الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 06 / مايو 16:02

أجمل قصة بالعرب.نت: رسالة من أعماق البحار

كل العرب
نُشر: 31/08/12 15:43,  حُتلن: 13:50

لن تنسى مملكة البحر ذلك اليوم الذي عبرت فيه على سطحها سفينة البشر و ألقت في مائها برميلا أصفر لمّاعا كان أشدّ من اللؤلؤ الطّبيعي بريقا وإمتاعا. فسارعت السمكة الحمراء إلى قلعة الأسماك صارخة: "مصيبة نزلت من السّماء..لا..لا..بل من سطح الماء".
وأسرع خادم القرش إلى سيده مبشرا: "سيدي القرش وجدنا كنزا كبيرا". ففرح القرش بهذه الأخبار وقال: "سأقدّمه مهرا لأميرة البحار التي طالما رفضتني وصدّتني، ولكنّ هذه المرّة ستلبّي الطّلب، و تنقاد إلى بريق الذّهب".


صورة توضيحية

وذاع الخبر في الإبّان، وتسابق الجميع إلى المكان وكادت تندلع معركة بين الحيتان. واشتدّ بينهم النّزاع وقد أعمتهم الأطماع وأحسّت السمكة الحمراء باقتراب الشر، ودقّت في ذهنها نواقيس الخطر، فانطلقت على الفور إلى الوادي المظلم حيث يعيش الحوت الهرم. كان الحوت مقعدا لا يغادر واديه وآثار الشيخوخة بادية عليه وقد أنهكته كثرة السّفرات وطول المسافات، ولم يبق له من أيام الشّباب والفتوّة سوى هيكل ضخم بلا قوة
فنادته قائلة: "أدركنا يا عمّي الحوت أو نموت، فلقد جاءنا من عالم البشر كنز جلب الكراهيّة والشرّ وتناحرت عليه الأسماك حتّى أوشكت على الهلاك وأوقدت بينها فتيل الحرب من أجل قطعة من الذهب".
فأجابها ساخرا: "يا بنيّتي لقد خبرت البشر منذ سنين ولطالما صارعت صيّاديهم الجشعين ورأيت حرصهم على الذّهب والمال ما يجعلني أجزم باستحالة رميه لنا في كلّ حال. فكيف يلقون إلينا شيئا ذا قيمة وما جادوا علينا إلا بالأشياء السّقيمة، فلا يغرّنكم منه بريق خدّاع. فما كلّ شيء أصفر بذهب لمّاع".
عندها أدركت السّمكة الحمراء خطورة الأمر وما يهدّد سكّان البحر، فحملت إليهم ما سمعته من معلومات ولكن بعد فوات الأوان، إذ اختلط الماء بالأوحال وصار حال المملكة أسوأ حال، وأصابتهم الفتنة بسهامها في الصّميم وسرت فيهم سريان النّار في الهشيم. ووسط هذا الغليان كان القرش يصيح كمن به هذيان ويقول: "الكنز ملكي بما فيه ولن أفرّط فيه". عندها أطلّت أميرة البحار كالدرّة من المحار وقالت: "أيها القرش السّريع لن أقبل منك هديّة فيها سمّ قاتل للجميع، فتخلّصوا من هذا الشرّ المستطير، أرجوكم فهذا رجائي الأخير".

و فيما هم منصتون باهتمام انفلت البرميل عنهم ودفعه التيّار إلى الأمام وألقاه بالقرب من الحوت الوهن. فتأمّله برهة من الزّمن وقال: "آه..ليتني أستطيع الحراك فأقدّم شيئا لهذه الأسماك". فناداه القرش: "مكانك أيّها العجوز المخرّف، ولا يصدرنّ عنك سوء تصرّف أو أفترسك في الإبّان وأجعلك عبرة للحيتان". فاهتزّ الحوت هزّة هيّجت المياه واستجمع بعزيمة فذّة كل قواه، ووثب وثبة كانت الأخيرة وابتلع البرميل في بطنه الكبيرة.

فقالت السمكة الحمراء بصوت حزين: "يالهذا الحوت ما أشجعه، ويا لهذا القرش ما أجشعه، فلقد ضحّى بنفسه فداء لنا وابتلع السم ولم يهتمّ". وفي صباح اليوم التالي كان الحوت الأزرق ملقى على الرمال وقد سالت من بين فكيه مادة سائلة هي ما احتواها البرميل من آفة قاتلة، والناس حوله دهشون من ضخامة جسمه ويبحثون في قواميسهم عن اسمه ويلتقطون له الصّور غير آبهين بما في الأمر من عبر، إذ لم يكن خروج الحوت إلى البرّ لإثارة فضول البشر ولكن ليوصل إليهم رسالة مفادها أنّ البحر بما فيه من كائناته الحقّ في العيش وله الحقّ في الحياة، فهل يفهم الإنسان الرسالة؟ هذا ما كان الحوت يرجوه من الأعماق.

موقع العرب يتيح لكم الفرصة بنشر صور أولادكم.. ما عليكم سوى ارسال صور بجودة عالية وحجم كبير مع تفاصيل الطفل ورقم هاتف الأهل للتأكد من صحة الأمور وارسال المواد على الميل التالي: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة