الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 05 / مايو 07:02

الفضاء بالعالم العربي مباح ومستباح


نُشر: 13/03/08 15:33

الوثيقة التي بادر إليها وزراء الاعلام العرب، وتمحورت حول تنظيم البث الاعلامي، بمثابة سيف ذو حدين. للوهلة الاولى يظن ويعتقد الاغلبية الساحقة وبصدق بان هدفها الاساسي هو الحد من حرية التعبير والرأي وتلجيم الاعلاميين والصحافيين، لربما هذه أهداف مبطنة، لكن علينا أن لا ننسى بأن عهد التسلط لصحافة البلاط قد ولى، مع العلم بان صحافة البلاط أمر شرعي ومقبول ما دمنا نؤمن بالتعددية الفكرية، خصوصًا إذا ما كانت هذه الصحافة تؤمن بما تطرحه وتمثله، من جهة ثانية صحافة البلاط هذه أو التقييدات والتشديدات على الاعلام في العالم العربي، هي التي كانت وراء تطور صحافة المعارضة، وبروز كبار الاعلاميين والكتاب والقيادات. البث الرسمي الحكومي، يرافق أي نظام في أزماته وحروبه ونكساته وأنتصاراته، حتى في الانظمة التي تدعي الديموقراطية، فلولا البث الحكومي في دولة العراق لما صمد صدام حسين وتصدى لسنوات للامبريالية الغربية والامريكية. ولولا فضائية المنار لما كانت قواعد اللعبة الحربية ونتائجها كما يعرفها الجميع، ولولا البث الحكومي الرسمي لما حررت سيناء بعد حرب 1973. في عصر العولمة وثورة الاتصال، لا يمكن لاي زعيم عربي بان يمنع الحريات في الاعلام، بالعكس تغيير قوانين اللعبة والخارطة الاعلامية وتحديدًا في الفضائيات، من شانه خلق حراك ومنافسة ومن شأنه حتى أعادة هيكلة صحافة المعارضة وتدعيمها. من هذا المنطلق، يجب عدم الرفض لمجرد الرفض، بل طرح البدائل لكل ما يتعلق بأخلاقيات المهنة والعمل الاعلامي، والذي لا يقتصر فقط على القضايا الاخبارية والسياسية والامور الحياتية والنزاعات الاقليمية، والصراع العربي الاسرائيلي. لكن من يتتبع خفايا الامور والمبادر الاساسي لهذه الوثيقة، يكتشف بان السعودية تقف وراءها، أي أن الاهداف الاساسية تندرج في سياق النزاعات والصراعات بين الدول العربية.
 أي اعلام في أي نظام حتى في النظام الديموقراطي وتحديدا في فترات الازمات، عليه أن يأخذ بعين الاعتبار سيادة الدولة واحترامها ومستقبلها، خصوصًا اذا كانت تواجه العداء والتحريض الخارجي، وأن لا يصل الانتقاد إلى حد التجريح والاهانة، للنظام أو الحاكم أو الحزب أو أي سلطة، فالاختلاف في وجهات النظر حتى وإن عارضت النظام والاطار الذي تعيش بداخله، لا يمنح لاحد الحق بشن الحرب الطاحنة عليه من خلال وسائل الاعلام، لربما الامر سيحدث ردة فعل عكسية، وستترك ترسباتها على المجتمع باسره والذي قد تخسره كجمهور هدف مستقبلي. فاذا ما اردت بالفعل كوسيلة اعلامية احداث التغيير من أجل المجتمع، يجب محاورة الانظمة ومناقشتها، فالحرب التي تشن ضد هذا النظام او ذلك، لا يسمع منها سوى صدى الصوت. حتى في الانظمة الديموقراطية وسائل الاعلام تعيش بمحاباه مع المؤسسة أو الزعيم أو الحزب الحاكم، بالطبع هذه المحاباه أو الزواج العرفي متعلق بمصالح وسائل الاعلام ذاتها، فكلاب الحراسة في النظام الديموقراطي تنبح وفق اهوائها ومصالح القائمين عليها، وليس من منطلقات حرية التعبير والرأي والرأي الاخر واخلاقيات المهنة، كافة هذه القواعد تجدها تتبخر وتتلاشى  وفق الاهواء والاجواء.
الفضاء في العالم العربي مباح ومستباح، لا يعقل في كل حارة في اي عاصمة عربية، يوجد فضائية أو محطة أذاعة أو موقع انترنيت، في اغلبها تجارية ولا تمت للاخلاق والاخلاقيات المهنية والصحفية والانسانية باي صله. ما يعانيه الاعلام في العالم العربي، هو غياب الكيفية والتميز، في ظل الاسهال القلمي، وتسيب وانسياب الفضائيات، وتشعب الشبكة العنكوبتية على الانترنيت، ونشاز صوت الاذاعات والراديو، وهذا ينعكس سلبا على مجمل الخارطة الاعلامية، فهذه الظاهرة الانفلاتية في ظل أنعدام الحيز وتجاوز كافة الحدود، اخطر من نير الانظمة ذاتها،  أن احداث التغيير الاجتماعي والسياسي والشعبي لن يتحقق ما دامت الاجندة السائدة  تتلخص بنانسي عجرم وخلافها مع اليسا، وعلاقاتها بوائل كفوري. فهذا هو الخطاب الاعلامي السائد، الذي يعتبر بمثابة دمار فكري وتشويه للقومية العربية واغتصاب لحرية الفرد، بدون مبالغة الشعوب العربية تعي وتعرف عن مؤخرة هيفاء وهبي، اكثر ما تعرف عن مقدمة ابن خلدون.
 في ظل هذه الفوضى، يجب أعادة النظر في الخريطة الاعلامية للعالم العربي، سياسة كم الافواه انتهت وولت، فالاعلام العربي ورغم مهنيته الان انه لم ينجح بالارتقاء الى مستوى التاثير واحداث الاصلاح وتوظيف الاحداث والاجواء لما فية مصلحة الشعوب والنهوض بها، لربما أحدث قفزة نوعيه من ناحية الاداء، لكنه يتأثر بالمحيط والاقليم والسياسات بدلا من ان يكون المؤثر، اذا بماذا يتميز ويختلف عن صحافة البلاط؟ او الصحافة التجارية الممولة من قبل بعض الحكام والانظمة؟. باعتقادي لا شيء، الفضائيات في العالم العربي لا تعكس الواقع، ولا تنقل كل الحقيقة، فهي بمثابة ساحة عراك تأجج الحرب الباردة بين الاقطار العربية، وتتاثر من الرياح التي تهب من الغرب وتتلوث من منطلق الموضوعية بالطرح الامريكي، تصمت او تفتح بالنار تبعا لمصالحها او استراتيجيات الدولة التي تبث منها او تلك الدولة التي تمولها، وفي هذه الحالة والوضعية يفقد المعنى. لايعقل وباسم الديموقراطية، او ما يسمى بمكافحة " الارهاب"، أن يتم التحريض على هذا النظام العربي وتضيق الخناق عليه، ليس هذا فحسب، الاعلام الغربي المتنور في الانظمة الديموقراطية، يتجند طوعا لانظمته وسياساته، لا يعقل أن يتحول فضاء العالم العربي الى ابواق اعلامية كالرداحة تبعا للاجواء والاهواء، وليس من منطلق أحداث التغيير، فهذا من شأنه أن يؤدي الى تعميق ازمات الشعوب والضياع وخلق حالة من اللا مجهول لدى الفرد، والى فقدانه الثقة باعلامه.  مختلف وسائل الاعلام وتحديدا الفضائيات في العالم العربي، فقدت البوصلة وتبث بدون موجه او استراتيجية او رسالة، باعتقادي هذه الوضعية عمقت وساهمت في حالة الاحباط، الركود، اللامبالاة والتحجر الفكري. حتى ألانظمة ذاتها باتت قلقة من هذه الحالة وتخشى بأن تفقد مصداقيتها.
 لا اقول بان الوثيقة التي اعلن عنها وزراء الاعلام العرب، هي البديل او الامثل او تهدف الى انقاذ السفينة الاعلامية العربية من الغرق، لربما جهرا يصرحون بان هدفهم اخلاقي وانساني وقيمي، لكن في خفايا الامور والنوايا المبيته هدفهم الحفاظ على انظمتهم وحكوماتهم وأحزابهم، هذا حقم الطبيعي، لكن بالمقابل من حق الشعوب ان تحافظ على كيانها، كرامتها، عقولها وأحترامها، وهذه الامور لم تقم بها الفضائيات ووسائل الاعلام، التي اصبحت افيون الشعب، اي أن وسائل الاعلام  ما هي الا متنفس ومنبر لتنفيس الشعوب، اذا ما اقتصر دور الفضائية او اي وسيلة الاعلام على الصراخ والعويل والردح والتباكي وامتصاص الغضب الشعبي، والنهج وفق معادلة الفعل وردة الفعل. بدون نزوح الاستعمار الفكري والاعلامي السائد في العالم العربي، لا يمكن التاثير وأحداث التغيير، واذا لم يتم النجاح في توظيف وتسخير المضامين الاعلامية في اهدافها لما فيه مصلحة الشعوب، بذلك أنت كوسيلة أعلامية تخدم الانظمة وان كان الامر بشكل غير مباشر.
وعليه على الفضائيات أعادة النظر في تعاملها ونهجها ومواقفها الاعلامية من الانظمة العربية، الانتقاد لمجرد الانتقاد لا يجد نفعا، والافراط في الانتقادات والهجمات على هذا النظام او ذلك وان كان بحق وبصدق، وفي حالة عدم توظيف هذا الانتقاد بالمكان المناسب والملائم فانه سيفقد من مصداقيته وتاثيراته، حتى في ظل وجود هذه الانظمة ولربما في هذه المرحلة هي الافضل. يجب أخراج الشعوب العربية من دائرة الهزيمة والنكسة والماسي والذل، وتعزيز المشاعر القومية  والوطنية والانتماء للعروبة والتضامن والفخر والكبرياء والكرامة. دور الاعلام يكمن في بناء الانسان والشعوب والمجتمعات، وليس فقط في انتقاد الانظمة والحكام. وهنا أتسأل كيف أستثمر الاعلام العربي الاحتلال الامريكي والغربي للعراق واسقاط نظام صدام حسين؟ كيف  وظف النصر الذي حققته المقاومة اللبنانية على اسرائيل؟ كيف أستثمر الحسم الديموقراطي لحركة حماس في الانتخابات الفلسطينية؟ كيف استثمر التطور النووي الايراني؟ كيف  وظفت وأستثمرت صور الطفل الفلسطيني أحمد الذي استشهد بصاروخ طائرة اباتشي، واشلائه تناثرت وتطايرت على كافة شاشات التلفزة؟ بالمقابل كيف يتم التعامل مع قضية الهجوم على سوريا وايران او بما يسمى "محور الشر"؟ كيف  ينعكس ويستثمر الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني؟ كيف يتم التعامل مع الازمة اللبنانية الداخلية؟ كيف يستثمر حصار الموت المفروض على قطاع غزة؟. عدا عن رد الفعل الاولي، تبقى مؤخرة هيفاء وهبي راسخة في العقول، ما دام صدرها يزيين فضائيات  ازقة وحارات عواصم الدول العربية.

مقالات متعلقة

14º
سماء صافية
11:00 AM
14º
سماء صافية
02:00 PM
13º
سماء صافية
05:00 PM
9º
سماء صافية
08:00 PM
9º
سماء صافية
11:00 PM
06:12 AM
05:31 PM
2.78 km/h

حالة الطقس لمدة اسبوع في الناصرة

14º
الأحد
16º
الاثنين
15º
الثلاثاء
14º
الأربعاء
17º
الخميس
16º
الجمعة
16º
السبت
3.72
USD
4.00
EUR
4.66
GBP
235850.95
BTC
0.51
CNY