عبد القادر ابو ناصر:

الجنود قاموا بمحاصرة القرية من الجهات الثلاث وتركوا الجهة الشمالية مفتوحة بهدف هروب الناس منها

 قام الجنود اليهود وجمعوا الناس على البيادر وقالوا لنا معكم 24 ساعة للخروج من القرية والا فانه سيتم اعدامكم

في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني والتي تصادف يوم غد 15 نيسان تعود الذكريات التي لم ولن يمحوها الدهر مهما تعاقب ويمر الشريط في المخيلة كلمح البصر مثقلة بآلام واحزان تلك الليالي الظلماء. 

عبد القادر ابو ناصر (ابو محمد) يبلغ من العمر 77 عاما ابن قرية صفورية المهجرة، ومن سكان حي الكروم في الناصرة وله ست بنات وثلاث ابناء، يقول:"انا ابن صفورية، وعندما كان عمري 12 سنة تم تهجيرنا من مسقط رأسي. وقد كان عدد سكان قرية صفورية في العام 1948 اكبر من عدد سكان الناصرة وكان فيها مسجد واحد فقط كنا نتردد عليه". ويضيف:" عندما كانت تقصف الطائرة القرية كنت أراها واتذكر انها كانت منخفضة جدا وبدأت القصف في حي الجامع، الأمر الذي أخاف اهل القرية وملأها هلعا وفزعا ليلاً، فالكثير منهم هربوا والجنود قاموا بمحاصرة القرية من الجهات الثلاث وتركوا الجهة الشمالية مفتوحة بهدف أن تهرب الناس منها بإتجاه سخنين وعرابة وديرحنا وبالذات تجاه لبنان".

تهجير وترحيل
وأضاف أبو محمد:"عن عائلتنا أذكر أننا اغلقنا باب البيت وبقينا بداخله حتى الصباح كنا انا وامي ووالدي واخي الصغير وعندما تجوّلنا صباحًا وجدنا بيوت القرية فارغة من أهلها ونحن لم نخرج ولم نتزحزح من القرية، وصادف والدي الجنود في أحد احياء القرية ووجهوا فوهة الرشاش على المجنزرة تجاهه واضطر للوقوف ورفع يديه للأعلى مستسلما، وعندما سألوه عن سبب بقاءه في بيته اخبرهم انه مضطر للبقاء في بيته، وكنا نظن اننا نحن الوحيدين الذين بقينا في القرية، وتبين فيما بعد أن بعض العائلات الأخرى بقيت أيضا داخل منازلهم، وبقينا ست شهور بالقرية محاصرين ولا نستطيع مغادرتها، عشنا على ابسط الامور من المأكل والمشرب، وبعد فترة قام الجنود اليهود وجمعوا الناس على البيادر وقالوا لنا معكم 24 ساعة للخروج من القرية والا فانه سيتم إعدامكم، فتساءل الناس اين سنذهب، فكان رد الجيش: اختاروا اي بلدة تريدون. ونحن اخترنا عيلوط ومكثت مع عائلتي في عيلوط 20 عاما حتى تزوجت بفتاة من عيلوط ومن ثم انتقلت الى الناصرة وقدّر الله لنا ان مكثنا في حي الكروم اما بالنسبة للعائلة فقد تقطعت بنا السبل فعمي وعائلته هربوا الى نهر البارد في لبنان، وقبل 30 عام التقيت بابن عمي هنا عندما تمكّن من زيارة البلاد ولكني لم التقي بأحد غيره من العائلة".

هدم القرية
ويضيف ابو ناصر: "أرضنا كانت قرب مفرق "هموفيل"، حيث كنا نمتلك الكثير من الاراضي وفي مواقع مختلفة وهي عبارة عن بساتين نزرعها بالرمان وملوخية وباذنجان وبندورة وغيرها من الخضراوات وكنا عائلة مرتاحة مادياً، ومبسوطين، الا أنّ الارض تلك وقعت تحت سيطرتهم، ولم يتبقى أرض لأحد من القرية وتمّ هدم القرية كليا ما عدا دير الراهبات وهو المقام منذ الإنتداب".

الترحيل القسري
ويروي الحاج عبد القادر ابو ناصر:" احد سكان قرية صفورية كان يملك دكانا كبيرا قبل النكبة وكانت تحتوي على اغراض كثيرة وليس لها مثيل وبعد تهجير اهل القرية انقض عليها الجنود وسرقوا كل محتوياتها كون ان الاغلبية قد هربوا ليلاً، واتذكر يومها وجدنا فقط حبات من الملبس والحلويات، ولم يعد أي مصدر لشراء حاجياتنا في القرية وكانت العائلات التي بقيت في القرية ممنوعين من التجوال حتى جاء اليوم وطالبوا كل العائلات بالترحيل القسري".