الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 09:02

وفاء ترشيحاني تكتب على منبر العرب: وداع جوهرة

كل العرب
نُشر: 21/02/13 16:48,  حُتلن: 20:22

وفاء ترشيحاني تكتب على منبر العرب: وداع جوهرة

شهيقي يا اُماه قد عاش بين أضلع صدرك، وكلما خاطبت عيناكِ عينايّ مُت أنا في أحضان عرشك .. جاءت تلك الأحاسيس وعاشت في معاصم يديك، هاجت قبلاتي حائرةً على محطة ذاكَ البحر مستنشقةً لحن همساتك! من بعدك يا من سيطرت على إحساسي صُلبتُ ونسيت معك نصف قلبي الثاني، فلهذا السبب لم أكن أتنفس بسهولة مخنوقٌ أنا ووحيد في ظلمة النسيان، كوابيس تراودني في الليالي، أشعر أن أمي أصبحت ظلاً يراودني كل مساء يراقبني على فعلتي هذه! الدموع داخل العين حارت والأيام راحت والليالي لاقت وجارت.

ندمت ساعتها ندمت ساعتها .. فأنا بدونك يا أماه نكرة، كفريسة بين مستذئبيها سهلة مدلاة لأنيابها.. لا أهمية لي، أما أنا فهدفي الوحيد الموت .. أو الإنعزال التام عن الحياة .. حطمتني وجعلتني آكل لحم أجزائي يا شريكتي … أما أنا الآن لست سوى شخص ضعيف هزيل منخور الفقر .. مكسور القلب، عديم الإحساس. آخ آخ .. أتعلمون من تركت .. قد تركت جوهرة لا تباع ولا مثيل لها، لا تصاغ بثمن، أسطورة العالم، إغريقة السلاطنة .. ولكنني يا أعزاء حطمتها! .. أنا مجنون فكيف وطأت طريق الهلاك وشممت زهرة دمرتني وأبعدتني عن جوهرة حياتي التي كنت أحافظ على بريقها، تداويني وأداويها.. غبت عنها وسرق قلبي، قلبي الأسود إختلط بعقلي المشوش.. فلم يعد لي أي تفكير صائب!!، هل تسامحيني يا أماه؟، حنيت رأسي وركضت والدموع تنهمر من أعلى وجنتي وحرارتها كالجمر، وصلت الى البيت فإذ بنسمة هواء صدمت بي وأرعشتني قليلا، وجدت الباب مفتوحا ولكنني لم أقرعه حتى!، لكنني كنت متحمسا ومنتظرا لحظة قروعي لهذا الباب وأن ألمسه وأقبله من أجواف صميمي.

وجدت جوهرتي مكسورة، وجدت أمي مفتوحة الأعين، تدمع وتقول لي بصوت نحيل جئت يا بني! قلت لها والشوق على شفاهي نعم يا أماه… سامحيني أرجوك، وكانت همسات الأسف على لساني قالت لي أسامحك يا نصف قلبي.. كل الذي فعلته بك يا أماه وتسامحينني!! لم أفقد حناني الفطري عليك يا بني!، كم أخجل من نفسي.. قبلت يداها وضممتها لصدري.. قالت له يا بني.. قال أمي أرجوك لا تموتي أرجوك ورب خالق هذا الكون وعذابه، سأدفع من عمري الكثير لترجع حياتنا سويا قرب ذاك الشاطئ، قرب تلك الأسماك ونستنشق سويا رائحة بائعة السكر.. غامرت وقطعت أشواطا لأصلك ولأكون بقربك مدى العمر، سأكسر قلب من منعني من حضنك وزرع السم في عقلي وشوشني، وسأدمع كل عين أبعدتني عنك ومزقت لك قلبك… فلماذا أنت يا أماه!! لماذا لماذا!!، أنظري إلي أرجوك.. نظرت اليه وابتسمت وقالت طيري يا فراشة من أعيني وارعيه.. ولدي إني أحبك، حتى لو أنك رفست الباب برجلك حين وليت.. حتى هذا اليوم أحبك يا ولدي! عمياء أنا ولكنك في قلبي مزين.. صورتك لا تفارق وجنتي.. عميت عيني من كثر البكاء عليك.. يا وريد من عنق قلبي قد تمزق، أناجد الموت الآن وما باليد حيلة.. إنتبه على نفسك.. سأكون ملاكا بجانبك يراقبك.. وأعدك أن أقبلك قبل المنام كل ليلة…

الوداع يا زهرة تيبست وتوارت في التراب، سافرت وعذبتني في أيام السراب.. ألقت الشمس تحية الوداع، وبكت كل المداخن والحطب والدمع أصبح رماد.. لقد تجرعت غصص فراقك، أمي لماذا يا ربي لماذا .. خذ روحي وهبها لروحها الطاهرة.. لا تخافي يا أماه لن يأخذونك مني لا تخافي عتمة القبور.. سأنام بقربك وستقرئين لي الحكايا مثلما كنت طفلا مطيعا، أما أنا الآن لست بطفل وإنما مغفلا لأنني تركتك تعانين تلك الجراح.. وذهبت مع حمقاء كلها أشواك.. سيطرت على أنسجة عقلي.. وأوهمتني بالكثير سأكون دائما بقربك أعدك.. لا روح تشفي روحك سواك يا أماه.. سأكون طفلا يحبك وملاكا يعبدك.. وما بشهيقي الأخير وهنا كان أجمل لقاء أحاط الغبار أعيني، وكنت أنا الحزين الأروس بأني المدافن، فمت متأثرا بجراحي…

الجديدة - المكر

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة