الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 04 / مايو 18:02

صيف هذا العام/بقلم:وحيد عياشي

كل العرب
نُشر: 02/06/13 22:24,  حُتلن: 08:44

وحيد عياشي في مقاله:

ليس الموت فقط واقف في سوريا كالأصنام إنما الوقت ايضا فهو متسمر وكأنه مزامير داوود لا يقبل التمييع او الجمود

فعمر النهار في الصيف يظهر اكثر على وجوه البنائين في ورشات العمل وعلى تشققات ايدي المزارعين في الحقول والبساتين

أحب الصيف كثيرا وأنتظر بتلهف دائما حلوله هذا لا يعني وليس في المقصود تبرير إمتعاضي وعدم إرتياحي من برد الشتاء او مجرد تسجيل مخالفة إحيانا لرأي الزوجة

إن صدقت رياح الشمل فسيكون حزيران مثقلا بصور ومشاهد يغلب عليها لون الدم الطازج لأشخاص سوف لن أعرفهم لا بالاسم ولا بالعين ولكني سأكون متأكد من مدى الألم ودرجة الوجع الذي سيلف أشلائهم

ماذا ينتظر الوقت في سوريا وماذا يبقيه هكذا قاعدا على نفس الحال؟ فمناخ المحيط الكبير واحد لا شمال له ولا جنوب لا شرق فيه ولا غرب انه مفتوح وجاهز على كل الأصعدة ولشتى الإحتمالات إلا الحلم المنشود والأجواء ذاتها مبسوطة للمغامرة والمقامرة إلا على التبعية والعوز والطوق العربي الشاسع للوطن في ترقب

يكون الوقت اصغر من حبة ليمون يافعة عادة في موسم الصيف من كل سنة وذلك لقلة سعة الوقت المباح لقصص الحب التي بدأت في الربيع ولضيق المساحات لضل الشمس الذي اضحى يطول ويمتد على جدران المنازل وعلى الطرقات الخالية من المارين.
فعمر النهار في الصيف يظهر اكثر على وجوه البنائين في ورشات العمل وعلى تشققات ايدي المزارعين في الحقول والبساتين. اما في الليالي فالساعات خفيفة وتنسل من أمام الساهرين كما ينسل اللص من بيوت الغاطين في النوم العميق والعصافير تبقى متيقظة على الأغصان وأسطح البيوت لأن قطط الشوارع لا تشفق على فراخها الصغيرة في العتمة ولا تبالي بجرح السكون.

عشق الصيف
وبعكس زوجتي أحب الصيف كثيرا وأنتظر بتلهف دائما حلوله هذا لا يعني وليس في المقصود تبرير إمتعاضي وعدم إرتياحي من برد الشتاء او مجرد تسجيل مخالفة إحيانا لرأي الزوجة. بل لان الصيف يحمل بالنسبة لي مدلولات خاصة لها علاقة وثيقة بنسق العيش الرتيب ومباشرة الحياة الممتنعة في فضاء الصيف فبنظري هو يمثل روح وطيف يكون فيه لون البحر اكثر زرقة وقرص الشمس يغري النساء على إرتداء حليها من الذهب الخالص في الأفراح اما العازبات من الجنس اللطيف فيحاولن أن يبدين كشجر الحور يانعات وباسقات يتمايلن مع نسائم الصباح الندية اسفل الوادي ولأنه مدى للشاعر المتوجس وسقف للعاشق الحاضر الغائب عن الدنيا وعيون للعابد المتأمل عظمة الخالق.
اعشق الصيف ولأن نجومه أقرب الى القمر في الليالي ورائحة العطر تبقى أكثر في الأجواء أصدق كل أحاسيسي الآتية من صفحات الكتب الرومانسية المكدسة في مكتبتي لكتاب غادروا الدنيا اسفين ولكن ومع صدق إنسياب الكلمات على هذا المشهد من الأوصاف أجده في نفسي ثقيلا هذا العام وبطيئا بعض الشيء وذلك لأن الرياح الآتية من الشمال تهمس لحزيران القريب كلام مبهم حول تردي الأوضاع في المنطقة يشتم منه رائحة الدخان والدم وبأن هذا الوميض الساطع من بعيد والذي يتراءى كأنه أمل ما هو إلا إنعكاس لضوء الشمس على هيكل طائرة حربية تحوم وتدور وتحلق فوق هدف تجده حاضرا لنيرانها الحارقة.

بؤساء الارض
إن صدقت رياح الشمل فسيكون حزيران مثقلا بصور ومشاهد يغلب عليها لون الدم الطازج لأشخاص سوف لن أعرفهم لا بالاسم ولا بالعين ولكني سأكون متأكد من مدى الألم ودرجة الوجع الذي سيلف أشلائهم فالموت كان من يكون ساكنه وكيفما حل لا تضيره الشكليات ولا تنفع عنده الناحبات الموت هو الموت حضرناه في فلسطين بشعا ولم يزل في العراق ايضا لكنه خذل أهله وإنقلب عليهم ثم عندما سافر الى تونس إستقبله بؤساء الارض الى أن حلق في سماء مصر فاشتكى الفراعنة موسى الى اله الطقوس العبرانية ففلق لهم البحر وعند توقفه في ليبيا تيقن أن الجنون ضروب وفنون فجاب اليمن التي أضربت عن إجترار القات والقبلية وها هو اليوم واقفا وقفة الأصنام في سوريا لا حراك وبلا حراك سوى طوابير النازحين وتكبير المقاتلين بإتجاه المجد المفقود ولا سبيل في دائرة الفوضى يفضي الى الماضي القريب.

مزامير داوود
ليس الموت فقط واقف في سوريا كالأصنام إنما الوقت ايضا فهو متسمر وكأنه مزامير داوود لا يقبل التمييع او الجمود. ماذا ينتظر الوقت في سوريا وماذا يبقيه هكذا قاعدا على نفس الحال؟ فمناخ المحيط الكبير واحد، لا شمال له ولا جنوب لا شرق فيه ولا غرب انه مفتوح وجاهز على كل الأصعدة ولشتى الإحتمالات إلا الحلم المنشود والأجواء ذاتها مبسوطة للمغامرة والمقامرة إلا على التبعية والعوز والطوق العربي الشاسع للوطن في ترقب، هل طرأ أمر ما في مضارب العرب أخجل بلاط الامويين وأعجز لسان عاقدي المصالح من الطامعين ؟ ولأن الصيف لا يزال فجا والفضاء العربي مفتوحا للغياب وللسيناريوهات الهولوودية المترفة أمسك عن الأجابة والقطع وفي الأثناء سأبقى مشغولا كغيري في مراسيم الزفاف اتنقل من مائدة شهية الى اخرى اشهى مسحورا بفواكه الصيف الوفيرة والجد لذيذة علها تنزع من فم الراوي كل اثر لترياق النشاز من أوتار العازفين ألحان الربيع العربي وتمحو أطنان الغبار المتراكم من على ذهن كل مراهن على أن النص المقدس لا يقبل أكثر من قبيلة وطائفة وبأن يد القدر تشد وترخي حسبما تملي عليها قوانين لعبة الكبار أصحاب السمو والغلو في الواحات العربية فلا باب ينفذ الى حزيران والأمل الأ حر الصيف ووجوم الحالمين برقصة في عرس على مسطح مستوي وثابت يتحمل نزق حصان عربي كثيف الشعر عند الرقبة وأسفل الذيل يعلو صهوته شاب اسمر البشرة بني العينين لا يحلم سوى بأخذ عروسه الى شهر عسل بعيدا عن طوابير النازحين وبمنئى من خيام لمخيم لاجئين أقيم حديثا صيف هذا العام.

كابول
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة