الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 13:02

الشعب يريد تغيير ألوعي جغرافية ! / بقلم: طارق بصول

كل العرب
نُشر: 23/11/12 21:31,  حُتلن: 08:08

بسم الله والحمد لله صاحب الجلالة والعظمة،والصلاة والسلام على معلم البشرية جمعاء سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد:
من اكثر الشعارات التي تداولت بين صفوف المتظاهرين والثوار خلال الربيع العربي هي "الشعب يريد اسقاط ألنظام " هذه العبارة يقصد بها تغير نظام الحكم الذي لم يوفر اماكن عمل للشعب ولا يستطيع تلبية الاحتياجات ومتطلبات الشعب من مراكز صحية وتعليمية وترفهيه وأماكن عمل وغيرها .


هذا المقال سوف يبين مدى اهمية الوعي الجغرافي لكل نظام لكي يستطيع تلبية احتياجات السكان منها الاجتماعية كمراكز الصحة وأماكن ترفهيه ومنها تحسين الوضع الاقتصادي من خلال توفير اماكن عمل لعدد كبير من الشعب الذي يعاني من البطالة.
تعاني غالبية الدول العربية من عدم اتزان بالتوزيع السكاني، فقد نجد مناطق مكتظة بالسكان وأخرى قليلة السكان. دولة مصر التي مرت بثورة سريعة وانتهت بإسقاط النظام تعاني من عدم توزيع سكاني صحيح، فقد نجد غالبية السكان يعيشون على ضفاف نهر النيل وبالتحديد حول العاصمة ألقاهرة، الكثافة السكانية المرتفعة في القاهرة اوجدت مشكلة امام الحكومة المصرية بعدم القدرة بتلبية احتياجات السكان (اماكن عمل-مراكز صحية- اماكن ترفهية) فبسبب الكثافة السكانية تتقلص المساحات المفتوحة التي من الممكن استغلالها لإقامة مدارس او اماكن ترفهيه او مصانع حديثة وأماكن عمل. توطين السكان على ضفاف نهر النيل كان بسبب توفير المياه واستغلالها للزراعة,ولكن اليوم الامر تغير فقد اصبح من الحاجة ازدياد الوعي الجغرافي للحكومات من اجل تخفيف الضغط على القاهرة واستطاعتها تلبية احتياجات السكان.


دولة اخرى التي مازالت تنزف يومياً بسبب الثورة هي سوريا فقد نجد ان غالبية السكان في سوريا يعيشون على محور الذي يمتد من حلب في الشمال حتى دمشق في الجنوب , هذة المنطقة مكتظة بالسكان ومن الصعب تطويرها بسبب انعدام مساحات اراضي مفتوحة فقد نجد التواصل المعماري في هذه المنطقة وأصبح من الصعب تلبية احتياجات عدد السكان الكبير.بالمقابل هنالك اماكن قليلة السكان كالبادية الشامية . اذاَ لا بد من التخطيط الجغرافي الصحيح للتوزيع السكاني من خلال النقاط التالية :


أ‌- توزيع سكاني متوازن :
ففي مصر , يمكن تطبيق هذه السياسة من خلال اقامة بلدات بالصحراء الغربية التي تعاني من قلة سكان، فيتم احياء هذة المنطقة من خلال شق شوارع من مركز البلاد (القاهرة) ومد قنوات مياة من النيل او البحر الابيض المتوسط، امكانية اخرى لجذب السكان الى تلك المنطقة هي تحويل احدى البلدات في هذه المنطقة لعاصمة بدلا من القاهرة التي تبقى مدينة تاريخية وحضارية وسياحية فعند نقل العاصمة والمكاتب الحكومية الى المناطق الخالية سوف يشجع السكان بالنقل للعيش هناك.
اما سورية فيمكن احياء المنطقة الشرقية (الصحراء الشامية او البادية الشامية) من خلال ربط قنوات مياة من نهر الفرات وشق شوارع من محور الاستيطان الى هذة ألمنطقة , امكانية اخرى هي نقل العاصمة من دمشق الى احدى البلدات في هذه المنطقة كدير الزور او مرقدة . هذه الامكانية اتبعتها البرازيل عندما نقلت العاصمة من اريو دي جانيرو الى برازيليا وتركيا ايضا تبنت هذه الامكانية عند تحويل انقرة الى عاصمتها بدلاَ من اسطنبول التي عانت من كثافة سكان عالية.


ب‌- استعمال الارض بالشكل ألصحيح :
فبعد اقامة بلدات جديدة في الصحراء الخالية يجب استعمال الارض بشكل الصحيح، من حيث الامتناع من الاستيطان المتواصل فمن الممكن تقسيم الاحياء السكانية الى مناطق مختلفة عن بعضها البعض وبكل منطقة تخصيص مساحات لمجال معين، مدارس او مراكز صحية اقامة منتجعات وواحات صحراوية من اجل ايجاد اماكن عمل لسكان هذه البلدات.
لا بد من التذكير ان سياسة توزيع السكان في مصر قد طبقت بعض الشيء في عهد الرئيس محمد انور السادات,ولكن بسبب التكلفة المرتفعة لتلك البلدات من ناحية المعيشة وغيرها لم تنجح الحكومة من اقناع السكان ترك القاهرة والانتقال الى هذه البلدات، لهذا يجب على الحكومة توفير اماكن سكن بهذه المناطق بأسعار رمزية من اجل تشجيع السكان للانتقال.

"خارطة سوريا " "خارطة مصر"
اما سوريا فلم تحاول اتباع سياسة توزيع السكان فمحور الاستيطان من حلب حتى دمشق يتميز بمناخ معتدل يوفر بيئة ملائمة للزراعة وفي الماضي كانت طريق القوافل من العراق الى مصر ومن اسطنبول الى مكة فقد كانت منطقة لاستراحة القوافل مما ساهم بتطوير المنطقة من الناحية الاقتصادية التي جذبت اليها السكان.هنا نريد لفت النظر انة بسبب انعدام الوعي الجغرافي بعدم توزيع السكان في سوريا وتمحور السكان بمنطقة واحدة كان سبباً لازدياد عدد ضحايا الثورة فعند قصف الاماكن المكتظة بالسكان فيكون عدد الضحايا اكبر بكثير من الاماكن الاقل اكتظاظ.
للختام : الوعي الجغرافي للحكومات بجميع انحاء العالم له اهمية عليا,التوزيع الجغرافي الصحيح عامل مهم لإنعاش وتطور الدولة,بحيث تستطيع الدولة تلبية احتياجات ومتطلبات السكان,ولكن عند وجود اكتظاظ سكاني فمن الصعب تلبية احتياجات جميع متطلبات السكان مما يحدث تدهور اقتصادي واجتماعي.
الحمد لله رب العالمين.

طارق بصول- ماجستير في الجغرافيا والدّراسات البيئيّة

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع علي العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة