الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 02 / مايو 05:02

الدكتور الشاعر منير توما في تجليات ربيعية/ بقلم: عزت فرح

كل العرب
نُشر: 13/12/12 19:50,  حُتلن: 10:58

الجمعة 18/11/2011 وصلتني هدية عزيزة على قلبي من المربي الخلوق الدكتور منير توما الزميل الدمث ألأخلاق ثلاثة دواوين شعر جديدة وهذه ليست المرة الأولى التي يتحفني بها بهذه النفحات من أنفاسه الطيبة من الكلام المحلّى بكثير من العبق والنسيم المعطّر. قد ينكر عليّ بعضكم هذا الترف في عصر تشهد فيه الأمة الثورات المباركة: نعم ولا، اما نعم فلأننا نعيش في قلق مخيف على مصير أمتنا، وأما لا فلأن الحياة يجب أن نعيشها بحلوها ومرها لان العمر يمضي بسرعة رهيبة لا أخالني أستطيع معها أن استنشق ولا أتمتع أذا دفنت أفكاري في الصعاب لأنها لا تنتهي أبدا.


الدواوين الثلاثة هي "ويبقى الهوى" "ورد وشجن" و"تجليات ربيعية"
اما ديوان التجليات فأود أن أتحدث عنه باقتضاب ، يقول الشاعر الدكتور:
يا فل أرقنا العبير وما لنا
من مسعف الاك ليتك واعد
الدكتور يعتصر ألما أفلست فيه العواطف واندثر الرجاء حيث ينتحر الأمل في ديار النبل حيث يموت الحب.
الشاعر عاشق ملوّع: لا بد من همسة ألى الأستاذ الشاعر لا يأس مع الحب انك يا صاحبي تنفي مقولتك الأولى فتقول مفصحا:
ما كنت اعلم أن الظلم يغلبه عشق يعز كما تنهار أسوار
أخي لا اخاف على عشقك طالما حلمت أن العشق يغلب الظلم فالحل المثابرة في العشق حتى تدحر الظلم وتغلبه الى غير رجعة.
كم تمنيت ان أتعرف على معشوقتك التي ما زلت تنتظر طيفها الناعم الذي يجود بعطر الخزامى وخمر الندامى وهذه المرأة هي النديم في أجواء هواك الحميم أين قيس منك أيها العاشق الولهان وكأني اخاف عليك ان تذوب رقة وعشقا.
إنك تسأل المحبوبة أن تستلهم الأمل وتعزف على قيثارة تصدح بالحان النور وصوت القبل ولماذا سئمت الكلام فالكلام هو الوسيلة للوصول والتواصل ومقدمة لكل الأفعال.


اللوعة والحسرة والكبت والعذاب سمات شعرك أيها الصديق، انها صفات مغموسة بحب صادق نابع من صميم فؤاد ولهان معنّى.
أما قصيدة "نشدة ربيعية" فأعجبتني ألى أبعد الحدود وذلك أولا لخلوها من نبرة اليأس والحسرة والشؤم وثانيا للمرادفات الجميلة مثل الجسد الرشيق الربيع الموسيقى الغزال المسك الأزهار والألوان وغيرها الكثير الكثير الذي لا يُعفيك أخي القارئ عن الاستمتاع بقراءتها الأستاذ المنير لقد تجلى العناق بأبهى صوره في رائعة عناق الحبيب وهي الحنطية الهيفاء وهي أحسن النساء وجها ثم يقرر شاعرنا أنا ما منحت لغير جيدك قبلة وهو يخطو بكل قصيدة رائعة أجمل من سابقتها فالجرأة تتسع بخطى أسرع بل أروع. ثم يتغنّى بالقبلة التي لولاها لما كان له وجود، مارس عشقه معها إلى أن طغى ماء السدود.
لا تخلو قصيدته من رمزية تارة سريالية وأخرى رمزية قريبة ويخيّل إليّ أنها رمزية موغلة بالوضوح بل قل أنها رمزية فاضحة ومكشوفة.


ويعود الدكتور منير الى نغمته القديمة في عتاب القدر هذه المسحة التشاؤمية البائسة أقول بنغمة لائمة لا بد من الشوك في سبيل الوصول الى الزهر، وأما الجنى فأمتع اذا كان بعد جهد وعناء. في نهاية هذا الديوان الذي شدني تجلت بعض القضايا الفلسفية التي برزت بين ثنايا السطور والكلمات وأوضح ما يظهر لعيان المتبصر: الحق ، الحب ، السلام ، الجمال ، الظلم ، القهر والقدر المأزوم
لاحظت أن صاحبنا الشاعر الدكتور يكثر من استخدام الألوان: خيال ازرق، زهر اللوز ، أوراق بيضاء ، عيون سوداء ، ألليلك ، كرزية اللون وبقايا الورد وهذه كلها لها دلالات واضحة على شاعرية الشاعر الحساسة المرهفة. ونشعر كما نستشف انه رجل مثقّف مطّلع على الفلسفات العالمية القديمة والحديثة وعلى سبيل المثال إليكم أيها القراء هده الشطحة الفلسفية الرائعة:
"انقشعت عنه اللامبالاة وحنت الى مطر الاكتراث بمصير لا عودة منه حتى استحالت النار في يد بروميثيوس الى جنة"
لا يمكن أكتشاف درر شاعرنا الا إذا قرأنا هذا الديوان خاصة ودواوين الدكتور الاخرى عامة
نهيب بالدكتور منير شاعرنا الأصيل بأن يأتينا بالمزيد، وفيك نقول :
"إذا ما عدت رجال العصر يوما فانك واحد بمقام الفِ"

(كفرياسيف)

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة