الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 18:02

عَسافوبيا- نجم جعلَ متابعة البرنامج ذات نكهة وطنية/ بقلم: محمد كناعنة

كل العرب
نُشر: 04/07/13 10:27,  حُتلن: 12:36

محمد كناعنة في مقاله:

البعض من مشايخ الطريقة حرّموا التصويت له وبعضهم اعتبرهُ بطلاً "قومياً" وراح السجال الى مقارنات في الحشد من اجل الاسرى مقابل الحشد لصالح محمد عساف

المتأسلم التافه الذي نشر في صفحتهِ على الفيس بوك : " يا رفيق وانت تعلي الكوفية ما تنسى ترفع بنطلونك الساحل". لهُ نقول هذا الشعب انجب الرفاق والمجاهدين جنبا الي جنب

نجاح هذا الشاب وصوته الجميل وإطلالته الطيبة جعلت منه نجماً محبوباً ولكن التعاطي مع المشهد كان فيه الكثير من المبالغة حدّ الفوبيا جنون الناس في الرفض والدعم وحرب الكلمات والمزاودات بلغ حداً "مزعجاً"

تابعت برنامج ما يُسمى بمحبوب العرب في سجن شطة وكان محمد عساف إبن غزّة قد لفتَ انتباه زملائي في الزنزانة وطلّتهُ الأولى سرقت مني إنتباهاً ولا أدعي هنا أنني كنتُ على علم بمستقبل هذا الشاب ولكن كونهُ إبن غزة جعلَ متابعة البرنامج ذات نكهة وطنية من كل نُزلاء السجن

على مدار سنوات خَلَت، كان لي داخل السجون نقاش وموقف من البرامج الاستهلاكية المُستوردة من الغرب المُتوحش جشعاً فهذا الغرب بمنظومتهِ الرأسمالية وشركاته الاحتكارية باتَ يستثمر في كل شيء قد يُدخل الربح الى خزائن الطُغمة المالية، عائلات تُعد على أصابع اليد تتحكّم باقتصاد الولايات المتحدة وبضعُ عشرات يتحكمون باقتصاد العالم، فمنهم من تبلغ ثروته ميزانية بلد مثل الاردن على مدار عام كامل.
البرامج كثيرة ومتعددة، وأزعُم هنا أنّ هذه البرامج والتي تبدو رائعة في شكلها، ذات طابع ذو وجهين : ألاول استهلاكي بَحت، وهذه التي تعرض على شاشات فضائيات القَهر العَربي هي من نتائج العقلية الاستثمارية الامريكية بالتحديد وبالتالي من نتاج شركات هذة المنظومة، وهذا ينقلنا الى الوجه الثاني، وهو ذو صلةٍ بواقع المجتمع العربي و المجتمعات المقهورة سياسياً واجتماعياً، أن ترى الملايين تتحلّق حول التلفاز، يتابعون برنامجاً ما من على شاشة عاهرة، صاحبها وصاحبهُ وصاحب صاحبهُ يغتصب إرادة شعبه.

السلاح بأيدي أنظمة الظُلم والظَلام
الوجه الثاني وهذا هو الأخطر، إنه السلاح بأيدي أنظمة الظُلم والظَلام، سلاح تخدير الشعوب، فضائيات يمتلكها قادة وأُمراء الخليج وأبناء عشيرة خائن الحرمين، وجُلّها تُجيّر للتحريض الطائفي والمذهبي، فكيف لهذا ان يستوي مع ذاك، وانا اتحدث هنا عن برامج تبدأ من بطولات كرة القدم ودروس في الدين والعبادة ولا تنتهي عندَ مُسابقات الجمال التي تُهين المرأة وتتعامل مع جسدها كسلعة للعرض والتسويق والتشويق.
وفي نقاش الأسرى حول هذه البرامج، لا ألوم من يتابع في زنزانته برنامجاً قد يقتُل بعضاً من الوقت الهارب من عُمرهِ خلفَ القُضبان، وقد يُدخل الى قلبه بعضاً من الفرح في لحظات طويلة من القيد، وأُدرك جَيداً معنى البحث في الاسر عن مُتنفّس يُبعدُ روتين السجن عن السجن ذاته، والبحث عن كوّة يهرب من خلالها الأسير ولو للحظات من الانقطاع الفعلي الجَسدي عن واقع الحياة، فالاختلاف مع النَهج المُنغمِس بهذه البرامج حتى النخاع والدفاع عنها وكأنها برامج وطنية، وهذا ما يبعث على شَق روح الأسير الصدامية وتحويله إلى مُستَهلك غَير مُكتَرث، هذا نقاش كانَ وما زالَ قائماً، داخل وخارج جدران السجون، وشهدت الساحة الفلسطينية نقاشاً حاداً في مسيرة البحث عن إنتصار. تابعت برنامج ما يُسمى بمحبوب العرب في سجن شطة، وكان محمد عساف إبن غزّة قد لفتَ انتباه زملائي في الزنزانة، وطلّتهُ الأولى سرقت مني إنتباهاً ، ولا أدعي هنا أنني كنتُ على علم بمستقبل هذا الشاب، ولكن كونهُ إبن غزة جعلَ متابعة البرنامج ذات نكهة وطنية من كل نُزلاء السجن ، وهكذا تدرّجَ الموهوب الفلسطيني، والذي كان صاحب صوت جميل قبل ( أرب آيدل) ولَهُ الأُغنية المشهورة "علّي الكوفية".. ولتصبح نجماً عليك ان تمرّ من بوابة المستثمر الجشع في أل- إم.بي.سي وغيرها من فَضائيات العُهر.

جنون الناس في الرفض والدعم
نجاح هذا الشاب، صوته الجميل -وأنا أعشق هذا الصوت- إطلالته الطيبة جعلت منه نجماً محبوباً، ولكن التعاطي مع المشهد كان فيه الكثير من المبالغة، حدّ الفوبيا، جنون الناس في الرفض والدعم، وحرب الكلمات والمزاودات بلغ حداً "مزعجاً" ، البعض من مشايخ الطريقة حرّموا التصويت له وبعضهم اعتبرهُ بطلاً "قومياً" وراح السجال الى مقارنات في الحشد من اجل الاسرى مقابل الحشد لصالح محمد عساف، والمقارنة ،بعيداً عن المزاودة هي صحيحة الى أبعد الحدود، وقد تابعت بعض الهجوم على هذه المقارنة من شخصيات "وطنية وقومية" على الفيس بوك، وكأن مجرد وجودهم في هذا التيار يسمح لهم إطلاق قذائف المزاودة على من قارن بين دعم محمد عساف ودعم الاسرى وجلّ هؤلاء لم يخرجوا لنشاطات الاسرى في عقدٍ او اثنين من الزمان . 

الدفاع عن الاقصى والقيامة
نعم من حقنا ان نفرح ونفتخر بهذا الصوت الرائع الجميل الذي حاز على اعجاب الملايين، ولكن ان نستسلم امام هذه الفوبيا بالتعامل مع هذه الظاهرة الجميلة، فهذا خطأ، وقد كنت صادقا عندما رفضتُ ان تسافر ابنتي الى حفلات هذا الشاب وشرحت لها السبب وحينَ شاهدت بام عينها حفلة رام الله، مشهد يخزي العين الناظرة، جاءت ابنتي وابتسامة تختبيء خلف ملامح وجهها تقول لي: شُفت حفلة عساف؟ اجبتُ بخُبث: ما رأيك انت؟ فقالت : كيف عرفت شو رح يصير؟ والاجابة على هذا السؤال ليست للنشر !
ولذلك المتأسلم التافه الذي نشر في صفحتهِ على الفيس بوك : " يا رفيق وانت تعلي الكوفية ما تنسى ترفع بنطلونك الساحل". لهُ نقول، هذا الشعب انجب الرفاق والمجاهدين جنبا الي جنب ، في الفرح والموت، في الدفاع عن الاقصى والقيامة، من ايام صلاح الدين وعيسى العَوام وليس انتهاءً بالشيخ عز الدين القسام ورفيقه في السلاح حنا شنّودة، وجورج حبش، واحمد ياسين، اذهب عنا وارحل عن فرحنا، فَستبقى الكوفية الفلسطينية عالية حتماً .

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة