الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 11:02

مشهد العالم العربي المعاصر/ بقلم: الشيخ ناصر دراوشة - الناصرة

كل العرب
نُشر: 04/02/13 11:52,  حُتلن: 17:38

الشيخ ناصر دراوشة - الناصرة- في مقاله:

المشهد العربي مأساوي لا بد أن يتغير وذلك بتحريك الفكر وإطلاق الطاقات الكامنة ورفع الصوت عاليا من قبل كل حر يريد لأمته التقدم

مشهد الواقع العربي الان عجيب غريب تراجع في كل المجالات هزائم على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والإقتصادية تغول الدول الكبرى على العرب وحدهم وجعل اسرائيل والحركة الصهيونية لهم بالمرصاد

بسبب الإنكسار الحالي للأمة اصبحت تعول وتعتمد على الآخرين في حل مشاكلها وتنتظر منهم أن يساعدوها حتى تخرج من حالة الإنكسار الذي تعيشه ودليل ذلك اننا نأمل أن تساعدنا الولايات المتحدة وأوروبا على إخراجنا من المأزق الذي نعيش

المشهد العربي المعاصر مريع يظهر الأمة أنها في حالة من إنكسار حضاري قبل الإنكسار العسكري والإقتصادي فهو يبين أن الآخرين في العالم يواجهون مشاكل الحياة والطبيعة بالعلم والعمل والتنظيم المؤسس الذي يجعل كل فرد في المجتمع يعرف المكان الذي يقف عليه 

من يراقب واقع العالم العربي، ويقرأ تاريخه، ويتأمل في جغرافيته الممتدة هذا الإمتداد الكبير في أفريقيا وآسيا، والذي لعب دورا هاما في التاريخ، يتساءل لماذا هذه اللإخفاقات المتتالية للعرب؟؟ اليس لهم تاريخ؟ ألم يكن لهم قادة سياسيون وقادة عسكريون عبر عصورهم الماضية وفي حاضرهم واليست السياسة علما قديما هو فن تحقيق الممكن؟ اليست التجارة ممارسة إنسانية قديمة هي تبادل المنافع بين البشر، ومن ثم تحقيق الرفاهية للشعوب وأن التجار العرب إقتحموا القرارات ووثقوا علاقات أمتهم بالأمم الأخرى، ألم يكن للعرب شأن كبير في السياسة والتجارة، الم يعرف تاريخ العرب عقول علمية ضخمة أسهمت في تطور العلم في العالم وتقدم الحضارة على امتداد القارات الخمسة؟

مواجهة الخطر الكبير
مشهد الواقع العربي الان عجيب غريب تراجع في كل المجالات، هزائم على كل الأصعدة السياسية والعسكرية والإقتصادية، تغول الدول الكبرى على العرب وحدهم، وجعل اسرائيل والحركة الصهيونية لهم بالمرصاد، تسلبه أرضهم، وتقمع دولهم، وتضعف إمكانياتهم، وتترصد حركتهم في كل الإتجاهات، حتى أصاب الترهل شعوب العرب وحكوماتهم وأصبحت أعجز عن مواجهة الخطر الكبير المحيط بهم من كل الجهات، وفقدوا القدرة على أحداث رد الفعل متخطين القاعدة التي تقول لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الإتجاه وكأن هذه القاعدة لا تنطبق على العرب بعد أن فقدوا خصائصهم ومزاياهم التي كانت لهم حتى وقت قريب.
العرب يعيشون الان واقعا غير مقبول على الإطلاق ولا يمكن أن يحقق نهضة، او يخلص من محنة كبيرة ذات ذيول خطيرة وعميقة، ما لم تكن هناك مراجعة شاملة وكاملة متجردة، تعتمد على العقل وتفكر بهذا الواقع الذي وصلت اليه الامة، لعل هذه المراجعة تقود الى النهوض والخلاص من المحنة التي نعيش.

عودة الوعي
لا بد أن تعود الروح للعرب، وعودة الروح، تعني عودة الوعي الذي فقدناه بحقيقة الواقع الذي تعيشه الأمة، والذي يتمثل بالإنكشاف الحضاري أمام أعداء الأمة والطامعين بها في كل المجالات، لسنا الأمة الوحيدة التي هزمت عسكريا وتعرضت للغزو من الخارج وليست هي المرة الأولى التي يتعرض فيها العرب للغزو والإنكسار، فأمم كثيرة تعرضت للغزو والهزيمة العسكرية ولكنها لم تهزم حضاريا بل بقيت محافظة على قيمها الحضارية واصالتها حتى إستطاعت أن تعود ثانية الى قيادة مصيرها بنفسها، والعرب في التاريخ تعرضوا للغزو والإنكسار أمام الغزاة ولكنهم لم يهزموا حضاريا وبقيت روح الحضارة الإسلامية كامنة في أعماقهم تحركهم وتدفعهم لخوض المعركة بجسارة وشجاعة حتى ينتصروا على غزاتهم وجيوشهم الجرارة.

إنكسار الأمة
بسبب الإنكسار الحالي للأمة، اصبحت تعول وتعتمد على الآخرين في حل مشاكلها، وتنتظر منهم أن يساعدوها حتى تخرج من حالة الإنكسار الذي تعيشه، ودليل ذلك اننا نأمل أن تساعدنا الولايات المتحدة وأوروبا على إخراجنا من المأزق الذي نعيش، فمنذ ما يقرب من نصف قرن ونحن نأمل من الإنتخابات في الولايات المتحدة عندما تنتهي، أن تحل قضايانا وتتفهم الإدارة الجديدة المشاكل التي نعاني منها فتأتي إدارة وتذهب إدارة والمشاكل والقضايا قائمة وحالة الإنكسار تتعمق أكثر وأكثر، ولا أحد يلتفت للمأساة التي نعيشها، بل العكس نشاهد أن كل إدارة أمريكية ترتفع الى سدة الحكم تضع نصب أعينها في منطقتنا العربية هدفين لا ثالث لهما أمن اسرائيل المحتوم وضرورة تأمين تدفق النفط، اما ما يحدث للمنطقة العربية من تسلط عسكري اسرائيلي عليها فهو ليس ذا بال، بل يجب أن يبقى التفوق العسكري لاسرائيل على حساب العرب والمسلمين جميعا.

إتجاه الرأي
من يراقب المشهد العربي يرى الخطاب السياسي الإعلامي الرسمي لدينا أصبح لا يهتم بما يحدث في المنطقة العربية بل يهتم بتحليل ما يحدث في العالم بأسره فيحلل مجريات الأحداث في أوروبا وأمريكا والصين وروسيا، ويحدد مسير إتجاه الرأي العام خارج اطار العالم العربي ويرصد مختلف الإتجاهات، أما الواقع المر الذي تعاني منه الأمة العربية فهو لا يعني هذا الخطاب.
من يراقب المشهد العربي يجد أن الآخرين عندما يدرسون واقع المنطقة العربية أو يلتقون مع صناع القرار فيها، لا يفكرون بما تحتاجه المنطقة من أمن أو سلام أو تنمية إقتصادية وإجتماعية وإنما ينظرون إليها من خلال حساباتهم ومصالحهم الخاصة ومدى تأثير ما يجري عندنا من أحداث خطيرة على مصالحهم فقط أما مصالح شعوب هذه المنطقة العربية فليست في حساباتهم. وذلك كله بسبب اننا ندور في فلكهم ولا ننظر الى واقعنا وخلاصنا من هذا الواقع، لا يتحقق إلا بإرادتنا ووفق الرؤية الحقيقية لمعرفة ذاتنا ودورنا الذي يجب أن نقوم به نحن لتحقيق مصالحنا وتأمين الأمن الوطني للعالم العربي بأسره.

مشهد الخطاب العربي
مشهد الخطاب العربي المعاصر سواء كان خطابا قوميا او إسلاميا بحاجة الى النقد والتقويم لانه خطاب لا ينهض بأمة ولا يساعد على إحداث التغيير المنشود من حالة التخلف التي نعيش الى حالة التقدم من حالة الإنكسار الحضاري الى حالة النهوض الحضاري الذي يجعلنا نقيس الأمور بمقياس العقل والحكمة ونحدد علاقتنا مع الآخرين وفقا لحساباتنا الخاصة ولا نجعل الآخرين يفكرون لنا وفقا لحساباتهم الخاصة التي تحقق مصالحهم وتطلعاتهم. الخطاب القومي، خطاب عاطفي وحماسي لا يخاطب العقل بل يعمل على آثارة الحماس وهو في مجمله ليس أكثر من ظاهرة صوتية ليس فيه عقل، ولا يحتوي على الحد الأدنى من النقد الذي يجعلنا نعرف أنفسنا ومن ثم نعرف الآخرين. أما الخطاب الإسلامي الذي أوصى به الله عز وجل نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام فقد تحول من قوة دافعة للتغيير منظمة للحياة وفق المنهج القرآني فقد تسلم أمر هذا الخطاب مجموعة من المنتفعين بالتدين المنقوص وتحول على يدهم بعد تفريغه من قوته وطاقته الهائلة للعمل والإجتهاد والتفكر في مخلوقات الله سبحانه وتعالى وربط الأسباب بالمسببات وأن التقدم والإزدهار لا يتحقق إلا ببذل الجهد، لقد تحول الخطاب الديني الإسلامي الى أدعية ووعظ خال من روح.

إنكسار حضاري

المشهد العربي المعاصر مريع يظهر الأمة أنها في حالة من إنكسار حضاري قبل الإنكسار العسكري والإقتصادي فهو يبين أن الآخرين في العالم يواجهون مشاكل الحياة والطبيعة بالعلم والعمل والتنظيم المؤسس الذي يجعل كل فرد في المجتمع يعرف المكان الذي يقف عليه ويعرف دوره الحضاري الذي لا بد أن يؤديه بكل صدق وإخلاص، أما العربي المعاصر فإن مشهده محزن ومخيف فهو لا يعرف اين يقف ولا ما هو دوره في هذه الحياة ينفر من العمل المؤسسي المنظم يعيش أنانية مفرطة لا يحقق لوطنه وأمته أية مصلحة، لذلك نجده يقف على هامش الحياة والأحياء.

تحريك الفكر وإطلاق الطاقات
المشهد العربي مأساوي لا بد أن يتغير وذلك بتحريك الفكر وإطلاق الطاقات الكامنة ورفع الصوت عاليا من قبل كل حر يريد لأمته التقدم، أن يرفع صوته مطالبا بالتغيير والإصلاح وحتى لا تنطبق علينا أسطورة المدينة التي قتلها الصمت وذلك عندما رأوا العدو يتقدم بجيوشه وأسلحته الفتاكة نحو مدينتهم ويدمرها لكن الصمت حبس السنتهم داخل أفواههم فلم يتكلموا وقال الناجون من العدو نحن أبناء المدينة التي قتلها الصمت.
وبالتأكيد فإن إرادة الله سبحانه وتعالى جعلت التغيير لا يحدث إلا من داخل النفس لانه عز وجل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم عند ذلك يتغير المشهد العربي من حالة السلبية والسكون الى حالة الإيجابية والحركة التي تجعل صوت أمتنا يعلو على كل صوت.

مقالات متعلقة