الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 06:02

أصوات يا محسنين.. خطر التصويت للأحزاب العربية من باب الشفقة/ بقلم: يوسف شداد

كل العرب
نُشر: 23/01/13 18:16,  حُتلن: 07:41

يوسف شداد رئيس تحرير موقع العرب في مقاله:

نتنياهو انقذ مستقبله السياسي بتحالفه مع ليبرمان زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" وانهى الانتخابات ضعيفا مع 31 مقعدا

أوجعني أن أرى نوابنا " يستغيثون ويستنجدون " من أجل الأصوات لأن في ذلك تقزيم لدورهم السياسي وتصغير لقضايانا ومواقفنا

نتنياهو دفع ثمن تحالفه مع ليبرمان وثمن الضربات الاقتصادية التي وجهتها حكومته للمواطنين وقد حققت احتجاجات الخيام في صيف عام 2011 ثمارها

المبكي أن الاحزاب العربية وصلت الى درجة الاستغاثة بالمواطنين وهذا لا يمكن قبوله ولا بأي شكل من الأشكال لأنه خلق نهجا من التصويت من باب "الشفقة"

الممارسة الديمقراطية التي تعتمد على أسلوب "أصوات يا محسنين" للصعود بالأحزاب العربية الى منصة الكنيست ستبقينا في دوامة التخبط والفراغ السياسي والتشريعي ما دمنا نفتقد الى تسوية بين الأحزاب العربية والمواطنين المقاطعين واللامبالين

رغبة الشارع الاسرائيلي بالتغيير حطمت البرج العاجي الذي جلس عليه نتنياهو منذ لحظة اعلانه الانتخابات بدافع المصادقة على الميزانية وحولته الى الشخصية التراجيدية في هذه الانتخابات

الدليل الواضح على الضربة التي تلقاها حزب "الليكود بيتنا" يتمثل بخسارة الليكود ل 7 مقاعد مقارنة بالانتخابات السابقة وخسارة "اسرائيل بيتنا" ل 4 مقاعد مقارنة بنتائج انتخابات 2009

المجتمع اليهودي أثبت وعيه السياسي بالامس وتربصت الطبقى الوسطى لنتنياهو وانتظرت بهدوء موعد الانتخابات وعاقبته في صندوق الاقتراع وخلقت مشهدا سياسيا يختلف ويتناقض مع الذي روج له نتنياهو طيلة حملته الانتخابية

لقد أثبتت نتائج انتخابات الكنيست الـ19 أن الشارع الاسرائيلي أراد التغيير ، فتهافت المصوتون على صناديق الاقتراع في محاولة للتضييق على حكومة بنيامين نتنياهو وليبرمان وتوسيع معسكر – المركز/اليسار ليصبح مضاهيا لمعسكر اليمين والأحزاب الدينية ، وقد تحقق ذلك بعد أن حصل معسكر اليمين في اسرائيل على 60 مقعدا مقابل 60 مقعدا لمعسكر المركز- اليسار، في الوقت الذي تنبأ فيه عدد كبير من المحللين السياسيين الاسرائيليين بأن تكون المعركة الانتخابية سهلة لنتنياهو على اعتبار أنها محسومة ضمنا.

ما بعد فرز الأصوات
الآن وبعد فرز الأصوات يتضح أن نتنياهو انقذ مستقبله السياسي بتحالفه مع ليبرمان زعيم حزب "اسرائيل بيتنا" وانهى الانتخابات ضعيفا مع 31 مقعدا، بعد أن بدأها كبيرا وقويا ومرشحا لرئاسة الحكومة بدون منازع مع توقعات بحصوله على 42 مقعدا، لكن رغبة الشارع الاسرائيلي بالتغيير حطمت البرج العاجي الذي جلس عليه نتنياهو منذ لحظة اعلانه الانتخابات بدافع المصادقة على الميزانية ، وحولته الى الشخصية التراجيدية في هذه الانتخابات التي انطلقت مملة واختتمت دراماتيكية لصالح يائير لبيد زعيم حزب "هنالك مستقبل"، الذي يمثل في يومنا الرجل الذي يريده الشارع الاسرائيلي في سدة الحكم ، مع العلم أنه يفتقد للتجربة السياسية ناهيك عن كون حزبه حديث العهد لم يشهد أزمات ويتخطاها ولذلك لا يمكن القول بأنه يتمتع باستقرار سياسي يحوله الى حزب ذي قاعدة شعبية واسعة ، وفقط الزمن كفيل بالإجابة على هذا السؤال.

دفع الثمن
لقد دفع نتنياهو ثمن تحالفه مع ليبرمان وثمن الضربات الاقتصادية التي وجهتها حكومته للمواطنين ، وقد حققت احتجاجات الخيام في صيف عام 2011 ثمارها ، ورغم فوزه ب 31 مقعدا والتوقعات ببقائه كرئيس للحكومة الا أن انتصاره يعتبرا بائسا. الدليل الواضح على الضربة التي تلقاها حزب "الليكود بيتنا" يتمثل بخسارة الليكود ل 7 مقاعد مقارنة بالانتخابات السابقة وخسارة "اسرائيل بيتنا" ل 4 مقاعد مقارنة بنتائج انتخابات 2009 ، اضافة الى عدم دخول أي من المرشحين الجدد في الحزبين الى الكنيست، وهذا بحد ذاته يشير الى عمق الازمة في الحزبين والى فشل التحالف على مستوى تحقيق اكبر عدد من المقاعد ، رغم أنه تكتيكيا وبشق الأنفس أفرز تفوقا طفيفا سيمنح نتنياهو فرصة تشكيل الحكومة.

الأحزاب العربية
أما بالنسبة للأحزاب العربية ، فقد حققت برأيي انجازا كبيرا بحصدها 12 مقعدا رغم الانقسام في الشارع بين مصوت ومقاطع. ولكن المبكي أن الاحزاب العربية وصلت الى درجة الاستغاثة بالمواطنين وهذا لا يمكن قبوله ولا بأي شكل من الأشكال ، لأنه خلق نهجا من التصويت من باب "الشفقة" وهي ممارسة جديدة وخطيرة ومرفوضة ، تستدعي الاحزاب العربية لدراسة الوضع القائم وتعميق الانتماء السياسي لابنائنا وشبابنا المصوتين في المستقبل ، وبالتالي هنالك حاجة لمشروع حزبي توعوي لأهمية ممارسة الحق الديمقراطي الذي ثارت من أجله الشعوب وسفكت دماء الضحايا لتحقيقه، الى جانب الحاجلة الملحة لتغيير استراتيجية الأحزاب العربية لتتماشى مع نبض الشارع في محاولة من التقليل من نسبة المقاطعة.

صورة سياسية معقدة
لقد بينت الانتخابات الأخيرة صورة سياسية معقدة في المجتمع العربي وحالة من التنافر بين الاحزاب العربية ونصف الشارع العربي ومظاهر عدم ثقة وتشكيك، إذا لن يتم التعامل معها وعلاجها سياسيا بشكل صحيح عن طريق الاستجابة لمطالب الشارع والاقتراب والتلاصق بين الاحزاب والمواطنين فإن الفجوة ستتسع وسيكون من الصعب جسرها. لقد اثبت المجتمع اليهودي وعيه السياسي بالامس وتربصت الطبقى الوسطى لنتنياهو وانتظرت بهدوء موعد الانتخابات وعاقبته في صندوق الاقتراع وخلقت مشهدا سياسيا يختلف ويتناقض مع الذي روج له نتنياهو طيلة حملته الانتخابية. وأمام هذه الحقائق يجب علينا كمواطنين عرب أن نضع كامل ثقتنا بالاحزاب العربية، وأن نمنحها الفرصة لتمثلنا بعدد مقاعد أكبر لنرى النتائج ونقرر ونستخلص العبر الانتخابية، حينها بالامكان التأثير على قراراتها وسياساتها وإستراتيجيتها ومرشحيها والفترة التي يقضونها كنواب في الكنيست. كمواطن في هذه البلاد قام بممارسة حقه بالتصويت ، أوجعني أن أرى نوابنا " يستغيثون ويستنجدون " من أجل الأصوات، لأن في ذلك تقزيم لدورهم السياسي وتصغير لقضايانا ومواقفنا ، على الرغم من أن هذه الحالة المركبة مؤلمة ويتحمل مسؤوليتها الطرفان، وهما النائب العربي والجماهير العربية في البلاد.

أصوات يا محسنين
فالممارسة الديمقراطية التي تعتمد على أسلوب "أصوات يا محسنين" للصعود بالأحزاب العربية الى منصة الكنيست، ستبقينا في دوامة التخبط والفراغ السياسي والتشريعي ما دمنا نفتقد الى تسوية بين الأحزاب العربية والمواطنين المقاطعين واللامبالين. فالعزوف والعزلة في مثل هذه الظروف اشبه برصاصة في الرأس. دمتم بخير. 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة