الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 08:02

هل المولود الجديد هو سبب تراجع ثقة ابني البكر بنفسه؟ بقلم: إلهام دويري تابري

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 23/12/12 17:06,  حُتلن: 12:45

إلهام دويري تابري:

الغيرة هي مشاعر طبيعية

طفلك يحتاج لاطمئنان وتلك حاجة يشبعها له أهله

البكاء نوعان: النوع الحقيقي الذي يحتاج لاسترجاع طمأنينته والنوع الآخر الخاص بهدف لفت النظر والاهتمام وبكاء النوع الأخير يحتاج لردّ فعل واحد وهادئ بعدما ترتاح وتتوقف عن البكاء بإمكانك مشاركتنا

سؤال: أرغب بسؤالك عن سبب تراجع ثقة ابني البكر ( 5 أعوام) بنفسه. بعد مجيء المولود -عمره 4 أشهر-. أصبح يبكي كثيرًا. يتلقى ضربات الأولاد فيلجأ للبيت مهزومًا. أصبح عنيدًا ومشاكسًا. لقد قصدنا التأخر بولادة طفل ثان كي نحمي ابننا البكر من التأثر السلبي. لماذا هذا التراجع؟ ماذا أفعل وكيف أتعامل معه؟

 

الجواب: الغيرة هي مشاعر طبيعية. يعتقد الوالدان بأن التأخر بإنجاب طفل ثان سوف يقضي على كل شعور بالغيرة من المولود الجديد. يهتم الوالدان بتحضير البكر بالتوعية اللازمة وبالمشاركة بتطور الحمل لوقايته من أحاسيس الغيرة. تلك عناصر وقاية مفيدة ولكنها لا تمنع وقوع الطفل البكر بمشاعر سلبية وأحيانًا عصبية وانفعال. التغيير في السلوك حالة طبيعية والتأثر السلبي لا بد له من أن يحدث. دخول المولود الجديد للبيت هو كما وجود ضُرّة بالأحضان. الاختناق من مشاعر تقاسم الحضن هو تحصيل حاصل بلا شك.

لماذا البكاء؟
البكاء نوعان. النوع الحقيقي الذي يحتاج لاسترجاع طمأنينته والنوع الآخر الخاص بهدف لفت النظر والاهتمام. بكاء النوع الأخير يحتاج لردّ فعل واحد وهادئ وهو: أنت تحتاج لأن تبكي قليلاً. بعدما ترتاح وتتوقف عن البكاء بإمكانك مشاركتنا ب....
أسلوب كهذا يعني: "أنا أحترم حالتك الانفعالية الحالية. بعد تنفيسك أدعوك للعودة لحياتك العادية". المهم عدم إظهار أي شعور بالاعتراض، الغضب أو الانتقاد من ذلك النوع من البكاء. احترام وتفهم حالته يساعده على الخروج منها بسرعة. المهم بعد عبارة التفهم يلزم عودة جميع الموجودين معه للحياة العادية. لا للمبالغة بالدلال ولا للتجاهل البارد السلبي.

لماذا العناد؟
أما بخصوص العناد فهو أيضًا له وجهان. الوجه الأول هو حاجة ضرورية بالمقدور تلبيتها له من غير أن يصل لدرجة البكاء. الحاجات أنواع منها حاجة عاطفية مثل حضن، الانفراد به، اللعب معه، سرد قصة... حاجة جسمانية، مثل استراحة، نزهة بالخارج، جوع، حمام دافئ... وحاجة فكرية، مثل رد على سؤال، فهم عن موضوع، لعبة تفكيرية... أما العناد الآخر فهو رغبة مؤقتة. هنا يلزم الثبات على الموقف الرافض أو المؤجل، ولكن من غير الدخول بجو من الغضب حتى وإن التجأ للبكاء. رغبة بأكل حلوى بعد تناول عدد من أنواع حلويات، الخروج بساعات الظهيرة الحارة...
عند العناد على رغبة ما يلزمه هو توفير بدائل لكسر ملله. أما عند لجوئه للبكاء بعد العناد على رغبة ما يلزمه استخدام الأسلوب الهادئ المذكور آنفًا. أي الاعتراف له بتقبل حاجته للبكاء بسبب رغبته الملحة وعدم انتقاده.
من المهم الثبات على عدم انتقاده، توبيخه، تعنيفه... كي يشعر بالأمان والارتياح.

هل التأثر سببه فقط المولود الجديد؟
ليس السبب هو فقط المولود. هناك أيضًا حالة الأم الصحية وضعف جسمها المؤقت من تأثير الحمل والولادة يجعله يشعر ويتأثر. هذا عدا عن تراكم كمية واجباتها ومسؤولياتها بعد الولادة التي لا بد وأن تؤثر عليه أيضًا. تغير تعامل الأقارب والأصحاب معه بعد مجيء المولود الجديد. هو اعتاد أن يكون بمركز الاهتمام قبل وجود المولود الجديد. تعليقاتهم واهتماماتهم تتوزع، وأحيانًا تتمركز حول المولود الجديد والتي تبعد عنه الاهتمام. كثيرًا ما يقع بعض الضيوف بخطأ تمييز المولود الجديد عن الطفل البكر بالمقارنة من غير الانتباه ليقظة ورهافة حسه الزائدة. هذا عدا عن تنازل الأم والأب عن كثير من الأنشطة التي اعتادا ممارستها معه، وذلك بسبب الانشغال بالمولود. أسباب كثيرة دخلت على حياة الطفل البكر وتركت أثرًا سلبيًّا من غير أي قصد للإساءة لموقعه.

هل من أسلوب تربوي يعمل على تحسين مشاعره؟
بالطبع نعم. التشجيع والامتداح على كل سلوك مستحب يقوم به يخفف من انفعالاته السلبية ويثبت تصرفاته المستحبة. أنصح بتجاهل سلوكه غير المستحب خاصة بالنسبة للمولود. لا لانتقاده، توبيخه، عقابه أو محاولة تغيير مشاعره، وذلك بأن يحب المولود لأنه أخوه - كما يفعل معظم الأباء. التقدير والاحترام الدائم والتعبير الواضح والصريح عن أي عمل مستحب يقوم به بالقول: " أنا ألاحظ شجاعتك حين تبادر للتعرف على ... أعجبتني معاملتك ل... أحسنت باختيار صاحبك الجديد، أنت ولد لطيف ولا تحب العنف. انتبهت لتصرفك مع جدتك حين احتاجت لمساعدة. شكرًا لك على تعاملك مع جدك حين طلب منك كوب ماء، أنا أحترمك لأنك تعرف اختيار رد فعلك مع أولاد عمك، أنا أقدر تعاملك معهم...". كثيرة هي التصرفات التلقائية التي يبادر لها الطفل والتي تؤثر بمشاعره حين يلاحظها الأهل ويشكرونه عليها ويعبرون له عن تقديرهم واحترامهم فتزداد ثقته بنفسه وطمأنينته.

هل من المزيد من الأساليب التربوية التي تجعله أكثر إيجابيًّا ومتعاونًا؟
كلما شعر بأهمية دوره بالمشاركة كلما زاد تعاونه ومساعدته. نعم لحثه على التعاون بالطلب منه بحجة أنك تحتاجينه وبشدة مثل: " أن يغني معك للمولود أثناء استحمامه، يحضّر معك ملابسه، يحكي له قصة...". تلك فعاليات تجعله نموذجًا، خاصة لأنك تمتدحينه وتحترمين ما يقوم به. أنصح بأن تخبري الجميع وعلى مسمعه عما يقوم به من سلوك مستحب، تعاون، مشاركة. طفلك يحتاج لاطمئنان. تلك حاجة يشبعها له أهله. كلما شعر بالاحترام، بالتقدير، بالتفهم وبالحب كلما تلاشت ردات فعله غير المستحبة- يبكي، عنيد، لا يدافع عن نفسه. وأخيرا أنصح بزيادة فعاليات حركية وأنشطة رياضية لتعمل على تنفيس غضبه والتخفيف من غيرته.

مقالات متعلقة