الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 15:01

إلهام دويري تابري: الإنسان بطبيعته ينكر أحيانا حاجات لأسبابه الخاصة

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 26/02/13 16:34,  حُتلن: 08:09

إلهام دويري تابري:

لا للانفعال السلبي ولا للقلق أيضا عبارة ( إبني لا يكذب أبدا...) غير مقنعة

الإنسان بطبيعته ينكر أحيانا حاجات لأسبابه الخاصة وهذا يعتبر كذبا فلا للتطرف بوصف الأولاد بالملائكة

من المهم دوما وفي ساعات بعد الدوام توفير جو من الأنشطة الحركية لفسح المجال للطلاب بالتنفيس عن انفعالاتهم السلبية بفعاليات رياضية يميلون إليها

ما يهم أثناء اقتراحه الحلول هو عدم لومه تصحيح مشاعره تأنيبه أو فرض حل عليه جعله يشعر بأنه بمركز الحدث هو عنصر هام وضروري لتعزيته ورفع سقف تقديره الذاتي

لماذا تتهم معلمة ابني بالكذب وما هي مسؤوليتي في تلك الحالة؟

سؤال:
إبني عمره 11 عاما. أثناء الدرس البارحة أصدر أحد طلاب صفه أصواتا غريبة. إتهمت المعلمة ابني بافتعال الصوت بهدف إثارة طلاب صفه لاستفزازها وانهالت عليه بالتوبيخ. أنكر ابني مسؤوليته عن الحادث وحاول الدفاع عن نفسه، ولكنها قاطعته مصرة على اتهامه بالكذب.  إبني مؤدب ولا يكذب أبدا. كيف أتعامل معه؟ وهل أحرّضه على التمرد عليها؟

الجواب:
لا للانفعال السلبي ولا للقلق أيضا. عبارة( إبني لا يكذب أبدا...) غير مقنعة.
إن الإنسان بطبيعته ينكر أحيانا حاجات لأسبابه الخاصة وهذا يعتبر كذبا. فلا للتطرف بوصف الأولاد بالملائكة. تلك أحداث مدرسية تحدث بأشكال متنوعة وأحيانا مبتكرة. يلجأ إليها الطلاب وذلك لافتعال أسباب للتسلية ولتضييع وقت الدرس. هذا يلاحظ أيضا حتى في برامج استكمال المعلمين. لا بد أن يكون بين المجموعة في غرفة الصف أحد يعمل على لهو الباقين بوسائل تهريج وفكاهة. ليس القصد من هذا هو إهانة أحد أو التقليل من قيمة المسؤول وإنما هو بدافع اللهو الطبيعي وذلك لتغيير الجو الجدي وللإثارة فقط.

 

هل للأهل من تأثير على ما يحصل داخل غرفة الصف؟
يتعذر على الأهل التدخل بظروف ما يحصل في غرفة الصف خاصة بوجود بعض طلاب يتميزون بالهضامة وسرعة البديهة. الوقائع في غرفة الصف هي دائمة التبدل ومن الصعب ضبطها أو السيطرة عليها من البيت. يوجد دوما بعض طلاب يميلون لافتعال ظروف فكاهية تثير الآخرين فتستفز المعلم. يتلذذ بعض الطلاب بألاعيب للمازحة وللتحريض على التنفيس من جو غرفة الصف الضاغطة بالشرح والتفسير. كل يوم حالة جديدة يقع بسببها ضحايا لا علاقة لهم بعنوان صاحب المشكلة المهضوم أو بالعكس.

كيف يتقبل الأهل انفعالات ابنهم السلبية؟
عند عودة الابن من المدرسة بعد تعرضه لإشكال كهذا أثناء وجوده هناك يلزم تقبّل انفعالاته وذلك بالاصغاء الصادق له. بالطبع لا لتحريضه على أي شخص له علاقة بالاشكال أو تشجيعه على التمرد. هدف إصغاء الأهل له هو لتوفير جو عاطفي مريح يتيح له الاستفاضة بما جرى في صفه أثناء الدرس. هو يعرض الحالة من وجهة نظره الخاصة به والمنحازة غالبا لحاجاته الآنية. الإصغاء يبرهن له عن ميل أهله مشاركته بصعوبة ما حدث. من المهم الابتعاد عن استفزازه بأسئلة تنم عن تحقيق أو شك فيما ينقله مثل:( لماذا أنت بالذات؟ أنا قادرة على كشف ألاعيبك، أتريد أن تقنعني ب...؟).
أثناء الاصغاء يمكن إصدار بعض أصوات لجعله يأمن جانبك فتعكس له مشاعر تعاطف وتأثر من الحدث - أفف، هيك لكان!! يااه! شووو؟- أو نظرات تعبر عن تفهّم ما يسمعه منه.
الاصغاء الصادق والدائم هو من الأساليب التربوية التي تساعد الطالب على الشعور بالارتياح والطمأنينة نحو ذلك النموذج التربوي الإيجابي الذي يصغي إليه. هذا هو الوقت المناسب لإشباع حاجة الابن بالشعور بالأمان في كنف بيت محب. الاصغاء الصادق هو عبارة عن دعم عاطفي يحترم مشاعره ويقوي ثقته بنفسه فيزيده تقرّبا من أهله وترابطا إيجابيا معهم.

لماذا يلزم الأهل الابتعاد عن أي انتقاد أو تقييم أثناء انفعال الابن السلبي؟
من المهم الابتعاد عن إصدار أحكام - صح خطأ- على أي موقف أو حدث طالما لم يسمع الأهل حتى تلك اللحظة من الطرف الآخر. كل ملاحظة تقييم سلبية لمشاعره أو لرد فعله عما جرى في الصف تزيده تطرفا وتوترا. إفساح المجال له بعرض الحادث الصعب الذي مر به- من ناحيته- هو فاتحة صحية لمساعدته على التنفيس عن مشاعره السلبية جرّاء ذلك الظرف القاسي. توجيه أية تعليمات، انتقاد لمشاعره أو سلوكه، تقييم رد فعله أو ربما تهكم سوف يعيق عليه خروجه من حالته الصعبة. لا بل يزيد المشكلة تعقيدا.
إني أرى بأن الأزمات التي يتعرض إليها الأبناء هي عبارة عن فرصة ذهبية لتقوية روابطه العاطفية مع أهلهم وهي عبارة عن ورشة عمل تجعله يكتسب خبراته من الحياة اليومية. أسلوب رد فعل الوالدين هذا هو عبارة عن نموذج تربوي إيجابي يدفعه تلقائيا لتقليده. بعد أن يشعر الابن بالأمان العاطفي نحو تعامل والديه معه يسهل عليه الانتقال لمرحلة التفتيش عن طرق وقاية لاحقة أو أساليب علاج للخروج من أزمته بسلام. الارتياح العاطفي قاعدة صحية للانطلاق لإيجاد الحل المناسب له. كلما ارتاحت مشاعره كلما ارتاح جسمه فسيطر عقله وهان عليه التفعيل المنطقي.

كيف يؤثر موقف الأهل على تعقل تصرف ابنهم ورويّته؟
كما سمح الأهل للابن بالتنفيس يستحسن أيضا استئذانه باقتراح حلول لمساعدته وذلك بسؤاله مثلا:" كيف يمكنني مساعدتك وماذا تقترح؟ هل تفضّل أن...؟ هل ترى بأن المفاتحة مع... تفيد؟ هل تحتاج لتدخل والدك...؟ هل لديك اقتراح آخر؟ ما هو؟".
ما يهم أثناء اقتراحه الحلول هو عدم لومه، تصحيح مشاعره، تأنيبه أو فرض حل عليه. جعله يشعر بأنه بمركز الحدث هو عنصر هام وضروري لتعزيته ورفع سقف تقديره الذاتي. الابن الحساس يفقد ثقته بنفسه عند أول صعوبة اجتماعية تواجهه ويتأثر منها كثيرا وينحرج منها خاصة بحضور أبناء صفه. طالما هو بالمركز طيلة الجلسة وأثناء كشفه عن مضايقاته طالما استعاد أمانه وثقته. لا بد من أن يشعر بالاحترام عند إشرافه على نوع وأسلوب اقتراحاته للحل.
من المهم دوما وفي ساعات بعد الدوام توفير جو من الأنشطة الحركية لفسح المجال للطلاب بالتنفيس عن انفعالاتهم السلبية بفعاليات رياضية يميلون إليها. وجود سلة دائمة في ساحة البيت لضرب الطابة بداخلها. مضرب خاص للتفريغ، المشي في بستان آمن وقريب، عضوية بناد رياضي... جميعها وسائل تنفيس حركية تعمل على تفريغ تراكماتهم الإنفعالية السلبية.

مقالات متعلقة