المسرحيّة تعكس بعض مظاهر التّدهور الأخلاقي والاجتماعي والتّناقضات الحادّة بين التزام الإنسان بمبادئ أخلاقيّة وبين الواقع القاسي الّذي نضطر أحيانا للتّحايل عليه من أجل مواصلة الحياة

المسرحية تهدف إلى تمرير القيمة الاجتماعية التي تُعزز قيمة ومكانة المعلم والمعلمة في الحياة المدرسية والمجتمعية على حد سواء وتقولب من جديد أفق عطائهم والحياة العريضة التي يمنحونها لطلابهم

تحت رعاية مجلس كفرقرع المحلي، وبمبادرة وتنظيم قسم الثقافة والتربية اللامنهجية بإدارة مها زحالقة مصالحة، وبملائمة رؤيا قسم الثقافة في سلة القيم الإجتماعية للعام الدراسي 2012-2013، تم بالأمس عرض المسرحية الثقافية والهادفة "مع فائق الإحترام" لجمهور طلاب العواشر في المدرسة الثانوية الشاملة، والتي تهدف إلى "تمرير القيمة الإجتماعية التي تُعزز قيمة ومكانة المعلم والمعلمة في الحياة المدرسية والمجتمعية على حد سواء، وتقولب من جديد أفق عطائهم والحياة العريضة التي يمنحونها لطلابهم، سعياً وراء إحداث التغيير في تعامل الجيل الجديد مع المعلم ومكانته بما يعود بالفائدة الأخلاقية والثقافية على الفرد والمجتمع وإعادة المجد الذي كان". وقد أفلح العرض في "تعرية الواقع البائس الذي يؤول إليه بعض المعلمين بسبب القوانين الصارمة التي لا تأخذ بعين الإعتبار رغبة بعض المعلمين في التغيير، والحاجة الماسة لطرح موضوع التعامل مع المعلم في المجتمع الأسري والتربوي بالطريقة التي كانت في الماضي".

ورحبت مها مصالحة زحالقة بجمهور طلاب العواشر والطاقم التدريسي من المدرسة الثانوية، موجهة جزيل الشكر للمربي محمد نايف مصالحة، مركّز التربية الإجتماعية في المدرسة الثانوية، المربي هاشم عبد الباقي مدير المدرسة، على "التنسيق والتعاون البناء لما فيه خير لطلاب المدرسة"، وأثنت على "التعاون المثمر مع المدرسة الثانوية لصالح الطلاب"، كما وأكدت للطلاب أن "قسم الثقافة والمجلس المحلي يبوبان الفعالية الثقافية تحت شعار: معاً نعيد مجد مكانة المعلم الوفي المخلص الذي يُعد أجيالاً من الأبناء الصالحين لذويهم ومجتمعهم الخيّر"، مأكدة لأسرة الطلاب والمربين "الأهمية القيمية القصوى التي يحملها بيت الشعر الخالد للشاعر أحمد شوقي: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا". وتجدر الإشارة إلى أن إلهام بيراخ، مديرة مسرح الكرمة، قد رافقت المسرح وحلت ضيفة على كفرقرع وشاهدت العروض مع الطلاب في أول زيارة لها إلى البلدة بعد تسلمها المنصب الجديد.

ضرورة احترام المعلم
عاش الطلاب ساعة كاملة من التجول بين "المواقف الحياتية المميزة والنهفات التي يعيشها مُدرس يائس أراد الخروج للتقاعد مواجهاً كل الصعاب البيروقراطية التي تضعها الدولة ووزارة المعارف في طريقه، في الوقت الذي ينصحه به الجميع إلى اللجوء إلى سبل إحتيالية وأكاذيب من أجل الحصول على رسالة الإقالة"، وقد أفلحت المسرحية المميزة في توظيف المشاهد الفكاهية التي أضحكت الطلاب من أجل تمرير رسالة "ضرورة إحترام المعلم، وهذا الإنسان الذي يكرس بل ويفني حياته في خدمة الطلاب تربوياً وإنسانياً". وتُصنف مسرحية "مع فائق الإحترام" ضمن الجانر المسرحي الكوميدي وتتحدث عن "معلم مدرسة يرغب بالخروج إلى التقاعد بعد سنوات طويلة من الخدمة بتفان وإخلاص، فترفض المؤسسة طلبه فيواجه مشاكل عديدة توصله إلى مواقف محرجة وحالات غير معتاد عليها".

التدهور الأخلاقي والاجتماعي
تعكس المسرحيّة "بعض مظاهر التّدهور الأخلاقي والإجتماعي والتّناقضات الحادّة بين إلتزام الإنسان بمبادئ أخلاقيّة وبين الواقع القاسي الذي نضطر أحيانا للتحايل عليه من أجل مواصلة الحياة. هل ينجح الأستاذ في الخروج للتّقاعد وفي نفس الوقت المحافظة على كرامته الشّخصيّة ومبادئه؟! ".وقد تعاطف الطلاب كثيراً مع المعلم المخلص والوفي للمبادئ، وذلك الصراع المادي الأخلاقي الإنساني الثقافي الذي إحتل مسرح الحوارنة لمدة ساعة من الزمن والتي امتحنت أيضاً وفاء الطلاب للمبادئ الأخلاقية الصحيحة، حيث صفّق الطلاب بحرارة شديدة ملفتة للنظر ولصدقهم في اللحظة التي عاد بها الفنان خالد عواد "المعلم" إلى صواب القرار رافضاً التخلي عن أخلاقه، وضارباً بالحيل والخدع عرض الحائط، وقد أبدع الفنانون أسامة المصري والفنان إياد شيتي والفنانة ميساء خميس عموري في أداء الأدوار المتنقلة التي برعوا بها على المسرح من أجل خلق الحبكة المسرحية المميزة التي نالت إستحسان الطلاب. وفي نهاية العرض شكرت مها زحالقة مصالحة الطاقم الإداري والتدريسي في المدرسة الثانوية الشاملة، واختتمت الشكورات بتقديم "عميق الشكر إلى أسرة مسرح الكرمة وأسرة الفنانين الرائعين الذين يحملون كل على ظهره تاريخاً مُشرفاً في عالم المسرح، كما ووجهت شكرها لعنان أبو حاطوم وراضي مصاروة في الهندسية الصوتية والتقنيات مرحبة من جديد بالمديرة الجديدة لمسرح الكرمة الهام بيراخ ميخائيل".