الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 10:02

وللحظ حكايات / بقلم: حنان زعبي

كل العرب
نُشر: 18/12/12 13:48,  حُتلن: 13:53

طالما كان استاذنا بالمدرسة يحاول اقناعنا انه لا وجود للحظ وان الحظ هو ذريعة الفاشل منا.فكنت انا وفئة اخرى من الطلاب نؤمن بشدة بما يقوله استاذنا المجد والمجتهد والمتفاني في عمله.حتى صرنا اذا ما اخفقنا في مادة من المواد او في امر من الامور نخجل ان ننسب فشلنا الى الحظ الذي لا يزيد عن كونه ترهة من الترهات كما كان يدعي استاذنا الخلوق.
الا انني وقبل بضعة من الايام صادفت ذات الاستاذ في احدى محطات الباص،وكانت تلك هي المرة الاولى التي التقيه فيها بعد سنين عديدة،وقد حارني فعلا هذا الشيب الذي كسا راسه فجاة. فصرت اعد على اصابعي عدد السنين التي مرت منذ تخرجي من المدرسة،فكان يكفي ان اصل العد حتى اصبعي الثامنة لاقنع نفسي ان هذا الشيب لم يغزو راس استاذي فجاة كما ظننت في باديء الامر، بل كان حصيلة سنين عديدة مرت من عمره وكذلك من عمري انا الا انني لم ادركها او اشعر بها الا في تلك اللحظة.فلم يكن مني الا ان اخرجت مراتي الصغيرة من حقيبتي لاتفقد وجهي لعلي ارى هذه المرة عجوزا او على الاقل شبه عجوز خط الزمان على وجهها ما استطاع ان يخط.ورغم انني وجدت وجهي تعبا بعض الشيء الا انه لم يكن الا وجهي الذي اعتدت رؤيته كل يوم،ولم انسب ذلك التعب البادي عليه الا الى السهر والاستيقاظ المبكر والخوض في يوم طويل مرهق.فاطمأن قلبي!
وما زال استاذي يقف خارج المحطة ينتظر الباص ليقله الى مراده،وما زلت انا اعاينه واسائل نفسي ما قد فعلت به وبنا السنون،فتراود ذاكرتي صور واحداث من هنا وهناك فالجأ الى اصابعي احاول ان اعد كم مر على هذا الحادث اوذاك لاجد ان بعضها قد تجاوز الخمسة اصابع في الوقت الذي كنت احسب انه مر عليها سنة او اكثر بقليل.ولما تيقنت ان عددا لا باس به من السنين قد مر،لم اعجب لامر تلك الانحناءة في ظهر استاذي لتكسبه شيئا من الهزل والوهن.فلاحت لي صورته وهو واقف وسط الصف يشد جسده بقوة مخاطبا ايانا بكل عزم وثقة"لا تقل حظي سيء،حظي سيء.فمن جد وجد ومن زرع حصد".
وبعد ان استجمعت نفسي وافكاري قمت من مكاني لابادر استاذي السلام والتحية ولاذكره بنفسي ان كان قد نسيني.الا انني ولما قابلت وجهه لمحت فيه ما لم اكن المحه من قبل حين كنت طالبة في صفه.فناهيك عن الخطوط التي تزايدت في جبينه والتي لم اكن اراها الا دليلا يتمتع به استاذي يشهد على جده واجتهاده في نيل العلم وكل مارب من مارب حياته، فقد لمحت ايضا ذلا وانكسارا في عينيه ينمان عن بؤس مر به او ما زال يمر به.فشعرت بخيبة شديدة حاولت بقدر ما استطعت اخفاءها ولم يدر بذهني الا سؤال واحد راح يتكرر في قرارة نفسي بارتباك مرة تلو المرة "الحظ ..الحظ ..ايكون هو الحظ؟".

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة