الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 23:02

سطّر يا قلم..هذا هو المسرح/ بقلم: عفيف شليوط

كل العرب
نُشر: 18/03/13 17:08,  حُتلن: 08:41

عفيف شليوط في مقاله:

مسرحية "الطاووس من سلوان" من تأليف علما جنيهر وإخراج سيناي بيتر وحن ألون وهي مسرحية تجري أحداثها في بناية تقطنها عائلة فلسطينية جميل وابنتيه ياسمين وإيمان اللتين تديران معهد التجميل "الطاووس من سلوان"

طاقم الممثلين نجحوا بنقلنا وإعادتنا الى الوراء زمن وقوع الأحداث الحقيقية للمسرحية وكانوا حقيقيين وفي الوقت ذاته حافظوا عن قصد على الحد الفاصل بين الممثل والشخصية التي أداها أسلوب يحفزنا على التفكير وأسلوب يلعب لعبة الإيهام والواقع في آن واحد

تسنى لي مشاهدة مسرحية غير عادية ، في موقع غير عادي ، حيث وقع الاختيار على بناية عربية قديمة في احدى أحياء عكا العريقة ، تقطن بها سبع عائلات. بناية ساحرة تجمع بين أصالة التاريخ والإهمال الصارخ لهذه البناية والفقر المدقع لقاطنيها ، وكأن الجدران كانت تصرخ "أنقذونا قبل فوات الأوان .. قبل أن تنهار هذه التحفة الفنية وتندثر ، فلا يبقى منها إلا الذكرى".

فقبل أن يدخل الممثلون الى هذه البناية ليبثوا فيها الحياة من خلال استرجاع الأحداث التي حصلت لعائلات عربية ويهودية قطنت هذه البناية ، سردت لنا الجدران والنوافذ والأبواب في هذه البناية حكايات وحكايات ، رافقتها موسيقى حيّة لعازف ممثل ، أجواء من الصراعات حول المكان ، بين أشخاص سكنوا هذه البناية ، تشبثوا بها ورفضوا مغادرتها رغم كل الاغراءات المادية ، وبين من حفروا باحثين عن جذور يهودية وهمية في هذا المكان. إنها حكاية عكا ، حكاية هذه البناية بالذات ، وحكاية البنايات الأخريات والأحياء العكية بأسرها ، إنها رحلة بين الحقيقة والإيهام ، بين الواقع المعاش وبين واقع أحداث المسرحية ، إنها لعبة خطرة خاضها مخرج المسرحية ، لعبة العبث بالزمن ، لعبة مزج الأحداث فتداخل الماضي مع الحاضر والمستقبل ، لعبة ذكية استعانت بمكان عرض المسرحية ، فاستخدمتها خير استخدام ، استخدمت كل زاوية ، كل غرفة ، كل لوحة أو صورة ، واستخدمت الزاوية المطلة على البحر ومعالم مدينة عكا الأثرية خير استخدام ، خاصة في المشهد المسرحي الساخر الذي تحدث به يورام عن الحلم الصهيوني بتحويل كل هذه المنطقة الى منطقة تشهد على الجذور اليهودية وعلى الحضور اليهودي في هذه المدينة.

قصة المسرحية
إنها مسرحية "الطاووس من سلوان" من تأليف علما جنيهر ، إخراج سيناي بيتر وحن ألون ، مسرحية تجري أحداثها في بناية تقطنها عائلة فلسطينية ، جميل وابنتيه ياسمين وإيمان، اللتان تديران معهد التجميل "الطاووس من سلوان". استوطنت شوش بغرفة جانبية في بيتهم ، والتي تطمح بأن يصبح هذا البيت بأكمله لها وحدها في يوم من الأيام. وفي منزل صغير في الطابق السفلي عند مدخل البناية يسكن محمد، ولد أصم مع أمه أمال. وتحت البناية تتم أعمال حفريات للبحث عن الآثار ، د. أفرات سلع تقوم بهذه الحفريات بحثاً عن مملكة داوود القديمة الموجودة حسب ادعائها تحت هذه البناية.
ياسمين تحلم بأن تتعلم الموسيقى في باريس ، ومن أجل تحقيق حلمها هذا تأخذ بجمع النقود لشراء تذكرة السفر ، بينما أختها إيمان تعتبر خطوتها تلك هروباً من المسؤولية والتنازل عن الصراع. والدهما هو أيضاً يعارض وبحدة فكرة سفر ياسمين ، ولمنع ياسمين من السفر يأخذ النقود التي جمعتها ياسمين لهذا الهدف . محمد يأخذ على عاتقه مهمة مساعدة ياسمين فيقوم باقتحام سيارة نعمة، شابة من تل أبيب، التي وصلت الى المكان للحصول على صور نوسطالجية للبيت من سلوان ، والذي به كانت تسكن جدتها قبل ال 48 .  يقف الى جانب نعمة الحارس ميخائيل الذي يشتهيها. جميل يقدم شكوى قضائية ضد الجمعية التي تقوم بأعمال الحفريات في البناية، وينجح بالحصول على قرار مؤقت بإيقاف أعمال الحفريات. يورام، رئيس الجمعية، لا يستسلم لقرار المحكمة، فيحاول تغيير القرار بأي ثمن. وخلال تصادم بين رجلين ، أحد سكان العمارة يلقى حتفه. بعد هذه الحادثة تحاول كل شخصية بطريقتها الخاصة اقناع الجمهور بوجهة نظرها.

أسلوب مميز

اشترك في التمثيل: أورطال أفنعيم ، جورج اسكندر ، دوري إنجل، دافيد بلينكه، ريما جبارة، سميرة سريّة، فبيانة ميوحاس. طاقم الممثلين نجحوا بنقلنا وإعادتنا الى الوراء ، زمن وقوع الأحداث الحقيقية للمسرحية ، كانوا حقيقيين ، وفي الوقت ذاته حافظوا عن قصد على الحد الفاصل بين الممثل والشخصية التي أداها ، أسلوب يحفزنا على التفكير ، أسلوب يلعب لعبة الإيهام والواقع في آن واحد. ديكور وملابس أشرف حنا ، موسيقى شوش رييزمن، اضاءة عميحاي ألهرر .  من الجدير بالذكر أن أحداث المسرحية حقيقية ، أحداث تم جمعها من قبل طاقم من المبدعين العرب واليهود ، تم جمعها مدة تسعة أشهر. إنه إنتاج جبار ، فكرة جريئة ومدروسة ، تضافرت الجهود لتقدم لنا مسرحية غير عادية ، مسرحية من نوع آخر ، مسرحية تقول لنا وبكل ثقة ، هذا هو المسرح الذي نريد.

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة