الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 01 / مايو 11:02

قراءات فلسطيني في مداخلات وبيان "المؤتمر الوطني لإنقاذ سوريّة"/ بقلم: سعيد نفاع

كل العرب
نُشر: 25/09/12 12:48,  حُتلن: 13:30

سعيد نفاع في مقاله:

أي قائد هذا الذي لا تعتمدون عليه وتعتمدون على مؤتمر دوليّ؟!

الأهم أني فلسطينيّ بحكم مولدي وطنيّ قوميّ عروبيّ أعيش تناقضات فلسطينيّتي "الثمان- وأربعينيّة" نتاج النكبة وما بعدها

كيف تكون ضد التدخل الخارجي وتدعو لمؤتمر دوليّ لترتيب انتقال السلطة في سوريّة سلميّا وترتيب وقف إطلاق نار مرعي من أطراف دوليّة وعربيّة؟!

أين الشعب الذي تتحدثون باسمه ويقول أحدكم أنه "ثار من أجل التغيير الديموقراطي الجذري الشامل الذي يحقق له مطالبه" ؟! أيعرف الشعب السوريّ أن يثور ويريق الدم ولا يعرف نقل السلطة سلميّا؟!
 

ربّ سائل يسأل، وقد سأل بعضهم، ما هذه الكثرة في تناولي الشأن السوريّ وأنا الفلسطينيّ "الثمان وأربعيني"، وها أنا أجيب: أنا بيولوجيّا حفيد شهيد سوريّ، جدي لأمي، استشهد في الثورة السوريّة الكبرى 1925-1927، واستشهاد جدّي والدها ما جعل رحالها تحطّ طفلة لاجئة ولتقترن بفلسطينيّ في الجزء الجنوبيّ من سوريّة ،فلسطين، والذي لولا سايكس بيكو لكان هذا الجزء ضمن الدولة العربيّة المشرقيّة الكبرى. لكن الأهم أني فلسطينيّ بحكم مولدي وطنيّ قوميّ عروبيّ أعيش تناقضات فلسطينيّتي "الثمان- وأربعينيّة" نتاج النكبة وما بعدها، وعلى الرغم من ذلك لم تُضع هذه التناقضات بوصلتي لا في الشأن الفلسطينيّ ولا في الشأن السوريّ في سياقنا، ولم أكن بحاجة للحظة انتظار كي أحسم موقفي منذ باكورة التحركات في سوريّة والتي رأيتها من البداية، وعبّرت عن رؤيتي كتابة ووجاهيّا، أنها عدوان على سوريّة الموقع والموقف الاستراتيجيين في المنطقة وفي الخندق الأول مواجهة لمشاريع أعداء قضايا الأمة، وعلى الأقل في كلّ ما يتعلّق بقضيّة نصفي الآخر الفلسطينيّ .

نحن مع سوريّة
على ضوء ما قدّمت فليس لأي سوريّ موالٍ أو معارض أكثر منّي في سوريّة تماما كما ليس لأي فلسطينيّ سلطويّ أو حماسيّ أكثر من أي سوريّ في فلسطين، وحقّ وواجب مقدّسان لهذا وذاك ليس فقط أن يتناولا الواحد شأن الآخر وإنما أن يحملا همّه، لأن الشأن والهمّ في حقيقة الأمر ونهاية المطاف واحد هما. في كلماتي الكثيرة في مهرجانات ومواقف التضامن مع سوريّة عندنا شدّدت قائلا: نحن مع سوريّة لأن.. ولأن.. ولأن في سوريّة معارضة وطنيّة تلتزم الخطوط الحمراء في الثوابت الوطنيّة السوريّة في الصراع القائم في سوريّة في مواجهة العدوان. وقد عولنا على هذه المعارضة الكثير واستبشرنا خيرا في الأسابيع والأيام الأخيرة عشيّة انعقاد مؤتمرها وفي الفيحاء تحديدا، لا في "رحاب العثامنة ولا الوهابنة ولا الفرانجة"، فهل جاءتنا البشرى؟! عدا عن البشرى المتمثلة في حقيقة عقد المؤتمر ومكان عقد المؤتمر، أخشى ما أخشاه أن هذه المعارضة أضاعت فرصة تاريخيّة ربّما لا تتكرر، فقراءات في البيان تفضي إلى هذه النتيجة اللهم إلا إذا كان ما وصلنا من البيان مجزوء وخارج عن السياق ولا أظن ذلك، أو أن البيان ليس إلا إعلان إعلان مباديء وللمدى البعيد، وليس خارطة طريق لإنقاذ سوريّة كما العنوان فإن كان كذلك فقد فشل في وضع الإحداثيّات لهذه الخارطة وأيّما فشل.

مؤتمر دوليّ
التدخّل الخارجيّ : كيف تكون ضد التدخل الخارجي وتدعو لمؤتمر دوليّ لترتيب انتقال السلطة في سوريّة سلميّا، وترتيب وقف إطلاق نار مرعي من أطراف دوليّة وعربيّة؟! ما معنى مؤتمر دوليّ يرتّب انتقالا للسلطة إن لم يكن تدخلا خارجيّا ؟! وهل انتقال السلطة في بلد ما يتمّ على يد دول خارجيّة وليس هذا تدخلا خارجيّا؟! وأين الشعب الذي تتحدثون باسمه، ويقول أحدكم أنه "ثار من أجل التغيير الديموقراطي الجذري الشامل الذي يحقق له مطالبه" ؟! أيعرف الشعب السوريّ أن يثور ويريق الدم ولا يعرف نقل السلطة سلميّا؟!
الدعوة لوقف إطلاق النار: يدعو المؤتمر النظام والقوى المسلّحة المعارضة وعلى لسان أحدهم "الجيش السوري الوطني الحر" إلى وقف لإطلاق النار، فهل دعوتكم مثلا تشمل الأفغان والشيشان والأتراك؟! وهل أصلا أنتم عنوان هؤلاء وسيقبلون دعوتكم بمجرد أن أوقف "النظام" العنف؟!وهل أصلا زكاكم "الجيش السوري الوطني الحر"، فعلى حدّ علمنا نعتكم بصنائع النظام ؟!

التدخل الخارجي
هذه "القوى المسلّحة المعارضة" كتكنيتكم إياها، وقد شهد شاهد من أهله، مدربّة وممولة ومدربة خارجيّا، أليس وضعها في خانة واحدة والنظام موافقة غير ضمنيّة على تجيير التدخل الخارجيّ أو تشريع لهذا التدخل؟! فكيف يستقيم هذا مع رفض التدخل الخارجي والاعتراف بصنائعه؟! أم ما هو التدخل الخارجي الذي ترفضونه أهو فقط حظرا جويّا مثلا؟! أو لعلّ ما ترمون إليه تدخّل إيران وحزب الله؟!! إسقاط النظام وبكل رموزه وانتقال السلطة والتلاحم الوطنيّ: ألا تفسرّون لنا ذلك؟ فكيف يكون إسقاط النظام بكلّ رموزه تلاحما وطنيّا ألا يوجد في أي رمز من رموز هذا النظام من هو أهل للتلاحم الوطنيّ؟! لا بل كيف تفسرون لنا انتقال السلطة السلميّ بإسقاط النظام؟! وبالمناسبة عن أي نظام تتحدثون فهل النظام أشخاص أم أن النظام دولة؟!
استبشرنا خيرا بأن "النظام" لم يتعرّض للمؤتمر وباعترافكم رغم التهم التي أكيلت له عن اختطاف بعض زملائكم العائدين من الصين ومنع من جاء من الخارج من المغادرة على حدّ زعم مصادركم، فكيف تنادون بإسقاط النظام بكل رموزه وأركانه؟! ألا يعني هذا إلغاء للآخرين الذين بمجرّد أن عقدتم مؤتمركم أعلنوا هم عمليّا عدم إلغائكم؟! فكيف تستقيم الديموقراطيّة مع إلغاء الآخر هكذا "جملة وتفصيلا" بأخطائه وإصلاحاته؟!

كسر التوازن
النضال السلميّ وكسر التوازن بالقوى: ضد من النضال السلميّ وأي كسر توازن قوى؟! فالمؤتمر الدولي سيمنحكم مثلما تأملون انتقالا السلطة سلميّا فضدّ من سيكون النضال ومع من سيكون توازن القوى؟!  ساحة صراع بين مشاريع وأجندات خارجيّة: هل هذه المعرضة من السذاجة بمكان أن المؤتمر الدوليّ سيمنحها انتقالا للسلطة ليس ضمن مشاريعه وأجنداته؟! وإن ذهبت بعيدا في سوء ظنيّ هل إسرائيل ليست جزء من مشاريع وأجندات المؤتمرين؟! وأخيرا الحوار وقضايا الأمّة: هل سقطت سهوا كلمة الحوار من البيان؟! أم أن الانتقال السلميّ للسلطة يتم عبر الحوار بين ومع "العثامنة والوهابنة والفرانجة" في المؤتمر الدوليّ لأن الشعب السوريّ الذي أنتم أبناؤه عاجز عن الحوار وبحاجة لوصاية مؤتمرين ممَن لا يعرفون حتّى إن كانت توجد في اللغة العربيّة كلمة حوار على وسع هذه اللغة؟! وأين قضايا الأمة؟! أم أن "سوريّة أولا" جريا على "الأردن أولا" و"مصر أولا" لتصير فلسطين آخرا هذا إن وجدت لها مكانا في الآخر؟!

إسقاط النظام
سمعت عبر اليوتيوب مقابلة لأحد المعارضين منقولة عن فضائيّة غربيّة، إن إسقاط النظام لن يغيّر من مواقف سوريّة الوطنيّة والقوميّة وبالذات في قضيّة الأمة الأساس، القضيّة الفلسطينيّة. فهل فعلا يصدّق هذا نفسه أن المؤتمر الدوليّ سيمنحهم انتقالا سلميّا للسلطة بعد أن يُسقط لكم النظام وعلى هذه الأسس؟! وفي النهاية: أكاد أقول أن الجبل تمخّض فولد فأرا وليست بتاتا هذه كانت أمنيتي لأني ليس فقط أعرف وعن قرب بعضهم وإنما قرأت للكثير منهم ولا أشك في وطنيّة وقومية وعروبة البعض، وتوخيت أمام البدائل المرئيّة أمام سوريّة التي نحبّ بموقفها وموقعها، أن يطلق هذا المؤتمر دعوة للحوار الوطنيّ ولو من باب امتحان "النظام" وليطلب حينها مرافقة دوليّة أممية لصيقة تشهد على الحوار لا بل أكثر من ذلك أن يضع على الطاولة أن المرافقة جزء فاعل لعمليّة انتخاب شاملة يمتحن "النظام" في استعداده لها كما يُعلن، يُعطي فيها الشعب السلطة لمن يشاء، أوليس الشعب كسر جدار الخوف أوليس هو وكقولكم من خرج بالصدور العارية في مواجهة الرصاص؟! أوليس هو القائد الأوحد كما تنشدون البيان ؟! فأي قائد هذا الذي لا تعتمدون عليه وتعتمدون على مؤتمر دوليّ؟!
يستطيع المرء المعني أو المراقب أن يقرأ بعدُ الكثير في المداخلات والبيان ولا أظنّن معنيّا أو مراقبا قلبه على سوريّة بموقفها وموقعها بموالاتها الوطنيّة ومعارضتها الوطنيّة قرأ هذا البيان وتلك المداخلات، لا يشعر اليوم بخيبة أمل طال انتظاره، وإن لم تجبنا المعارضة عن كل هذه التساؤلات فخيبة الأمل أكبر، وبغض النظر عن "فصائلها" التي انضوت تحت هذا المؤتمر وعن تلك "الفصائل" التي ستنضوي تحت غيره قريبا ولا "الجيش السوريّ الوطنيّ الحر" الذي يرى في الاثنين صنائع نظام.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة