الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 16:01

التسعينيات زمن الفن الجميل!/ بقلم: صالح ذباح

كل العرب
نُشر: 19/09/12 11:39,  حُتلن: 11:50

صالح ذباح في مقاله:

مصر هي الدفيئة التي افرزت معظم الحضارة الفنية الثفافية الحديثة للعالم العربي

عادل امام ظهر بأبهى حالاته السينمائية ونالت افلامه جماهيرية منقطعة النظير على امتداد الوطن العربي

بوصولنا الى التسعينيات نلمس نضوجا عاما على المستوى المرئي والسمعي واختلافا وجرأة على مستوى الرؤى الابداعية

قد يعتقد الكثيرون أن هناك خطأً ما في العنوان، فغالبا ما يُنسب للخمسينيات والستينيات من القرن الماضي مصطلح زمن الفن الجميل، لكن يجتمع الكثير من الناس وخاصة جيل الشباب الذي نشأ على فن التسعينيات، على أن سحراً خاصا وطعما مختلفا قد ميز تلك الحقبة الهامة والانتقالية لتاريخ الفن السينمائي والمسرحي والغنائي، والتي شكلت جسرا ما بين المدارس القديمة والاكثر كلاسيكية في الاخراج والتلحين والتأليف في عصر الحداثة وبين رؤى ومدارس اخرى-اذا صح القول- في مرحلة ما بعد الحداثة التي نعيشها والتي تغيرت قوانين عملها وبيئتها.

السحر
ما هو ذاك السحر؟ ما أسباب نشوئه وانتهاء تلك المرحلة ؟ هذا ما احاول ان اكتشفه عبر مقالين يتناولان هذه الحقبة الهامة. شكلت مصر-كما عودتنا من بداية القرن الماضي- المنارة الفكرية والادبية والفنية لشعوب المنطقة العربية وتعزز هذا الدور مع صعود التيار العروبي القومي في مصر، فكانت هي النموذج وهي الدفيئة التي افرزت معظم الحضارة الفنية الثفافية الحديثة للعالم العربي، اذ نجح الفن المصري بـصناعة تيار مركزي (مينستريم) عبر عقود طويلة، جعل المؤسسة الفنية المصرية بمفكريها ومبدعيها مرجعية ومنبرا لاشكال الفن المختلفة، واستمر هذا الدور مع تقدم السنين. بوصولنا الى التسعينيات نلمس نضوجا عاما على المستوى المرئي والسمعي واختلافا وجرأة على مستوى الرؤى الابداعية.

سينما مختلفة
تبلور ثلاثي سينمائي هام المشكل من المؤلف وحيد حامد، المخرج شريف عرفة والفنان عادل امام، اذ قدموا مجموعة افلام انتقدت اوضاع اجتماعية وسياسية يجدها البعض الان مؤشرات انبأت بثورة، من اهم هذه الاعمال فيلم "المنسي" (1993) والذي انتقد الفروقات الطبقية الشاسعة متمثلة بالعلاقة بين عامل محطة القطار وبين سكرتيرة(يسرا) في احدى كبرى الشركات التابعة لرجل اعمال مقتدر (كرم مطاوع) ويكشف الفيلم عن عالمين مختلفين في مصر يصل بهم الحال الى صراع في احداث تدور على امتداد يوم واحد. كذلك فيلم الارهاب والكباب (1993) الذي يعرض حال بطله الذي يجد نفسه حاملا لسلاح يحتجز رهائن واول مطالب هؤلاء المحتجزين في مفاوضاتهم امام وزير الداخلية الكباب، للدلالة الرمزية على قسوة الاوضاع المعيشية الصعبة. كما ومن اجرأ افلام هذا الثلاثي فيلم"طيور الظلام" (1995) الذي تدور احداثه حول علاقة ثلاثة اصدقاء محاميين، لها اسقاطات على الصراع الدائر بين الحكومة والجماعات الدينية لتولي السلطة وادارة الشعب ...احداث تكتسب معان هامة في ايامنا هذه. وبالتأكيد فيلم الارهابي "1994" الذي تناول ظاهرة عنف الجماعات الدينية المتشددة في مصر آنذاك بعد احداث عديدة اودت بحياة ابرياء في مصر في تفجيرات متعددة. ظهر عادل امام بأبهى حالاته السينمائية ونالت افلامه جماهيرية منقطعة النظير على امتداد الوطن العربي.

نجمات الجماهير
كما ولا يغفل على المتابع استمرار وجود الفنانة المرأة كنجمة شباك تحمل عملا باسمها ويعتبر البعض إن هذه اخر فترات البطولات النسائية المطلقة في السينما المصرية حتى الان. كان احتدام المنافسة -التي بدأت في الثمانينيات -على اشده بين الفنانة نبيلة عبيد(نجمة مصر الاولى) والفنانة نادية الجندي (نجمة الجماهير) كما يحلو لهن تلقيب انفسهن، ونتج عن هذه المنافسة افلام تناولت المرأة كبطلة وسط تزاوج السلطة المال والفساد السياسي. من افلام نبيلة عبيد: فيلم"الراقصة والسياسي"(1990)للمخرج سمير سيف، وفيلم"كشف المستور"(1993) لعاطف الطيب الذي اعاد للاذهان حقبة استغلال الشخصيات النسائية وتجنيدهن عنوة في خدمة جهاز المخابرات المصرية وفيلم"هدى ومعالي الوزير" (1995) للمخرج سعيد مرزوق.ومن افلام نادية الجندي عدة افلام سياسية هامة كذلك منها :"مهمة في تل ابيب"(1990) "الجاسوسة حكمت فهمي"(1994)،"امرأة هزت عرش مصر"(1995). كما شهدت سينما التسعينيات بطولات نسائية مشتركة ناجحة جماهيريا كفيلم "يا دنيا يا غرامي"(1995)للمخرج مجدي علي أحمد (ليلى علوي،الهام شاهين،هالة صدقي)وفيلم "دانتيلا"(1998)لايناس الدغيدي (يسرا،الهام شاهين).


مخرجو جيل الوسط
وبرز عدة مخرجين يعرفون ب"جيل الوسط" عمل معظمهم في كمساعدين مع الجيل الذي سبقهم ، انتقلت اليهم شعلة الاخراج السينمائي من مخرجين كلاسيكيين كيوسف شاهين ،صلاح ابو سيف، كمال الشيخ، حسين كمال ليكونوا هم في المقدمة ولمعوا في التسعينيات، من اهمهم: عاطف الطيب("ضد الحكومة" (1992)،"ليلة ساخنة"(1995)شريف عرفة"اضحك الصورة تطلع حلوة"(1998)،داوود عبد السيد ("سارق الفرح"،"الكيت كات")، خيري بشارة ("كابوريا"(1990)،"ايس كريم في جليم"(1992)وايناس الدغيدي("امرأة واحدة لا تكفي(1990)،"لحم رخيص"(1995).

أزمة انتاج والسينما "النظيفة"!
في التسعينات شهدت ساحة الانتاج السنمائي ازمة ادت الى انخفاض عدد الافلام المنتجة سنويا الى ثمانية او تسعة افلام بعد ان كان ينتج في السابق عشرات الافلام قد تصل الى مئة في ازهى فترات الانتاج السينمائي المصري، كان اشتداد الازمة ملحوظا في اواسط التسعينات، سبب هذه الازمة يعود الى حرب الخليج التي ادت الى تراجع انتاج قسم كبير من الافلام ومن بينها ما يعرف ب"سينما المقاولات" فكانت عبارة عن افلام ذات ميزانية انتاج منخفضة ومستوى فني هابط، كان عليها طلب من منتجي دول الخليج فكانت تصور وتباع كشرائط فيديو تجارية لهذه البلدان.

صناع السينما
مع هذا شهدت نهاية فترة التسعينات دخول فنانين من جيل الشباب على المجال الفني وابتدأوا بجذب جمهور اراد ان يرى وجوها جديدة وافكارا جديدة لطالما وصفت هذه الافلام بالشبابية وانها "نظيفة"لا تتخلل مشاهد اغراء او قبلات او ملابس جريئة وبأن الجمهور يريد هذه النوعية من الافلام غير الثقيلة الكوميدية في معظمها، ومن اهم نجومها محمد هنيدي اذ قدم فيلم"اسماعيلية رايح جاي"(1997) مع محمد فؤاد وحنان ترك ،"صعيدي في الجامعة الامريكية"(1998)مع نخبة من نجوم الشباب كأحمد السقا،منى زكي،هاني رمزي،"همام في امستردام"(1999) بمشاركة احمد السقا، ولعلاء ولي الدين نذكر"عبود على الحدود(1999)لشريف عرفة. ممكن القول أنه حتى اواسط التسعينيات كان في معظم الأعمال السينمائية قول سياسي واجتماعي واضح اذ تمتعت السينما المصرية بسقف عال نسبيا من الحرية اتاح لها انتقاد الفساد باشكاله المختلفة والاوضاع المعيشية الصعبة للمواطن، اذ اقترب المخرجون اكثر الى الشارع بكاميراتهم وحواراتهم، ليكونوا صناع السينما في هذه الحقبة مبدعين أثروا الفن وألهموا المتلقي والمشاهد في الوطن العربي.
المقال الئاني:موسيقى واغاني التسعينيات..صوت وصورة مختلفان! 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة