الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 09 / مايو 00:01

مئات الحناجر: إنّا باقون على العهد


نُشر: 29/03/08 21:43

* "يوم الأرض يوم كل قوى التحرر والتقدم.. لكن علاقة خاصة تربطنا به، نحن أبناء الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة.. الجبهة التي ولدت من رحم هذا اليوم فصانته وصانها لنظل في الأرض منغرسين، ممنوعين من الصرف، فإما عليها وإما فيها.."


مسرح "الحكواتي" كان يوم الأربعاء المنصرم على موعد مع حدث خاص.. خاص بأجوائه وفحواه، وبالمشاركة الكثيفة.. مئات الطالبات والطلاب امتزجوا كتلةً حماسية واحدة، تصغي بشغف إلى الموقف الوطني الحقيقي، وتتفاعل بحماسة منقطعة النظير مع اللحن الوطني الملتزم.. مع "شدي إنتفاضة شدي على الإحتلال.." ومع "إني اخترتك يا وطني.. حبا وطواعية.."
من كان لديه ذرة شك إذا ما "ظل في الدنيا خير" .. كان يجب أن يأتي ليرى الأعين اللامعة والجبهات الشامخة لهذا الجيل المصر على البقاء على العهد.. عهد يوم الأرض الخالد.. عهد دوس الخوف والنكبة انطلاقا نحو التجذر والمواجهة في وطن لا وطن لنا سواه.. نصر على البقاء فيه، كجزء لا يتجزأ من شعبنا الفلسطيني الكبير.. ولا نرضى إلا بالحياة فيه، ولا نرضى بها إلا حياة كريمة، ملؤها المساواة القومية والمدنية التامة..

* نفّاع: لولا "الإتحاد" لضاعت الضاد *
الكلمة الأولى كانت للكاتب محمد نفاع، الأمين العام للحزب الشيوعي والذي عبّر عن شعوره بالفخر لما يقوم به الطلاب العرب إحياء ليوم الأرض الخالد.. واستعرض بكلمته المحطات الأساسية لنضال الجماهير العربية في البلاد، رغم النكبة والحكم العسكري، ودور الحزب والجبهة، والصحافة الحزبية وخاصة "الإتحاد" و"الجديد" بصقل الهوية الفلسطينية للجماهير العربية.
وأكد نفاع على ضرورة مواصلة النضال من خلال البقاء في الوطن، وقال "نحن هنا باقون.. منمنعون من الصرف.. لأننا على وزن أفعل.. نحن تمازج ألوان الراية الفلسطينية بألوانها الأٍبعة: الأبيض، الأحمر، الأخضر والأسود.."
وأنهى نفاع كلمته متمنيا للطلاب النجاح في دراستهم، قائلا "إنكم بوصولكم إلى الجامعات ونجاحكم تحتطبون سياسة التجهيل، سياسة التعامل مع العرب كحطابين وسقاة ماء.."

* حايك: حذار، حذار من الفرقة الطائفية *
الزميل نضال حايك، سكرتير الجبهة الطلابية ورئيس قائمتها الإنتخابية، افتتح كلمته بالتأكيد على العلاقة الخاصة التي تربط الجبهة الطلابية بيوم الأرض، إذ قال "هنالك علاقة خاصة تربطنا.. نحن أبناء الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة.. بيوم الأرض فلا يخفى على أحد بأن الحزب الشيوعي هو الأب الشرعي لهذا اليوم، هو الذي حرض الجماهير وجندها ونظمها وهو الذي رفع صوتها عبر صرخة القائد الراحل توفيق زياد في حينه "الشعب قرر الإضراب.. الشعب قرر الإضراب"، وإن كان الحزب هو الأب الشرعي لهذا اليوم، فإن الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة ومعها كل المؤسسات الوطنية بما فيها لجان الطلاب العرب، هي، هي البنات الشرعية لهذا اليوم..
وأكد حايك على أن البقاء على عهد يوم الأرض، يلزم الطلاب بأخذ دورهم ببناء مجتمع تقدمي، ينبذ الطائفية والتمييز ضد المرأة، ويصون هويته الوطنية بعيدا عن الإنغلاق القومجي.
كما تطرق حايك في كلمته إلى عدد من القضايا التي تهم الطلاب بما فيها الإنتخابات للجنة الطلاب العرب.

* برنامج فني متألق.. *
بقي أن نذكر هذا المهرجان، تحول في السنوات الأخيرة إلى تقليد سنوي، تقيمه الجبهة الطلابية في الأسبوع الأخير من آذار كل عام في قاعة "الحكواتي" الرحبة، وفي هذا العام، أفتتح الحفل على وقع أوركسترا شبيبة كفر ياسيف الشيوعية، كما تولت عرافته، الطالبة نسرين مصاروة، المرشحة الثالثة في قائمة الجبهة.
واشتمل البرنامج أيضا على عرض مقاطع من خطابات مصورة للقائد الراحل توفيق زياد حول يوم الأرض، كما قدمت الطفلة الموهوبة، حلا نصرة قصائد وطنية فيما كانت الحصة الأكبر للفنانين رنا نعرة وخضر شاما بفقرة غنائية ملتزمة، ألهبت الجمهور.



* يوم الأرض.. إنتفاضة تضيق بها السطور *

يوم الأرض هو يوم الانتفاضه الوطنيّه العارمه التي تفجّرت في 30.3.1976 على شكل اضراب شامل ومظاهرات شعبيّه في جميع البلدات العربية في إسرائيل، احتجاجاً على سياسة مصادرة الأرض والتمييز العنصري التي تمارسها الحكومه الاسرائيليّه ضد الأقلية الفلسطينية في البلاد.

*مصادرة الأرض- السبب المباشر:
السبب المباشر لأحداث يوم الأرض كان اقدام السلطات الاسرائيليّه يوم 29/2/1976 على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عرّابه وسخنين ودير حنّا وعرب السواعد وغيرها في نطاق مخطّط تهويد الجليل، وكانت حكومات اسرائيل قد صادرت بين 1948-1972 أكثر من مليون دونم من أراضي البلدات العربيّه في الجليل والمثلّث بالاضافه الى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي العربيّه التي أضطر أصحابها للهجره عام  1948 وقد جاءت أحداث يوم الأرض تتويجاً لتحرّكات ونضالات جماهيريّه طويله تكثّفت بشكل خاص في الشهور التسعه التي سبقت ذلك اليوم.

* تأسيس لجنة الدفاع عن الأراضي:
لا ينكر نزيه، دور الحزب الشيوعي بالتخطيط ليوم الأرض، بتجنيد الجماهير العربية، تحريضها وتنظيمها للانطلاق دفاعا عن حقوقها.
ففي 15.8.1975 عقد، بمبادرة الحزب، إجتماع جماهيري كبير في الناصرة، ضم المئات من الشخصيات العربية واليهودية ورؤساء السلطات المحلية العربية وعمالاً وفلاحين وطلاباً وخريجين وأعضاء كنيست. وفي هذا الإجتماع تأسست لجنة الدفاع عن الأراضي العربية (بغالبيتها الساحقة شيوعيون واصدقاؤهم – الجبهويون فيما بعد ورأسها القسيس شحادة شحادة، عضو الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة حتى اليوم).

* الدعوة إلى الإضراب:
لجنة الدفاع عن الأراضي عقدت عددا من الاجتماعات الحاشدة تحضيرا ليوم الأرض، أكبر هذه الإجتماعات عقد في 14.2.76 في مدرسة سخنين الثانوية، حضره حوالي خمسة آلاف شخص وأعضاء الكنيست توفيق طوبي وتوفيق زيّاد وحمّاد أبو ربيعة. وفي هذا الجو المشحون بالاستنكار الشعبي لخطوات المصادرة التعسفية واتساع حلقة احتجاج الجماهير اليهودية، قرر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العمل من أجل إعلان وتنظيم إضراب عام احتجاجي تقوم به الجماهير العربية لدعم المطالبة بإلغاء قرار المصادرة الظالم.
وبالفعل، دعت لجنة الدفاع عن الأراضي إلى الإضراب العام في 30.3.1976، ليجن جنون السلطة وأذنابها.

* زيّاد يسجل تاريخا:
السلطة قررت كسر الإضراب بأي ثمن، والمواجهة الحاسمة كانت في 25.3.76 عندما حاول بعض رؤساء البلدات العربية وبضغط من السلطة إلغاء الإضراب، حينها أطلق توفيق زياد، رئيس بلدية الناصرة آنذاك، الصرخة التاريخية "الشعب قرر الإضراب"، وليفشل بهذا محاولة الإلتفاف على الإضراب، وتنطلق الشعارات الوطنية من مئات الشباب الذين أحاطوا مبنى البلدية دعما للإضراب.

* يوم الأرض الأول:
سبقت الـ 30 من آذار عام 1976، حملة اعتقالات ضد قادة الحزب الشيوعي وأصدقائه ورغم هذا نجح الإضراب حينها، وكان مكتب جريدة "الاتحاد" في حيفا مركزًا لاستقبال معلومات حول سير الإضراب الشامل في المدن والقرى العربية والمدن المختلطة وحاولت السلطات الاسرائيلية كسر الاضراب بالقوة فأدى ذلك الى صدام بين المواطنين العرب والشرطة، وكانت أعنف المواجهات في قرى سخنين وعرابة ودير حنا وبلغت حصيلة "يوم الأرض" ستة من الشهداء العرب الأبرار الذين رووا بدمائهم الطاهرة الأرض التي استشهدوا من أجلها، بالاضافة الى حوالي (49) جريحًا ونحو (300) معتقل.

* الإنجاز وإلغاء المصادرة:
وقفة الجماهير العربية في يوم الأرض، نجحت بإلغاء قرار مصادرة الأرض مما رفع من معنويات الجماهير العربية ونقلها بالفعل إلى نفسية التجذر والمواجهة، فأقيمت المؤسسات الوطنية للجماهير العربية وتلقت الأحزاب الصهيونية وعملاؤها في البلدات العربية ضربة قاضية، خاصة مع تأسيس الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، وبالمقابل عززت السلطة من محاربتها للحزب والجبهة، فكانت "وثيقة كينغ" الشهيرة والتي توصي بخلق قيادة جديدة للجماهير العربية بدلا من قيادة يوم الأرض الوطنية.

مقالات متعلقة