الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 07:02

الشتاء والمسؤولون في بلداتنا وقرانا/ بقلم: ربيع ملحم

كل العرب
نُشر: 09/01/13 12:48,  حُتلن: 07:55

 ربيع ملحم في مقاله:

للأسف سياسة رؤساء المجالس والبلديات تعتمد على سياسة الفزعه والطوارئ وليومها بفرجها الله وفقط يحتاجون لجنازة يكفيها اللطم

كلما قدم الشتاء اجتاحتني قشعريرة الخوف على اهل بلدي وتواسيت بأغنية العندليب "اني اتنفس تحت الماء اني اغرق اني اغرق

في كل شتاء تقريبا بتنا مع صور تدفق مياه الامطار لداخل البيوت ومن فيضان مياه السيول الممتدة شلالات ((نياغرا)) في مداخل القرى من قرى ومدن النقب حتى الشمال

المسؤولون في بلداتنا وقرانا ومدننا تراهم في كل شتاء ينامون مطمئينَ كل تحت "لحافه الدافئ" فكيف لا والإنتخابات للبلدية والمجلس مازالت بعيدة كل البعد وينتظرها اربع سنوات على الاقل

أكتب لكم والدنيا برّا ( كب من الرب) ، اكتب لكم وبعضنا بدأ يشعر بوجع ركبته جراء انخفاض درجات حرارة الهواء، حتى بات معظمنا لا يستطيع ان يغمض له جفن قبل سماع النشرة الجوية، وفي نفس الوقت جداتنا اطال الله في أعمارهن في نفس التوقيت وهن يقطعن خيط التلحيف بأسنانهن ويضعن الابر في عرى الستائر، فكلما سمعن صوت برق او رعد، توفقن للحظات، ثم هللن وقلن بصوت خافت " الطف بنا يارب، ما احنا قد ساعة من ساعاتك ".

"يارب سلم يارب سلم"
اراقب مجموعة من الختيارية وهم يراقبون زخات الامطار من الشبابيك وهم على عكاكيز خشبية متقاوين على انفسهم رغم حدة اوجاعهم مسبحين بحمد الله ، ويخرجون نبرة حزينة قائلين "يارب سلم يارب سلم ". اما الشاب عبدو طالب الثانوية فكغيره من فئه الشباب، يحبس أنفاسه مبتلعا غصته منتظراً غده الممطر في امتحانات البجروت، فشباك غرفة صفه مازال مكسورا رغم التوجهات للمدير، ووسط هذا البرد القارس فمدرسته خالية من تدفئة مركزية، وحتى اخوه الصغير لديه مشاعر مع الشتاء فتراه يقفز فرحاَ وشوقا فكلما تسقاطت كرات البرد قام بتجميعا صائحا "ثلج " ثلج " ...مبتهجا لإعلان المؤذن بالمساء بأن غدا عطلة بسبب سوء حالة الطقس!.

قيد البحث
أما المسؤولون في بلداتنا وقرانا ومدننا فتراهم، في كل شتاء ينامون مطمئينَ كل تحت "لحافه الدافئ"، فكيف لا والإنتخابات للبلدية والمجلس مازالت بعيدة كل البعد وينتظرها اربع سنوات على الاقل، فشكوى المواطنين حول البنية التحتية غير المنظمة مازالت قيد البحث، وشكوى اهالي الحارة الغربية حول تدفق مياه المجاري في الحي مازالت ايضا صدد رصد ميزانية تتلاءم مع حجم النفايات، وحتى أن هناك شكوى لمواطنين باسم حي كامل، موجودة على طاولة المسؤول منذ الشتاء السابق فحواها حول تراكم النفايات في الحي وخروج الفئران مازالت ايضا موضوع البحث مع القسم الصحي، وهكذا على ما يبدو كل مشاكل اهالي البلدة المتخوفين من الشتاء اما قيد البحث او قيد الرصد!.

شلالات النياغرا في القرى
في كل شتاء تقريبا، بتنا مع صور تدفق مياه الامطار لداخل البيوت ومن فيضان مياه السيول الممتدة، شلالات ((نياغرا)) في مداخل القرى، من قرى ومدن النقب حتى الشمال حتى في احياء مثل واد القصب مثلا وخور صقر وكل الأحياء المحاذية للوديان تغرق سنويا وسط تجاهل او تكاسل الوزارات والمسؤولين والجهات المعنية. لست اتكلم عن قرية بالتحديد انما هو حال قرى اخرى فهناك خطر على حياه المواطنين، فأعمدة الكهرباء المتساقطة ارضا مع مجموعة "كوابل" مشكلة خطرا على حياه المارة ، سيارات المواطنين أصبحت قوارب نجاة وسط هذا الدمار، فللأسف سياسة رؤساء المجالس والبلديات يعتمد على سياسة الفزعه والطوارئ، وليومها بفرجها الله وفقط يحتاجون لجنازة يكفيها اللطم. ففي الصيف يحلون مشاكل الصيف وفي الشتاء يقومون بحل مشاكل الشتاء للأسف!!.

"اني اتنفس تحت الماء اني اغرق.."
إن انعدام التنظيم في البنية التحتية في الوسط العربي، انعدام العثور على آلية جذرية لحل تدفق المياه وعدم انحصارها في المناهل وخروجها الدائم، وانعدام وجود متطوعين لحالات الطوارئ ، وعدم وجود آليات ومعدات ومضخات جاهزة للتدخل في الوقت المناسب ، تجعل المواطن وكل ما يملك من ممتلكات وحضائر عرضه وضحية الشتاء في كل سنة ويعيش المسكين اجواء حرب دمار شامل. ولسان حال المسؤول في قرانا ومدننا العربية، وهو يتمنى على الله عز وجل قائلاً: " عند اقتراب كل شتاء يارب اسقنا غيثا خفيفا لطيفا،لا يدمر منصبا ولا يزلزل كرسيا"، ثم يفرشون سجادة الانتماء والوطنية، ويقولون لنا انتم اغلى مانملك". كلما قدم الشتاء اجتاحتني قشعريرة الخوف على اهل بلدي، وتواسيت بأغنية العندليب "اني اتنفس تحت الماء اني اغرق، اني اغرق".
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة