سلام شيخ يوسف:

في يوم من الأيام عاد ابني الى البيت ورأيته يبكي وعلمت منه أن السبب هو حديث الشارع عني وفي تلك اللحظة لم أحتمل هذا الموقف وقررت أن أترك السموم

في بداية الطريق يشعر المدمن بالراحة نوعا ما لكن بعد فترة تبدأ حياته بالتدهور تدريجيا كما حصل معي حيث وصل بي الأمر لأن أقوم بأعمال سرقة لكي أحصل على المال

الزوجة فاتن شيخ يوسف:

اليوم وبعد أن تعافى زوجي نستطيع أن نمشي بالشارع بكل فخر واعتزاز به حيث أنه تحدى كل المصاعب وحقق هدفه الذي كان يصبو اليه

كانت ظروفنا صعبة للغاية خلال السنوات التي كان فيها زوجي مدمنا على السموم وحاولت أن أكون الأم والأب وكل شيء في العائلة لكن أبنائي افتقدوا حنان الأب وتمنوه

قصة مؤثرة جدا للشاب سلام شيخ يوسف، البالغ من العمر 42 عاما من سكان مدينة الطيبة، والذي أدمن على السموم، ونجح في إنقاذ نفسه بدعم من زوجته فاتنة، بعد أن رأى أن أبناءه يكبرون ووضعه الصحي يتدهور، ومشاعر أبنائه تتحطم. تحدى سلام يوسف كل الصعوبات، وعزز من إرادته، وقرر أن يتعالج حتى توقف عن استخدام السموم وعاد الى أفراد عائلته بطبيعته، واليوم يعيش حياة سعيدة وطبيعية، لدرجة أنه يطمح لأن يكون مرشدا للمدمنين ليشرح لهم عن أخطار وأضرار السموم، والى أين توصل الإنسان المدمن.

وكان لموقع العرب وصحيفة كل العرب لقاء مع سلام شيخ يوسف، الذي تحدث الينا عن مشواره مع الإدمان على السموم، وعن الأسباب التي دعته للإنحراف الى هذه الظاهرة، وقال: "بدأت أستخدم السموم منذ أن كان عمري 14 عاما، وذلك لأنني أحببت أن أجرب ما هو السم، ومن المؤسف جدا أن الأشخاص الذين دفعوني لهذا العمل لم يحذرونني، بل شجعوني على استخدام السموم حتى أدمنت عليها، وتحولت حياتي الى جحيم".

طريق خاطئة
وأضاف سلام: "في بداية الطريق يشعر المدمن بالراحة نوعا ما، لكن بعد فترة تبدأ حياته بالتدهور تدريجيا، كما حصل معي، حيث وصل بي الأمر لأن أقوم بأعمال سرقة لكي أحصل على المال من أجل شراء السموم، وكنت على يقين بأنني أسير في طريق خاطئة، لكن لم يكن باستطاعتي أن أخرج من السموم التي سيطرت على نفسي وعلى حياتي كلها، حتى دخلت السجون، وفي كل مرة كنت أخرج بها من السجن كنت أواصل البحث عن السموم واستخدامها، وكان يتم الضغط علي لأتعالج، وكنت أقول بأنني ذهبت للعلاج، لكنني في الحقيقة لم أكن أذهب". وتابع قائلا: "كنت من الطلاب المجتهدين في المدرسة، وحتى من الأوائل، لكن السموم جعلتني أنحرف، وأفقدتني مستقبلي، وأنا نادم جدا على تلك الفترة التي خسرتها من حياتي، وأُحمّل نفسي المسؤولية للتدهور الذي وصلت اليه، حيث كان علي أن انتبه جيدا قبل أن أقع بالفخ، كما وألوم أيضا الأهالي الذين لا يراقبون أبناءهم من أجل حمايتهم من كل الإنحرافات التي تتعلق بالسموم وغيرها".

موقف صعب
وقال سلام يوسف: "عندما كنت أستخدم السموم كان الجميع يعايرني ويعاير أبنائي وجميع أفراد عائلتي، بسبب وضعي وإدماني، وفي يوم من الأيام عاد ابني الى البيت، ورأيته يبكي، وعلمت منه أن السبب هو حديث الشارع عني، وفي تلك اللحظة لم أحتمل هذا الموقف، وقررت أن أترك السموم، وبفضل من الله وبدعم من زوجتي العزيزة ووقفتها الى جانبي، نجحت بالخروج من هذا الإدمان، وعدت الى عائلتي، وأعدت الإبتسامة الى وجوههم بعد أن كانوا يخجلون من الخروج من البيت، خوفا من أن يواجهوا حديثا أو سؤالا عني، واليوم والحمد لله فأنا أعمل وأدعم أفراد عائلتي، وأحاول أن أدعم أبنائي الذين يلعبون كرة القدم لإكمال مسيرتهم مهما كانت الظروف".

الشاب سلام شيخ يوسف

دعم العائلة والمؤسسات
وعن نصيحته للمدمنين قال شيخ يوسف: "أنا أتأثر جدا عندما أرى مدمنين في الشارع، وأتذكر الأيام القاسية التي مررت بها، وأدعو الله أن يشفيهم ويرشدهم الى الطريق الصحيح، لأن هذا قد يجلب الدمار للإنسان من ناحية صحية واجتماعية واقتصادية، ويصبح الإنسان بلا قيمة، لذلك أنصح المدمين أن يعززوا من إرادتهم كي يتركوا هذا السم، وأنا واثق كل الثقة أن كل مدمن يستطيع أن يفعل ذلك، لكن الأمر يحتاج الى دعم العائلة والمؤسسات التي تعالج مثل هذه القضايا. مع الأسف الشديد فإن كثرة الحديث عن المدمنين والتعامل معهم بطرق غير مقبولة من قبل أبناء المجتمع يؤدي الى تدهور وضعهم أكثر وأكثر، وعلينا أن نعرف بأن المدمنين هم من أبناء البشر، ويجب علينا التعامل معهم كأشخاص عاديين وأن نتفهمهم حتى نوفر لهم العلاج، وكم أتمنى أن أصبح مرشدا في هذا المجال لكي أرشدهم الى الطريق الصحيح، وخاصة أنني أعلم وأعي جيدا المعاناة التي يعانونها".

فقدان حنان الأب
وفي حديث مع فاتن شيخ يوسف، زوجة سلام قالت: "لقد كانت ظروفنا صعبة للغاية خلال السنوات التي كان فيها زوجي مدمنا على السموم، وحاولت أن أكون الأم والأب وكل شيء في العائلة، لكن أبنائي افتقدوا حنان الأب وتمنوه، حتى أن هنالك الكثير من الأشخاص الذين كانوا يعايروننا على وضع زوجي، وكان أبنائي يتضايقون من هذه المواقف المؤسفة، وكنت أقول لهم بألا يسمحوا لأي إنسان المس بوالدهم وألا يستمعوا لأي شخص، وكنت أؤكد لهم بأن والدهم مريض وسيتعالج بإذن الله".

سلام شيخ يوسف وزوجته

فخر واعتزاز
وأضافت فاتن: "حتى أنا شخصيا كنت أفضل عدم الإختلاط بالناس حتى لا أواجه نفس المواقف، وقررت أن أعمل لأعيل أفراد عائلتي حتى لا نحتاج لأي إنسان، والحمد لله واجهت كل الصعوبات حتى تعافى زوجي وعاد الى طبيعته". وتابعت قائلة: "اليوم وبعد أن تعافى زوجي نستطيع أن نمشي بالشارع بكل فخر واعتزاز به، حيث أنه تحدى كل المصاعب وحقق هدفه الذي كان يصبو اليه، وبهذه المناسبة أوجه كلمة لكل النساء بأن تحافظن على أزواجهن وأن تصبرن على المشاكل، لأنه ما بعد الضيق الا الفرج، وأقول لزوجي بأننا سعداء بك وسنبقى الى جانبك".

القضاء على السموم
وفي حديث لموقع العرب وصحيفة كل العرب مع منسقة السلطة الوطنية لمكافحة المخدرات، اسراء حاج يحيى، قالت: "هذه رسالة بأن السموم تدمر البيوت، وكلي أمل أن تكون متابعة لمسيرة محاربة السموم لكي يتم القضاء على هذه الآفة، وأن يكون هنالك تعاونا بين كل الجهات، بما فيهم الأهالي، في هذه القضية للتقليص من انتشارها ورفع الوعي، وخاصة أن جميع أنواع السموم تعتبر خطيرة، حتى لو كانت خفيفة، فهذه الطريق تبدأ من شيء صغير وتخلق نتائج سلبية جدا".

اسراء حاج يحيى