الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 14:01

الرجال النعاج وتعنيفهم للمرأة / بقلم:يوسف شداد – رئيس تحرير موقع العرب

كل العرب
نُشر: 28/11/12 14:35,  حُتلن: 14:50

يوسف شداد – رئيس تحرير موقع العرب في مقاله:

علينا رفض الأعذار التي يختبئ من خلفها الرجل العنيف ليبرر اعتدائه على المرأة والتنكيل بها دون تأتأة أو تردد والتوقف عن النظرة الدونية الرجعية للمرأة

القتل على خلفية شرف العائلة ظاهرة باتت تهدد مجتمعنا وإن لم يكن تهديدا مباشرا كالتهديد المتمثل بإعطاء الشرعية لقتل النساء وهنا تبرز مظاهر التخلف

في مجتمعنا في عام 2012 هنالك أزواج معقدون ومرضى نفوس لا يقبلون ان تطل زوجاتهم برأسهن من نافذة المنزل !! وهنالك سيدات لا يخرجن من البيت خوفا من أزواجهن لدرجة أنهن لا يعرفن تضاريس الحارة التي تسكنّ فيها

هناك نساء لا تعرفن كيفية التصرف في فرع البريد والبنك ولا تجدن تدبير أمورهن لوحدهن لكونهن محاصرات من قبل ازواجهن وهذا نتاج معاملة الذل والقمع الممارسة بحقها

تحيرني هذه الحقيقة التي تكشف قذارة تعامل شرائح اجتماعية معينة مع النساء في العالم العربي رغم "ثورات الربيع العربي " في العام الأخير والتي حملت شعارات التنور والانفتاح وقهر الاستبداد

كيف يهتف الرجل العربي الشرقي ( اولئك المصنفون في خانة القامعين للمرأة) في الشارع للإطاحة بالحاكم المستبد وهو أصلا طاغية على زوجته في المنزل ؟ كيف يطالب هؤلاء باحترام انسانيتهم وهم اصلا لا يحترمون انسانية زوجاتهم؟

هنالك نساء محرومات من أبسط الحقوق في مجتمعنا ما يجعلهن عرضة للاضطرابات النفسية من شدة الكبت وهنالك "رجال" في مجتمعنا يستضعفون المرأة ويعنفونها من شدة احباطهم وفشلهم

علينا كمجتمع ان نخجل من هذه الظاهرة وكرجال أن نضع رأسنا في التراب وكصحفيين أن نكتب ضد هذا التخلف وأن نمنح مساحات واسعة لجمعيات نسائية وناشطات في المجال لإيصال الكلمة وتعميق الوعي ومحاربة العنف ضد النساء

نحن بحاجة الى قدرة كبيرة لتغيير النظرة المجتمعية للمرأة وعلينا التوقف عن النظرة الدونية اليها وإلا لازداد الوضع تعقيدا وأصبحنا مجتمعا مجرما بحق المرأة

بمناسبة حلول اليوم العالمي لمكافحة العنف ضد المرأة قررت أن أكتب الكلمات التالية وانا مدرك تماما ان الحل بعيد المنال، ولكنني أكتبها تضامنا مع حق المرأة بالتساوي مع الرجل في مجتمعنا ، واحتجاجا على زهق روحها وما يعرف "بغسل العار" أو "القتل على خلفية شرف العائلة" ، وهي الظاهرة التي باتت تهدد مجتمعنا وإن لم يكن تهديدا مباشرا كالتهديد المتمثل بإعطاء الشرعية لقتل النساء ، وهنا تبرز مظاهر التخلف.
أمام الأرقام السنوية التي تسجلها جمعيات حقوقية نسائية راصدة للعنف الذي يمارس بحق المرأة ، وجرائم القتل البشعة التي تتعرض لها، أجد نفسي في خانة الدفاع عن انسانة خلقها الله لتكون متساوية مع الرجل ، تقوم فئات مجتمعية معتوهة بقتلها بحجة شرف العائلة وحصارها اجتماعيا ونفسيا واستغلالها بأقذر الممارسات.

تعامل الاقطاعي مع عبيده
في مجتمعنا في عام 2012 هنالك أزواج معقدون ومرضى نفوس لا يقبلون ان تطل زوجاتهم برأسهن من نافذة المنزل !! وهنالك سيدات لا يخرجن من البيت خوفا من أزواجهن، لدرجة أنهن لا يعرفن تضاريس الحارة التي تسكنّ فيها ، والمأساة أن منهن من لا تعرفن كيفية التصرف في فرع البريد والبنك ولا تجدن تدبير أمورهن لوحدهن عندما تتواجدن في صندوق المرضى مثلا، أو في أي مؤسسة أخرى يتطلب تلقي الخدمة منها معرفة بالإجراءات، وهذا نتاج التعامل المهين والمذل الممارس بحقهن. هنالك حقائق مخيفة وأمثلة رجعية وعقول تتعامل مع المرأة كما تعامل الاقطاعي مع عبيده ما زالت غير ظاهرة ولم يكشف عنها بعد في الاعلام، وسيأتي اليوم لذلك والبيوت أسرار.
لقد أشغلت ظاهرة قتل النساء على خلفية التسمية المريضة "جرائم الشرف" في العالم العربي الرأي العام البريطاني في عام 2010 ، لدرجة ان أبرز الصحفيين في لندن وهو روبرت فيسك والذي يعمل في صحيفة الاندبندنت أجرى تحقيقا صحفيا مطولا على مدار عشرة أشهر عن هذه الظاهرة ، ونشر أرقاما سوداء لا يمكن للانسان العاقل استيعابها عن جرائم القتل التي تتعرض لها المرأة في دول عربية مختلفة، وكشف ان آلاف النساء تتعرضن للقتل سنويا في العالم العربي!!!.

قذارة تعامل شرائح معينة مع النساء
تحيرني هذه الحقيقة التي تكشف قذارة تعامل شرائح اجتماعية معينة مع النساء في العالم العربي رغم "ثورات الربيع العربي " في العام الأخير ، والتي حملت شعارات التنور والانفتاح وقهر الاستبداد. فكيف يهتف الرجل العربي الشرقي (المصنف في خانة القامع للمرأة) في الشارع للإطاحة بالحاكم المستبد وهو أصلا طاغية على زوجته في المنزل ؟! كيف يطالب هؤلاء باحترام انسانيتهم وهم اصلا لا يحترمون انسانية زوجاتهم ويمنعون استقلاليتها ؟ من هنا برأيي تبدأ عملية قمع المرأة حتى تصل الى مرحلة قتلها على أتفه الاسباب.
يخطئ من يعتقد أن قتل النساء آفة تنحصر في بعض المجتمعات العربية فقط ، ففي امريكا اللاتينية وعدد من الدول الاوروبية والولايات المتحدة الأمريكية تتعرض المرأة للقتل بنسب مرتفعة على الرغم من تقدم هذه الدول علميا وفكريا وثقافيا وتكنولوجيا.
ما من شك ان هنالك نساء محرومات من أبسط الحقوق في مجتمعنا ما يجعلهن عرضة للاضطرابات النفسية من شدة الكبت ، وهنالك "رجال" في مجتمعنا يستضعفون المرأة ويعنفونها ويتفنون في تعذيبها، ويصبون عليها جام غضبهم الناجم عن عقدهم النفسية واحباطهم وفشلهم ، وهؤلاء ينظرون الى المرأة على أنها فريسة سهلة لإرضاء رجولتهم، بينما تراهم في مكان عملهم او خلال تعاملهم مع الناس في ميادين المجتمع كالقطط والنعاج، لكنهم في البيت يتحولون الى "قبضايات"  على زوجاتهم.

العقاب لمن يقتل المرأة أو يعنفها
الى جانب دعوتي لتشديد العقاب على كل من يقتل المرأة أو يعنفها وسن قوانين صارمة لتكون عبرة لمن لا يعتبر، علينا كمجتمع ان نخجل من هذه الظاهرة وكرجال أن نضع رأسنا في التراب ، وكصحفيين أن نكتب ضد هذا التخلف وأن نمنح مساحات واسعة لجمعيات نسائية وناشطات في المجال لإيصال الكلمة وتعميق الوعي ومكافحة العنف ضد النساء ، وأعلموا دوما أن ما ينشر عن حوادث عنف ضد النساء وما يكشف عنه ما هو إلا عينة صغيرة جدا من ممارسات قمعية بحق المرأة فالمخفي أعظم. لذلك نحن بحاجة الى قدرة كبيرة لتغيير النظرة المجتمعية للمرأة، وعلينا رفض الأعذار التي يختبئ من خلفها الرجل العنيف ليبرر اعتدائه على المرأة والتنكيل بها دون تأتأة ، وعلينا التوقف عن النظرة الدونية اليها، وإلا لازداد الوضع تعقيدا وأصبحنا مجتمعا مجرما بحق المرأة التي تشكل نصف المجتمع.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة