الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 13:01

إلى الأم المطلقة: أبناؤك في مفترق طرق

أماني حصادية -
نُشر: 24/01/13 11:53,  حُتلن: 13:33

عزيزتي الام المطلقة:

من أجل تحقيق هدف الوصول إلى طفلك بعد حدوث الطلاق يجب أن تستمعي إليه ببال طويل وقدرة على الصبر ولا تتسرعي في التوجيه قبل أن تكتمل الصورة لديك عما يشعر به طفلك من داخله

للتغلب على مشكلة التواصل يمكن للأب والأم الاعتماد على أشخاص آخرين غير الأبناء للتواصل بشأن الأمور الضرورية أو ربما يمكن أن يتم ذلك من خلال البريد الإلكتروني كأداة ممتازة في الوقت الحاضر


لا تجعلي أطفالك بمثابة الوسيط بينك وبين طليقك وفيما يتعلق بعلاقتك مع والدهم لا تكوني منفتحة
 

هل تتوقف تداعيات الطلاق عند حدود الرجل والمرأة فقط، أم أنه في حالة وجود أبناء كثمرة لهذا الزوج فإنهم يكونون عرضة للكثير من التداعيات السلبية التي قد تكون شديدة التأثير والخطورة على مستقبلهم بسبب حدوث الطلاق بين الأب والأم؟ الحقيقة أن الكثير من الحالات التي يقع فيها الطلاق يكون الرجل والمرأة قد اتخذا قرارهما بدون النظر بشكل عملي في مستقبل الأبناء وطبيعة الحياة التي تنتظرهم في مرحلة ما بعد الانفصال، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى استغلال الأبناء كورقة للضغط والمساومة وعنصرًا من عناصر الصراع بين الطرفين، ويتناسى الأب والأم أن الأبناء لا ذنب لهم في فشل الحياة الزوجية وأن الأولى هو أن يكون هناك تعامل مختلف مع مشكلتهم الجديدة التي تتمثل في انهيار حياتهم الأسرية الطبيعية، ودخولهم في مرحلة جديدة لم يعد يظللها الاستقرار العائلي والإحساس بالأمان النابع من وجود الأب والأم معًا.
 



غضب متراكم
الكثير من الأبناء يختزنون مشاعرهم الغاضبة، ويكتمون إحساسهم بالاستياء واللوم في داخل نفوسهم ويعبرون من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، ثم مرحلة الشباب وهم يعانون من احتقان عاطفي كبير لم يجد الفرصة الكافية للخروج والتنفيث الصحيح، بل إن كثيرًا من الأبناء يظلون يعانون من وجود أسئلة حائرة لم تجد الإجابات الشافية عن علاقة الأب والأم التي انتهت بالطلاق بدون تفسير واضح وبدون شفافية في عرض كافة أبعاد هذه العلاقة التي انتهت نهاية مؤسفة على الأقل من وجهة نظر الأبناء. وعلى الجانب المقابل قد يكون قرار الطلاق هو القرار الأكثر نضجًا وحكمة فيما يتعلق بحماية الأطفال من تداعيات خطيرة قد تصيب شخصياتهم بأمراض قاتلة لو ظلوا يعيشون في ظل أسرة تعاني من التفكك، أو تعاني من تنافر شخصية الأب والأم أو عدم قدرتهما على إيجاد صيغة مناسبة للحوار والتعايش، ولكن حتى في هذه الحالات التي يكون الطلاق فيها هو الخيار الصحيح فلابد من مراعاة العديد من الأمور والضوابط.
ومن أهم هذه المعايير والضوابط التي يجب أن تراعيها كأم مطلقة ولديك أبناء تريدين أن تضمني عدم تأثرهم بالطلاق من والدهم ما يلي:
1- لا تجعلي أطفالك بمثابة الوسيط بينك وبين طليقك
الكثير من الآباء والأمهات يحاولون الاتصال ببعضهم البعض من أجل حسم قضية معينة أو التغلب على مشكلة ما، أو إيصال رسائل من خلال أطفالهم، وهذا الأمر شديد الخطورة نظرًا لما يمثله من ضغط عاطفي لا داعي له على قلوب الأطفال الذين يجدون أنفسهم في كثير من هذه الحالات مضطرين لتبرير مواقف كل طرف لدى الطرف الآخر، كما أنهم يكونون في مجال التفاوض بشأن أمور لا يجب أن يكون دورهم فيها هو دور المفاوض فقد تتعلق بمصائرهم ومستقبل حياتهم، كما أنهم قد يستمعون إلى عبارات معينة أو يستشفون مشاعر محددة في عيون كل طرف من الأب والأم تجعلهم يشعرون بمدى التنافر والرفض وربما الحقد لدى الطرفين وهذا يجعل الأطفال يتخبطون عاطفيًا وقد يصل الأمر إلى حد أن يكرهوا أنفسهم، ووجودهم لأنهم ثمرة علاقة جمعت في يوم من الأيام رجلاً وامرأة غير متوافقين إلى هذه الدرجة، وللتغلب على مشكلة التواصل يمكن للأب والأم الاعتماد على أشخاص آخرين غير الأبناء للتواصل بشأن الأمور الضرورية أو ربما يمكن أن يتم ذلك من خلال البريد الإلكتروني كأداة ممتازة في الوقت الحاضر، وبهذا توفرين كأم مطلقة على أطفالك عناء تجدد الجروح القديمة وتفجر الأحزان المستكينة في القلب.
 

2. فيما يتعلق بعلاقتك مع والدهم.. لا تكوني منفتحة
الأبناء في سن المراهقة يميلون بطبيعتهم إلى حالة السيطرة والتحكم وعندما يحدث الطلاق وهم في هذه السن الحساسة تتولد لديهم رغبة في القيام برد فعل على هذا الحدث الذي يقلب حياتهم رأسًا على عقب، ويجب عليك كأم ألا تقعي في هذا الخطأ وتشاركين أبناءك تفاصيل علاقتك السابقة مع والدهم أو تعبرين عن غضبك وألمك منه ومن أفعاله تجاهك أمامهم، واحذري أن يكون تفهمهم لك وتعاطفك الواضح معك دافعًا لك في الكشف عن هذه التفاصيل المتعلقة بآلامك وأحزانك، لأنك يجب أن تتذكري دائمًا أنك الأم وأنك صاحبة مسئولية وأن أبناءك يمرون في هذه المرحلة بحالة تقلب عاطفي مستمر، وأن كل ما يصدر عنك فيما يخص علاقتك السابقة مع والدهم قد تكون لها تأثيرات خطيرة على مشاعرهم وسلوكياتهم وتصوراتهم.

3. حاولي الوصول إلى طفلك
من المهم أن تعطي شعورًا حقيقيًا لطفلك في مرحلة ما بعد الطلاق بينك وبين والده، أن هذا الطفل سيكون مفهومًا ومقدرًا وله أهمية، وكلما كنتي عاجزة عن إيصال هذا المعنى لطفلك ستجدين أنه يعاني من اضطرابات في المشاعر والسلوك، ومن أجل تحقيق هدف الوصول إلى طفلك بعد حدوث الطلاق يجب أن تستمعي إليه ببال طويل وقدرة على الصبر ولا تتسرعي في التوجيه قبل أن تكتمل الصورة لديك عما يشعر به طفلك من داخله، ولا تتعجلي في الإجابة على تساؤلات طفلك بتحميل الطرف الآخر مسئولية حدوث الطلاق بل واحرصي على عدم توجيه انتقادات مباشرة لوالده.

4. التوازن في معالجة العلاقة مع الأب
عندما يذهب أطفالك لقضاء بعض الوقت مع والدهم فمن الضروري ألا تتعاملي معهم بنوع من عدم العقلانية والموضوعية بعد عودتهم من هذه الزيارة، ذلك لأنك إن تجاهلتي ما حدث أو اعتبرتي أنهم كانوا في زيارة لأحد الأقارب فقط تكونين بذلك قد تجاهلتي واقعًا حقيقيًا في حياتهم ومشاعرهم، وهو واقع أن هناك أب له كل الحب والمكانة والتقدير وفي الوقت نفسه لا يجب عليك أن تعطي لهذه الزيارة حجمًا أكبر من حجمها فيلاحظ الأطفال أنك تحاولين معرفة كل التفاصيل بدقة وما الذي قاله والدهم وما الذي فعله بالضبط، لأن هذا السلوك من جانبك لا يبدو طبيعيًا أو مقبولاً لديهم كذلك، والأسلم أن تتعاملي بدرجة عالية من الحصافة والعقل وأن تكون أسئلتك وحوارك معهم في هذه الحالة متسمًا بالعمومية والاهتمام في وقت واحد بحيث لا يتحمل الأمر توترًا لا داعي له وكذلك لا يكون أمرًا عابرًا وكأنه لا قيمة له.

5. إصلاح الأخطاء التي تقع
العديد من الأمهات المطلقات عندما يقرأن مثل هذه النصائح، قد يكتشفن أنهن وقعن في أخطاء كثيرة في السابق في التعامل مع أبنائهن في مرحلة ما بعد الطلاق، ولذلك يجب التأكيد على أن الوقت لم يفت بعد وأنه من الممكن دائمًا التعافي من أية تداعيات أو آثار نتجت عن تعامل غير سليم مع الأطفال في هذه المرحلة الحساسة، وخاصة لو كان الأطفال لم يصلوا إلى مرحلة المراهقة بعد فمن الممكن جدًا والسهل في هذه الحالة إصلاح ما حدث والتعامل معهم بطريقة أفضل وأكثر نجاحًا للتغلب على تداعيات حدوث الطلاق. ومن أجل تحقيق هذا الهدف بمعالجة آثار هذه الأخطاء يجب أن تكون هناك مصارحة مع الأطفال وشرح واضح لسبب هذه الأخطاء بشكل صادق وموضوعي يقبله عقل الطفل وترتاح نفسه إليه مع تعهد بتغيير هذا السلوك في المستقبل مثل التوقف عن توجيه الانتقادات للوالد، كما يكون في كثير من الأحيان مهمًا أن تسألي طفلك عما يعتقد أنك تقصرين فيه فيما يتعلق بطبيعة الحياة بعد حدوث الطلاق لأنه قد تكون هناك أمورًا تضايقه أو يتخوف منها لكن حالة الطلاق تشعره بضرورة ألا يبوح بما يعتمل في داخل نفسه خشية أن يمتد انفصالك عن والده إلى انفصالك عنه هو أيضًا.

مقالات متعلقة