الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 22:02

عامود السحاب خطأ استراتيجي /بقلم: أ. محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 27/11/12 09:49,  حُتلن: 08:36

أ. محمد خليل مصلح في مقاله:

أدرك باراك خطورة وضعه وأنه سيكون كبش الفداء لنتنياهو وليبرمان وأنه يجب أن يحظر من انقلاب صورة النصر التي يبحثوا عنها القيادة الثلاثة انقلابا رأسا على عقب

ثمة فشل كبير في اتخاذ القرارات داخل الثلاثية والسباعية وبخلاف مع أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية في إدارة عملية السحاب عسكريا أو سياسيا والفشل على صعيد الجبهة الداخلية

لم يحدث في معركة عامود السحاب ما حدث أن سوء التقدير للأوضاع المحيطة والبيئة الإستراتيجية المتغيرة وخشية الولايات المتحدة من تدمير مصالحها الإستراتيجية في المنطقة بذهابها بعيدا في تأييد اسرائيل في حربها على غزة

من الطبيعي أن تشهد الساحة الداخلية الإسرائيلية تفاعل وتجاذب وتشكيك في نتائج الحرب على غزة. مشكلة نتنياهو والتحدي الكبير له في الداخل خاصة وهو على أبواب برايمز داخل الحزب ومن بعدها انتخابات للدولة العبرية، وفي تصوري ومن خلال قراءتي لمجريات الحرب على غزة وأهدافها التي وضعت لها والتي اجتهدت بعد حرب لبنان والرصاص المصبوب وجرى الحديث والنقاش حول إعادة إحياء وترميم الردع العسكرية الإسرائيلية ما عنى في جوهر الوضع على الأرض اعتراف تلك القيادة بإختلال ميزان الردع بالنسبة للدولة المحتلة اسرائيل، وأن كل التفصيلات والعناوين الصغيرة والتي حاولت القيادة بعد كل مواجهة مع المقاومة محاولة إعادة صياغة أهدافها على قياس نتائج المواجهة مع المقاومة، الحديث عن ضرب قدرات المقاومة على استفزاز اسرائيل كما يعبر عنها بني بيغن أو بحسب صياغة باراك وزير الحرب اولا: تقوية قوة الردع الإسرائيلية، وثانيا: إصابة نظام إطلاق الصواريخ، وثالثا: تدمير البنى التحتية للمقاومة وخاصة حماس الذي يسميها الإرهاب، ورابعا: حماية سكان المناطق الجنوبية للكيان الغاصب.

خطأ في التقديرات وفشل في اتخاذ القرارات
هل اسرائيل أخطأت في تقديراتها لإمكانيات المقاومة وخبراتها؟ رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عميدور "اسرائيل اخطأت في تقديراتها وفرضياتها قبل خوض عملية عامود السحاب، موضحا أن التقدير الأول بأن اسرائيل لن تحظى بدعم امريكي والثاني هو أن اسرائيل لن تحظى بالتعاون المشترك مع مصر"، وفي تحليلي وتصوري لموقف الإدارة الأمريكية بغض النظر عن التأييد العلني لإسرائيل بالدفاع عن نفسها أمام صواريخ المقاومة لكن كان قرار أوباما الحفاظ على مصالح أمريكيا في المنطقة ويبدو أنها خوفت اسرائيل من الضرر التي ستسببه للولايات المتحدة من استمرار الحرب على غزة وخاصة خوض الحرب البرية والعلاقة مع مصر، أما بخصوص التعاون من مصر تحاول المؤسسة الأمنية أن تظهر مصر وكأنها تعاونت مع اسرائيل وحققت لها مصلحتها في وقف إطلاق النار، وخاصة ما جاء على لسان ليبرمان وزير الخارجية وهذا يخالفه الواقع موشي آرنس وزير الحرب السابق "لقد أضاعت" إسرائيل فرصة لنزع السلاح في غزة وسد خطوط تسليحهم في الأيام التي كانت توجد فيها في القاهرة حكومة رأت حماس عدوا مشتركا لها ولنا، والآن ولم يعد حسني مبارك موجودا أصبح الأمر مختلفا تماما".

القرارات الثلاثية والسباعية
وثمة فشل كبير في اتخاذ القرارات داخل الثلاثية والسباعية وبخلاف مع أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية في إدارة عملية السحاب عسكريا أو سياسيا والفشل على صعيد الجبهة الداخلية، وظهر أن روح المكيدة والمناورات هي التي سادت بين الثلاثية والسباعية مناورات كانت من جانب ليبرمان فيما يخص الحرب البرية التي كان معارض لها وهدد شركاءه أنه إذا كان حرب فإنها يجب أن تكون حتى النهاية، وبدى أن الدخول البري برغم أنه لم يكن في خطة نتنياهو إلا أنه سمح لباراك بتجنيد الإحتياط رغم التكلفة المادية المترتبة على ذلك في ظل الأزمة المالية المحيطة بالكيان والحكومة الإئتلافية، وخلل في تركيز القوات العسكرية التابعة للجيش سبب بإصابة معسكره وقتل جندي فيه حيث شبه "بالأوز الذي يجهز للذبح".

انقلاب صورة النصر
أدرك باراك خطورة وضعه وأنه سيكون كبش الفداء لنتنياهو وليبرمان وأنه يجب أن يحظر من انقلاب صورة النصر التي يبحثوا عنها القيادة الثلاثة انقلابا رأسا على عقب عند تدمير أول مدرعة بجنودها أو تفجير أول عبوة تنفجر في سرية من مقاتلينا.. لأن المشكلة لباراك ليست اجتياح غزة وتقويض حكم حركة حماس، وإنما طريقة الخروج منه بعد اتمام العملية". نتنياهو المتردد والخائف على مستقبله السياسي كان واقعا تحت هذا الرهاب النفسي الشخصي لذلك مارس الخديعة والتضليل للرأي العام الإسرائيلي" اسرائيل مستعدة وجاهزة لتوسيع رقعة عملية عامود السحاب في قطاع غزة وستواصل عمل كل ما في وسعها للدفاع عن مواطنيها".

تجديد مخزون السلاح
الوزير يعالون: "اسرائيل لن تنهي عملية عامود السحاب ما لم تتحقق الأهداف التي حددت لها موضحا أنه إذا اقتضت الضرورة ذلك فسيتم تنفيذ عملية برية ايضا .. وهل العملية حققت أهدافها حتى تتوقف؟ موشيه آرنس يشكك في ذلك "إن كل فترة هدوء نسبي تأتي بعد مواجهة عسكرية لا تردع حماس والتنظيمات في غزة بل أنهم يستغلون هذا الوقت لتجديد مخزون السلاح، والتسلح بصواريخ بعيدة المدى للاستعداد لجولة القتال القادمة .. وإن ما يحدث الآن في غزة خلال جولة القتال الدائرة وهو ما حدث مع حزب الله في لبنان، وأن التفوق العسكري الكبير يمكن أن يردع دولا، لكن يبدو أن التنظيمات في غزة لا يمكن ردعها، فليس لأهدافها حدود، وأفق خططها تلامس الأبد"، والسؤال الملح اليوم على القيادة الإسرائيلية؛ هل يمكن فعلا ردع حماس والتنظيمات الفلسطينية؟ آرنس من الواضح أنه يجب نزع سلاحهم وتدمير قذائفهم الصاروخية وسد طرق تسليحهم بها.

معركة عامود السحاب
وهذا لم يحدث في معركة عامود السحاب، ما حدث أن سوء التقدير للأوضاع المحيطة والبيئة الإستراتيجية المتغيرة وخشية الولايات المتحدة من تدمير مصالحها الإستراتيجية في المنطقة بذهابها بعيدا في تأييد اسرائيل في حربها على غزة، وخشية الثلاثية الإسرائيلية على مستقبلها السياسي، والمناورات التي استخدمها كل واحد منهم اتجاه الآخر، وقدرة المقاومة على إدارة المعركة والحرب الإعلامية الناجحة لإعلام المقاومة والتي دفعت ثمنه من دماء العاملين فيها في مقابل إعلام متنافس ومضطرب واقع تحت ضغط التناحر السياسي والخوف من المعركة الإنتخابية وسيف الوقت المحدد للانتخابات ما جعل البعض يطرح فكرة تأجيل الإنتخابات وعنصر آخر شكل نظرية معادلة الردع الفلسطينية العمليات الإستشهادية التي لنتنياهو تجربة مريرة معها في فترة رئاسته الأولى 1996، وعامل آخر مهم انتفاضة الضفة والتحول الخطير في رغبة المجتمع الفلسطيني للوحدة وإنهاء الإنقسام ووشوك انهيار السلطة لو استمرت المعركة.

النتائج المتوقعة
عوامل كثيرة داخلية وإقليمية وخارجية كانت السبب الواضح في استسلام الثلاثية الإسرائيلية أمام المقاومة ولن ينفع معها كل الترقيع والمحاولات للظهور بالمنتصر لنتنياهو وقيادته في المعركة، العناية الفائقة التي وضعن على أساسها أهداف عملية عامود السحاب كانت وراء الهزيمة لأنها كانت تجهل واقع المقاومة فشل استخباراتي واضح. عملية استعادة قوة الردع أفقدت اسرائيل قوة الردع بالكامل وحطت من هيبة دولة الإحتلال ما يعني أنها بحاجة الى حرب واسعة حتى تستعيدها ما يطرح السؤال التالي: هل القيادة الحالية لدولة الإحتلال قادرة للقيام بهذه المهمة؟ وهذا ما نشكك به بالمرة، قائد تشكيلة غزة السابق بان النتائج من عامود السحاب هي النتيجة الأسوأ من النتائج المتوقعة من تنفيذ العملية، والعملية البرية في رأي البروفيسور عنباري من معهد بيغن - السادات، يعتبرها "حاجة ضرورية لضمان قدرة الدولة العبرية على الوقوف ضد المد المتصاعد للتشدد الإسلامي في منطقة الشرق الأوسط"، على حد تعبيره. وهذا لم يؤخذ به من الثلاثية ما يعني المهمة الصعبة التي تنتظر تلك القيادة الضعيفة، وأن الوضع بالنسبة للمقاومة نصر حتى لو كانت الهدنة أو وقف إطلاق النار تهدئة أمام تهدئة أمن مقابل أمن.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة