الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 28 / أبريل 11:01

القدس بشر قبل الحجر / بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 03/01/13 19:14,  حُتلن: 08:16

وديع عواودة في مقاله:

 لم تتوقف عمليات التهويد والاستيطان في القدس منذ احتلالها عام 1967 وقد تصاعدت منذ طرح رئيس بلدية القدس إيهود أولمرت خطة " جروزاليم الكبرى" غداة توقيع أوسلو

يشير تقرير " عير عميم" أن عام 2008 يأتي بالدرجة الثانية بعد العام الماضي من هذه الناحية حيث صادقت حكومة أولمرت إياه على بناء 970 وحدة في القدس في ظل اللغط الواسع عن قمة أنابوليس

الأخطر من المساس بالحجر هي محاولات احتلال وعي البشر في القدس نحو تطويعهم تهجير أكبر عدد منهم واحتلال قلاعهم من الداخل بوسائل ماكرة على رأسها الاقتصادية والتعليمية

عدنان غيث الناشط الشعبي من سلوان حدثنا هذا الأسبوع بمرارة وحرقة عن مأساة مدينة توجت بزهرة المدائن فقال إنه بكى الأسبوع الماضي يوم زار بعض العائلات الفلسطينية

لا يكتفي غيث بالتوصيف والتحذير واتهام المحتل بل ينخرط في مشاريع تثبيت صمود أهالي القدس وتعبئتهم لكنه يخلص لاستنتاج موجع بأن القدس صبية فلسطينية يتيمة لا مرجعية لها أمام الهجمات المتتالية عليها وعلى أصحابها

في مطلع عام جديد هل يلتفت الفلسطينيون على طرفي الخط الأخضر والشتات لزهرة المدن ويقدم كل منهم ما بوسعه لنصرتها وتعزيز أهلها. بدون البشر يعدم الحجر أي معنى حتى لو كان الأقصى

تظهر معطيات فلسطينية وإسرائيلية أن مدينة القدس شهدت عاما عصيبا في 2012 نتيجة هجمات يشنها الاحتلال من أجل تهويدها وتطويع أهلها بل تهجيرهم. وفق معطيات مركز معلومات وادي حلوة في سلوان اعتقل نحو 700 مقدسي،عشرات منهم أطفال ونساء على خلفية سياسية خلال العام المنقضي بهدف محاولة كسر إرادتهم. ولم يسلم الصحفيون المقدسيون من الاعتداءات خلال تغطية فعاليات الاحتجاج وأصيب عشرة منهم برصاص مطاطي وقنابل غازية وصوتية أو بالهراوات.

لم تتوقف عمليات التهويد والاستيطان في القدس منذ احتلالها عام 1967 وقد تصاعدت منذ طرح رئيس بلدية القدس إيهود أولمرت خطة " جروزاليم الكبرى" غداة توقيع أوسلو،في 1994 لفرض الحقائق على الأرض وقطع الطريق على تسوية فيها. لكن العام الأخير شهد تصعيدا غير مسبوق خاصة في الملاحقات السياسية وما يعرف بالاعتقالات الاحترازية وبالاستيطان المحموم . وهذا ما تؤكده معطيات الجمعية الحقوقية " عير عميم " أن مدينة القدس شهدت في 2012 أعلى كمية استيطان في العقد الأخير وتكشف عن مصادقة إسرائيل على 2386 وحدة سكنية في القدس مقابل معدل سنوي قدره 727 وحدة سكنية خلال العقد الأخير.

تقييد الوجود الفلسطيني
ويشير تقرير " عير عميم" أن عام 2008 يأتي بالدرجة الثانية بعد العام الماضي من هذه الناحية حيث صادقت حكومة أولمرت إياه على بناء 970 وحدة في القدس في ظل اللغط الواسع عن قمة أنابوليس. ومقابل البناء الاستيطاني ارتفعت عمليات هدم المنازل الفلسطينية في القدس التي شهدت هدم 54 منزلا وفي سلوان وحدها هناك 88 بيتا في حي البستان مهددة بالهدم بعد صدور أوامر بذلك. وتنعكس عمليات تقييد الوجود الفلسطيني الرسمي في مدينة القدس في تمديد إغلاق بيت الشرق و11 مؤسسة فلسطينية أخرى وباقتحامات الأقصى وتدنيسه. لكن الأخطر من المساس بالحجر هي محاولات احتلال وعي البشر في القدس نحو تطويعهم، تهجير أكبر عدد منهم واحتلال قلاعهم من الداخل بوسائل ماكرة على رأسها الاقتصادية والتعليمية. في تحقيق سابق أظهرت " حديث الناس" كيف يتعلم التلاميذ المقدسيون بمناهج فلسطينية مضامينها إسرائيلية وسط تدخلات فظة في جهاز التعليم المقدسي. وفي الشهر الماضي ألقت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية الضوء على سياسات الإفقار بكشفها عن أن 70% من سكان القدس الشرقية تحت خط الفقر ويؤكد مركز القدس للدراسات الاقتصادية- الاجتماعية أن 250 من بين ألف دكان في أسواق القدس مغلقة نتيجة الغرامات والضرائب الباهظة والأزمة الاقتصادية.

مأساة مدينة
عدنان غيث الناشط الشعبي من سلوان حدثنا هذا الأسبوع بمرارة وحرقة عن مأساة مدينة توجت بزهرة المدائن فقال إنه بكى الأسبوع الماضي يوم زار بعض العائلات الفلسطينية. " زرت بعض الأسر يبيت عشرة أنفارها في غرفة واحدة وكدت اختنق خلال لقاء بأسر أخرى تواجه الجوع ولا تجد ما تطعم به أبناءها يوميا". قال غيث بانفعال تضاعف حينما تحدث عن آلاف الشباب العاجزين عن الزواج وبناء أسر وانزلاق كثر منهم لمستنقع المخدرات والجريمة. يحق غيث حينما يتهم غيث السلطات الإسرائيلية بالتغاضي عن تفشي السموم لتحول المقدسي من إنسان بنّاء إلى عالة فتيّسر الاستفراد بالمدينة بالكامل بعدما تحتل قلاعها من الداخل". لا يكتفي غيث بالتوصيف والتحذير واتهام المحتل بل ينخرط في مشاريع تثبيت صمود أهالي القدس وتعبئتهم لكنه يخلص لاستنتاج موجع بأن القدس صبية فلسطينية يتيمة لا مرجعية لها أمام الهجمات المتتالية عليها وعلى أصحابها.
ولا يختلف غيث مع مراقبين وباحثين آخرين أبرزهم خليل توفكجي الخبير بقضايا القدس والاستيطان ويوضح أن السلطة الفلسطينية تحاول تضميد جراح القدس وتعزيز صمود أهلها لكن ذلك يبقى نقطة في بحر.

تضحيات
رغم انتمائه لحركة فتح لا يتردد في توجيه النقد للسلطة الفلسطينية ويشير لها ببنان التقصير وبحق فهي العاصمة المستقبلية وتستحق منا جميعا تضحيات أكبر وإن كانت السلطة الفلسطينية مفلسة ماليا فعلى الأقل ينبغي أن توظف الاعتراف الأممي بها كدولة بصفة مراقب لفضح جرائم الاحتلال في القدس وملاحقته قضائيا. وبخلاف ما يعلن يؤكد غيث ما كنا مسكونين به فيقول أن قرارات القمم العربية بدعم القدس تظل حبرا على ورق. في مطلع عام جديد هل يلتفت الفلسطينيون على طرفي الخط الأخضر والشتات لزهرة المدن ويقدم كل منهم ما بوسعه لنصرتها وتعزيز أهلها. بدون البشر يعدم الحجر أي معنى حتى لو كان الأقصى.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة