الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 13:01

نجمة حجازي تكتب على منبر العرب: نكبتنا بهويتنا

كل العرب
نُشر: 16/04/13 08:38,  حُتلن: 08:56

كتبتُ هذا المقال في الصباح باكراً، لأنني اعتدت على حب وعشق وطني منذ الصغر ، منذ نشأت فللفجر رائحة وطن يذكرني بطعم فلسطين. أستنشق هذه الرائحة كل صباح لأبدأ يومي بطعم وطني ، طعم الأمل ، الحرية الآمان والاستقرار، هكذا ربتني فلسطين وهذا ما علمني اياه ابي. قال له أحدهم ذات يوم: لا تصالح ولو منحوك الذهب. هناك أشياء لا تُشترى ، ألا ترى ؟!  ذكريات الطفولة بين أخيك وأبيك، كيف تنظر في يد من صافحوك فلا تبصرالدم، ألا ترى ؟!

أبي لم يصافح، لم يصالح، بقي مرابطاً بوطنه وحقه بعزة فولدنا هنا بهذه الأرض دون أن نستسلم، نشأنا بين أحضان الدراويش
وربّانا وعلى الكرامة وكيف نعيش، أريد أن أحكي للعالم عن بيت أبي الذي حطموا أبوابه، عن حرق زيتونه، وعن أمل احتبسته جدتي، غصة بقلبها، بين دموع عيناها، وعن جواز حلمنا الذي سرقوه. لكننا صمدنا بوجههم لم نخفهم، وتشبثنا بإيماننا، فالإيمان يطارد الخوف الذي هو الحاجة بحد ذاتها، وإذا آمنا بأن الأرض من حقنا لن نهاب الإحتلال، إن الله لم يخلق شيئاً هباءً فلا تقل عن وطني كان ، لا تقل لي ارحلي الى فلسطين واذهبي لبلادك ، هذه بلادي ،  إنها فلسطين ، لم تعرف عيناي غير هذه الأرض، ولدت ترعرعت تعلمت وسأموت هنا.

تمرُ بنا الحياة بسرعة كبيرة ، نكبر ، نتطور ونتغير ، وأوراقنا بالاوطان تتبعثر، حتى نكبتنا تقدمت بنا، إنها تكبر معنا كلما كبرنا وتتعمق فينا ، نكبتنا بلغتنا بذاتنا بثقافتنا بحضاراتنا ، لقد تم حصارنا واحتلال كل ما فينا حتى فكرنا. يحاولون تكراراً غرس الاسرائيلية بنا حتى أصبح جزء كبير من الشعب يؤمن بها وبأنها من أسس حياتنا اليومية وغدا أمرا من الأمور العادية ! هنا تكمن نكبتنا ومصيبتنا غير العادية التي تجر وراءها كثيراً من الأمور التي أصبحت بنظركم عادية ! سيستمرون بنشر الفتنة ومحاولة تقسيمنا.

يسألني عن الهوية محاولاً أن يمحى بي الوطنية، ما همُكَ إن كنت درزية أو مسيحية أو حتى مسلمة، إيماني بجنسيتي الحقيقية وليست بالطائفية، أنا عربية جدتي فلسطينية ولتنسى البقية، لن تخدعني بقوانينك فقانوني الإنسانية، لن تقدر أن تقنعني بمقارنتك وضعنا بالدول العربية ، تدعون أن اسرائيل دولة ديمقراطية فأين ديمقراطيتكم التي تدّعون أمام الديكتاتورية !  مقارنتكم ليست عادلة، عليكم أولاً تخطي كل هذه العنصرية ، هل تذكرُ يا راعي الصهيونية اياً من المشاريع المصيرية عينته الدولة بأعيادك الطائفية ؟! أم أنها عطلة رسمية وفقط أعيادنا منسية ؟!

أحقاً لن ننال مساواة إن لم نخدم الخدمة العسكرية ؟! أليست هذه أعياد الديانة اليهودية؟!! أرأيت رجلاً يلبس قبعة دينية وبيده بندقية ؟! أعرف كل الأجوبة وتعرف كذلك جدتي الأبية، اذاً لا تقارن مقارنة سطحية ! وهيا بنا لننهي المسرحية !

شعبي يا شعبي لن يكون لديك ما تحيا من أجله إن لم تكن على استعداد الموت من أجله، هويتكَ ما ترِث وليس ما ورثتَ ولا حبراً على ورق ، الوطن أبداً لا يعني الماضي ، علينا أن نغرسه بنا هدفاً نبيلاً ليصنعنا ونصنعه . فخامة الأشياء ببساطتها وحلمي أن أكتب اسمي على الهوية ، ببطاقاتي وجوازي بالعربية ! ربما حلمي قريب أو بعيد لكنني أغذيه وطناً كل يومٍ من جديد.

طمرة

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة