الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 19:02

ظاهرة العنف في الوسط العربي/ بقلم: عزت فرح

كل العرب
نُشر: 28/03/13 15:11,  حُتلن: 15:13

عزت فرح في مقاله:

المدارس كانت فيما مضى مؤسسات تربوية وليست تعليمية فقط

نشاّت قضايا اخلاقية وتربوية لا يتمكن المعلم من ادائها بشكل متقن وجيد مما اوجد فراغا وكوّة يمكن لهذا الفتى أن يتاّذى منها

أطالب المسؤولين بالنهوض بمسؤوليتهم لزيادة الميزانيات كي تستطيع السلطات المحلية أن تقي بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها

بسبب الضعف الاقتصادي المزري للعائلات الفقيرة والمعوزة تجد الاهل مشغولين في الركض وراء لقمة العيش وتحسين ظروف الحياة لان المعيشة اصبحت مكلفة جدا

إن ظاهرة العنف في وسطنا العربي ظاهرة مقلقة جدا وجديرة بالاهتمام. بودي أن اقف عند الاسباب بل العوامل التي تغذي هذه الظاهرة السيئة والمقرفة في اّن واحد. ومن العوامل التي يجب أن تراعى في هذا الشاّن:

1. المدارس والمؤسسات التعليمية بالمجمل
كانت المدارس فيما مضى مؤسسات تربوية وليست تعليمية فقط، كان المربي اذا لاحظ ظاهرة غريبة وتستحق الاهتمام لا يعلم الاهل فقط في الموضوع وانما يبادر الى زيارة الطالب وأهله في البيت ويصارح الفتى بالظاهرة المقلقة التي لفتت نظر الاستاذ والادارة والمعلمين وحتى لفتت انتباه بعض الزملاء والزميلات.
أين هذه الزيارات اليوم؟ لقد اثقلت ادارة المعارف حمل المعلمين فلا وقت لديهم للاهتمام بالامور التربوية، فأضحى الاهتمام جله بالتدريس. برأيي المتواضع التدريس مهم جدا ولكن التربية التي لا يتمكن المعلم أن يهتم بها كثيرا لان المسؤولين يطالبونه بقضاء جل وقته في التدريس اكثر بكثير من الزيارات البيتية والشؤون التربوية التي هي في غاية الاهمية في العملية التعليمية. وبالتالي نشاّت قضايا اخلاقية وتربوية لا يتمكن المعلم من ادائها بشكل متقن وجيد، مما اوجد فراغا وكوّة يمكن لهذا الفتى أن يتاّذى منها. لذا أنصح المسؤولين أن يدرسوا هذه القضية دراسة مستفيضة وأن يوجدوا لها حلا وبسرعة فائقة.

2- البيوت
بسبب الضعف الاقتصادي المزري للعائلات الفقيرة والمعوزة تجد الاهل مشغولين في الركض وراء لقمة العيش وتحسين ظروف الحياة لان المعيشة اصبحت مكلفة جدا، والمنافسة في تحصيل النقود وحطب العيش صارت شديدة ولا تطاق، مما جعل الابناء والبنات صباحا لا يجدون امهاتهم واّباءهم في البيت مما يفسح المجال امامهم للكسل والهروب من المسؤوليات المدرسية وهذا الاهمال الناتج من انشغال الاهل في الاعمال قد يجد التلاميذ أمام ظاهرة عدم وجود الوالدين الاثنين في البيت لا في الصباح ولا في العصر وحتى لا في المساء وهو أمر مرعب قد يؤدي الى ضياع الابناء والبنات، لأن الولد والبنت يشعر أن أهله ومعلميه لا يهتمون بمراقبته، لأنهم غير موجودين ولأنهم مشغولون بلقمة العيش وهذا ليس ذنبهم.


وكيف تعالج هذه القضية المأساوية؟
في راّيي وحسب نصيحتي:
الالتقاء بالأهل في المدرسة اذا لم يكن اسبوعيا فكل اسبوعين. طريقة التواصل مع البيت بوسيلة الحاسوب جيدة ولكن ليس في كل الحالات. هناك أهل لا يجيدون استخدام الحاسوب، ولذلك لا يمكن للاهل الاطّلاع على نتائج وسلوك فلذات اكبادهم بأي شكل من الاشكال. كلامي يدور حول شريحة لا بأس بها من الفقراء والمسحوقين الذين لا يستخدمون الحاسوب وقد لا يملكون حاسوبا في بيوتهم.
وبهذه الطريقة نكون قد اوجدنا فوارق عظيمة في امكانية اهتمام الاهل بالاولاد والبنات وعمقنا الهوّة بين الفقراء والاغنياء وهذا خطأ يجب أن يراعى ولا اريد أن ابالغ بالقول إن هذه جريمة لا تغتفر، وعلينا أن نتشاور ونتعاون لحلها.

3-دور السلطات: المحليّة والمركزية
إني احمّل الحكومات المتعاقبة مسؤولية المشاكل التي تخص الميزانيات المعطاة للتجمعات العربية والتي لا تفي بالمطلوب ولا بالحد الادنى لاحتياجات التجمعات السكانية العربية، وعليه أطالب المسؤولين بالنهوض بمسؤوليتهم لزيادة الميزانيات كي تستطيع السلطات المحلية أن تقي بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها. وأما عن دور السطات المحلية فحدّث ولا حرج: المراكز الثقافية الموجودة فهي ذات برامج تكاد تكون خالية من مضامين تربوية ، فيما عدا الرقص والباليه واللعب، وهذا الامر ناتج من ضحالة تفكير المسؤولين وقلة تجربتهم إلا من الرقص واللعب واللهو وانني لا اعني هنا واحدا بعينه. هؤلاء المسؤولين يطمحون بتلبية رغبات من عّينهم نادرا ما تجد برامج تفيد التربية والاخلاق الحميدة، وهنا يجب وضع حد لهذه المسخرة وبسرعة فائقة.

استفحال العنف
اذا تجوّلت صديقي القارئ في تجمعاتنا العربية دون استثناء في المقاهي واماكن اللهو اما يشربون النرجيلة وما ادراك ما ضررها على الشباب، واما في المطاعم امام كاّس من البيرة أو ما شابه. هل تستطيع صديقي أن تلفت انتباه احدهم الى خطأ في السواقة او ارتفاع صوت المسجل أو أي شيء من هذا؟ كلا لأنه قد يؤدي بك لأن يعتدي عليك بالكلام أو بالجسد ، او حتى القتل كما حدث مؤخرا وكثيرا. ظاهرة العنف قد استفحلت ويجب على المسؤولين جميعا الاهتمام بها لانها اصبحت في سلّم المسؤوليات والاهتمامات. انني اقترح تاّسيس جمعية أو جهة عليا جدّية جدا مع كادر مستشارين موضوعيين ومختصين بقضايا الشباب من أجل العمل على حل هذه القضية المنغصة التي تقض مضاجعنا.

بث روح العنف
وللعنف اسباب كثيرة مجلجلة اخرى منها: دور الاعلام وخاصة بث روح العنف،
فترى الفضائيات تركّز على نشر العنف والمشاهد الجنسية والاباحية، ناهيك عن التطرف الديني والصراع الطائفي، ولا شك أن التفكك الأسري والثقافة الذكورية وانماط التربية وتراجع الرقابة داخل المدارس بسبب السياسات العليا للوزارات المتعاقبة التي اشغلت المعلمين بالتدريس لا بالتثقيف كما اسلفت اعلاه. كما أن ترك الابناء والبنات امام شاشات الحاسوب وتركهم يجلسون ساعات طويلة امام الفيسبوك دون حسيب ولا رقيب.
إن كثيرا من المسؤولين في البيوت والمؤسسات يقمعون الافكار والاّراء ويصادرون الحريات الشخصية، ولا توجد في مجتمعاتنا قيم ديموقراطية حقيقية كما في مجتمعات اخرى. وهناك حاجة لإيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية المزرية ومشاكل السكن المستعصية، وتوفير اماكن محترمة للعمل الملائم.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net 



 

مقالات متعلقة