الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 20:01

ايمان تيسير قعدان تكتب على منبر العرب: كان إنسانا

كل العرب
نُشر: 07/04/13 18:20,  حُتلن: 19:15

ايمان تيسير قعدان تكتب على منبر العرب: كان إنسانا

لا أدري كيف مات وكيف عاش ..مات وحيدا كما عاش.. بجانب شجرة قديمة كانت ترمي ظلها على صمته.. بجانب بقايا طعام لم يكمله .. ساقوه بصمت الى مكان كانوا يداعبونه فيه.. الى حفرة ماء لم ترو ظمأه .. سمع صوتا اعتاد أن يداعبه أن يقدم له الطعام فاطمئن.. وقال: نعم.. هذه اليد أعرف رائحتها.. تعانقني في الصباح وتربت على ظهري عند مطلع الحلم.

وساقته.. هناك عند جذع كان فرشه.. كان مطمئنا .. وكنت أنظر اليه من بعيد.. فأقول بصوت يخنقه البكاء: دعوه يعيش.. اتركوه يحلم بالطيور.. فأسمعه يقول..هنا في هذا التراب بعثرت صوتي ولملمت آهاتي.. هذه الروائح أعرفها رائحة ليمونة ورائحة زهر البرتقال ورائحة يد كانت تقدم لي الطعام.. هنا كنت أحيا بجانب زيتونة علقت عليها الأمان.. فوق تراب بعثرت فيه الإطمئنان.. دعوني أشم رائحة العشب اليابس ورائحة زهر البرتقال..هناك تحت شجرة كسرتها رياح الشتاء ولم تكسر في عيني الإنتماء...هنا التحفت المساء كل يوم ...آه يا غصن الزيتون كفاك دمعا بسخاء ستفتقد صوتا كان يكسر صمت الليل.. آه يا زهر الليمون كيف سأشم رائحة الربيع وأنا جثة في الخلاء..

يا تراب حدثني عن لحظة وداع... حدثني عن إنسان كان يربت على ظهري صيف شتاء.. هنا تحت هذا الجذع كانت تداعبني الكلمات... كنت ألهو تحت أوراق الخريف أحلم بربيع يمتد من بين الفصول.. وتمتد يد الإنسان ... يد أعرف رائحتها.. أشم رائحة الطعام من بين الأنامل ... وهي الآن تقودني الى مستنقع لا يعرف الدماء .. أنا مطمئن .. هي الأمان... أسمعه انا من بعيد... من شباكي القديم.. وأرى يد الإنسان تنفث السم في عنق عليها بقايا طعام وتراب المكان.. فيتثاقل في مشيته ويلقى أرضا ويقف من جديد ليقول بصمت.. أنا القوي.. لن أضعف.. لن أموت غدرا.. سأعيش هنا حتى أرى زهر الرمان من جديد.. عندما يتفتح في كل ربيع...  وهوى أرضا على بقايا طعام لم يكمله ... واقترب الظلام منه ونفث السم في الجسد... فتثاقلت أنفاسه.. ومات.
وصمتت حينها الأصوات وخنقتني

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة