الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 07 / مايو 04:01

انتصار الأصفر...لا البرتقالي والأحمر والأخضر/ بقلم: سميح غنادري

كل العرب
نُشر: 18/02/13 15:32,  حُتلن: 15:20

سميح غنادري في مقاله:

استمر بل وتعزز الاقتراع على خلفيات وأسس قبلية ودينية وجغرافية محلية وانتخابات بلدية

فائض حديثنا وأحزابنا عن ضرورة الوحدة وتشكيل قائمة مشتركة واحدة أو قائمتين على الأكثر لخوض الانتخابات بقي عاقراً وسقط أملنا بتحقيق حلمنا

المسؤول الأول والأساسي عن هذه النتائج هي القوائم الثلاث بأحزابها وقياداتها وإن تفاوتت حصة كل منها في المسؤولية

في السابق كانت عندنا أحزاب لديها أعضاء برلمان وكان عملها الميداني الكفاحي والجماهيري هو الأساس والبرلماني هو الثانوي الداعم والمعبّر أما الآن فأصبح الأمر أشبه باعضاء برلمان عندهم أحزاب يملكونها ومهمتها إيصالهم للبرلمان

فشلت القوائم الانتخابية الوطنية الثلاث وأحزابها في زيادة تمثيلها البرلماني العام وتمثيل كل منها على حدة علماً بأنها كلها أكدت قبل الانتخابات أنها ستحظى بهذا كذلك فشلت في تخفيض نسبة الاحزاب الصهيونية من الأصوات العربية

النتيجة العامة للانتخابات هي المراوحة في المكان مع دالة واضحة للتراجع وهي ليست بانتصار ولا بهزيمة لقد اختار شعبنا التصويت "بالبطاقة الصفراء" وهي بطاقة حَكم المباراة التي يشهرها في إشارة تحذير وتنبيه للاعبين فإما يحسنوا التصرف أو يخرجهم من الملعب

تلخيص نتائج الانتخابات البرلمانية بين العرب (الجزء 2)
حافظت القوائم الوطنية الثلاث: الموحدة، والجبهة، والتجمع، معاً على تمثيلها البرلماني-11 عضواً، وحافظ كل منها على حصته. لم تنخفض نسبة تصويت الناخبين العرب بالمقارنة مع الانتخابات الأسبق لسنة 2009، لكنها لم ترتفع إلا قليلاً- 2.8%. بهذا بقيت الهوّة بل اتسعت قليلاً بين نسبة تصويت العرب ونسبة التصويت العامة في البلاد إذ وصلت إلى 11.3%. وازداد اقتراع العرب للأحزاب الصهيونية بنسبة 3,2%، فنقص بالمقابل اقتراعهم لقوائمهم الثلاث بالنسبة نفسها. هذا أمر جديد وخطير، إذ أن نسبة التصويت العربي للأحزاب الصهيونية كانت في تناقص مستمر، في انتخابات بعد أخرى منذ تسعينات القرن الماضي.

كذلك استمر بل وتعزز الاقتراع على خلفيات وأسس قبلية ودينية وجغرافية محلية وانتخابات بلدية. الأمر الذي يعكس عدم نضوجنا كلياً لمستوى الاقتراع السياسي والوطني العام، ويمس بارتقاء وتعزيز هويتنا القومية الوطنية الجامعة وبتصرفنا كشعب لتحقيق حقوقنا كشعب.
أما فائض حديثنا وأحزابنا عن ضرورة الوحدة وتشكيل قائمة مشتركة واحدة أو قائمتين على الأكثر لخوض الانتخابات، فبقي عاقراً وسقط أملنا بتحقيق حلمنا. رغم أن الحملة الانتخابية مرت عموماً بدون حرب "داحس والغبراء" السعراء، إلا أنها عادت للاستعار بعد ظهور النتائج، على لسان بعض القادة الحزبيين من التجمع والجبهة بالأساس. أما "الموحدة"، ورغم نجاحها الانتخابي النسبي، فقد أصبحت تواجه إمكانية "الفرفطة".

المراوحة في المكان...
بناء على ما ورد أعلاه، يظهر الجدل بخصوص تقييم نتائج هذه الانتخابات رقميا واجتماعياً بما يخصنا كشعب عموماً، لا ما يخص كل قائمة على حدة. هل هذا فشل أم انتصار؟ برأينا، من الخطأ التخندق بين "إما" و "أو". إذ توجد أطياف أخرى بين أقصى الطرفين النقيضين للتقييم. لذا نقترح رؤية "الكأس" بنصفيه- المليء والفارغ. و"الكأس" يقول: بالتأكيد لم ننتصر، لكننا لم نفشل، بل راوحنا في المكان رغم عبور الزمان من 2009 إلى 2013. وهو مكان تراوح فيه بعض قوائمنا منذ القرن الماضي، وبعضها منذ سنة 2006. المراوحة في المكان، رقميا واجتماعياً، أمر سيء. هي عكس الارتقاء وعكس التراجع في الوقت نفسه. وتقترب، في حالتنا، من حافة الفشل لا حافة الانتصار لأن نسبة اقتراعنا ارتفعت. كذلك ازداد تعداد أصحاب حق الاقتراع من الشباب الذين سيقترعون لأول مرة بعشرات الألوف، وكانت الظروف السياسية العامة في البلاد وخطر هيمنة اليمين المتطرف وشبه الفاشي مواتية لأن يرفع العرب نسبة تصويتهم بشكل جدي وأن يزيدوا لا أن ينقصوا من اقتراعهم لقوائمهم الوطنية.

أي خطاب نريد؟
المسؤول الأول والأساسي عن هذه النتائج هي القوائم الثلاث بأحزابها وقياداتها، وإن تفاوتت حصة كل منها في المسؤولية. هي شاخت وتكلست ولم تجدد وتطور فكرها وسياستها وممارساتها وتنظيمها وتركيبة قوائمها الانتخابية. بينما مجتمعنا وشعبنا، نحن الناخبون، تغير وتبدل وتجدد متطلبات وتطلعات. شببنا عن الطوق، بينما أحزابنا وقوائمنا ما زالت إلى حد بعيد تعشعش في "أقفاص" مواقف قديمة ثبت بطلانها- محافظة كانت أم راديكالية متطرفة. "تُحسن" أحزابنا تلقيننا الدروس، لكنها لا تجيد الاستماع لنا ولا وعي احتجاجاتنا على نهجها ازاء القضايا التي تشغلنا وتقلقنا، ولا تعاملها إزاء بعضها البعض، ولا الكفّ عن التعامل معنا "كمخزن أصوات" من المفروغ منه أن يدعمها ويقويها بحكم المسؤولية الوطنية.
تغيّر شعبنا وبتسارع، كماً وكيفاً. نما تعداد ودور الفئات الشابة وأوساط الأكاديميين والمثقفين والموظفين وأصحاب المصالح الخاصة والفئات الوسطى. وازداد ارتباطنا بالمجتمع الإسرائيلي، إذ هنا نولد ونلد ونأكل ونشرب ونرتدي ونعمل ونزرع ونشيخ ونموت. هذه ليست "أسرلة" ولا "صهينة" ولا انتقاصاً من اصرارانا على هويتنا القومية والوطنية كجزء من أمتنا العربية وشعبنا الفلسطيني. بل هي تحصيل حاصل لعدم إمكانية أن تعيش في مجتمع وأن تكون حراً منه في الوقت نفسه- اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً.
صحيح أن انتساب تلك الفئات لعضوية أحزابنا ولايديولوجياتها قد نقصت بما لا يقاس بالمقارنة مع الماضي، وكذلك التزامها وتقبلها لما يقوله قادة الأحزاب. لكنها لم تصبح أقل وطنية واصراراً على هويتها وحقوقها القومية والمدنية، بل أصبحت أكثر نقدية ومطالبة بالمشاركة وبأخذها ومواقفها بعين الاعتبار. فلتفحص الأحزاب الأسباب التي أدت للتراجع في كونها العنوان وبؤرة الجذب، وأولاً ذاتها وأقوالها ونهج أعمالها وتركيبة قيادتها وقوائمها. وإما أن تعتمد رؤية ورؤيا جديدة في المرحلة الجديدة، وإما يبقيها شعبنا في موقع المراوحة في الماضي. خصوصاً أنه انتهى عهد الاحتكار الحزبي للعمل الوطني. علماً أيضاً بأن كل احتكار وإصرار متواصل على التربع على الكرسي يميل إلى الجمود والتكلس وحتى التعفن، عداك عن "الروتين" في العمل.

هدف لا وسيلة
في السابق كانت عندنا أحزاب لديها أعضاء برلمان، وكان عملها الميداني الكفاحي والجماهيري هو الأساس، والبرلماني هو الثانوي الداعم والمعبّر. أما الآن فأصبح الأمر أشبه باعضاء برلمان عندهم أحزاب يملكونها، ومهمتها إيصالهم للبرلمان. أصبح البرلمان هدفا لا وسيلة وأداة. ويكاد يغيب كليا العمل الجماهيري الكفاحي اليومي للأحزاب ولفروعها في إثارة قضايا الناس وتجنيدهم لها، من أصغرها إلى أكبرها، وفي أصغر قرية إلى أكبر مدينة.  لم تعد فروع الأحزاب ونواديها هي العنوان والحاضنة والدفيئة الجذابة. هي أصلاً غير موجودة في الغالبية الساحقة من بلداتنا، وكذلك المتفرغين- المحترفين الحزبيين الميدانيين. لكن تلك وهؤلاء يتكاثرون كالفطر عشية الانتخابات البرلمانية، ويختفون كليا صبيحة اليوم التالي لظهور النتائج. قام "الزنجي" بعمله- أوصلنا للبرلمان- فليذهب إلى بيته، ونحن على لقاء معك يا شعبنا في مقرنا الذي سنعيد فتحه عشية الانتخابات القادمة بعد سنوات أربع. وطوبى لأعضاء البرلمان معاشاتهم الدسمة وتغطية العديد من مصروفاتهم، ولا حزب يفكر اليوم باقتطاع حصة كبيرة من معاشاتهم لصالح الحزب وعمله الميداني الذي أوصلهم للبرلمان.

خطابات
أضف إلى هذا تسابق نوابنا وقادة أحزابنا في المزاودة في الخطاب الفكري والقومي والسياسي العام، من على منبر البرلمان... وعلى حساب إبراز الخطاب المدني ومطالب وتطلعات الناس المدنية. لا نريد لأحد أن يتنازل عن هويته الفكرية وبرنامجه السياسي العام. ولكن الفكري والقومي العام لا يعني إهمال الإبراز والتركيز على المدني واليومي. والكنيست ليس الميدان ولا المنبر لجعل إسرائيل دولة خلافة إسلامية ولا دولة اشتراكية ولا دولة مواطنيها، ولن يتم في أروقتها حل القضية الفلسطينية، ولا إنهاء الاحتلال واقرار أن الصهيونية حركة عنصرية وكولونيالية.
أرسل شعبنا ممثليه إلى البرلمان ويريد منهم خطابا وأداء برلمانيا يرتقي إلى مستوى تطلعات وطموحات المواطن. هو يطالب بإنجازات بما يخص قضاياه المحرقة كأقلية قومية تعاني من السياسة العنصرية الرسمية والتمييز القومي والمدني والإقصاء والتهميش، لا بخطابات وتصريحات نارية. تقلقه وتخنقه وتشوّه حتى هويته القومية قضايا الفقر والبطالة والعمل والتصنيع والتعليم والإسكان ومسطحات البلدات العربية والعنف والطائفية والتسييس الديني والميزانيات والخدمات الاجتماعية... إلخ. لن يتم حل كل هذه القضايا جذريا دون تغيير طابع الدولة وجوهر سياستها. لكن بالإمكان تحقيق إنجازات على درب الآلام الطويل هذا. أصلاً كل تاريخ شعبنا في هذه الدولة، منذ قيامها، تاريخ كفاح وتحقيق لبعض الإنجازات رغم السياسة الرسمية. يضخـّم أعضاء البرلمان دعائيا ويتفاخرون عشية الانتخابات بانجازات حققوها وبقوانين وإجراءات عادلة مرروها. لذلك كان الأجدى بهم عدم تعليق كل نقص وتكاسل وعدم إبداع وإنجاز في عملهم البرلماني وعدم النجاح في اكتساب مؤيدين لمقترحاتهم في البرلمان واقتحام وسائل الإعلام العبرية... على شماعة سياسة التمييز، رغم أنها تبقى هي أساس الداء. فلا يضيرهم أن يفحصوا اداءهم وخطابهم البرلماني والإعلامي.

استنكارات واستجوابات!
يريد شعبنا خطابا وأداء برلمانيا لا ينفـّر ولا يقول للآخر، بنصه ولهجته، أن عادوني وارفضوا سماعي. خطاب يُحسن رؤية التمايز والتمييز بين مختلف كتل وأعضاء البرلمان الآخرين، ويصعّب عليهم الطعن بمصداقية وعلمانية وموضوعية فحواه ومعطياته. ونريد خطابا وحدويا وتنسيقيا بين الكتل الثلاث لقوائمنا، بكل ما يخص مطالبنا المدنية كأقلية قومية، لا أن يحفر عضو البرلمان حفرة لزميله من كتلة أخرى. ونريد نوابا يجيدون اختراق وسائل الإعلام ويبدعون في طرح قضايانا وكسب التفهم والتعاطف معها. نريد خطابا فيه أقل ما يمكن من الخشونة والخشبية والجعجعة والتنفير ورد الفعل، وأكثر ما يمكن من المبادرة والفعل والهدوء والإقناع والليونة المبدئية والتجميع والتوجه الديمقراطي والليبرالي، ودون أي تنازل عن الحقوق القومية وطرح القضية السياسية العامة. لغتنا العربية يا نوابنا غنيّة وأفعالها لا تقتصرعلى: حضر، خطبَ، صرّح، أرسل، استجوب، استنكر. وإنما فيها أيضا: بادر، عمل، أحرج، أقنع، جنـّد، نفـّذ، أبدع... إلخ. لذا، رجاءً يا نوابنا، كفى إمطاراً لنا بفائض عدد الاستجوابات والاستنكارات والاحتجاجات، وكم من مدارس وبيوت مهدومة زرتم؟ وكم من جلسة كنيست أو اجتماع لجنة فيها حضرتم؟.. يعطيكم العافية، سعيكم مشكوراً. لكن قولوا لنا بربكم كم من قضية لاحقتم ووضعتم خطة مقنعة لحلها، بالاستعانة بأخصائيين، وجندتم آخرين لتمريرها واقرارها في البرلمان؟ أقل من الجلسات والزيارات والاستجوابات وثرثرات المحقين وأكثر من أعمال وخطابات الفاعلين. هذا مع التأكيد أنه لا يجوز لنا محاسبة نوابنا وكأنهم نواب في دولة هم يديرون وزاراتها.

عقاب
لم يعاقب شعبنا أحزابه ونوابه، بل أبقى عليهم. لكنه لم ينتخبهم بحماس وبحرارة، وإنما بفتور يشوبه الاحباط. لقد كشفت أجواء ونتائج الانتخابات عن وجود أزمة حقيقية في الآداء السياسي والبرلماني لأحزابنا ولقوائمنا طالت ثقة شعبنا بطليعته المنظمة وبممثليه. والأزمة ليست فشلا ولا انتصاراً، وإنما نتاج أخطاء سابقة (فصّلنا بعضها أعلاه). والأزمة تتطلب حلاً. فإما أن يحلها من سببها أو تتفاقم فننفجر، ولن تجد أحزابنا وقوائمنا عندها من يحاول انقاذها حتى بفتور. لو وعت أحزبنا وقوائمنا ونوابنا هذا الخطاب المنشود ومارسته عملاً برلمانياً وكفاحاً ميدانياً، لكان شعبنا سينصرهم انتخابيا لأنه يريد الانتصار لذاته. على نفسها جنت "براقشنا"- أحزابنا، فحرمت ذاتها وأنفسنا من فرح الانتصار، أو قل النجاح الانتخابي الذي كان منشوداً ومأمولا وممكنا. هكذا أقرأ نتائج الانتخابات وأسبابها، رغم أن قادة بعض أحزابنا يعتبرونها تجديداً للثقة بهم ونجاحا وانتصاراً لهم ولنا (؟!).

الانتصار الفاشل والفشل المنتصر
تحدث في كل انتخابات، ومنذ سنوات، عملية السرقة "الوطنية" للأصوات. هي "وطنية" (بين مائة قوس بالنسبة لي) لأنها لصالح قوائمنا الوطنية الثلاث وضد الأحزاب الصهيونية. ولذلك تشرعنها قوائمنا وتتقاسم "الغنيمة" معاً بالتساوي. فيصوت من لم ينتخب، في ظل غياب "الناطور". كذلك الأمر بخصوص الارتشاء المالي وشراء الأصوات، عن طريق الاستغلال المهين لفقر وحاجة بعض العائلات، وإيضاً عن طريق تشغيل مقاولي- تجار- الأصوات. هذه المتاجرة "الوطنية" ومقايضة "الولاء" الحزبي السياسي بالدفع النقدي، أخطر من سرقة الأصوات. إذ أنها تمس الهوية القومية والمناخ الوطني النظيف لشعبنا.  لا يستطيع أحد حصر مدى انتشار هاتين الظاهرتين- (السرقة والرشوة)، ولا مدى تأثيرها على الحصيلة النهائية لنتائج الانتخابات. أعلم أن الظاهرة الأكثر انتشاراً هي سرقة الأصوات، لا شراؤها. لكن، هل رفعت هاتان الظاهرتان السيئتان من نسبة تصويتنا، وبكم؟ 5% أم 10% أم 15%؟ وهل كان لها أثر على عدد النواب الذي فزنا معاً به، أو فازت به هذه القائمة أو تلك، وهل كان سيكون أقل لو تعذرت السرقات والرشوات؟ لا أعلم ولا يستطيع أحد أن يعلم بالضبط، لأنه من المتعذر حصر واحتساب مداها.
ما أعلمه بالتأكيد أن قسماً كبيراً (أو صغيراً؟) من الأصوات التي فازت بها قوائمنا الوطنية الثلاث أصوات كاذبة أفرزت نتائج مشوّهه وغير حقيقية إلى حد ما. وتعتمد الأحزاب هذه النتائج غير الدقيقة في تقييم ذاتها وشعبيتها ومدى قوتها، فتخدع وتغش ذاتها الحزبية وذاتنا الجمعية كشعب. وأعلم بالتأكيد أن النضال العادل يحتاج إلى وسائل وأدوات عادلة، وأن تغييب الأخلاقية عن الممارسة حتى الانتخابية هي تشويه لذاتنا وحصانتنا الوطنية. تباً لفشل ولسقوط أخلاقي يجلب لي الانتصار الموهوم، ويا مرحى بفشل مؤقت نظيف يضمن لي صعوداً وانتصاراً أكيدا في المستقبل القريب، إذا ما أحسنتُ استخلاص الدروس من النتائج الحقيقية للانتخابات.

هلو...أحزبنا، هل من سميع؟!
زهقت من كثرة تردادي في هذا المقال وفي مقالي السابق، أني لا أساوي أبداً في الأخطاء والخطايا بين كل أحزابنا وقوائمنا وأعضاء البرلمان. فتلخيص النتائج واستخلاص ما توحي به عمومي ولا يخص كل حزب/ قائمة بمفرده. لكنني في الوقت نفسه لا أبرئ أيا من الأحزاب والقوائم ومن أعضاء البرلمان العرب من قسطها وقسطهم في المسؤولية، وإن كان بتفاوت. لنأخذ، على سبيل المثال، قضية عدم الاتفاق على خوض الانتخابات بقائمة واحدة أو بقائمتين تتفقان بينهما على فائض الأصوات. ما من شك أن "الجبهة" هي التي رفضت هذا وتتحمل مسؤوليته. لكن هل "الموحدة" و "التجمع" عملا حقاً خلال السنوات الماضية لإعداد الأرضية لتحقيق هكذا اتفاق، أم عمّقا الشرخ وساهما في تسعير الخلافات والاختلافات؟
ليس من الممكن أن "نفقس" كلنا وحدويين وأن نضمن اتفاقاً وحدوياً مشتركاً عشية الانتخابات. علماً بأن الطبع هو غير التطبع، والذي يزرع الريح يحصد العاصفة. كلنا زرع وسعّر "الريح" على مدى عقدين سابقين تقريباً. وهكذا ثقفنا كوادرنا الصاعدة. فحصدنا هكذا نتائج انتخابية لا يمكن عدم إعادة حصة محترمة من المسؤولية عن نواقصها- (نسبة تصويت منخفضة وتعداد أصوات قليل وازدياد التصويت العربي للأحزاب الصهيونية)، إلى غياب اتفاق مشترك لخوض الانتخابات معاً، أو بقائمتين.
وقّع كل من "الجبهة" و "التجمع" على اتفاق فائض أصوات بينهما. وأمام صناديق الاقتراع في أكثر من بلدة رأيت نشطاء وشبيبة الجبهة يراهنون ويحلمون بأن التجمع لن يعبر نسبة الحسم أو سيحصل على عضوين فقط. ورأيت نشطاء وشبيبة التجمع يراهنون ويحلمون بأن الجبهة ستخسر عضواً من تمثيلها الرباعي في البرلمان. وكم كانت وجوه الفريقين كالحة عندما أطاحت النتائج بأحلامهم!
اقرأوا، إذا كانت أعصابكم تحتمل هذا، ما يخربشه ويتقيأ به بعض شباب ونشطاء هذين الحزبين على شبكات التواصل الاجتماعي الإلكتروني. الخلاف مش على رمانة، وإنما على قلوب ملآنة. وإذا كان رب البيت قارع دف، فشيمة أهل البيت الرقص. ارقصوا واشتموا يا أولاد- و "الشتيمة" على "أمكم"، على أحزابكم. (لا أعفي "الموحدة"، من قسطها في هذا السقط الوطني الاخلاقي، لكني اخترت مثال الجبهة والتجمع العلمانيين والأقرب إلى بعض فكرياً وسياسياً!). هكذا سلوك اجتماعي وثقافي أشد خطراً علينا وعلى أحزابنا وعلى هويتنا القومية من خسارة الأصوات وهبوط تمثيلنا البرلماني.


قوائم، بأي حال عدت يا قوائم...؟!
فشلت القوائم الانتخابية الوطنية الثلاث، وأحزابها، في زيادة تمثيلها البرلماني العام وتمثيل كل منها على حدة. علماً بأنها كلها أكدت قبل الانتخابات أنها ستحظى بهذا. كذلك فشلت في تخفيض نسبة الاحزاب الصهيونية من الأصوات العربية، إذ ارتفعت هذه، ونقصت بالذات حصة نسبة القوائم العربية منها. وكانت قوائمنا اتفقت على أن لا تتفق بخصوص القائمة المشتركة الواحدة أو الثنائية. ولم تجدد أو تتجدد لا في تركيبتها ولا في خطابها ونهج توجهها وتعاملها. لهذا كله لم تمنحنا أملا، أفقا، حماسا، حلما بأننا قادرون معها وإياها على النهوض بقضيتنا من خلالها. فاقترعنا، عدا عن دوائر النشطاء الحزبيين، بفتور. فراوحنا وراوحت قوائمنا ونتائجها الانتخابية في المكان القديم إياه.
هذه هي الصورة العامة لنتائج الانتخابات. ولا يحق لأية قائمة أن تلقي بمسؤولية وتبعات هكذا نتائج على القائمتين الأخريين المنافستين. جميعها مسؤول. ومن كان منها بلا أخطاء وخطايا، فليرجم الأخريات بحجر. وبقينا نحن اخطية أخطائهم وخطاياهم. لكن الصورة العامة للنتائج تخفي ألوان وأطياف الصورة الخاصة لنتائج كل حزب – قائمة – على حدة. رؤية الغابة يجب ألا تمنعنا من رؤية الأشجار الفرادى، والعكس صحيح.

الموحدة...
ازدادت أصوات الموحدة بالمقارنة مع الانتخابات السابقة لسنة 2009، بـ 24408 أصوات، وهذا يعني زيادة أصواتها بنسبة 21%. واقتربت من تحصيل عضو برلماني خامس، إذ بلغ فائض أصواتها فوق العضو الرابع 20906 أصوات (سابقا كان فائضها 4970). وبلغت نسبتها من الأصوات العربية للقوائم الثلاث 30.82%. يحق للموحدة أن تعتبر هذا نجاحا، لا انتصارا. لكنه نجاح مشوب بالتصويت ذي الطيف الديني الواحد – الإسلامي. و"نجاح" لكمّ من "الأحزاب" (؟!) المتحالفة في إطار الموحدة والتي لا نعرف عن وجودها ونشاطها إلا كونها تتبرقع بالقناع الحزبي لشراء المقعد البرلماني أو تبيع أصواتها ودعمها مقابل الدفع النقدي السخي لها. الاتفاق السري – المعروف بين العمود الفقري للموحدة ، أي الإسلامية، وبين طلب الصانع ومحمد كنعان وغيرهما... يهبط عن مستوى الرشوة المالية ليصل إلى مستوى الزنى – طبعا السياسي.
أعتقد أن "العربية للتغيير" بقيادة النائب أحمد الطيبي، والتي هي جزء مكوّن للعربية الموحدة، قد وفـّرت للقائمة من الأصوات ما يكفي لإنجاح عضوي برلمان. وهذا بفضل شعبية وجماهيرية الطيبي بسبب خطابه ونهج عمله ونشاطه البرلماني وفعاليته وظهوره الإعلامي الجذاب والمقنع. أظن أن الطيبي يتجه نحو الانفصال وتشكيل قائمة خاصة لخوض الانتخابات القادمة. وكنت قد اقترحت، في مقال لي نشرته قبل الانتخابات، أن مكانه كعلماني هو في تحالف ثلاثي يشمل الجبهة والتجمع.

التجمع...
زادت أصوات التجمع بنسبة 15.7% وبـ 13178 صوتا. وبلغ فائض أصواته فوق العضو الثالث 8834 صوتا (سابقا 2001 صوت). وبلغت نسبته 21.59% من مجموع المقترعين العرب لقوائمهم الثلاث. وارتفعت أصواته، بالمقارنة مع نتائجه في انتخابات سنة 2009، بشكل كبير في العديد من البلدات (وهبطت في أخرى). ففي الناصرة بلغت نسبة الارتفاع 46%، وفي شفاعمرو 40%، وفي يافة الناصرة 135%، وفي النقب 380%!. خاض التجمع الانتخابات هذه المرة بدون تحالفات مع أحد، بعكس الماضي. ورغم هذا يرتفع أصواتا ونسبة وفائضا. وما من استنتاج لهذا إلا أن التجمع أثبت وأكد ووطّد – (وسجّل في الطابو) – أنه حزب، تيار، ثابت وصاعد وليس بطارئ أو عابر أو مؤقت.
والأجدى بمن عمّم بين شعبنا مصطلحات وشعارات تستخف بالتجمع، مثل: "حزب الشخص والواحد" و"عزمي في قطر التجمع في خطر" و"لن أحرق صوتي" (بمعنى لن أصوت للتجمع لأنه ساقط انتخابيا) – أن يعيد ليس حساباته البائسة هذه فحسب، وإنما أن يتخذ قرارا استراتيجيا بضرورة التحالف مع هكذا تيار قومي، سقط وهْم إزالته من الوجود. وآن الأوان ومنذ زمن لقناعة الآخرين بأن وجود التجمع إلى جانب ومع التيارين الآخرين، "الشيوعي – الجبهوي" و"الإسلامي" مصلحة عليا لشعبنا بكافة أطيافه الوطنية.

رمال متحركة
لكن المطلوب من التجمع أن يعي أن أكثر من 12000 صوت (وحساباتي دقيقة) قد حصل عليها في هذه الانتخابات على خلفية جغرافية مناطقية وقبلية عائلية وانتخابات بلدية. لكن هذا غير ثابت ولا ينم عن ولاء سياسي وفكري للتجمع. وهو كالرمال المتحركة قد تذروه الرياح إذا ما أحسن الآخرون من ترشيحاتهم بما فيها المناطقية ومن تحالفاتهم البلدية. وآن الأوان للتجمع لبناء قاعدة حزبية صلبة له في البلدات العربية تنشط في أعمالها واهتمامها بقضايا الناس محلّيا. من الخطأ جعل النجاح مُسكراً وإطلاق التقييمات على عواهنها عن "التيار الأول" و"القوة الأولى بين الشباب" –(هو حزب شاب والشباب ومتوسطي العمر غالبية أعضائه، لكن هذا لا يعني أنه القوة الأولى بين الشباب عموما). ما زال التجمع في مكانه - التيار الثالث. ثم هذا الانفلات بحق الآخرين – خصوصا لدور وتاريخ الحزب الشيوعي والجبهة - كما يظهر ويزداد مؤخرا عند بعض قادته – قائداته، آن الأوان لوضع حد له. فالذي عانى من آخرين حاولوا احتكار الوطنية لأنفسهم، يجب أن يكون الأحرص على عدم توزيع شهادات اللاوطنية واللاقومية على الآخرين. وراديكالية الخطاب المفتقر للرصيد وللممكن بما يخصنا كمواطنين عرب وعلى الصعيد السياسي العام إسرائيليا وفلسطينيا، تحد من جماهيرية وصعود الحزب، وتمنع انجذابا واسعا لفئات جديدة له، وإعادته ليكون بؤرة جذب أولى للمثقفين والأكاديميين وللفئات الوسطى... كما كان في السنوات الأولى لتأسيسه.  بهذا الارتباط، أودّ الإشادة بتصريحات ومواقف النائب البرلماني الجديد للتجمع د. باسل غطاس. هو يؤكد على أن القومي لا يتناقض مع المدني واليومي من مطالب، ويضيف أن شعبنا يطالب وبحق من منتخبيه أن يحققوا إنجازات، ويدعو لإيلاء المطالب المدنية والاقتصادية والاجتماعية الاهتمام الأكبر. وهو يدعو كل أحزابنا، التي تمثل الأقلية القومية الفلسطينية في وطنها،إلى عدم تسعير ما تختلف عليه وإنما إلى البحث عن الجامع والمشترك بدلاً من البحث عن الخلافات وتعظيمها. حبّذا لو يصبح هذا الخطاب هو السائد في التجمع، موقفاً وممارسة.

الجبهة...
لم يزد تعداد أصوات الجبهة إلا بـ 1480 صوتا، ولم ترتفع عن أصواتها في الماضي إلا بنسبة 1.3%. وبلغت حصتها من مجموع أصوات العرب لقوائمهم 25.3%، أي تراجعت بنسبة 5.7% عن نسبتها السابقة التي كانت (31%). وترتفع نسبة التصويت في قلعتها الوطنية التاريخية – مدينة الناصرة – 7.2%، لكن نسبة أصواتها فيها تهبط بـ 1.88%! ونقصت أصواتها بين اليهود بنسبة 50%. حصلت الجبهة في انتخابات 2009 على 4 أعضاء برلمان وبقي عندها فائض 3146 صوتا، بينما نقصها في الانتخابات الحالية 3846 صوتا للفوز بالرابع الذي حصلت عليه بسبب فائض أصواتها فوق الثالث، وبسبب الاتفاق على الفائض مع التجمع. وإذا ما قارنا أصوات الجبهة بالنسبة لأصوات الموحدة والتجمع في هذه الانتخابات بالانتخابات السابقة، يتضح لنا أن الهوة لصالح الموحدة تتسع (من 1824 صوتا فقط سابقا إلى 24752 حاليا)، وتضيق بين التجمع والجبهة (من 30215 إلى 16684).
أي بأية جوانب تختارها للمقارنة، مع الذات ومع الآخرين، تصدمك الحقيقة الصلبة: الجبهة لا تراوح مكانها وإنما هي في تراجع جدي. وهي، يا أيها الرفيق النائب محمد بركة رئيس الجبهة ورئيس كتلتها البرلمانية وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي، ليست "القوة الأولى"، وما من مجال "للاعتزاز بإنجازنا"، وشعبنا لم "يجدد الثقة بجبهته"... وإنما الشعب عاقب جبهته.  عاقب شعبنا جبهته على عدم تجددها وتجديدها، وعلى غياب مبادراتها الوطنية وفعاليتها الميدانية الكفاحية منذ أكثر من عقدين، وعلى رفضها للقائمة المشتركة والثنائية ونشر تبريرات مخجلة وخاطئة لهذا الرفض... لم تقنع أحدا، حتى كوادرها. وعاقبها لتركيبة قائمتها الفاهية، بين تكلّس للقدماء وإعادة ترشيح للفاشل برلمانيا وإقصاء الشباب والمرأة، والمحافظة على مجموعة نواب أربعة معدل أعمارهم 58 عاما، ومنهم من شاخ في البرلمان. وباستثناء دوف حنين لا نجد حضورا وإبداعاً برلمانياً خاصاً لأي منهم. والأنكى "اختراع" أن نائبين منهم سيستقيلان في منتصف الدورة لإدخال المرشح الشاب والمرأة بعد أن يكونا قد تمرنا وتدربا – (أي وهم خارج البرلمان! وهل تمرن سائر نواب الجبهة على العمل البرلماني – على مدى تاريخها – من مقعد الاحتياط الممكن خارج البرلمان، بمن فيهم حضرتكم يا رفيق بركة ويا زميل حنا سويد؟). ثم متى سيلتفت انتباه الجبهة لهذا الاحتراق المتواصل لها في بعض المناطق الجغرافية من الوطن؟

نتائج مؤسفة
هذه النتائج المؤسفة للجبهة تستدعي إجراء هزة عنيفة وجريئة داخلها من نقد وحساب للذات ومراجعة تعيد لها مكانتها وجاذبيتها وانطلاقها. فلا يجوز مواصلة العيش على أمجاد الماضي، كما لا يجوز البحث في الماضي القديم عن أجوبة لأسئلة جديدة في حاضر جديد. أما أن يصرّح بركة: "نحن الأكثر مواظبة وعملاً، الأكثر حضوراً، الأكثر نقاوة..." إلخ من أفعال التفضيل، فيستفزنا لسؤاله: هل لهذا كنتم يا رفيق الأكثر هبوطا في الأصوات؟!
خسارة الجبهة خسارة لشعبنا ولسائر أطيافه وقواه الوطنية. فتحت زيتونة الجبهة المعطاءة والعقلانية، وعلى بيادرها وتجربتها الغنية، نشأنا وجذّرنا بقاءنا في وطننا وصقلنا هويتنا القومية والوطنية والثقافية والاجتماعية والتقدمية.  عندما اختلف الكاتب إميل حبيبي مع حزبه الشيوعي في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي، قال في خطابه في اجتماع اللجنة المركزية: "إن الحزب الذي لا ينتقد ذاته ويراجع مواقفه ويطورها، قد يفقد مستقبله. ومن ينام على أكاليل الغار، قد يستفيق على شاهد القبر". لا، لم ولن تـُقبر الجبهة. ولكنها بحاجة إلى غرفة الطوارئ والإنعاش العلاجي حتى تنتعش وينتعش شعبنا معها وبها، سوية مع التجمع. فهذان التياران الأكثر تصارعاً هما الأقرب من بعضهما البعض فكريا وسياسيا. وفي الاختلاف بينهما تعددية مباركة، شرط عدم تحويلها إلى عداوات. وفي تحالفهما المنشود دفعة قوية لوحدتنا وللهوية الوطنية الديمقراطية واللاطائفية لشعبنا ولرفض تسييس الدين.

ربيع منتظر
وبعد، لنعد إلى العام بعد خاص الأحزاب. النتيجة العامة للانتخابات هي المراوحة في المكان مع دالة واضحة للتراجع. هي ليست بانتصار ولا بهزيمة. لقد اختار شعبنا التصويت "بالبطاقة الصفراء". وهي بطاقة حَكم المباراة التي يشهرها في إشارة تحذير وتنبيه للاعبين، فإما يحسنوا التصرف أو يخرجهم من الملعب. المنتصر هو "اللون الأصفر" في هذه الانتخابات، لا البرتقالي (لون التجمع) ولا الأحمر (الجبهة) ولا الأخضر (الموحدة). حبّذا لو تتجمع هذه الألوان على جمعنا وتجديد خطابها وسكرتيريها العامين وبعض قياداتها الحزبية وأعضاء برلمان وقوائمها الانتخابية ورؤساء صحفها، وتعمل معا على إحياء مؤسساتنا وأطرنا الوطنية العامة وبناء الجديد منها وتطوير كفاحها وكفاحنا الميداني المشترك... فيزول "الأصفر" الخريفي ويقترب ربيع طالما انتظرناه.

[تنويه: من المفضل قراءة هذا المقال بالارتباط مع جزئه الأول، المنشور قبل اسبوع بعنوان: "الأرقام تتحدث، فاصغوا إليها"]

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير علي العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة