الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 02:01

أربع ملاحظات على هامش انتخابات الكنيست /بقلم:أحمد خليفة

كل العرب
نُشر: 09/01/13 20:04,  حُتلن: 14:02

أحمد خليفة في مقاله:

المطلوب بهذه الفترة تحديداَ ومن قادة وكوادر هذه الاحزاب اعادة النظر ومراجعة الموقف من هذه الانتخابات أو على الأقل مضامين شعاراتهم

الدعاية الإنتخابية تخلق حالة ذعر تستفيد منها القوى بعدما تلاعبت بمشاعر الناس دون طرح اي حل او مخرج لهذه الحالة ناهيك عن المضامين الخفية لهذه الحملات

كيف يمكن ان نكون جزءاً من الشعب الواقع تحت الإحتلال ونشارك المحتل في مؤسساته وممارسة احتلاله؟! الا اذا قبلنا الوجود داخل المنظومة العنصرية والتي من المستحيل لكونها كذلك ان تكون ديمقراطية!

اكثر ما يشد الانتباه في المشهد الانتخابي الجاري هو غياب الطرح السياسي البرنامجي من قبل الاحزاب العربية ليخلو من اي دلالات قيمية او عقائدية تجعل المصوت يميز بين المتنافسين لغياب اي انتاج فكري او حتى برنامج عمل محدد تحاسَب عليه هذه الاحزاب

ليس من الممكن الخوض في تحليل انتخابات الكنيست من غير الرجوع الى الاصل البنيوي، السياسي والعقائدي للكيان الذي افرز هذه العملية اساساً ومحددات تعاملنا معه ايديولوجياً واخلاقياً، كفلسطينيين وجدنا انفسنا نعيش داخل اسرائيل الدولة، لكونها جزءاً من المنظومة الاستعمارية المادية والفكرية التي انتجتها، الا وهي القوى الامبريالية العالمية.
إن احد شروط تكوين علاقة بين الافراد والمجموعات والدولة، أي دولة بحسب نظرية العقد الاجتماعي هو تنازل هؤلاء عن جزء من حريتهم لصالحها، حيث يتحدد دورها في المقابل، في صيانة حياتهم وملكيتهم وحقوقهم داخلها - من نافل القول إن نذكر أن هذا التنازل لم يحصل من قبل الفلسطينيين لطبيعة نشأة دولة اسرائيل الخارجة عن سياق القانون والتطور الطبيعي للشعوب.
رغم ما ذكرت اعلاه ولكي لا نخوض في المسارات التاريخية التي ادت الى الحالة السياسية الراهنة مبتعدين عن هدف المقال، فلنفترض جدلاً اننا كافراد وكمجموعة، اقدمنا على هذا التنازل ولم تفرض اسرائيل نفسها علينا، نسأل السؤال: اين هو دور الدولة في هذه المعادلة من العقد؟!.بناءاً عليه، السؤال الاساسي الذي يجب علينا ان نسأله لأنفسنا كمجموعة قومية فرضت عليها المواطنة في هذا الكيان: ما الذي نريده منه وكيف نتعامل معه انطلاقا من الواقع السياسي الذي نعيشه، وتأثير طرق تعاطينا معه على حقوقنا التاريخية، السياسية والانسانية. وسنأخذ انتخابات الكنيست نموذجاً من خلال بضع ملاحظات نستعرضها فيما يلي:

الكنيست كنموذج للديموقراطية النيابية
إن اشهر النماذج التي بنيت عليها لاحقاً نظريات الديمقراطية الحديثة كانت ديمقراطية اثينا والتي مارس سكانها حقهم في محاولة التأثير على صنع اي قرار كان يصدر ويعنيهم مباشرة في مجلس المدينة العام. ولعدم امكانية ممارسة هذه الطريقة من الديموقراطية (تقنياً)، تدرجت النماذج لتصل الى نموذج الديموقراطية النيابية والتي تعطي فيه الدولة مواطنيها حق انتخاب ممثليهم ليعود الشعب ويحكم نفسه. الكنيست بحسب هذا النموذج ليست برلماناً اصلاً، ولا تمأسس لحكم الشعب لنفسه على ارضه، كونها تمثل اعلى سلطة تشريعية لاحتلال طال ارض وشعب فلسطين وجزأه جغرافياً وسياسياً معتمداً على فلسفة عنصرية في جوهر الاحتلال والوجود (دولة يهودية لشعب بلا أرض على ارض بلا شعب!).
الاستنتاج اذن: كيف يمكن ان نكون جزءاً من الشعب الواقع تحت الإحتلال ونشارك المحتل في مؤسساته وممارسة احتلاله؟! الا اذا قبلنا الوجود داخل المنظومة العنصرية والتي من المستحيل لكونها كذلك ان تكون ديمقراطية!

غياب الخطاب السياسي من اجندة الاحزاب العربية المشاركة في الانتخابات ورفع نسبة التصويت كهدف
إن من اكثر ما يشد الانتباه في المشهد الانتخابي الجاري، هو غياب الطرح السياسي البرنامجي من قبل الاحزاب العربية ليخلو من اي دلالات قيمية او عقائدية تجعل المصوت يميز بين المتنافسين لغياب اي انتاج فكري او حتى برنامج عمل محدد تحاسَب عليه هذه الاحزاب بحسب انجازاتها وإخفاقاتها، وبنفس الوقت لم تنجح هذه الاحزاب بالتوافق فيما بينها ولو لمرة واحدة على مر العقود بدعوى الخلافات الايديولوجية!ان اكثر المخاطر الناجمة عن هذا الوضع هي غياب النقد والنقد الذاتي لتجربة هذه الاحزاب من خلال الكنيست لتتحول الاخيرة من وسيلة(حسب نظرية الاحزاب المقصودة) الى غاية، المرجو منها الحفاظ على الذات والبقاء داخل هذا الجسم لتزيد من شرعيته وتبرر شرعية وجودها فيه فيصبح التصويت لاجل التصويت فقط وليس لاستعماله كرافعة للانجازات، خاصة وان انجازات هذه القوى من داخله او على الاصح عدمها معروفة للجميع ليس لشيء إلا بسبب بنية هذا الجسم العقائدية والسياسية العنصرية.ان عدم القدرة على استخلاص العبر ومراجعة هذه التجربة هو من الاسباب الرئيسية في الفجوة العميقة التي باتت تظهر بين هذه القوى وجماهيرها، لكونها لا ترى تناسباً بين طرح ووعودات هذه الاحزاب من جهة وانجازاتها من جهة اخرى.


شعارات الحملات الاعلانية بين التضليل والديماغوجية:
إن كل متابع للأعلام في الاونة الاخيرة لا بد ان يلاحظ كثافة الدعاية الانتخابية في الاعلام التقليدي والتفاعلي. وما يلفت النظر في هذه الحالة هو الشعارات المتبناة من قبل هذه القوى والتي برغم اختلافها، الا انه يمكن تلخيصها بالاتي:تضليل ثم ترهيب ثم تخوين، بحيث يستنتج المستمع انه لا كرامة لنا الا من خلال الكنيست! والويل لنا اذا تركناها فسيستولي عليها اليمين! ونهايةً سيصبح كل من لم يصوت للعربية صهيونياً!ان كل هذا يهدف الى استغلال الجماهير وخوفها المسبق من الوضع السياسي الراهن لخلق حالة ذعر تستفيد منها هذه القوى بعدما تلاعبت بمشاعر الناس دون طرح اي حل او مخرج لهذه الحالة، ناهيك عن المضامين الخفية لهذه الحملات: احداها مفاده ان لم نكن في الكنيست لن نعيش بكرامة والثاني يقول اذا قاطعناها تركناها لهم (من هم؟ هل هي بيت لنا اساساً لنتركه؟!) وهنا يبدأ التخويف باليمين طبعاً بدون ذكر كلمة واحدة عن ما يسمى باليسار وكأنهم معنا- معهم في نفس الخندق...اما عند الشعار الثالث فينضب الكلام!ان طرح الامور بهذه الطريقة عدا عن عدم دقّته فإنه يخلق إشكاليّة كبيرة اخرى: هي تعزيز حالة الجمود العقائدي لكوادر هذه الاحزاب والتي تترجم هذه الحملة فورا بالنشر والتأييد الأعمى دون امعان النظر فيها وفي مضامينها، او الوقوف عند رسالتها للحظة واحدة! لأن المنطق من ورائها انك ان لم تكن معنا فأنت ضدنا.

ما هو المطلوب:
المطلوب بهذه الفترة تحديداَ ومن قادة وكوادر هذه الاحزاب ، اعادة النظر ومراجعة الموقف من هذه الانتخابات أو على الأقل مضامين شعاراتهم أعلاه، لأنها قد تناست أنه في اليوم التالي للانتخابات سنجتمع كلنا بين مقاطع ومشارك للنضال مقابل هذه الدولة وما تمثل في الساحات والميادين التي نُظلم فيها سويةًّ.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة