الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 16:01

علم الدين حياة الإسلام الجزء الأول في الحث على التعلم/ بقلم: الشيخ زيدان عابد

كل العرب
نُشر: 07/12/12 09:53,  حُتلن: 09:59

الشيخ زيدان عابد – امام وخطيب مسجد الصديق – الناصرة في مقاله:

للعِلمِ منزلةً رفيعةً ايها الاخوة ويكفي على ذلك دليلاً أنَّ مَن لا يـُحسِنُهُ يدَّعِيه ويَفرَحُ به إذا نُسِبَ إليهِ

العِلمَ يبقى أثرُهُ بعدَ موتِ صاحبِهِ ولأنَّ في بقاء العِلمِ إحياءً للشريعة وحفظًا لمعالِـمِ المِلَّةِ فعلمُ الدينِ حياةُ الإسلام

إن الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديهِ ونشكرُه ونستغفرُه ونتوبُ إليهِ، ونعوذ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهدِ اللهُ فلا مضلَّ له ومَنْ يُضللْ فلا هادِيَ لهُ، الحمد لله الذي علَّمَ الإنسان ما لم يعلَم ورفع شأن العلماءِ على مَنْ دونَهم فلا يستوُون وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ الواحدُ الأحدُ الفردُ الصمدُ الذي لم يَتَّخَذْ صاحبةً ولا ولدًا، جَلَّ رَبّي لا يشبهُ شيئًا ولا يشبهُه شىءٌ ولا يَـحُلَّ في شيء ولا يَنحلُّ منه شيء. جلَّ رَبّي وتَنَزَّهَ عن الأين والكيف والشكل والصورة والحدّ والجهةِ والمكانِ، ليسَ كَمِثْلِهِ شيء وهوَ السميعُ البصيرُ. وأشهدُ أنَّ سَيّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرَّةَ أعيُنِنا محمَّدًا عب دُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه الذي أرشدَنا إلى طريقِ الخيرِ والهُدَى والنورِ. وصلَّى اللهُ على سيدنا محمَّدٍ النبيّ الأُمّيّ الذي عَلَّمَ الناس الخير وأرشدهم إلى مافيه خيرُهُم وصلاحُهم وفلاحُهم في الدنيا والآخرة وعلى ألِه وصحابتِهِ الطيّبين الطاهِرين.

الأنبياء لم يُوَرّثوا دينارًا ولا دِرهَمًا
ايها الاخوة الاعزاء- إنَّ الله تبارك وتعالى مدح العلماء في كتابهِ العزيز فقال * يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * ( سورة المجادلة ءاية 11 ) وقال تعالى * شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ( سورة آل عمران ءاية 18 )، فانظروا ايها الاخوه كيفَ جاءَ في الآيةِ ذِكْرُ اللهِ ثمَّ الملائكةِ ثمَّ أهلِ العِلْمِ وناهيكم بهذا شرفًا وفضْلا وجلاءً ونُبْلاً. ولم يجعلِ اللهُ عزَّ وجلَّ العلماءَ كغيرهم فأخبر أنهم لا يستوون فقال عزَّ مِن قائلٍ في سورة الزُّمَرِ * قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ * ( سورة الزمر ءاية 9 ) لا واللهِ لا يستوون .. كيف يستوي العالمُ والجاهلُ والعلماءُ العاملون هم أخشى لله من غيرهم وما الكرامةُ عند الله إلا بالتقوى كما أخبرَ ربُّنا تبارك وتعالى في القرءان الكريم فقال: * إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ * ( سورة الحجرات ءاية 13 ) ولا يكون المرءُ مِن المتقين إلا بعلم ما أوجب الله عليه فيؤديهِ وعِلمِ ما حرّمَ الله فيجتنبُهُ كيف يستوي العالم والجاهل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " العلماءُ ورثَةُ الأنبياءَ " وأيُّ شىءٍ ورِثَ العلماءُ من الأنبياء إنما ورثوا العلم كما قال عليه الصلاة والسلام " وإن الأنبياء لم يُوَرّثوا دينارًا ولا دِرهَمًا إنما وَرَّثُوا العِلمَ فمَن أخَذَ به أخَذَ بِحَظّ وافِرٍ "

علم الدين
إنَّ للعالِـمِ ايها الاخوة فضلاً ومزيَّةً فإنَّ العالِمَ يستغفِرُ له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في البحر. ولزيادة بيانِ فضلِ العالِـمِ العامِلِ على العابِدِ الذي حَصَّلَ ما يكفي من علم الدين من غير أن يصل في ذلك إلى درجة العالِـمِ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فضلُ العالِمِ على العابِ دِ كفضلي على أدناكُم " وقال عليه الصلاة والسلام " وإنَّ فضلَ العالِمِ على العابِدِ كفضل القمرِ على سائرِ الكواكب." وما ذاك إلا لعمومِ نفعِ العالمِ بخلافِ العابدِ فإنَّ نفعَهُ مقصورٌ عليه. إنَّ للعِلمِ منزلةً رفيعةً ايها الاخوة ويكفي على ذلك دليلاً أنَّ مَن لا يـُحسِنُهُ يدَّعِيه ويَفرَحُ به إذا نُسِبَ إليهِ، ويكفي دليلا على ذمِّ الجهلِ أنَّهُ يتبَرَّأَ منهُ مَن هو فيه، وقد جاء عن نبينا الأكرم صلوات الله وسلامه عليه الحثُّ البليغُ على طلب علم الدين فقال لأبي ذرّ فيما رواه ابن ماجه " يا أبا ذرّ لأن تغدُوَ فتتَعلَّم بابًا مِن العلم خيرٌ لك مِن أنْ تُصلّي ألفَ ركعة " . أي من النوافل. وورد عنه عليه الصلاة والسلام فيما رواه البيهقي في شُعبِ الإيمان: " ما عُبِدَ اللهُ بشىءٍ أفضلَ مِن فِقهٍ في الدين " . وقال عليه الصلاة والسلام " من يُرِدِ الله به خيرًا يفقّههُ في الدين " اهـ. رواه البخاري.

طَلَبِ العِلمِ
الله الله ايها الاخوة، أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ علامة فلاح المرء وإرادةِ اللهِ الخيرَ لعبده أن يفقّهَهُ في الدين فهل مِن مُشَمّرٍ للخير، فهِمَ هذا عُلماء الأمّة فشمَّر وطلبوا العلم حتى بلَغوا ما بلَغوا ولذلك قال الإمام الشافعيُّ رضِيَ اللهُ عنه: إنَّ الاشتِغالَ بطَلَبِ العِلمِ أفضلُ ما تُنفَقُ فيه نفائس الأوقات . وذلك لأنَّ في طلب العلم حفظَ النفسِ وحِفظَ الغير. الاشتِغالُ بطلبِ العلم ايها الاخوه أفضَلُ ما تُنفَقُ فيه الأوقات..أفضَلُ مِن نوافِلِ العباداتِ البدنية لأنَّ نفعَ العلمِ يَعُمُّ صاحِبَهُ والناسَ وأما النوافِلُ البدنّيةُ فمقصورةٌ على صاحِبِها، ولأنَّ العِلمَ مُصَحّحٌ لغيرِه مِن العِباداتِ فهي تفتقرُ إليه وتتوقَّفُ عليه ولا يتوقَّفُ العِلمُ عليها فإنَّ العابدَ الجاهِلَ قد يقومُ بعبادَةٍ فاسِدَةٍ تكونُ وبالاً عليه، ولأن العلـماء ورثة الأنبياء عليهم الصلاة وأتم التسليم، وليس ذلك للمتعبدين غير العلماء، ولأنَّ العِلمَ يبقى أثرُهُ بعدَ موتِ صاحبِهِ، ولأنَّ في بقاء العِلمِ إحياءً للشريعة وحفظًا لمعالِـمِ المِلَّةِ، فعلمُ الدينِ حياةُ الإسلام ولذا جاء في الحديث " ولَفَقِيهٌ واحدٌ أشدُّ على الشيطانِ مِن ألفِ عابِدٍ " رواه البيهقي في شعب الإيمان. فإنّ الشيطان قادِرٌ على أن يُزَيّنَ للعابد الجاهِل عملاً باطلاً فيُوقِعَهُ فيه ويُضِلَّهُ وغ يرَه به وأما العالم الذي هو حقّ العالم فيغلِبُ الشيطان بعلمِهِ فيحفظُ إسلامَه وإسلامَ غيرِه من الناس.

تحصيل التقوى
ايها الاخوة الاعزاء... عَلمُ الدّين حياةُ الإسلام لذلكَ أمَرَ اللهُ بطلَب الازديادِ مِن العِلم ولم يأمر نبيّه في القرءان بطلَب الازديادِ مِن شَىء إلا مِن العِلم فقال عزّ مِن قائلٍ * وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا * ( سورة طه 114 ) فاقتدوا بنبيّكم صلى الله عليه وسلم واطلبوا علم الدين وشُدُّوا الهِمَّةَ لتحصيله والتَّقْوَى فيه ففي ذلك الفضلُ والدرجةُ الرفيعةُ في الآخرة وحفظُ أنفسِكم وأهليكم ومجتمعاتكم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى سائر الانبياء والمرسلين.—يتبع ان شاء الله تعالى--

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة