الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 03:02

إلهام دويري تابري: منع الطفل من عادة مصّه بالمصّاصة؟

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 20/03/13 22:32,  حُتلن: 07:47

إلهام دويري تابري:

الامتناع عن عادة المص يلزم ربطه بترغيب يرتبط بإرادة الطفل كي يكتسب قدرة وقوة على الضبط

التجاهل مفيد ولكن يلزم مرافقته بالعمل على معالجة أسباب العادة كي تتلاشى تدريجيا وتختفي مع مرور الوقت

الترغيب المشروط يبني شخصية ذات قدرة على ضبط رغباتها بوعي عاطفي ذاتي. لذا كان الاشتراط لفترة لا تتعدى الظهيرة كي يتمكن الطفل من القدرة على الضبط

سؤال:
أنا أم لطفل بجيل 2.5 عاما. مشكلتي التي تقلقني هي عادة مصه بالمصاصة. حاولت منعه بجميع أنواع الطرق ولم ينفع معه أي أسلوب. الحكي، التوبيخ، العقاب بالحرمان، دهن على المصاصة مادة طعمها مر... كل الطرق لم تنفع معه. ساعديني أرجوك.

الجواب:
أسلوب المنع والضغط القاهر يزيده عصبية وتعلقا بالمصاصة.
لقد اعتدت أن أمازح الأهل للتأكيد لهم بأن الطفل سوف لا يصل لسن الزواج ويواصل عادة المص. صدف مرة بأن نهضت إحدى الأمهات بلقاءاتي التربوية لتعلن لنا بأنها ما زالت تمص بإصبعها حتى يومها هذا.
نحن نعلم بأنه يوجد بعض عادات سلوكية تصبح مرضية تسيطر على صاحبها وتبلغ درجة من الادمان. تلك الأم تحتاج لعلاج خاص إذا قررت التخلص من تلك العادة. إنني اليوم سأتطرق لحالة المص الطبيعية العامة غير المرضيّة في مراحل الطفولة.

لماذا المص في تلك المرحلة العمرية؟
المص هو رد فعل سلوكي طبيعي يميز مرحلة العمر الفمية. يتناول المولود في الأشهر الأولى من عمره طعامه بواسطة المص أي الرضاعة. الرضاعة هي عملية مص كوسيلة استمرار لبقائه حيا. كلما صدف ولامس فمه جسما ما فسوف يقوم بمصه تلقائيا. تستمر تلك المرحلة حتى عندما يبدأ تلقائيا أيضا بتحريك يديه ومن غير قصد. فمه هو مصدر للتعرف على الأشياء. لذا فقد سميت تلك المرحلة بالفمية.
بعد فترة من الزمن ينتقل الطفل إلى مرحلة تناول طعامه بالملعقة فتنبت له بعض الأسنان، ولكنه يواصل المص لأنها قد أصبحت عادة سلوكية ممتعة.
يلجأ الطفل للمص هروبا من ضغوط كعملية تنفيسية وحاجة عاطفية.

هل التنبيه، النهي والتعنيف ينفع؟
لا بل تزيده ضغوطا وتجعله يتمسك بالمص فتتفاقم عادة تعلقه بها. عصبية الآباء الزائدة للمنع تعلّم الطفل طرقا ملتوية للاستمرار بالعادة، مثل الاختباء والتخفي لتفادي التوبيخ أو العقاب.
فبدل من أن يتعاون الأهل معه لتدريبه على سلوك جديد ممتع ونافع بدل عادة المص تزداد عصبيتهم فتزيده تمسكا بالعادة للتنفيس عن ضغوطه.

هل دهن المصاصة بأطعمة منفرة ينفع؟
بالطبع لا. إن المص هو حاجة للمتعة التي تنسيه الضغوط. من الطبيعي أن لا يتقبل بدائل قاهرة (الطعم المر) لتخليصة من تلك اللذة. هدف دهن المصاصة بأطعمة منفرة من المفروض أن يأتي بدافع إرادي، أي أن الطفل هو الذي يطلب التوقف عن عادة المص. لكنه في الواقع لم يتخذ له مثل هذا القرار بل أتى من عند الأهل الذين هم مصدر متاعبه. لذا فالعملية بالنسبة إليه تأخذ شكل قصاص من أهله لمنعه عن مصدر متعته وتنفيسه. المنع بالاكراه هو عقاب وتأثيره ضاغط وضار. بعد أن عرفنا بأن اللجوء لعادة المص سببه لذة الهروب من الضغوط. فالمنع بالإكراه يزيد من تعلقا بها لتعويضه العاطفي الصعب.

هل تجاهل الأهل يساعد على التخلص من عادة؟
التجاهل مفيد ولكن يلزم مرافقته بالعمل على معالجة أسباب العادة كي تتلاشى تدريجيا وتختفي مع مرور الوقت.
لعلاجه للتخلص من المصاصة يلزم تعويد الطفل على سلوك بديل. على الأهل هنا مراقبة أسباب لجوء الطفل للمص من غير أن يشعر. التعرف على الدوافع والتي منها: حالة ملل وعدم انشغال، ضغوط وغيرة من أحد أفراد في العائلة، حالة نعاس، تعب جسماني...
معرفة السبب يساعد الأهل على العمل على إبعاده أو تفاديه باستبداله بسلوك دافعه حاجة ترغيبية. يلجأ الأهل عند ملاحظته في حالة ملل مثلا لترغيبه على القيام بفعاليات وأنشطة حركية متنوعة يلهو ويتمتع بها فتعمل على نسيانه اللجوء لعادة المص. أي بفعالية ترغيبية لإبعاد السبب.

هل الدراما والترغيب يساعد الطفل للتغلب على العادة؟
بالطبع. الترغيب الاشتراطي هو نافع ومفيد. الامتناع عن عادة المص يلزم ربطه بترغيب يرتبط بإرادة الطفل كي يكتسب قدرة وقوة على الضبط. من المهم توجه الأهل بعبارات تعمل على تشجيعه بفاتحة إيجابية بالقول: (سوف نذهب معا إلى... في ساعات بعد الظهر إذا توقفت عن المص (طيلة ساعات الصباح).
الترغيب الاشتراطي يلزم أن يرتبط بتحديد زمني تدريجي أي غير مفتوح وطويل الأمد. إحتمال نجاح الطفل بالسيطرة على ضبط رغبته هو أكيد لأجل الحصول على رغبة جديدة أخرى بديلة تنافس عادة المص.
هل من فوائد أخرى بالترغيب الإيجابي غير الفطام عن المص بالمصاصة
بالطبع. الترغيب المشروط يبني شخصية ذات قدرة على ضبط رغباتها بوعي عاطفي ذاتي. لذا كان الاشتراط لفترة لا تتعدى الظهيرة كي يتمكن الطفل من القدرة على الضبط. نتائج الضبط احتمال نجاحها كبير. خاصة وبأن ضبطه الامتناع عن عادة المص هو فقط لبعض ساعات قليلة والنتيجة هي نيله رغبة مفضلة. مثل هذا الأسلوب يشجع الطفل على أن يقرر وبإرادته الذاتية التنازل عن رغبة المص لأجل رغبة بديلة منتظر هي أكثر متعة ولذة. كلما نجح الطفل بعبور فترة الاختبار كلما ضعفت العادة غير المستحبة وحل محلها عادة الضبط التي لازمها دافع ترغيبي بديل أكثر لذة.
يمكن أن يتعامل الأهل مع جميع أنواع العادات غير المستحبة بأسلوب الترغيب الشرطي. الترغيب المشروط يجعل الطفل يدخل في حالة من اليقظة، يقرر التأهب للضبط فيراقب سلوكه بدافع إرادي بانتظار نيل اللذة الموعودة. هنا تكمن أهميته في إنجاح التطبيق ومن ثم الثبات.


 

مقالات متعلقة