الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 11:01

صاحبة الجلالة بلا هدوم ودور إعلامنا المحلي وحالته/ بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 15/05/13 13:12,  حُتلن: 16:18

وديع عواودة في مقاله:

ضعف المراسلين بالتعبير بلغة الأم لحد الخلط بين التاء والهاء وبين الظا والضاد

في هذه الأيام نحن في خضم مرحلة ثالثة من مسيرة الإعلام المحلي منذ 1948 ومن أبرز سماتها تراجع كبير للصحف المطبوعة لصالح مواقع الانترنت

المراسل يخرج لتغطية الحدث ولا يعرف ما هي واجباته ودون أدوات تعينه على رصد الموجود والمفقود وعندها يعود بلا "صيد" حمولته بمعظمها قش دون حبوب نافعة

تستغل هذه المؤسسات وغيرها ضعف الصحفيين والتحرير لتسويق مزاعم فيها الكثير من الغلو والتبجيل والتضليل والأكاذيب الهادفة لطمس حقائق يتعطش لها الجمهور

إزاء التطورات المتواترة في كل المستويات تطفو مجددا أسئلة هامة حول وسائل الإعلام العربية في البلاد، مسيرتها، تطورها وواقعها بين الموجود والمنشود. بعد تدمير المؤسسة الصحفية الفلسطينية في نكبة 48 وإغلاق صحفها اليومية (فلسطين،الدفاع والجامعة الإسلامية) ومجلاتها الكثيرة خلت الساحة (باستثناء صحيفة الاتحاد الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصادرة منذ 1944 ) لوسائل إعلام ناطقة بلغة الضاد لم تكن سوى بوقا لإسرائيل.

انطلاقة جديدة
شهدت سنوات الثمانين بداية انطلاقة جديدة مع ظهور الصحف العربية المستقلة ونجحت بعضها بإنتاج مواد صحفية هامة ومفيدة على مستوى النقد والثقافة العامة والترفيه وغيره. في هذه الأيام نحن في خضم مرحلة ثالثة من مسيرة الإعلام المحلي منذ 1948 ومن أبرز سماتها تراجع كبير للصحف المطبوعة لصالح مواقع الانترنت. إضافة لعدة مواقع إخبارية مركزية هناك مواقع محلية في كل بلدة عربية وكافتها تشغّل بشكل عام مراسلين يحملون كاميرا مهمتهم التقاط صور بالدرجة الأولى. هؤلاء يعملون بشروط عمل قاسية دون إعداد وتهيئة وتأهيل. الكثير من هذا الرعيل الصحفي الصاعد لم تسعفه الدراسة في جامعة أو كلية نتيجة قلة التعّلم العملي واستنكاف أماكن عملهم عن تدريبهم وهذا يعكس قصورا وقصر نظر، ونظرة قادة وسائل الإعلام الإلكترونية هذه من محررين ومدراء.

يكتب ولا يقرأ
ولا يعدم جيش المراسلين أنفسهم الخلل الذاتي فهم بغالبيتهم يكتبون أكثر مما يقرأون، يبلغ ضعفهم بالتعبير بلغة الأم لحد الخلط بين التاء والهاء وبين الظا والضاد. في مثل هذه الحالة يخرج المراسلون للميدان مثلهم مثل الجنود المندفعين لساحات الوغى وبنادقهم كالعصي بلا ذخائر. يخرج لتغطية الحدث ولا يعرف ما هي واجباته ودون أدوات تعينه على رصد الموجود والمفقود وعندها يعود بلا "صيد" حمولته بمعظمها قش دون حبوب نافعة. يرجع دون خدمة المهمة المنوطة به بل يتعرّض للاستغلال والتغرير به فيأتي بما يجافي الحقيقة وبما يخدم من هم ليسوا جمهور هدفه، المجتمع. ومثلما يستطيع أحدهم تعزيز قدراته اللغوية والبيانية بقواه الخاصة، بمقدوره العمل على التمكين الذاتي من الناحية المهنية في حال توفرت الرغبة بالتطور وتحسين الأداء.

خطر محدق
وبالأساس يتجلى الخطر المحدق بهذه المواقع الإخبارية العربية وبنا بتراجع النقد فيها لحد الغياب الكامل أحيانا مقابل تصاعد قوة العلاقات العامة في الأحزاب،الجمعيات الأهلية والسلطات المحلية. تستغل هذه المؤسسات وغيرها ضعف الصحفيين والتحرير لتسويق مزاعم فيها الكثير من الغلو والتبجيل والتضليل والأكاذيب الهادفة لطمس حقائق يتعطش لها الجمهور الذي يجد نفسه أمام هذه المؤسسات مباشرة دون واسطة (ميديا) وبلا مصفاة. عندئذ تكون النتيجة سيل من مواقع إخبارية يكاد ينحصر أداؤها بنشر ألبومات صور من فوقها ثلاث عبارات ونصف بكل عبارة فيها خطأن، أو بيان يرد دون تدقيق وفرز للحب من التبن.

الرقابة الذاتية
ينم هذا الخلل عن عجز مهني وعن هيمنة الرقابة الذاتية بدلا من الرقابة الحكومية التي لم تعد موجودة، نتيجة قلة الحرفية، ضعف الخطاب النقدي وفقدان الشعور برسالة المهنة ومن باب "حيّد عن ظهري بسيطة". بمثل هذه الحالة تزداد الأوضاع السياسية والاجتماعية سوءا وتستفحل مظاهر الفساد على أنواعه ويتمادى اللصوص والسماسرة داخل السلطات المحلية باعتبارها "بقرة حلوبا" فهم باتوا بلا حسيب أو رقيب بعدما غطت "صاحبة الجلالة" في نومها وبعدما نامت نواطيرها.

المسيرة السياسية
أما السياسيون فمعظمهم لا يتردد بنشر فتوحاتهم بآخر موقع هابط بل تكاد تدفعهم نرجسيتهم لنشر بياناتهم وصورهم على أوراق الشجر ولا كان إعلامنا أكثر قوة لما سادت الفوضى فعالياتنا السياسية لهذا الحد كما يتجلى في " المتابعة" وانتخابات الكنيست وسلوك الأحزاب والنواب. للصحافة المهنية قدرة على المشاركة في تحديد الأجندة العامة وتصويب المسيرة السياسية بكل الأبعاد من علاقتنا بأنفسنا وشعبنا وأمتنا ،أهداف ووسائل ومجمل سلم أولوياتنا.
ما يزيد طينتها بلة هو الجمهور نفسه الذي تقبل أوساط واسعة منه،منهم مثقفون، على توجيه الانتقاد لمواقع " مضحكة " وبنفس الوقت لا تتورع عن تصفحها والنشر فيها دون أي إبداء احتجاج، توجيه أو انتقاد مهني شفهي أو خطي. يقرأون عن خروف برأسين أو دجاجة بأربعة أرجل، يشبعون رغبتهم " بالترفيه" وما يلبثون توجيه الانتقادات لهذه المواقع في المجالس الخاصة فقط بأحسن الأحوال، وباليوم التالي ينشرون مقالات وبيانات فيها. ويشارك فقدان التفاعل النقدي للقراء في تكريس أزمة الكتابة الصحفية. ورغم دورها الهام والمفيد لنا جميعا ينطبق بعض هذا على إذاعة " الشمس" أما مركز "إعلام" فجهوده ينبغي أن تنصب أيضا على الدائرة المحلية بالأساس وعلى التدريب والتمكين الفعلي والمتواصل حتى نشعر فعلا أنه بيت للصحفيين العرب.

الشمس
ورغم دورها الهام والمفيد لنا جميعا ينطبق بعض هذا على إذاعة الشمس خاصة بما يتعلق ببعض مقدمي برامجها وبشبكة مراسليها في الميدان وتمكينهم وبزيادة حرية التعبير داخلها وفي أروقتها. قريبا تحتفي الإذاعة بعشر سنوات على تأسيسها ونحن ننتظر تعزيز برامجها ومهننتها وسط تخل عن برامج جلها ثرثرة . ما يزيد هذه الحاجة إلحاحا أنها لا تعمل في فراغ وباتت " صوت إسرائيل " بالعربية تشكّل تطرح حقيقيا لها من الناحية المهنية رغم الفارق الكبير في المنطلقات والهوية.

إعلام
حتى الآن ورغم الجهود المباركة ما زال مركز " إعلام " بعيد عن المساهمة المشتهاة في تمكين العمل الصحفي العربي المحلي. على سبيل المثال بمناسبة يوم الصحافة العالمي كان من الأجدر بالمركز تنظيم ندوة عما ذكر بدلا من استضافة مراسل إسرائيلي زار سوريا لتغطية أحداثها . صحيح أن اهتمام المركز يشمل الدوائر العربية والإسرائيلية والدولية (نحن نحتاج لتواصل صحفيينا مع زملائهم الفلسطينيين والعرب والأجانب) لكن جهوده ينبغي أن تنصب أيضا على الدائرة المحلية بالأساس حتى نشعر فعلا أنه بيت للصحفيين العرب.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة