الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 18:01

مفاهيم مخلوطة وغير واضحة لأسس قوة الشخصية لدى جيل اليوم

أماني حصادية -
نُشر: 12/03/13 11:22,  حُتلن: 12:38

جيل الشباب يميل إلى الإعتقاد أنّ الصبر مضيعة للوقت وهو في نظرهم صفة تُشعر مَن يتحلى بها بالإحباط لا ميزة ضرورية تساعد على النجاح

امتلاك الطفل المواهب والمهارات والمعرفة لا يعني أنّه يتّصف بقوة الشخصية إذ أنه من الممكن أن يكون الطفل بارعاً في الرياضة أو الطبخ أو في الدراسة ولكن قد لا يكون قوي الشخصية

لا يعود سبب قلق خُبراء التربية والأهل على شباب اليوم إلى فقدان جيل بكامله القدرة على التواصل مع الآخرين، نتيجة انشغاله بالتكنولوجيا، ولا إلى قلة صبر الأطفال أو صعوبة إرضائهم، ولا حتى إلى "حقيقة" أن جيل الشباب هذا، يُولي القليل من الإحترام للسلطات والمؤسسات، والبعض منهم لا يحترمها إطلاقاً، كما كان الشباب في الأجيال الماضية. بل يعود السبب، إلى حقيقة أن أطفال وشباب اليوم يفتقرون إلى الشعور بالقوة التي تنبع من الداخل، وهي ميزة كان يتصف بها شباب الأجيال الماضية.


صورة توضيحية

يفتقد جيل الشباب اليوم المرونة وسهولة التكيف مع الآخرين، ومن الصعب معرفة السبب في ذلك. فهل هو ناتج عن الضغط الذي يلقى عاتق الأُم لتنشئة أطفال يحترمون أنفسهم ويتمتعون بثقة عالية بذواتهم ومؤهلين جيِّداً؟ ولكن، كانت المحصّلة على عكس ما هدفت إليه، حيث أثمرت عن جيل من الأطفال متهور وجريء، تربّى على تلقّي الدعم والمدح والمساندة، وتلبية احتياجاته بالكامل. معظم أطفال هذا الجيل سمع من أمه كلاماً على شاكلة: "أنت طفل استثنائي"، أو "أنت فريط"، أو "أنت مدهش وذكي"، بغض النظر عن أدائه وما بذل من جهد. فكانت النتيجة جيلاً مُدللاً، لم يختبر لا الصعوبات ولا النقد ولا الفشل ولا الخيبات. إضافة إلى أنهم لم يتعلموا إطلاقاً المهارات أو الإحتياجات التي تساعد على تطوير الميزة الشخصية التي تدفع الطفل إلى المثابَرة بعزم وعناد، على الرغم من العوائق أو الفشل أو خيبات الأمل أو النقد. يميل الشخص المرن إلى إمتلاك القدرة على الثبات والمثابَرة، على الرغم من التحديات والعوائق والصعوبات. إضافة إلى القدرة على تجاوز الظروف الخارجية والأحداث، وإلى القدرة على "النهوض". وكي نفهم حقيقة أسباب افتقار جيل الشباب إلى هذه الميزات، علينا أن نفهم أوّلا نظرتهم إلى أسس المرونة الثلاثة:

الصبر
يميل جيل الشباب إلى الإعتقاد أنّ الصبر مضيعة للوقت، وهو في نظرهم صفة تُشعر مَن يتحلى بها بالإحباط، لا ميزة ضرورية تساعد على النجاح. ولا يؤمنون بأنّ الرضا صفة من صفات قوة الشخصية، بل يعتبرون أنّه يحول دون تحقيق أهدافهم وطموحاتهم. ولأن جيلهم نشأ على السرعة في كل شيء، الإنترنت، وجبات الطعام السريعة، الميكروويف الذي يُعد الطعام خلال ثوانٍ، نراهُم يجدون صعوبة في انتظار أي شيء، والبعض منهم لا يُبدي استعداداً للانتظار إطلاقاً.

المسؤولية الشخصية
لا وجود لكلمة المسؤولية في قاموس الأغلبية العظمى من جيل شباب اليوم، فهُم بدلاً من أن يعتبروا المسؤولية سُلطة، كما هي في نظر الأهل، فإنهم يعتبرونها شيئاً يجب تجنّبه مهما كلف الأمر، وعندما يستدعي الأمر أن يتخذ أحدهم قراراً فإنّه يميل إلى أن يكون قراره مبنيّاً على المشاعر والأحاسيس، لأنّه بهذه الطريقة الآمنة في اتخاذ القرار يمكنه تجنُّب المسؤولية في حال سُئل عن سبب عدم تنفيذ ما طُلب منه، إذ في إمكانه الرد: "لأنني شعرت بأن عدم تنفيذه أفضل".

التوقعات الواقعية لِما هو "عادي"
كانت الحياة في نظر الأجيال السابقة غير عادلة وصعبة إلى حد بعيد، وكان فيها الكثير من الطلعات والنزلات وأحياناً ما بين بين، وكانت العوائق والفشل وخيبات الأمل بالنسبة إليهم جزءاً من الحياة اليومية العادية، حيث كان يتوجّب على كل شخص بذل أقصى ما يستطيع من جهد للتغلب عليها، ومع ذلك كانوا يعتبرون الأمر طبيعياً وعادياً. أما بالنسبة إلى جيل اليوم، فإنّ العادي "شاذ وغير سوي"، ولأنّه جيل تربَّى على البرامج التلفزيونية والإنترنت ووسائل الإعلام العامة فإن نظرته إلى الحياة الطبيعية تتجلى في أن فيها الكثير من الدراما، النجاحات فيها مفرحة والفشل مدمّر. ويمكن أن تكون الحياة الطبيعية في نظره مبهجة، وصاخبة، ومثيرة، ومحبطة، ومخيفة، إلا أنها لا يمكن أن تكون مُملة أبداً. إنّ امتلاك الطفل المواهب والمهارات والمعرفة لا يعني أنّه يتّصف بقوة الشخصية، إذ أنه من الممكن أن يكون الطفل بارعاً في الرياضة أو الطبخ أو في الدراسة.. إلخ، ولكن قد لا يكون قوي الشخصية. هناك صفات تتصف بها قوة الشخصية، ومنها: الفضول، الشجاعة، الإبداع، التسامح، التقدير، الحماسة، العدل، القيادة، التواضع، السيطرة على النفس ومواصفات كثيرة أخرى. والصفات الشخصية هي التي تُحدد ماهيّة الشخص ونوعية علاقته مع الآخرين ومع العالم المحيط به، فعندما تكون شخصية الطفل قوية يشعر بكامل طاقته وقدرته.

مقالات متعلقة