الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 09:02

تفشي الليبرمانية


نُشر: 10/10/06 19:37

كما أفادت وسائل الإعلام خلال الأسبوع الأخير فإن الخطوات والاتصالات الرامية إلى ضم حزب "يسرائيل بيتينو" إلى الائتلاف الحكومي تكتسب زخمًا وتسارعًا كبيرين. وإذا كانت بعض الشروط الخمسة التي اشترطها النائب اليميني افيغدور ليبرمان للانضمام إلى الائتلاف الحكومي الراهن برئاسة أيهود اولمرت قد عفا عليها الدهر ولم تعد لها قيمة تذكر مثل ما يسمى بخطة "تجميع المستوطنات" أو تفكيك المستوطنات العشوائية (بل على العكس تماما فقد قامت الحكومة خلال العدوان على لبنان بتكثيف البناء في المستوطنات) فإن إسرائيل تعاني في الواقع من أزمة قيادية سلطوية مما يقلقل ويضعضع الاستقرار السياسي ويسهِّل اللجوء إلى استعمال "حجة" تغيير طريقة الحكم ويفتح الباب على مصراعيه أمام دخول اليميني ليبرمان إلى الحكومة.
 
لم نسمع حتى هذه اللحظة أي معارضة لانضمام "يسرائيل بيتينو" إلى الائتلاف من الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي مما يدل على استعدادها وقبولها لضم "يسرائيل بيتينو" إلى الائتلاف الحكومي وهذا يدق ناقوس الخطر والقلق ، مع الإشارة إلى أننا لم نفاجأ من هذه الخطوة بسبب التقارب بين المواقف السياسية للأحزاب المشاركة في الائتلاف وأحزاب اليمين المتطرف ، وخصوصًا على اثر الحرب على لبنان ، بحيث أن التطرف لا يقتصر على حزب يسرائيل بيتينو وإنما يشكل حالة وفكرة حقيقية مهيمنة على الطيف السياسي والاجتماعي والأكاديمي والثقافي في إسرائيل .
ما يدعو إلى القلق الحقيقي ليس فقط كون تغيير طريقة الحكم إلى رئاسية من شأنه تمكين القادة ذوي "الكريزما" والآراء العنصرية في الأزمات من الوصول إلى الحكم ، بل نظرًا لأن حزب "يسرائيل بيتينو" هو حزب يميني متطرف يرفع راية الأفكار العنصرية ويتميز بإزالة الشرعية عن الجماهير العربية وإبداء التوجُّه العدواني إلى التعددية الديمقراطية والتمييز العرقي الإثني والداروينية الاجتماعية.

لقد وضع ليبرمن المجتمع الفلسطيني في إسرائيل هدفا لسهامه الاستفزازية ولحملاته الهجومية المتواصلة والتحريض بالإضافة إلى وضع خطة سياسية عرضت أمام الجمهور على اعتبار أنها البرنامج السياسي لحزبه قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة (التي فاز فيها بحوالي عشرة بالمائة من مقاعد الكنيست) وهو يقترح في هذا البرنامج "الانفصال" عن أم الفحم والقرى والمدن العربية في منطقة وادي عارة ونقلها إلى السلطة الفلسطينية ، مع العلم أن ليبرمن يحوز رصيدًا خطيرًا في التحريض والتفوهات العنصرية بحق الجماهير العربية وقيادتها : حتى حين اشغل وظيفة وزارية في عهد حكومة اريئيل شارون في العام 2001 قال اليميني ليبرمن ضمن البرنامج التلفزيوني "واجه الصحافة" :"أنا لا استبعد خيار الترانسفير. لا داعي للهروب من الواقع. إذا كنت تسألينني ما هي المشكلة الأولى التي تواجه إسرائيل فهي ليست القضية الفلسطينية.. نحن لا نلهو... إننا نرى جميع الأحداث التي تجري في مدينة أم الفحم بما في ذلك التعاطف والتضامن مع أسامة بن لادن ومنظمة حزب الله وجميع أعداء إسرائيل. هل اعتبرهم مواطني دولة إسرائيل ؟ لا! هل سنضطر لتصفية الحساب معهم؟ نعم! سيضطر العرب للبحث لأنفسهم عن مكان آخرون يلجأون إليه".

ولا يكتفي اليميني ليبرمن بالأقوال التي يطلقها بل أطلق قبل تنفيذ عملية الانفصال حملة دعائية عنصرية لـ "يسرائيل بيتينو" ضد أم الفحم اعتمدت على تعليق لافتات كبرى في الشوارع تدعو إلى "الانفصال" عن أم الفحم في نطاق المشروع الذي ابتكره فكره الحاقد لتبادل مناطق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وخلال الخطاب الذي أدلى به من على منبر الكنيست في شهر أيار قال اليميني ليبرمن انه يجب استنفاد القانون مع أعضاء الكنيست العرب "الذين يتعاونون مع العدو ويلتقون مع زعامة حركة حماس". وقال كذلك: "في نهاية الحرب العالمية الثانية تمَّ إعدام ليس فقط المجرمين وإنما أيضا المتعاونين معهم في محاكم نيرنبرغ. نأمل أن يكون هذا مصير المتعاونين من النواب العرب مع حماس".

إن فكرة الترانسفير ليست بجديدة غير أن إضفاء الشرعية عليها من خلال تواجد ليبرمن في الحكومة ومقارنة العرب مع النازية تشكل تهديدًا صريحًا ومباشرًا للجماهير العربية في البلاد. إن هذا التهديد يثير الخوف الحقيقي لدى كلّ من يؤمن بالمفاهيم الإنسانية للعلاقات بين البشر ويشكل ناقوس خطر يقض مضاجع كافة المواطنين.

وفضلا عن ذلك، فإن استطلاعات الرأي تدل على استفحال التطرف والتوجهات العنصرية بين الجمهور اليهودي وانحسار مكانة المواطنة في نظر اليهود للمواطنين العرب. في استطلاع لمركز مكافحة العنصرية تمَّ نشر نتائجه في شهر آذار الماضي أعرب 40% من الجمهور اليهودي الإسرائيلي عن موافقتهم على "يجب على الدولة تشجيع المواطنين العرب على مغادرتها". ودلّ بحث آخر أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية بعد شهرين : رغم انقضاء وقت قصير للغاية إلا انه طرأ ازدياد كبير على نسبة مؤيدي هذا الموقف المعادي للجماهير العربية بحيث بلغت 62%.

إن إعطاء الشرعية للأيديولوجية والألفاظ والخطوات العنصرية العنيفة من خلال ضم الليبرمانية إلى الحكومة  يبث رسالة سلبية وتهديدًا للمجتمع العربي في البلاد ويضع في متناول اليميني ليبرمن موارد عامة وشعبية تساعده على إخراج مخططاته المشبوهة إلى حيز التنفيذ.

لا شك أن السياسة الخارجية التي تنتهجها إسرائيل وخصوصًا تجاه الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة تفتقد أي أفق سياسي وتعزز القمع والاحتلال ، وسياساتها تجاه المجتمع الفلسطيني في الداخل تعمق التمييز المنهجي المتواصل منذ سنين ، وبالتالي فإن ضم ليبرمن من شأنه أن يشعل المنطقة وان يوصل إلى سدة الحكم شخصًا عنصريًا خطيرًا كما حدث في أوروبا في القرن الماضي.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.68
GBP
234931.71
BTC
0.51
CNY