في عكا وحيفا وغزة والمثلث 

حُلم هرتسل تحقّق "ولَو إلى حين" والغُزاة بنوا لَهم "دولة" على أنقاض قبور أجدادنا هدموا مدن وقُرى سلبوا الارض وهتكوا العَرض هدموا المساجد والكنائس نبشوا القُبور طردوا الطفولة 

إلى الاضراب في 15/7  ليكون رسالة الى السُلطة وأذنابها أنَّ النقب ليسَ لِوحدَهُ وبرافر حتماً سيسقط بهمّة أَهل النقب وصمودهم البطولي ورغم كلّ محاولات دقّ الأسافين بينهم إلاّ أنّ "الحق بيّن والباطل بيّن"

قديماً، قبلَ 130 عاماً، في هذا البلد، وعلى أَرضهِ الطاهرة وأَمامَ أَعين الناس، قيادةً وقوى وجماهير، أُقيمت أَول "مستعمرة" صهيونية كولونيالية، هُنا على أرض فلسطين، وكانت "زخرون يعقوب" على أرض زَمارين جنوبي مدينة حيفا على ساحل البَحر الذي أُدخلَ في جوفهِ فيما بَعد مئات ممّن طردوا وأُجبروا على صعود مراكب أَبحرت بهم إلى مجهول الزمان. واستمرَّ مشروع الاستيطان والاستعمار والسلب والنهب في هذا البلد، وما زالَ الأمر على حالهِ، لا بل وأسوء من السابق بدرجاتٍ لا تُعد ولا تُحصى، في مواجهة ما بدأهُ هرتسل في "حُلمه" المشؤوم، خرج الناس البُسطاء إلى الشوارع، حاربوا القادم "الأبيض" لَيسَ لأنَّهُ أبيضاً، بل لأنَّهُ جاءَ حاملاً مشروعاً إقتلاعياً، ولأنَّهُ جاء حاملاً وعداً "إلاهياً" كاذباً فُصّل على مقاسهم، وعداً من بلفور الذي لا يَملُك إلى من لا يَستَحق ولا حقّ لهُ ولو في ذَرّة تُراب من هذه الأرض، وفي خضمّ هذا الصراع بينَ شعب إستشعرَ الخطر وسرطان يزحف، كانت القيادات "الوطنية" تتنازع على من الأولى بالقيادة، ومن الزعيم إبن الزعيم ، وصارت الحِراب في ظهر الشعب وبعض من الأسماء ذهبت الى حضن بريطانيا لتُعينها على أعداءها من الداخل، (والاعداء هنا أبداً ليست الحركة الصهيونية).


مواطنون في دولة المواطنة
وهل غابَ يوماً من رأس أي زعيمٍ من عصابةِ هرتسل هذا، حُلم "نقاء" البلد من الأغيار، وكانت الرُؤية أَن بلداً فقيراً مهملاً متخلفاً بحاجة إلى "شعب الله المختار" ليصنع فيه حضارة، وكانَ شعار هذه الحضارة "أرضٌ بلا شعب لشعبٍ بلا أرض" وخرجَ أبناء الأرض ليقاتلوا، ويقاوموا ويُدافعوا عن أرضهم ووجودهم، عن حَقّهم ليسَ في الحياة فقط، وإنّما عن حَقّهم في السيادة، في تقرير المصير، في دولة مستقلة، وعدالة وحريّة، كرامة ووحدة في الوطن والقضية في الأمة.
حُلم هرتسل تحقّق "ولَو إلى حين"، والغُزاة بنوا لَهم "دولة" على أنقاض قبور أجدادنا، هدموا مدن وقُرى سلبوا الارض وهتكوا العَرض، هدموا المساجد والكنائس نبشوا القُبور، طردوا الطفولة، هجّروا النساء والشيوخ والرجال، بقروا بطون الحوامل، أعدموا الشباب، وعاثوا في الأرض فساداً. وسُبحان الله، في ليلة وضحاها أصبحنا مواطنين في دولة المواطنة، لنا حق التَصويت للبرلمان الصهيوني وحقّ الكلام والصراخ على منبر الديمقراطية والتشريع في برلمان واحة الديمقراطية، حتى وثيقة برافر مُزّقت على هذا المذبح، وكاميرات الرأي العام تصوّر، وتبث للعالم، أرأيتم إلى أي مَدى نحن دولة ديمقراطية، ها هم النواب العرب يفعلون في دولة اليهود ما لا يتجرأ أن يفعلهُ أحد في أي دولةٍ عربية. وأنا أعلمُ جيداً كَيفَ سَتُسحب الخناجر بعدَ هذا الكلام لتَتصَدّى لِمُزاوداتي في الكلام، فالحقيقة مُرَّة .


سقوط برافر بهمّة أَهل النقب
إنّ عقليّة الاقتلاع وسياسة التطهير العرقي ضد العرب الفلسطينيين لم تتوقف من قبل زُمرة هرتسل على مدار المائة وثلاثين عاماً الماضية، في القدس والجليل في يافا والخليل، في عكا وحيفا وغزة والمثلث، وما النقب اليوم إلا إستمراراً لهذا المُسلسل الاجرامي. النقب قد عانى على مدار العقود الستة ما بعدَ النكبة، اولاً من سياسة التجهيل والاقتلاع وعدم الاعتراف والتهجير وما الى ذلك ومن ثُمّ سياسة الاهمال لسنوات طويلة من قبل مؤسسات الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، واليوم نرى أن وقفة الجماهير العربية بقواها السياسية إعتبار أنَّ قضية النقب هي قضية الجماهير العربية، وهذا شعار صحيح ومُبارك، ولن يتوقف حُلم هرتسل وبرافر- بيغن من غير الوقوف صفاً واحداً بعيداً عن المماحكات الانتخابية والصراعات على الكراسي، واعتقد أن الحراكات الشبابية على ساحة الداخل سوف تتمخّض عن مشروع لوأد مشاريع التفرقة، وحراك الشباب هذا قادر على التصدي لمشروع برافر، بالوعي أولاً ومن ثمّ رؤية جذرية لصيرورة التاريخ وحتمِيتِهِ.
إلى الاضراب في 15/7.. ليكون رسالة الى السُلطة وأذنابها أنَّ النقب ليسَ لِوحدَهُ، وبرافر حتماً سيسقط بهمّة أَهل النقب وصمودهم البطولي، ورغم كلّ محاولات دقّ الأسافين بينهم إلاّ أنّ "الحق بيّن والباطل بيّن" ونحن ما علينا إلاّ يمين الولاء للوطن وللأرض والحياة، فعلى هذه الارض ما يستحق "المقاومة من أجل" الحياة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
 

مقالات متعلقة